إطلاق نار على بلدة لبنانية حدودية مع سوريا يحيي المخاوف من تهجير سكانها

نزاع بين الفلاحين ومالك جديد للأراضي في بلدة الطفيل

بلدة الطفيل الحدودية بين لبنان وسوريا (الشرق الأوسط)
بلدة الطفيل الحدودية بين لبنان وسوريا (الشرق الأوسط)
TT

إطلاق نار على بلدة لبنانية حدودية مع سوريا يحيي المخاوف من تهجير سكانها

بلدة الطفيل الحدودية بين لبنان وسوريا (الشرق الأوسط)
بلدة الطفيل الحدودية بين لبنان وسوريا (الشرق الأوسط)

عكس إطلاق النار من الجهة السورية على عدد من المنازل ومحطتي المياه والكهرباء في بلدة طفيل الحدودية مع سوريا في شرق لبنان، مخاوف السكان من خطة لتهجيرهم من أرضيهم وبساتينهم، بعد نحو ستة أشهر على شراء رجل أعمال لبناني مساحة واسعة من أراضي البلدة الحدودية التي كان سكانها يصلون إليها من الأراضي السورية، وهو ما ينفيه المالك الذي يؤكد أنه يتعرض لـ«الابتزاز»، وأملاكه «عرضة للاعتداءات».
وتقع بلدة طفيل على أطراف السلسلة الشرقية، وهي آخر البلدات الحدودية اللبنانية، ويتداخل قسم من أراضيها الجبلية مع العمق السوري، وتبعد مسافة 22 كيلومتراً عن آخر البلدات اللبنانية في البقاع الشرقي، علماً بأن أغلب سكان الطفيل من اللبنانيين، وبعضهم يحمل الجنسية السورية. وافتتح طريق إليها من الداخل اللبناني قبل عامين فقط.
ويقول مفتي بعلبك والهرمل الشيخ بكر الرفاعي لـ«الشرق الأوسط» إن الطفيل بلدة مظلومة تاريخياً وجغرافياً، كون غالبية السكان كانوا فلاحين ومزارعين عند بعض الأقطاع الذي سمح لهم في أوقات سابقة بالبناء لأنهم كانوا يعملون في الأراضي، وانتقل الموضوع من جيل إلى جيل. وقال: «الجيل الموجود حالياً لا يملك وثيقة تثبت ملكيتهم لها، وتبين أن صاحب الأرض الأساسي رهن الأرض لـ(مصرف لبنان) الذي لا يزال يمتلك ثلثي الأرض، بينما هناك قسم تبلغ مساحته نحو ربع البلدة (600 سهم من أصل 2400 سهم) اشتراه المستثمر حسن دقو عبر فك رهن منطقة عقارية اسمها الجوزة، وفوجئ الأهالي بأنهم على أرض لا يملكونها».
ويتهم السكان المالك الجديد بـ«محاولة تهجيرهم من البلدة بدأت في 25 يوليو (تموز) الماضي، عندما اشترى دقو قسماً كبيراً من الأراضي، واستقدم جرافات اقتلع بها بساتين المزارعين. وبعدها، جرت محاولة الضغط عندما قام مسلحون بإطلاق النار على المنازل». ويقول أحد السكان لـ«الشرق الأوسط» إن «دقو يرفض إعطاء الفلاحين الحق باستثمار الأراضي التي يستثمرونها منذ 150 سنة، ويطالبهم بالرحيل من البلدة».
لكن المحامي علي الموسوي، الوكيل القانوني لحسن دقو، نفى كل الاتهامات الموجهة لموكله بتهجير السكان، مؤكداً أنها «اتهامات باطلة لا أساس لها من الصحة». وقال: «دقو اشترى الأرض، وأقام مشاريع صناعية وزراعية في البلدة، ويعمل قسم كبير من السكان في تلك المشاريع، إلى أن بدأ أحد السكان بابتزازه، مطالباً إياه بتسجيل جزء من الأرض باسمه، ومهدداً بتقليب السكان عليه». ونفى الموسوي أن يكون موكله عازماً على تهجير السكان. وقال: «موكلي هو المتضرر، حيث تتعرض آلياته لإطلاق نار وتخريب، وهو يمتص الغضب لإفشال المخطط».
