مؤتمر وزاري يعلن عن «دعم قوي» لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء

أقيم برئاسة أميركية ـ مغربية وشاركت فيه 41 دولة...ضمنها دول خليجية

ناصر بوريطة خلال المؤتمر الوزاري لدعم مبادرة الحكم الذاتي الذي انعقد أمس عن بعد بمشاركة 41 دولة (الشرق الأوسط)
ناصر بوريطة خلال المؤتمر الوزاري لدعم مبادرة الحكم الذاتي الذي انعقد أمس عن بعد بمشاركة 41 دولة (الشرق الأوسط)
TT

مؤتمر وزاري يعلن عن «دعم قوي» لمبادرة الحكم الذاتي في الصحراء

ناصر بوريطة خلال المؤتمر الوزاري لدعم مبادرة الحكم الذاتي الذي انعقد أمس عن بعد بمشاركة 41 دولة (الشرق الأوسط)
ناصر بوريطة خلال المؤتمر الوزاري لدعم مبادرة الحكم الذاتي الذي انعقد أمس عن بعد بمشاركة 41 دولة (الشرق الأوسط)

أعرب المشاركون في المؤتمر الوزاري لدعم مبادرة الحكم الذاتي، تحت سيادة المغرب، الذي انعقد أمس عن بعد بمشاركة 41 دولة، تحت رئاسة مشتركة بين المغرب والولايات المتحدة، عن دعمهم القوي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية، باعتبارها الأساس الوحيد لحل عادل ودائم لهذا النزاع الإقليمي.
والتزم المشاركون في بيان، شكّل خلاصة لمؤتمرهم وصدر عقب انتهائه، بمواصلة دعوتهم لإيجاد حل على أساس مبادرة الحكم الذاتي المغربية كإطار وحيد لحل نزاع الصحراء.
تجدر الإشارة إلى أن جميع دول مجلس التعاون الخليجي، ومصر وفرنسا، شاركت في المؤتمر، بينما غابت عنه موريتانيا وتونس وليبيا، وأن 27 دولة من مجموع 41 كانت ممثلة على مستوى وزراء الخارجية.
وقال ناصر بوريطة، وزير خارجية المغرب، إن النزاع الإقليمي حول الصحراء «هو من بقايا حقبة ماضية هي الحرب الباردة»، مشيرا إلى أنه استمر لفترة طويلة جدًا، ولم يتم تحقيق الكثير للتغلب على الوضع الراهن، الذي أعاق آفاق التكامل الإقليمي.
وأضاف بوريطة: «نجتمع اليوم في وقت تشهد فيه قضية الصحراء المغربية تسارعا في التطورات التحويلية، إذ ظهر زخم جديد لصالح إنهاء هذا النزاع الإقليمي، على أساس خطة الحكم الذاتي المغربية».
موضحا أن هذا الزخم «يظهر على مستوى مجلس الأمن، حيث كرّس 17 قرارًا متتاليًا المبادرة المغربية للحكم الذاتي، كأساس جاد وموثوق لتحقيق حل سياسي واقعي وعملي، ومستدام وقائم على تسوية الخلاف حول الصحراء المغربية».
وأشار بوريطة إلى أن ذلك يتجلى أيضا في موقف الولايات المتحدة، باعتبارها فاعلا دوليا رئيسيا، وعضوا دائما ورئيسيا في مجلس الأمن، وذلك في أعقاب الإعلان الرئاسي الأخير، الذي يعترف بسيادة المغرب على منطقة الصحراء، إلى جانب قرار فتح قنصلية أميركية في مدينة الداخلة. مبرزا أن الإعلان الأميركي لم يخرج من فراغ، بل جاء نتيجة عقود من الدعم القوي لمبادرة الحكم الذاتي المغربية.
وزاد بوريطة موضحا: «الزخم واضح أيضا من خلال الدعم الواسع للحكم الذاتي في جميع أنحاء العالم. البعض معنا اليوم، والبعض الآخر لا يستطيع المشاركة. ولكن في واقع الأمر هناك اتجاه عالمي لصالح الحل الواقعي، والقابل للتحقيق للحكم الذاتي، باعتباره الأساس الوحيد لحل هذا النزاع الإقليمي».
مبرزا أن هذا الدعم عبر عنه أعضاء مجلس الأمن، ورحب بوجود فرنسا في هذا الاجتماع، وكذلك بالعديد من دول أوروبا وآسيا وأفريقيا وأميركا اللاتينية.
وزاد وزير خارجية المغرب موضحا: «على أرض الواقع، يُترجم الزخم من خلال قرار العديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة (أكثر من 20 دولة حتى اليوم) بفتح قنصليات عامة في مدينتي العيون والداخلة المغربيتين. علاوة على ذلك، فإن شركاء المغرب الاقتصاديين، وبالتحديد الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة، أدرجوا الأقاليم الجنوبية في نطاق اتفاقيات التجارة المبرمة مع المغرب».
وعد بوريطة مبادرة الحكم الذاتي ليست مجرد مفهوم فكري، بل مسار سياسي براغماتي، ومشروع مجتمعي وحل بناء، وهو في طريقه بالفعل. مشيرا إلى أن النزاع الإقليمي حول الصحراء المغربية ظل متوقفا لفترة طويلة. لكنه قال إن الأشهر القليلة الماضية شهدت «اختراقات تحولية»، مشيرا إلى أن أهمية الإعلان الرئاسي الأميركي لا تقتصر على الاعتراف بسيادة المغرب على صحرائه، وذلك بفضل المعرفة الأميركية العميقة بتاريخ وديناميات هذا النزاع الإقليمي، بل تكمن أهمية الموقف الأميركي أولاً وقبل كل شيء في تثبيت منظور واضح وثابت للتسوية، هو الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية.
وخلص بوريطة إلى أن الأساس المنطقي لهذا المؤتمر الوزاري هو التأكيد على أهمية هذا النهج، وإثبات أن دعم الحكم الذاتي في ظل سيادة المغرب هو اتجاه دولي قوي، يمر عبر جميع مناطق وقارات العالم.
من جهته، قال ديفيد شينكر، مساعد وزير الخارجية الأميركي لشؤون الشرق الأدنى، إن جميع الإدارات الأميركية أكدت دعمها لاقتراح المغرب للحكم الذاتي، مشيرا إلى أن خطة الحكم الذاتي، تحت السيادة المغربية، «تمثل الخيار الأكثر واقعية لحل الصراع حول الصحراء، الذي استمر لفترة طويلة جدًا، ولا يزال يؤثر سلبًا على حياة المغاربة والصحراويين، على حد سواء».
وذكر شينكر بإعلان الرئيس ترمب في 10 من ديسمبر (كانون الأول) الماضي، بالقول إنه «يعترف بالسيادة المغربية على الصحراء الغربية، ويوضح وجهة نظرنا بأن اقتراح المغرب للحكم الذاتي هو الأساس الوحيد لحل عادل ودائم للصراع». مبرزا أن الولايات المتحدة تشجع الأطراف المعنية، والأمم المتحدة، والمجتمع الدولي على دراسة خطة الحكم الذاتي المغربية بجدية، باعتبارها الأساس الوحيد الموثوق والواقعي للمفاوضات، التي ظهرت على مدار الثلاثين عاماً الماضية.
وشدد شينكر على القول إن المفاوضات السياسية «وحدها التي يمكنها حل نزاع الصحراء». وقال بهذا الخصوص: «بعد حوالي ثلاثة عقود من فشل الوضع الراهن في تحقيق اختراق، دعونا ننتهز هذه اللحظة لتنشيط المفاوضات في إطار خطة الحكم الذاتي المغربية، إلى جانب الأمم المتحدة لإيجاد حل سلمي لصالح جميع الأطراف. إننا نتطلع إلى استمرار التواصل مع المغرب وجبهة البوليساريو والأمم المتحدة وجميع أصحاب المصلحة الإقليميين والدوليين لإيجاد طريقة بناءة للمضي قدماً».



مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
TT

مصر وأميركا في عهد ترمب: لا عقبات ثنائية... وتباين حول «مفاهيم السلام»

صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)
صورة أرشيفية من لقاء بين الرئيس الأميركي السابق دونالد ترمب والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عام 2017 (رويترز)

جاء فوز دونالد ترمب بانتخابات الرئاسة الأميركية مُحمّلاً بتطلعات مصرية لتعزيز الشراكة الاستراتيجية بين الجانبين، والعمل معاً من أجل إحلال «سلام إقليمي»، وهو ما عبر عنه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في منشور له عبر حسابه الرسمي على موقع «إكس» الأربعاء، هنأ خلاله الرئيس الأميركي المنتخب.

وقال السيسي: «نتطلع لأن نصل سوياً لإحلال السلام والحفاظ على السلم والاستقرار الإقليمي، وتعزيز علاقات الشراكة الاستراتيجية بين مصر والولايات المتحدة وشعبيهما الصديقين»، وأضاف: «البلدان لطالما قدما نموذجاً للتعاون ونجحا سوياً في تحقيق المصالح المشتركة»، مؤكداً تطلعه إلى مواصلة هذا النموذج في «هذه الظروف الدقيقة التي يمر بها العالم».

وأثارت أنباء فوز ترمب تفاعلاً على مواقع التواصل الاجتماعي، لتتصدر وسوم عدة الترند في مصر، مصحوبة بمنشورات لتهنئة للرئيس الأميركي المنتخب. وبينما عول سياسيون وإعلاميون مصريون على ترمب لوقف الحرب الدائرة في غزة منذ أكثر من عام، ووضع حد للتصعيد في المنطقة، أكدوا أن «مواقف الرئيس المنتخب غير التقليدية تجعل من الصعب التنبؤ بسياسة الإدارة الأميركية في السنوات الأربع المقبلة».

ولا يرى الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري (البرلمان) مصطفى بكري «اختلافاً بين ترمب ومنافسته الخاسرة كامالا هاريس من القضية الفلسطينية»، لكنه أعرب في منشور له عبر «إكس» عن سعادته بفوز ترمب، وعده «هزيمة للمتواطئين في حرب الإبادة».

أما الإعلامي المصري أحمد موسى فعد فوز ترمب هزيمة لـ«الإخوان»، ومن وصفهم بـ«الراغبين في الخراب». وقال في منشور عبر «إكس» إن هاريس والرئيس الأميركي جو بايدن «كانوا شركاء في الحرب» التي تشنها إسرائيل على لبنان وغزة.

وعول موسى على ترمب في «وقف الحروب بالمنطقة وإحلال السلام وعودة الاستقرار». وكذلك أعرب الإعلامي المصري عمرو أديب عن أمله في أن «يتغير الوضع في المنطقة والعالم للأفضل بعد فوز ترمب».

مفاهيم السلام

رئيس المجلس المصري للشؤون الخارجية ووزير خارجية مصر الأسبق، السفير محمد العرابي، أكد أن «العلاقات بين مصر والولايات المتحدة لن تواجه عقبات أو مشكلات على المستوى الثنائي خلال عهد ترمب»، لكنه أشار إلى أن «مواقف الرئيس المنتخب من القضية الفلسطينية وأفكاره غير التقليدية بشأنها قد تكون أحد الملفات الشائكة بين القاهرة وواشنطن».

وأوضح العرابي لـ«الشرق الأوسط» أن «ترمب يتبنى مفاهيم عن السلام في الإقليم ربما تختلف عن الرؤية المصرية للحل»، مشيراً إلى أن «القضية الفلسطينية ستكون محل نقاش بين مصر والولايات المتحدة خلال الفترة المقبلة».

