تركيا: اعتقالات تشمل 218 عسكرياً بينهم ضباط برتب عالية

تعديل في توزيع السلاح على الشرطة والمخابرات يثير المخاوف

متظاهر يرتدي قناعاً كُتب عليه «أوقفوا إردوغان» خلال مظاهرة أمام مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
متظاهر يرتدي قناعاً كُتب عليه «أوقفوا إردوغان» خلال مظاهرة أمام مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
TT

تركيا: اعتقالات تشمل 218 عسكرياً بينهم ضباط برتب عالية

متظاهر يرتدي قناعاً كُتب عليه «أوقفوا إردوغان» خلال مظاهرة أمام مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل أمس (أ.ف.ب)
متظاهر يرتدي قناعاً كُتب عليه «أوقفوا إردوغان» خلال مظاهرة أمام مقر البرلمان الأوروبي في بروكسل أمس (أ.ف.ب)

أصدر الادعاء العام في تركيا أوامر جديدة باعتقال 238 شخصاً، بينهم 218 من العسكريين من رتب مختلفة جميعهم بالخدمة بدعوى ارتباطهم بحركة «الخدمة» التابعة للداعية فتح الله غولن المتهمة من قبل السلطات بتدبير محاولة الانقلاب الفاشلة في 15 يوليو (تموز) 2016، بينما أثار مرسوم بتعديل بعض مواد لائحة الممتلكات المنقولة للقوات المسلحة والمديرية العامة للأمن وجهاز المخابرات مخاوف لدى الخبراء من ردود أكثر عنفاً على الاحتجاجات العامة في ظل حديث متصاعد عن قلق الرئيس رجب طيب إردوغان من الإطاحة به عبر انقلاب جديد.
وأصدر المدعى العام لمدينة إزمير (غرب تركيا) أمس (الثلاثاء) مذكرات اعتقال بحق 238 شخصاً، بينهم 218 عسكرياً من رتب مختلفة، بينهم 6 برتب عقيد ومقدم، و9 برتبة رائد وأحد عناصر القوات العاملة في شمال قبرص، في حملة جديدة تشمل 6 ولايات في أنحاء البلاد.
وجاءت قرارات الاعتقال الجديدة بعد أسبوع واحد من حملة مماثلة في 12 يناير (كانون الثاني) الحالي، جرى خلالها اعتقال 118 شخصاً بالتهمة نفسها، في إطار عملية مستمرة منذ وقوع محاولة الانقلاب الفاشلة تطلق عليها الحكومة «حملة تطهير» للمؤسسات من عناصر حركة غولن، التي صنفتها منظمة إرهابية، والتي تقول إنها تغلغلت في مختلف أجهزة الدولة.
وتثير الحملة انتقادات واسعة من جانب المعارضة التركية وحلفاء تركيا بالخارج ومنظمات حقوق الإنسان الدولية، بدعوى أنها تستهدف التخلص من أي صوت معارض لإردوغان لعدم اقتصارها على المتهمين بالانتماء إلى حركة غولن فقط. بينما تقول الحكومة، إنها مطلوبة للحفاظ على الأمن، وإن خطر تنفيذ محاولة انقلاب جديدة لا يزال قائماً.
وطالت حملات الاعتقال أكثر من مائتي ألف حتى الآن، كما تم فصل نحو 185 ألفاً من مختلف مؤسسات الدولة وإغلاق آلاف المدارس وعشرات الجامعات والمنافذ الإعلامية بموجب مراسيم أصدرها الرئيس رجب طيب إردوغان في ظل حالة الطوارئ التي فرضها لمدة عامين.
وكشف وزير الداخلية التركي سليمان صويلو، في يوليو الماضي، عن أن حصيلة العمليات الأمنية في 4 سنوات منذ محاولة الانقلاب شملت احتجاز 282 ألفاً و790 شخصاً، صدرت قرارات بحبس 94 ألفاً و975 منهم. وأعدت لجنة خاصة بالبرلمان التركي تقرير تقصي حقائق حول محاولة الانقلاب عام 2017 لم ينشر حتى اليوم.
وفي ظل استمرار المخاوف من محاولة انقلاب جديدة أو اندلاع احتجاجات كبيرة ضد حكم إردوغان في ظل الأوضاع الاقتصادية المتدهورة في البلاد وتضييق حرية التعبير والإعلام، أصدر الرئيس التركي مرسوماً نشر في الجريدة الرسمية في 6 يناير الحالي بتعديل بعض مواد لائحة الممتلكات المنقولة للقوات المسلحة التركية، والمديرية العامة للأمن، والمخابرات الوطنية.
