الجزائر: زعيم التيار العلماني يهاجم الحكومة بسبب إجراءات التقشف

مصادر: بوتفليقة التقى قائدي المخابرات وأركان الجيش بخصوص مسودة الدستور

الدكتور سعيد سعدي
الدكتور سعيد سعدي
TT

الجزائر: زعيم التيار العلماني يهاجم الحكومة بسبب إجراءات التقشف

الدكتور سعيد سعدي
الدكتور سعيد سعدي

هاجم الدكتور سعيد سعدي، متزعم التيار العلماني في الجزائر، حكومة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة، وقال إنها «تعلن عن إجراءات تقشف (بسبب انخفاض أسعار النفط)، وتقول إنه يستحيل تسيير البلاد بالطريقة التي كانت عليها في السابق (في زمن الوفرة)، وفي مقابل ذلك تحاول طمأنتنا إلى أنه لا شيء سيتغير بخصوص مستوى المعيشة.. إنه الأبيض والأسود».
والتقى سعدي أمس في بجاية (250 كلم شرق العاصمة) متعاطفين معه، ومناضلين في الحزب الذي كان يرأسه «التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية»، وكانت فرصة للتعليق على إجراءات اتخذتها الحكومة أخيرا لمواجهة «السنوات العجاف» في حال استمر تقهقر أسعار النفط. وتهدف هذه الإجراءات إلى التقليص من فاتورة الاستيراد، وتشجيع المنتوج المحلي، خاصة في مجال الصناعات الغذائية والدواء.
وذكر سعدي أن «التغيير لا يمكن أن يأتي من منظومة الحكم، ولكي يحدث ذلك ينبغي توفر شرطين، الأول أن يتبناه رجال دولة حقيقيون، والشرط الثاني أن يأتي من المجتمع المدني، وهو ما أراه أفضل في حالة الجزائر».
ورفض سعدي الخوض في المشكلات التي تلاحقه منذ أن أمرت النيابة مطلع الشهر الحالي بفتح تحقيق قضائي بتهمة «القذف»، بعد وصفه الرئيس الراحل أحمد بن بلة بأنه «كان عميلا» لفتحي الذيب، رئيس المخابرات المصرية سابقا.
وهاجم سعدي أيضا بشدة رئيس الدولة سابقا علي كافي، واتهمه بـ«الحقد على منطقة القبائل» التي ينتمي إليها سعدي.
وقالت مصادر سياسية إن النيابة تحركت ضد سعدي بإيعاز من رئاسة الجمهورية.
في غضون ذلك، أفادت الصحيفة الإلكترونية الناطقة بالفرنسية «كل شيء عن الجزائر» أمس، بأن بوتفليقة استقبل «عدة مرات مؤخرا» الفريق محمد مدين، رئيس «دائرة الاستعلام والأمن» بوزارة الدفاع (المخابرات العسكرية)، والفريق أحمد قايد صالح، رئيس أركان الجيش. وقالت إن اللقاءات مع الضابطين الكبيرين «تندرج في إطار استكمال الصياغة النهائية لمسودة تعديل الدستور».
وتوقعت الصحيفة الإلكترونية، التي يعطى لها عادة السبق في كل ما يتعلق بالتغييرات في الجيش والمخابرات، الإعلان عن صيغة الدستور الجديدة «خلال بضعة أسابيع».
وأوضحت «كل شيء عن الجزائر» أن القائدين العسكريين «تجمعهما علاقات صعبة»، في إشارة إلى خلافهما المفترض حيال استمرار بوتفليقة في الحكم؛ إذ يعرف عن صالح ولاؤه الشديد لبوتفليقة، فيما يعزى للثاني أنه تحفظ بشدة على ترشح الرئيس لولاية رابعة في انتخابات العام الماضي، بحجة أنه عاجز بدنيا عن تسيير دفة الحكم بسبب المرض. وأوضحت الصحيفة الإلكترونية أن بوتفليقة استقبل الرجلين في موعدين منفصلين.
ونقلت الصحيفة عن مصادر لم توضحها أن بوتفليقة غير راض عن التقرير الذي رفعه إليه وزير الدولة أحمد أويحيى في أغسطس (آب) الماضي، ويتعلق بخلاصة مقترحات أحزاب وجمعيات وشخصيات في مسودة التعديلات الدستورية، التي أعلنت عنها الرئاسة في مايو (أيار) الماضي، وأهم ما تضمنته تحديد الترشح للرئاسة بفترة واحدة (5 سنوات)، قابلة للتجديد مرة واحدة.
وأفادت الصحيفة أن الرئيس «يرى أن البرلمان لا يملك الشرعية اللازمة لكي يمرر عليه التعديل الدستوري»، بغرض التزكية، كما فعل في التعديل الدستوري في سنة 2008، الذي فتح له باب الترشح لولاية ثالثة، ما يعني أن الرئيس سيعرض تعديلاته على الاستفتاء الشعبي.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.