تميّزت علاقة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، بالإدارة السابقة في الولايات المتحدة، في عهد الرئيس باراك أوباما ونائبه جو بايدن، بكثير من التوتر. وتحوّلت هذه العلاقة إلى علاقة وطيدة طيلة عهد الإدارة التالية، مع الرئيس دونالد ترمب وحزبه الجمهوري، في ظل علاقة إشكالية مع الحزب الديمقراطي. لكن نتنياهو لا يبدو كأنه يتوقع أن يحاسبه الرئيس الأميركي المنتخب، الديمقراطي جون بايدن، بل يبدو ميالاً إلى الاقتناع بأن صفحة الماضي ستُطوى.
والورقة الأولى التي يطرحها نتنياهو أمام بايدن هي «جدعون ساعر». فالرجل الذي انسحب من «ليكود» وأقام حزباً جديداً وبات يهدد حكم نتنياهو، سيُستخدم أداة لصالح نتنياهو في معركته مع الإدارة الجديدة في البيت الأبيض. فالتصريحات التي يدلي بها ساعر ضد حل الدولتين، ورفضه القاطع لقيام دولة فلسطينية، ستُزعج فريق بايدن، وتجعله لا يستعجل في الطلاق من نتنياهو وينتظر ما سيحدث في الانتخابات الإسرائيلية المقررة بعد شهرين.
لكن، إذا استمر نتنياهو في الحكم بعد الانتخابات المقبلة، فإن المرجح أنه سيعدّ لفترة حكم بايدن بطريقة مختلفة عن طريقته في التعامل مع عهد أوباما، وهو يأمل أن تتعامل معه إدارة بايدن أيضاً بشكل مختلف. ومن حظه أن قوى كثيرة في الولايات المتحدة تشاركه في هذا الأمل. وفي مقدم هؤلاء قادة يهود الولايات المتحدة، وأنصار إسرائيل في الحزب الديمقراطي الذين يمقتون نتنياهو لكنهم يتخوفون من مواقف جدعون ساعر، ولذلك يديرون حواراً مع نتنياهو. وهناك أيضاً مسؤولون في أجهزة الأمن في البلدين، الذين يعدّون العلاقات بينهما استراتيجية ولا يستطيع أي من الطرفين الاستغناء عنها. كذلك هناك عدد كبير من رجال الأعمال في البلدين الذين تربط بينهم مصالح وشراكات. وهناك رئيس «المؤتمر اليهودي العالمي» رون لاودر، ورئيس «الوكالة اليهودية» يتسحاك هيرتسوغ، اللذان يديران مؤسستين يهوديتين تعدّان العلاقات بين إسرائيل والولايات المتحدة أكبر كنز لليهود في العصر الحالي. هؤلاء جميعاً يرون أن مصلحة إسرائيل تقتضي تحسين علاقاتها مع بايدن ويستغلون نفوذهم في الحزب الديمقراطي الأميركي لإقناع بايدن بالترفع عن رواسب الماضي وإيجاد طرق عمل جديدة ناجعة تعيد العلاقات إلى أمجاد الماضي.
وسيكون مطروحاً على جدول الأبحاث عدد من المواضيع الأساسية:
فأولاً– الموضوع الإيراني: إسرائيل نتنياهو تعرف أن بايدن ينوي العودة إلى الاتفاق النووي، وهي تريد منه اتخاذ مواقف متشددة من المشروع النووي الإيراني حتى إحباطه، وتقييد قدرات طهران على إنتاج صواريخ باليستية بعيدة المدى. كذلك تريد مساندة أميركية لها في عملياتها المثابرة في ضرب التموضع الإيراني في سوريا، والسعي لإخلاء هذا البلد من الوجود العسكري الإيراني المباشر، وضرب الميليشيات الإيرانية، بما في ذلك «حزب الله» اللبناني، كي لا يجعل من الجولان الشرقي جبهة حرب جديدة مع إسرائيل.
وثانياً– مكانة إسرائيل الإقليمية: نتنياهو يريد من بايدن أن يعترف بما قدمه الرئيس ترمب لإسرائيل ولا يتراجع عن نقل السفارة إلى القدس أو ضم الجولان، ويريد أن يكمل بايدن جهود ترمب في «اتفاقية إبراهام» (اتفاقية إبراهيم) وتوسيعها لتشمل دولاً عربية وإسلامية أخرى تقيم علاقات مع إسرائيل. بل لربما يطرح مطالب بزيادة الدعم الاقتصادي والعسكري أيضاً.
وثالثاً– الموضوع الفلسطيني: هنا، يدرك نتنياهو أن بايدن سيعيد العلاقات مع السلطة الفلسطينية والدعم المالي لها ولوكالة غوث اللاجئين وسيعود ليطرح حل الدولتين. وهو لن يستطيع منع بايدن من ذلك. لكنه سيطرح مطالب أمامه «لتعويض إسرائيل». سيطلب، مثلاً، الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على المستوطنات، وسيطلب تعهداً بدعم إسرائيل في الأمم المتحدة والامتناع عن السماح بقرارات معادية لها على شاكلة قرار مجلس الأمن الدولي ضد الاستيطان، والذي أُقرّ في مجلس الأمن في آخر أيام أوباما لأن الولايات المتحدة لم تستخدم حق الفيتو.
المشكلة لنتنياهو أن الانتخابات في إسرائيل قد تسفر عن حكم من دونه، وعندها ستتغير بعض المطالب. فمن جهة جدعون ساعر، مثلاً، يعلن من الآن أنه يريد علاقات وثيقة مع بايدن والحزب الديمقراطي، لكن تصريحاته في الموضوع الفلسطيني تنذر بصدام محتمل جداً.
قائمة طلبات إسرائيلية من الإدارة الأميركية الجديدة
قائمة طلبات إسرائيلية من الإدارة الأميركية الجديدة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة