«إدراك».. مبادرة عربية شعارها «العلم لمن يريد»

مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية تحرص على المساهمة لوضع العالم العربي في المقدمة بمجال التعليم

إحصاءات بأكثر الدول المشاركة من حيث عدد الطلاب في المبادرة
إحصاءات بأكثر الدول المشاركة من حيث عدد الطلاب في المبادرة
TT

«إدراك».. مبادرة عربية شعارها «العلم لمن يريد»

إحصاءات بأكثر الدول المشاركة من حيث عدد الطلاب في المبادرة
إحصاءات بأكثر الدول المشاركة من حيث عدد الطلاب في المبادرة

حين يطلق العرب مبادرة جادة للتعليم عن بعد، خاصة إذا ما كانت تشتمل على أحدث المناهج الدولية، فإن تلك خطوة هامة طال انتظارها لمحاولة اللحاق بالركب العالمي الذي يشهد تطورا يوميا في مقابل تقدم بطيء في منطقة الشرق الأوسط في ذات المجال.. لكن عندما تشهد مبادرة من ذلك النوع نجاحا ملحوظا قبل أن تتم عامها الأول، فإن ذلك يحتاج إلى وقفة خاصة لإلقاء نظرة شاملة وفاحصة على خلفيات الأمر من أجل معرفة أسرار ذلك النجاح.
جذبت مبادرة «إدراك» للتعليم المفتوح المصادر الأنظار في العالم العربي منذ لحظة إطلاقها قبل نحو 8 أشهر، سواء من حيث مجالات تناولتها، أو آفاق رؤيتها، أو مستوى الدعم المعنوي الذي يقف وراءها، لكن النجاح الكبير الذي حققته خلال تلك الفترة القصيرة نسبيا دفع «الشرق الأوسط» للتواصل مع مسؤولين من المبادرة للتعرف على خطوات ذلك النجاح منذ البداية.
بداية، تعرف «إدراك» المبادرة بشعار مختصر، لكنه معبر عن روحها، هو «العلم لمن يريد»، أي من الممكن لأي شخص، في أي مكان، وفي أي وقت الاستفادة من المساقات التي يتم تقديمها على إدراك. و«إدراك» هي منصة إلكترونية عربية للتعليم مفتوح المصادر، تأتي بمبادرة من مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية في الأردن.
وتؤكد المبادرة على موقعها الإلكتروني، أن «مؤسسة الملكة رانيا العبد الله تحرص على بذل كافة الجهود والمساعي للمساهمة في وضع العالم العربي في المقدمة في مجال التربية والتعليم، كونهما حجر الأساس لتطور وازدهار الشعوب، وإيمانا منها بأهمية التعليم وما له من أثر في تحسين نوعية حياتنا، سواء كأفراد أو كمجتمعات ودول، ستوفر إدراك التعليم النوعي للعالم العربي من خلال تقديم مساقات جماعية إلكترونية مفتوحة المصادر تعرف بالإنجليزية (Massive Open Online Courses MOOCs) منتقاة يقوم على تطويرها أفضل المحترفين والخبراء في العالم العربي، وأخرى مترجمة ومعربة عن الأفضل عالميا».
وحول سبل تحقيق ذلك، تقول المبادرة، إن مؤسسة الملكة رانيا ستقوم بتسخير الموارد البشرية العربية الموجودة في المنطقة لإنشاء «إدراك» كأول منصة عربية إلكترونية «للموكس» بالشراكة مع «إد اكس»، وهي مؤسسة مشتركة بين جامعتي هارفارد ومعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ومختصة في هذا المجال.
ومن الجدير بالذكر، أن كافة المساقات على منصة «إدراك» مجانية. وتتطلع أيضا مؤسسة الملكة رانيا إلى استخدام المنصة لدعم وإبراز القدرات العربية، من خلال تطوير مساقات قصيرة يعدها محترفون وخبراء في مجالات مختلفة من الفنون والعلوم.
وأخيرا، فإن مؤسسة الملكة رانيا تؤمن بأن هذه المنصة ستمكّن العالم العربي من البناء على الاهتمام العالمي بتطورات المنطقة، ليتمكن العالم العربي من رواية قصته بنفسه. ومن خلال «إدراك» سيتمكن أساتذة الجامعات العرب وخبراء المنطقة من تقديم مساقات باللغة الإنجليزية عن تطورات المنطقة وتاريخها العريق، وستساهم هذه المساقات بتعريف وتثقيف الجمهور العالمي المهتم بتطورات المنطقة.
وفي حوار عبر الهاتف مع كل من باسم سعد، مدير المساقات في «إدراك»، وأريج الحنيطي، مسؤولة الإعلام والتسويق بالمبادرة، أوضحت الحنيطي أن «إدراك» هي أول منصة غير ربحية للمساقات (البرامج التعليمية) الإلكترونية مفتوحة المصادر. وأشارت إلى أن المبادرة تهتم بتقديم عدة مساقات في مجالات مختلفة منها الفنون والعلوم والمواطنة؛ لتلبية احتياجات المتعلمين باختلافها، فضلا عن متطلبات سوق العمل.
وحول اختيار كلمة «المساقات» للتعبير عن البرامج التعليمية، أشار سعد إلى أن كلمة مساق هي التعبير العربي عن كلمة «كورس» الإنجليزية، لأن البرامج التعليمية التي توفرها «إدراك» هي برامج أكاديمية لها بداية ونهاية، تمكن الآلاف من المتعلمين بالتسجيل فيها مجانا، متيحة لهم فرصة الحصول على شهادة إتمام المساق عند إكمال متطلبات المساق بنجاح.