وقدم أهالي الطفيل في يوليو (تموز) كتاباً إلى محافظ بعلبك - الهرمل بشير خضر، أحاله بدوره إلى قائد منطقة البقاع الإقليمية في قوى الأمن الداخلي «للاطّلاع وتكليف من يلزم لإجراء الكشف والتحقيق اللازمين بصحة ما جاء في استدعاء الأهالي، من تعدي من قبل المواطن حسن دقو على أملاك الأهالي وجرف بساتينهم من أشجار مثمرة، كالمشمش والكرز والتفاح، في حال صحته، واتخاذ الإجراءات اللازمة لوقف أعمال التجريف واقتلاع الأشجار المثمرة بصورة فورية».
وهدأت الحملة لأشهر، حتى مساء الخميس الماضي، حين حضر نحو 40 مسلحاً، وقاموا بإطلاق النار من أسلحة حربية متوسطة استهدفت محطة الكهرباء الوحيدة التي تغذي البلدة بالتيار الكهربائي، كما استهدف الرصاص محطة ضخ المياه ومنازل السكان الآمنين، وفق رواية مصدر من فعاليات البلدة لـ«الشرق الأوسط». ويقول المصدر الذي رفض الكشف عن اسمه خوفاً من ملاحقته، إنه «منذ 25 يوليو (تموز) بدأت محاولات تهجيرنا. المالك الجديد للأرض يسعى ويعمل ليل نهار من أجل تهجير ألفي نسمة يقطنون البلدة». وقال إن الأهالي تحركوا باتجاه الدولة اللبنانية، وقدموا شكوى بحقه، كما «شكلنا وفداً للمتابعة والمراجعة قانونياً بخصوص تأمين التيار من الجهة اللبنانية، ووقف التعديات على البساتين، واقتلاع الأشجار المثمرة». وأشار إلى «أننا تقدمنا بشكوى وعريضة إلى محافظ بعلبك الهرمل بشير خضر الذي أعطى توجيهاته بوقف أعمال الجرف ونزع حدود الأراضي واقتلاع الأشجار، وقد نقلنا المذكرة الصادرة عن المحافظة بوقف أعمال الجرف والتعديلات من المحافظة إلى قلم النيابة العامة في محافظة البقاع في زحلة، ورغم ذلك لم تتوقف التعديات». وقام أهالي البلدة بزيارة عدد من الفاعليات السياسة الحزبية والدينية والرسمية شارحين ما يقوم به المالك الجديد من أجل تهجيرهم عنوة من منازلهم وأراضيهم.
وإثر إطلاق النار، حضر دقو مركز فصيلة درك طليا في البقاع، كما قالت مصادر أمنية لـ«الشرق الأوسط».
وقال الموسوي إنه بعد إطلاق النار يوم الخميس، «توجه دقو إلى مخفر طليا يوم الجمعة لتقديم شكوى ضد مطلقي النار، الذين أصابوا منشآت حيوية للبلدة، كما تضررت إثرها ممتلكاته». وضم الموسوي صوته إلى صوت المفتي الشيخ بكر الرفاعي بمطالبة السلطات اللبنانية بتثبيت نقطة للجيش اللبناني في داخل البلدة لمنع حوادث مشابهة تتكرر.
وتتكرر الصدامات بين السكان ومسلحين مجهولين، منذ أن اشترى دقو تلك المساحة من الأراضي. وفي حادثة إطلاق النار يوم الخميس الماضي، تدخل الجيش اللبناني، ونفّذ انتشاراً في شوارع البلدة، مما أدى إلى هروب المسلحين باتجاه الأراضي السورية عبر معابر غير شرعية. وقال أحد السكان إن «الجيش اللبناني، مشكوراً، لاحق المسلحين الذين فروا باتجاه بلدة عسال الورد السورية».
ونفذ أهالي بلدة طفيل يوم الجمعة اعتصاماً أمام مسجد البلدة، وقطعوا الطريق عند مدخل الرئيسية عند البلدة بالإطارات المشتعلة، مطالبين الحكومة اللبنانية بحماية أبنائها، كما طالبوا رئيس الجمهورية ميشال عون بحمايتهم وحماية أرضهم وبالإفراج عن المعتقلين من أبناء البلدة كون الطفيل بلدة لبنانية.
ويقول المفتي الرفاعي إن السكان ينقسمون بين لبنانيين وسوريين، لافتاً إلى أن السوريين لا يستطيعون المطالبة بالطفيل، لأن القانون يمنعه من التملك، ويشكلون نحو 40 في المائة من السكان. وقال: «هناك دعاوى قضائية، والأمور تتأزم أكثر وأكثر»، مؤكداً أن «المطلوب مقاربة الموضوع إنسانياً وبشكل قانوني»، مشدداً على «أننا نفضّل الحل بين المالك الجديد وأصحاب البيوت».



عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
TT

عبد العاطي في قطر... دفع لـ«الشراكة» وتنسيق بشأن مستجدات المنطقة

وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري خلال لقائه نظيره القطري في الدوحة (الخارجية المصرية)

على هامش مشاركته في «منتدى الدوحة»، ناقش وزير الخارجية المصري، بدر عبد العاطي، مع مسؤولين قطريين، سبل دفع «الشراكة» بين مصر وقطر، إلى جانب تنسيق المواقف بشأن المستجدات في المنطقة.

ويشارك عبد العاطي، في فعاليات النسخة رقم 23 من «منتدى الدوحة»، التي انطلقت، السبت، في العاصمة القطرية، بحضور أمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني، وبمشاركة رؤساء دول وخبراء ودبلوماسيين من مختلف أنحاء العالم.

ويعقد وزير الخارجية المصري سلسلة من اللقاءات الثنائية مع عدد من نظرائه ومسؤولين مشاركين، لبحث تعزيز التعاون الثنائي، وتنسيق المواقف إزاء تطورات المنطقة، لا سيما ما يتعلق بجهود تثبيت الاستقرار، ودعم مسارات السلام والتنمية، حسب «الخارجية المصرية».

وأشاد عبد العاطي بالزخم الذي تشهده العلاقات المصرية - القطرية على مختلف الأصعدة، وثمَّن خلال لقائه رئيس الوزراء ووزير الخارجية القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، «التعاون بين بلاده والدوحة في المجالات المختلفة، بما يحقق مصالح الشعبين».

ووقَّعت مصر وقطر، في السادس من نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، عقد شراكة استثمارية لتنمية منطقة «سملا وعلم الروم» بالساحل الشمالي الغربي بمحافظة مطروح (شمال غربي مصر)، بقيمة تبلغ نحو 29.7 مليار دولار أميركي. (الدولار يساوي 47.50 جنيه تقريباً بالبنوك المصرية).

وقال رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، وقتها، إن توقيع عقد الشراكة الاستثمارية مع الجانب القطري، «يشكل تتويجاً للعلاقات الثنائية بين البلدين، ويعكس عمق الروابط التاريخية بينهما».

وعلى صعيد تنسيق المواقف بشأن الأوضاع في المنطقة، شدد وزيرا خارجية مصر وقطر على أهمية «مواصلة جهود تنفيذ اتفاق (شرم الشيخ) للسلام بكافة مراحله، وتثبيت وقف إطلاق النار في قطاع غزة ومنع أي خروقات»، إلى جانب «التنفيذ الكامل لقرار مجلس الأمن 2803، فضلاً عن سرعة تشكيل قوة الاستقرار الدولية وتمكينها من أداء ولايتها، وضمان تدفق المساعدات الإنسانية دون عوائق».

وسبق محادثات وزير الخارجية المصري ونظيره القطري، لقاؤه بمسؤولين قطريين، ضم وزير المالية، أحمد الكواري، ووزير التجارة والصناعة، الشيخ فيصل آل ثاني، ووزير المواصلات، الشيخ محمد بن عبد الله بن محمد آل ثاني، لبحث «تعزيز التعاون المتنامي بين القاهرة والدوحة في المجالات الاقتصادية والتجارية والخدمية»، حسب «الخارجية المصرية».

وشدد عبد العاطي على «حرص بلاده على دفع الشراكة مع الدوحة، بما يحقق المصالح المشتركة، ويفتح آفاقاً أوسع للتعاون»، مؤكداً أهمية «تعزيز التواصل المؤسسي بين الوزارات والهيئات المختصة، بما يسهم في الارتقاء بجهود التنمية والاقتصادية في الدولتين».

وزير الخارجية المصري خلال لقائه وزراء المالية والتجارة والصناعة والمواصلات القطريين في الدوحة (الخارجية المصرية)

وباعتقاد مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير يوسف الشرقاوي، أن زيارة عبد العاطي للدوحة ولقاءاته مع مسؤولين قطريين «تعكس النمو المتزايد لمستوى العلاقات السياسية بين البلدين»، وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حرصاً بين القاهرة والدوحة، على رفع مستوى التعاون، خصوصاً في المجالات التجارية والاستثمارية، ليرتقي إلى مستوى التنسيق السياسي القوي في هذه المرحلة».

ويتصدر الجانب الاقتصادي مسارات التعاون الثنائي بين مصر وقطر، وفق الشرقاوي، الذي أشار إلى أهمية «استفادة الدوحة من مناخ الاستثمار المشجع في مصر الفترة الحالية»، وقال إن هذا القطاع يمكن أن يشكل «قاطرة لدعم العلاقات الثنائية بين البلدين».

وخلال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، للدوحة في أبريل (نيسان) الماضي، أعلنت قطر عن «دعم الشراكة الاقتصادية مع مصر، من خلال الإعلان عن حزمة من الاستثمارات المباشرة، بقيمة 7.5 مليار دولار».

وإلى جانب تعزيز «الشراكة المصرية - القطرية،» شدد الشرقاوي على أهمية «التنسيق المستمر بين الجانبين فيما يتعلق بقضايا المنطقة، خصوصاً الوضع في غزة»، وقال إن «القاهرة والدوحة، تعملان لحشد الجهود الدولية، لتثبيت وقف إطلاق النار، وتنفيذ المرحلة الثانية من خطة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، للسلام في غزة».

كما ناقش وزير الخارجية المصري، مع رئيس المنتدى الاقتصادي العالمي، بورج برانديه، خلال «منتدى الدوحة»، السبت، «التعاون المشترك، من خلال مبادرات وأفكار مبتكرة لدعم جهود التنمية»، كما بحث مع أمين عام منظمة التعاون الرقمي، ديما اليحيى، «تعزيز التعاون بين الدول النامية في قضايا التكنولوجيا والحوكمة الرقمية».


نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
TT

نساء الأحزاب اليمنية يتمرّدن على القيادات

جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)
جانب من اجتماع اللجنة اليمنية الوطنية للمرأة في عدن مع مسؤولين أمميين (إعلام حكومي)

تشهد الساحة السياسية اليمنية تحوّلاً لافتاً في الوعي والتنظيم النسوي داخل الأحزاب والمكوّنات السياسية، بعد سنوات طويلة من التهميش والإقصاء؛ إذ أعلنت قيادات نسائية حزبية تبنّي خطة جديدة لتعزيز حضور المرأة في الحياة السياسية، وتمكينها من الوصول إلى مواقع القرار، بما في ذلك الحصول على حقائب وزارية، ورفع تمثيلها داخل الهياكل الحزبية إلى 30 في المائة كمرحلة أولى، ترتفع تدريجياً إلى 50 في المائة.