وتبنى ترمب خلال ولايته الأولى مشروعاً لإحلال «السلام» في الشرق الأوسط عُرف باسم «صفقة القرن»، والتي يرى مراقبون أنه قد يعمل على إحيائها خلال الفترة المقبلة.

وعدّ سفير مصر الأسبق في واشنطن عبد الرؤوف الريدي وصول ترمب للبيت الأبيض «فرصة لتنشيط التعاون بين مصر والولايات المتحدة لوقف الحرب في غزة، وربما إيجاد تصور لكيفية إدارة القطاع مستقبلاً».

وقال الريدي لـ«الشرق الأوسط» إن «ترمب يسعى لتحقيق إنجازات وهو شخص منفتح على الجميع ووجوده في البيت الأبيض سيحافظ على الشراكة الاستراتيجية بين القاهرة وواشنطن».

تصحيح العلاقات

من جانبه، رأى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق السفير حسين هريدي أن فوز ترمب بمثابة «عودة للعلاقات الاستراتيجية القائمة على المصالح المشتركة بين القاهرة وواشنطن». وقال لـ«الشرق الأوسط»: إن «فوز ترمب هو تدعيم للعلاقة بين القيادة المصرية والبيت الأبيض»، مشيراً إلى أن الرئيس المصري لم يزر البيت الأبيض طوال أربع سنوات من حكم بايدن، واصفاً ذلك بأنه «وضع غريب في العلاقات الثنائية سيتم تصحيحه في ولاية ترمب».

وأضاف هريدي أن «فوز ترمب يسدل الستار على الحقبة الأوبامية في السياسة الأميركية، والتي بدأت بتولي الرئيس الأسبق باراك أوباما عام 2009 واستُكملت في ولاية جو بايدن الحالية»، وهي حقبة يرى هريدي أن واشنطن «انتهجت فيها سياسات كادت تؤدي إلى حرب عالمية ثالثة». ورجح أن تعمل إدارة ترمب على «وقف الحروب وحلحلة الصراعات في المنطقة».

وزار الرئيس المصري السيسي البيت الأبيض مرتين خلال فترة حكم ترمب عامي 2017 و2019. وقال ترمب، خلال استقباله السيسي عام 2019، إن «العلاقات بين القاهرة وواشنطن لم تكن يوماً جيدة أكثر مما هي عليه اليوم، وإن السيسي يقوم بعمل عظيم».

لكن السيسي لم يزر البيت الأبيض بعد ذلك، وإن التقى بايدن على هامش أحداث دولية، وكان أول لقاء جمعهما في يوليو (تموز) 2022 على هامش قمة جدة للأمن والتنمية، كما استقبل السيسي بايدن في شرم الشيخ نهاية نفس العام على هامش قمة المناخ «كوب 27».

بدوره، أكد أستاذ العلوم السياسية في جامعة قناة السويس الدكتور جمال سلامة أن «مصر تتعامل مع الإدارة الأميركية أياً كان من يسكن البيت الأبيض». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «العلاقات مع واشنطن لن تتأثر بفوز ترمب، وستبقى علاقات طبيعية متوازنة قائمة على المصالح المشتركة».

وعد مستخدمون لمواقع التواصل الاجتماعي فوز ترمب فرصة لحلحلة ملف «سد النهضة»، الذي لعبت فيه الولايات المتحدة دور الوسيط عام 2019.

وهنا أكد العرابي أنه «من السابق لأوانه معرفة الدور الذي ستلعبه إدارة ترمب في عدد من الملفات المهمة لمصر ومن بينها (سد النهضة)»، وقال: «ترمب دائماً لديه جديد، وطالما قدم أفكاراً غير تقليدية، ما يجعل التنبؤ بمواقفه أمراً صعباً».

بينما قال هريدي إن «قضية سد النهضة ستحل في إطار ثنائي مصري - إثيوبي»، دون تعويل كبير على دور لواشنطن في المسألة لا سيما أنها «لم تكمل مشوار الوساطة من قبل».