وبحسب التعديل، يمكن تسليم أسلحة ومركبات من القوات المسلحة إلى الشرطة، أو المخابرات، بموافقة وزارة الدفاع في المناسبات العامة التي تعتبر «تهديداً للنظام العام».
ولم يذكر المرسوم الكثير من المعلومات عن كيفية وشروط النقل؛ ما أثار مخاوف من ردود أكثر عنفاً على الاحتجاجات العامة. واعتبر خبراء أمنيون، أن تسليح الشرطة والمخابرات بسلاح الجيش يوضح شك إردوغان في الجيش وخوفه من وقوع انقلاب آخر.
ولفت الخبراء إلى أن التعديل الأخير على الممتلكات المنقولة، بما فيها الأسلحة سيوسّع قوة الشرطة التركية، وستكون له تداعيات كبيرة على حقوق الإنسان في البلاد.
ويشكل التعديل أحدث خطوة منذ محاولة الانقلاب في 2016 التي زادت من قوة وقدرات الشرطة التركية. وسبق للحكومة أن ألغت مذكرة مهمة صدرت بعد «الانقلاب الأبيض» ضد رئيس الوزراء الراحل نجم الدين أربكان في 28 فبراير (شباط) 1997، تم بموجبها نزع أسلحة ثقيلة من الشرطة، لكنها ستعاد الآن بموجب التعديل الجديد، إضافة إلى حصولها على حق استخدام أسلحة قيادة الدرك وخفر السواحل.
وتشير الإحصائيات الرسمية إلى أنه في السنوات الـ13 الماضية، نما عدد سكان البلاد بنسبة 20 في المائة إلى 83 مليوناً، بينما زاد عدد رجال الشرطة بنسبة 60 في المائة إلى 323 ألفاً، وفي المقابل انخفض عدد موظفي إنفاذ القانون العام في دول الاتحاد الأوروبي بنسبة 3.4 في المائة في السنوات العشر الماضية إلى 1.6 مليون. أما في تركيا، فارتفع العدد بنسبة 36 في المائة في الفترة ذاتها إلى 530 ألفاً.
وفي سياق متصل، قال رئيس حزب «المستقبل» المعارض رئيس الوزراء التركي السابق أحمد داود أوغلو، إن إردوغان يقف حالياً في مفترق طريق، وإنه يخضع لوصاية مجموعة من بقايا منفذي انقلاب 28 فبراير على أربكان، وإنهم وضعوا خططهم للإطاحة به قريباً وعزله.
وقال داود أوغلو، في مقابلة تلفزيونية ليل الأحد، «أحذر إردوغان من عزله قريباً؛ فهو الآن يقف عند مفترق طرق، ومن الصعب للغاية فوزه بالانتخابات المقبلة (مقررة في عام 2023)، في ظل تحالفه الحالي مع حزب الحركة القومية، برئاسة دولت بهشلي، لا سيما أنه لا يتبنى أي سياسة قائمة على مبادئ».
وأضاف «إذا نفذ انقلاب ضد إردوغان كانقلاب 1997 على أربكان، سيتركه كل من حوله، وسأكون هناك أنا وبقية الأصدقاء من المؤمنين بالديمقراطية. نعم، سيتركه المحيطون به حالياً، ويذهبون لتنفيذ أحلام السلطة التي ستتكون في اليوم التالي بعد رحيله».
وأحدثت تصريحات أدلى بها، قبل أيام، رئيس أركان الجيش الأسبق الجنرال المتقاعد إلكر باشبوغ، قلقاً في أوساط حزب العدالة والتنمية الحاكم وعلى الساحة السياسية في البلاد، عندما تحدث عن كتاب جديد يطرحه قريباً يتضمن حقبة مهمة من تاريخ تركيا، قائلاً إنه لو كان رئيس الوزراء الراحل عدنان مندريس اتخذ قراراً بإجراء انتخابات مبكرة ما كان الانقلاب العسكري في مايو (أيار) 1960 قد وقع.
وأثارت تصريحات باشبوع القلق؛ لأنها تزامنت مع دعوات من المعارضة للتوجه إلى انتخابات مبكرة يرفضها إردوغان وحليفه دولت بهشلي.



هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
TT

هل يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة عن «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)
أبو محمد الجولاني يتحدث في الجامع الأموي بدمشق 8 ديسمبر 2024 (أ.ب)

تخضع «هيئة تحرير الشام»، التي قادت قوات المعارضة للإطاحة بالرئيس السوري بشار الأسد، لعقوبات من الأمم المتحدة منذ فترة طويلة، وهو ما وصفه المبعوث الخاص للمنظمة الدولية إلى سوريا غير بيدرسون، بأنه «عامل تعقيد لنا جميعاً».