كما أضافت الحنيطي، أن الهدف من المساق أيضا يشمل ألا يكون المتعلم «متلقيا فقط» للمعلومات، بل إن يكون متفاعلا مع محتوى المساق، ما يعني أن اللفظة ذاتها تدل على الديناميكية، مشيرة إلى أن كل محاضرة يعقبها أسئلة على المتعلّم أجابتها حتى يوقن أنه فهم تماما محتوى المحاضرة. وتتيح المنصة للمتعلمين فرصة التواصل مع مشرفي المساق وزملائهم وطرح وجهات نظرهم عبر حلقات المناقشة المتوفرة لكل مساق. كما تعمل «إدراك» على «بناء» المساقات بطريقة مدروسة تضمن جذب انتباه المتعلمين وضمان تفاعلهم من أجل تحفيز طريقة التفكير الإبداعية الخاصة بهم.
تتمحور مواضيع المساقات التي تقدمها «إدراك» حول 3 نقاط رئيسية، أولها مساقات مطلوبة من المتعلمين والموظفين. ولمحاكاة المجالات الهامة في التنمية يتم تطوير مساقات في مواضيع العلوم والتكنولوجيا والهندسة والرياضيات، ومهارات التوظيف، وإدارة الأعمال وريادة الأعمال، وتدريب المعلمين، والتعليم من أجل المواطنة. وأخيرا، تعمل «إدراك» على تطوير مساقات في مجالات مختلفة تقدم عبر شخصيات مؤثرة من المشاهير والتي من شأنها إلهام المتعلمين وإثراء معرفتهم.
ورغم وجود مبادرات مشابهة لـ«إدراك» في المنطقة العربية، فإن نجاح «إدراك» اللافت خلال فترة قصيرة، وكذلك ما تقدمه من محتوى يميزها عن غيرها. كما ترى الحنيطي أن وجود مبادرات تعليمية أخرى لا يعتبر «منافسة»، بل «نتعاون جميعا من أجل الوصول إلى مجتمع عربي أفضل».
وتنتشر في العالم الغربي مبادرات التعليم المفتوح المصادر، وربما يكون أحد أشهرها ما تقدمه مبادرة «كورسيرا» (Coursera) الأميركية (وهي مبادرة ربحية)، لكن مثل تلك المبادرات كانت محدودة إلى حد بعيد في العالم العربي. وتشير الحنيطي إلى أن «إدراك» تسير على نفس خطى «كورسيرا» من حيث المفاهيم، لكن معظم المساقات تقدم باللغة العربية، إضافة إلى أنها مجانية. كما أنه ربما يكون هناك تباين في مجالات الاهتمام بين المبادرتين، تبعا لاحتياجات المنطقة العربية وأولوياتها الحالية.
وعن نسبة الإقبال على إدراك، يقول سعد، إن «بناء على الدراسات التي أجريناها قبيل الإطلاق حول نسبة النمو المتوقعة من حيث عدد المنتسبين إلى المنصة وما رأيناه من تقدم للمنصات العالمية الأخرى، توقعانا تسجيل 100 ألف متعلم خلال عامنا الأول.. لكن بعد 3 أشهر فقط من إطلاق المبادرة، سجّل 85 ألف متعلم، واليوم نفخر بوجود أكثر من 120 ألف متعلم على المنصة»، موضحا أن هؤلاء المتعلمين ينتسبون إلى عدد كبير من الدول العربية، أبرزها وأكثرها إقبالا من مصر والأردن والجزائر والمغرب وفلسطين.
أما عن المساقات والمجالات الأكثر إقبالا من المتعلمين، فيوضح سعد أن متوسط عدد المشاركين في كل مساق هو نحو 10 آلاف مشترك، لكن العدد يصل في بعض المساقات إلى نحو 30 ألف مشترك. كما حصل على شهادة إنهاء المساق ما يفوق 7 آلاف متعلم حتى الآن.
كما يؤكد سعد، أن «إدراك» تعمل على تطوير برنامج تعليمي إلكتروني يحتوي على عدد من المهارات الأساسية والمتخصصة في مجالات العمل المختلفة وبالتعاون مع المؤسسات الرائدة في القطاع الخاص، بهدف تزويد المتعلم بالمهارات المطلوبة في سوق العمل، الأمر الذي سيزيد من فرص المتعلمين في إيجاد فرص عمل مناسبة، كما سيساعد المؤسسات المختلفة على إيجاد الكفاءات اللازمة لضمان سير العمل.
وتؤكد مبادرة «إدراك» أنه رغم بعض التحديات التي ستشكل عقبة أمام بعض فئات العالم العربي الأقل حظا، مثل الوصول إلى شبكة الإنترنت وتوفّر عرض النطاق الترددي المطلوب، فإن رؤية المؤسسة النهائية تتلخص في إتاحة هذه الفرصة التعليمية من خلال مراكز مجتمع ومدارس ثانوية ومكتبات عامة منتشرة في المدن والقرى حول العالم العربي، والتي من الممكن أن توفر اتصالا بالإنترنت السريع. وستقوم المؤسسة بتجربة مثل هذا المشروع عن طريق عقد شراكات مع عدّة مؤسسات محلّية وتنموية في الأردن، وبعد نجاح هذا المشروع في الأردن ستستخدم المؤسسة خبرتها لعقد مثل هذه الشراكات في الدول العربية الأخرى مع مؤسسات وأفراد يؤمنون برسالة «إدراك» وينفذون مشاريع تنموية مماثلة لها محليا.
وبالإضافة إلى ذلك، ستعمل «إدراك» مع المؤسسات العربية التعليمية القائمة حاليا لإثراء محتواهم التدريسي عن طريق التعليم المدمج، الذي يجمع بين التعليم في الصف والتعليم
عبر التقنيات الحديثة، علما بأن هذا النوع من التعليم يبنى على الاستثمارات المسبقة في مجال التعليم على الصعيد العربي.
وترى «إدراك» أن التجاوب الإيجابي والاستقبال الحار الذي قوبلت بهما المبادرة؛ سواء في الوطن العربي أو بين العرب في الدول الغربية، يؤكدان على أهمية هذا المشروع، ويقين الشارع العام وكبار المفكرين بأهمية مثل هذه المنصة التي تفعّل وتدعم كافة الجهود الإقليمية لخلق نقلة نوعية في مجال التعليم.. مؤكدة في النهاية أنه «حان وقت الاستثمار في مستقبل عربي أفضل».