وجاءت هذه الخطوات عقب ثلاثة أيام من النقاشات الواسعة في لقاء نظّمته هيئة الأمم المتحدة للمرأة في عدن، وشاركت فيه ممثلات ثمانية من أبرز الأحزاب والكيانات السياسية اليمنية. اللقاء كشف حجم الاحتقان داخل الأطر الحزبية نتيجة استمرار تغييب النساء عن المواقع القيادية، رغم الدور الواسع الذي لعبته اليمنيات خلال الحرب والأزمات المتتالية.

واتفقت المشاركات على وضع خطط داخلية واضحة لتمكين القيادات النسوية من حقائب وزارية وقيادة مؤسسات حكومية، إلى جانب إطلاق برامج تدريب وتأهيل متخصصة لإعداد كوادر نسائية قادرة على المنافسة.

اليمنيات يطمحن لرفع تمثيلهن داخل الهيئات الحزبية إلى 50% (إعلام محلي)

كما أقرت المشاركات اعتماد «كوتا نسائية» لا تقل عن 30 في المائة في التعيينات القيادية داخل الأحزاب، مع مراجعة اللوائح الداخلية التي تمثّل عائقاً أمام وصول النساء إلى مراكز صنع القرار.

وتجاوزت المشاركات التباينات السياسية بين أحزابهن، مؤكدات الحاجة إلى إعداد ميثاق أخلاقي يحمي المرأة داخل العمل الحزبي والسياسي، ويفرض التزامات واضحة على المكوّنات في ما يتعلق بترشيح النساء للمناصب، ودعم صعودهن في هياكل الأحزاب.

تحرير القرار الحزبي

ناقشت المشاركات اليمنيات بعمق الوضع المؤسسي للمرأة داخل أحزابهن، والعوائق البيروقراطية والتنظيمية التي تعوق مشاركتها الفاعلة، إضافة إلى التحديات العامة المرتبطة بالعمل السياسي في ظل الحرب التي أشعلها انقلاب الحوثيين على الحكومة الشرعية قبل أحد عشر عاماً.

وأشارت المتحدثات إلى ضعف آليات التواصل والتنسيق بين الكوادر النسوية، وغياب السياسة الحزبية الواضحة لتمكين المرأة، إلى جانب محدودية حضور النساء في دوائر صنع القرار داخل الأحزاب.

دعم أممي لمشاركة المرأة في العملية السياسية وبناء السلام (إعلام محلي)

من جانبها، أكدت دينا زوربا، ممثلة هيئة الأمم المتحدة للمرأة في اليمن، خلال اللقاء، أن القيادات النسوية داخل الأحزاب يتحملن دوراً محورياً في دعم وصول النساء إلى مناصب القرار العليا، من خلال تقديم المرشحات للمناصب الحكومية والمشاركة النشطة في العملية السياسية وبناء السلام.

وحثّت زوربا المشاركات على مواجهة التحديات الهيكلية في مؤسساتهن الحزبية، والعمل على تحسين الوضع المؤسسي للمرأة باعتباره خطوة أساسية لضمان وصولها إلى القرار السياسي.

كما أوضحت أن رفع مشاركة المرأة في الأحزاب ليس مطلباً حقوقياً فحسب، بل ضرورة لحماية العملية السياسية نفسها، مؤكدة أن أي عملية بناء سلام لا تشمل النساء تظل ناقصة وغير قابلة للاستمرار.

ووفقاً للمنظمين، فقد هدفت الجلسات النقاشية إلى خلق منصة حوار سياسية تجمع النساء القياديات، وتتيح لهن فرصة صياغة حلول عملية قابلة للتطبيق على المدى القريب. وشملت الجلسات عروضاً تحليلية حول موقع المرأة داخل الهياكل الحزبية، ونقاشات جماعية لتحديد مقاربات فعّالة لتعزيز دور النساء في صياغة مستقبل البلاد.

موقف رئاسي داعم

قدّمت القيادات النسوية عدداً من التوصيات المتعلقة بتحسين الدور المؤسسي للنساء داخل الأحزاب اليمنية، والارتقاء بكفاءتهن في مواقع اتخاذ القرار، وتعزيز مسؤولية الأحزاب تجاه قضايا النساء داخل المكوّنات السياسية. وأكدت التوصيات ضرورة تفعيل دوائر تمكين المرأة داخل الأحزاب، وتبنّي آليات واضحة تضمن وصول أصوات النساء وأولوياتهن إلى مسارات صنع القرار.