كانت «هيئة تحرير الشام» تُعرف في السابق باسم «جبهة النصرة»، الجناح الرسمي لتنظيم «القاعدة» في سوريا، حتى قطعت العلاقات بالتنظيم في عام 2016. ومنذ مايو (أيار) 2014، أُدرجت الجماعة على قائمة مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة لعقوبات تنظيمي «القاعدة» و«داعش»، كما فُرض عليها تجميد عالمي للأصول وحظر أسلحة.

ويخضع عدد من أعضاء «هيئة تحرير الشام» أيضاً لعقوبات الأمم المتحدة مثل حظر السفر، وتجميد الأصول، وحظر الأسلحة، ومنهم زعيمها وقائد إدارة العمليات العسكرية أحمد الشرع، المكنى «أبو محمد الجولاني»، المدرج على القائمة منذ يوليو (تموز) 2013.

وقال دبلوماسيون إنه لا يوجد حالياً أي مناقشات عن رفع العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة على الجماعة. ولا تمنع العقوبات التواصل مع «هيئة تحرير الشام».

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟ (رويترز)

لماذا تفرض الأمم المتحدة عقوبات على «هيئة تحرير الشام» والجولاني؟

فرضت الأمم المتحدة عقوبات على «جبهة النصرة»، لأن الجماعة مرتبطة بتنظيم «القاعدة»، ولأنها كانت «تشارك في تمويل أو تخطيط أو تسهيل أو إعداد أو ارتكاب أعمال أو أنشطة» مع «القاعدة» أو دعماً لها وتستقطب أفراداً وتدعم أنشطة «القاعدة».

وجاء في قائمة العقوبات التي فرضتها الأمم المتحدة: «في يناير (كانون الثاني) 2017، أنشأت جبهة النصرة (هيئة تحرير الشام)، وسيلة لتعزيز موقعها في التمرد السوري وتعزيز أهدافها باعتبارها فرعاً لتنظيم (القاعدة) في سوريا»... ورغم وصف ظهور «هيئة تحرير الشام» بطرق مختلفة (على سبيل المثال كاندماج أو تغيير في الاسم)، فإن جبهة «النصرة» استمرت في الهيمنة والعمل من خلال «هيئة تحرير الشام» في السعي لتحقيق أهدافها.

وفُرضت عقوبات على الجولاني بسبب ارتباطه بتنظيم «القاعدة» وعمله معه.

كيف يمكن رفع عقوبات الأمم المتحدة؟

تستطيع أي دولة عضو في الأمم المتحدة في أي وقت تقديم طلب لرفع العقوبات عن كيان أو شخص إلى لجنة عقوبات تنظيمي «داعش» و«القاعدة» التابعة لمجلس الأمن الدولي المؤلف من 15 دولة.

وإذا جاء الطلب من دولة لم تقترح في البداية فرض عقوبات الأمم المتحدة، فإن اللجنة تتخذ القرار بالإجماع.

وإذا تقدمت الدولة التي اقترحت في البداية فرض العقوبات بطلب الشطب من القائمة، فسيمحى الاسم من القائمة بعد 60 يوماً، ما لم توافق اللجنة بالإجماع على بقاء التدابير.

لكن إذا لم يتم التوصل إلى إجماع، يستطيع أحد الأعضاء أن يطلب إحالة الطلب إلى مجلس الأمن للتصويت عليه في غضون 60 يوماً.

ولم تتضح بعد الدول التي اقترحت فرض عقوبات على جبهة «النصرة» والجولاني.

ويستطيع أيضاً الشخص أو الكيان الخاضع للعقوبات أن يطلب إزالة التدابير عن طريق الاتصال بأمين عام المظالم، وهو منصب أنشأه المجلس في عام 2009، ليقوم بمراجعة الطلب.

وإذا أوصى أمين عام المظالم بإبقاء اسم ما على القائمة، فسيظل مدرجاً على القائمة. وإذا أوصى أمين عام المظالم بإزالة اسم ما، فسترفع العقوبات بعد عملية قد تستغرق ما يصل إلى 9 أشهر، ما لم توافق اللجنة في وقت أسبق بالإجماع على اتخاذ إجراء أو الإحالة إلى المجلس لتصويت محتمل.

هل هناك استثناءات من العقوبات؟

يستطيع الأشخاص الخاضعون لعقوبات الأمم المتحدة التقدم بطلب للحصول على إعفاءات فيما يتعلق بالسفر، وهو ما تقرره اللجنة بالإجماع.

ويقول المجلس إن عقوباته «لا تستهدف إحداث عواقب إنسانية تضر بالسكان المدنيين».

وهناك استثناء إنساني للأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة يسمح «بتوفير أو معالجة أو دفع الأموال أو الأصول المالية الأخرى أو الموارد الاقتصادية، أو توفير السلع والخدمات اللازمة لضمان تقديم المساعدات الإنسانية في الوقت المناسب، أو لمساندة الأنشطة الأخرى التي تدعم الاحتياجات الإنسانية الأساسية».