أكثر الدول إقبالا من حيث عدد الطلاب على مبادرة «إدراك»:
1 - مصر
2 - الأردن
3 - الجزائر
4 - المغرب
5 - فلسطين

أكثر المساقات إقبالا في مبادرة «إدراك»:
1 - مقدمة في علم الحاسوب والبرمجة
2 - دارات كهربائية وإلكترونية
3 - الصحة النفسية للطفل
4 - استراتيجيات فعالة للبحث عن وظيفة
5 - السيرة الذاتية الناجحة

الشركاء المؤسسون والجهات الراعية
منذ أن كانت مجرد فكرة، كانت منصة «إدراك» مبادرة عربية، هدفها خدمة كافة الشعوب العربية من المحيط إلى الخليج. وبناء على ذلك فقد التمست مؤسسة الملكة رانيا للتعليم والتنمية في الأردن الدعم في هذه المبادرة من القادة العرب ذوي الرؤية، الذين يعملون لمستقبل أفضل لمنطقتنا العربية.
وانضم الفريق أول الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، ولي عهد أبوظبي، نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة لدولة الإمارات العربية المتحدة رئيس المجلس التنفيذي في أبوظبي، كأول شريك مؤسس لمنصة «إدراك»، إيمانا منه بأهمية التعليم للشباب في الوطن العربي.
وترعى مؤسسة «الميقاتي» منصة «إدراك»، وهي الشراكة التي ستقوم بتوفير تعليم نوعي للشعوب العربية على نطاق أوسع. ومؤسسة «الميقاتي» هي مؤسسة عالمية غير ربحية، أسسها الأخوان طه ونجيب ميقاتي. وتعمل المؤسسة على تحسين سبل المعيشة وتوفير الفرص للأقل حظا في الدول النامية، وخصوصا في العالم العربي وأفريقيا. وتشمل مشاريع المؤسسة الكثير من مقومات الحياة مثل التعليم، البحث العلمي، وخدمات تنمية المجتمع، إضافة إلى المجالات الثقافية من الحرف اليدوية، والعمارة، والموسيقى، والفن والرياضة.



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.