وفي السياق ذاته، تماشياً مع المطالب النسوية، دعا رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، إلى ضرورة إشراك المرأة في الحكومة وتمكينها من قيادة حقيبة وزارية، مؤكداً أن تغييب النساء عن مواقع القرار يمثل خللاً قانونياً ومؤسسياً يجب معالجته فوراً.

التزام حكومي يمني بتمثيل المرأة في موقع القرار السياسي (إعلام حكومي)

وشدد العليمي على أن المرأة اليمنية كانت وما تزال شريكاً أساسياً في الصمود والبناء، وأن مطالبتها بحقها في التمثيل السياسي ليست مِنّة من أحد، بل حق أصيل يجب الاعتراف به. وقال: «ليس من العدل أن تتحمل المرأة الأعباء كافة، في حين تغيب عن مواقع صنع القرار تماماً». وأضاف أن بقاء الحكومة بلا حقيبة وزارية نسائية أمر غير مقبول، خاصة في بلد تشكل النساء فيه أكثر من نصف عدد السكان.

ويبدو أن هذه التوجهات، إلى جانب الجهود الأممية، تمهد لمرحلة جديدة من المشاركة النسوية، قد تعيد رسم الخريطة السياسية المستقبلية، خصوصاً إذا التزمت الأحزاب بتنفيذ ما أعلنته من خطط ومراجعات داخلية.


تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

تشديد يمني رئاسي على توحيد الجهود لحسم المعركة ضد الحوثيين

عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر موالون للجماعة الحوثية خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

شدد عضوا مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح وسلطان العرادة على توحيد الجهود في مواجهة الانقلاب الحوثي وتسريع خطوات استعادة الدولة وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء، مع ضرورة إنهاء الخلافات البينية وإغلاق الملفات العالقة، وذلك قبيل انطلاق جولة مفاوضات جديدة بين الحكومة والحوثيين بشأن الأسرى والمحتجزين برعاية دولية.

وفي لقاء جمع عضو مجلس القيادة الرئاسي طارق صالح، مع رئيس مجلس النواب سلطان البركاني وعدد من أعضاء المجلس، عرض صالح رؤية المقاومة الوطنية ومقاربتها للمعركة ضد الجماعة الحوثية، موضحاً أنها إطار وطني جامع لا يقوم على أي اعتبارات حزبية أو مناطقية، وأن معيار الانضمام إليها هو الإيمان بأولوية قتال الميليشيات واستعادة مؤسسات الدولة.

واستعرض صالح خلال اللقاء عدداً من مشاريع وبرامج المقاومة الوطنية في الساحل الغربي، مؤكداً أنها موجّهة لخدمة المواطنين في كل المناطق دون تمييز. كما شدد على أن الانقسامات بين القوى المناهضة للحوثيين تُضعف الجبهات وتمنح الميليشيا مساحات للتقدم، محذراً من انعكاساتها السلبية على معنويات المقاتلين.

طارق صالح خلال لقائه قيادات برلمانية في المخا (إعلام رسمي)

وأشار صالح إلى أن توحيد مسرح العمليات العسكرية يمثّل حجر الزاوية في أي تحرك لاستعادة صنعاء، مجدداً تأكيده أن استعادة الجمهورية مرهونة بهزيمة الحوثيين. كما دعا مجلس النواب إلى مضاعفة الجهود بما يخدم المصلحة الوطنية العليا ويعزّز الثقة الإقليمية والدولية بالقوى الشرعية.

هزيمة الانقلاب

في لقاء آخر جمع طارق صالح بعدد من أمناء عموم وممثلي الأحزاب السياسية، أكد عضو مجلس القيادة أن المرحلة الراهنة تتطلّب حشد الجهود وتوحيد المعركة شمالاً لهزيمة الانقلاب وتحرير العاصمة المختطفة صنعاء.

وأشار صالح إلى أن التباينات بين القوى الوطنية أمر طبيعي، لكنها لا تلغي وجود هدف جامع هو «قتال الحوثي واستعادة الدولة»، مؤكداً أن المجلس الانتقالي الجنوبي شريك في هذه المعركة منذ الحرب الأولى في صعدة، وأن تضحيات أبناء الجنوب في جبال مرّان تشكّل شاهداً حياً على دورهم الوطني.

لقاء طارق صالح مع ممثلي الأحزاب السياسية (إعلام رسمي)

وشدد صالح على ضرورة تهيئة البيئة المناسبة للمعركة القادمة، لافتاً إلى أن «دول التحالف لدعم الشرعية قدّمت الكثير من الدعم، وإذا أردنا دعماً إضافياً فعلينا أن نوحّد جهودنا نحو صنعاء». وأعاد تأكيد أن المقاومة الوطنية لن تنشغل عن هدفها في مواجهة الحوثي، ولن تعود إلى «تحرير المحرر»، في إشارة إلى عدم الدخول في صراعات جانبية.

كما عبّر عن تقديره للأحزاب والمكونات السياسية، وعدّ حضورهم دليلاً على «وعي متقدم بأهمية اللحظة الوطنية وضرورة التكاتف في مواجهة المشروع الإيراني».

استعادة الدولة

أكد عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، سلطان العرادة، خلال لقائه رئيس هيئة الأركان العامة الفريق الركن صغير بن عزيز، ووكلاء محافظة مأرب، وعدداً من القيادات العسكرية والأمنية، أن ما تمر به البلاد اليوم هو «نتيجة طبيعية لانقلاب ميليشيا الحوثي الإرهابية المدعومة من النظام الإيراني»، مشدداً على أن كل الإشكالات ستتلاشى بمجرد استعادة مؤسسات الدولة.

وقال العرادة إن القوات المسلحة والأمن يشكّلان «عماد الاستقرار والتحرير»، وإن مجلس القيادة يقدّر تضحيات منتسبي المؤسستَين ويتابع قضاياهم بشكل دائم. ودعا إلى تجاوز المشكلات الآنية والخلافات الجانبية وإرث الماضي، مؤكداً أن القضية الوطنية الكبرى هي استعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

سلطان العرادة خلال اجتماعه بقيادات عسكرية في مأرب (إعلام رسمي)

وأضاف مخاطباً القيادات العسكرية: «الناس يعلّقون عليكم آمالاً كبيرة... فاحملوا الراية لتحرير البلاد»، مشدداً على استعداد الجميع للتضحية في سبيل إنهاء الانقلاب واستعادة المجد للشعب اليمني. كما شدد على أن اليمن «لن يستعيد مكانته إلا بالتخلص من الميليشيا الحوثية الإيرانية»، معبّراً عن امتنانه لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية.

وفي سياق آخر أعلنت السلطات اليمنية في محافظة مأرب عن تسليم 26 جثماناً من قتلى الحوثيين الذين قُتلوا في جبهات مأرب والجوف، بعد التعرف عليهم من قبل الجماعة.

وأوضح العميد يحيى كزمان أن العملية تمت «بوصفها مبادرة من طرف واحد لدواعٍ إنسانية»، وبإشراف من لجنة الصليب الأحمر الدولية، وبتنسيق مع رئاسة هيئة الأركان العامة والجهات المعنية.

وأكد كزمان، وهو عضو الفريق الحكومي المفاوض، أن الحكومة تسعى من خلال هذه الخطوة إلى إظهار حسن النية قبل جولة المفاوضات المرتقبة، وتهيئة الأجواء للانتقال إلى قاعدة «الكل مقابل الكل» في ملف المحتجزين والمختطفين والمخفيين قسراً.

وأوضح أن المبادرة جاءت بناءً على توجيهات عليا ضمن جهود تهدف إلى إغلاق هذا الملف الإنساني الذي يفاقم معاناة آلاف الأسر اليمنية.