أعرب عشرات السياسيين والمحللين السياسيين، وفي مقدمتهم رئيس الدولة رؤوبين رفلين، و65% من السكان، عن تخوفهم من أن تشهد إسرائيل محاولة انقلاب من خلال هجوم على الكنيست (البرلمان) أو مقر رئاسة الدولة أو رئاسة الحكومة، مثلما حصل في الكونغرس الأميركي. وتوقعوا أن يهاجم متظاهرون أحد هذه المقرات في أواخر شهر مارس (آذار) القادم، بعد ظهور نتائج الانتخابات. وفي حين توقعت قوى اليسار والوسط أن يأتي هذا الهجوم من نشطاء اليمين، لمنع سقوط بنيامين نتنياهو عن رئاسة الحكومة، فقد توقعت قوى اليمين أن يأتي الهجوم من اليسار والوسط لإسقاط نتنياهو بالقوة، في حال فاز في الانتخابات.
وكشفت مصادر أمنية، أمس (الجمعة)، أن قادة «الشاباك» (جهاز الأمن العام) والشرطة، قاموا في الأسابيع الأخيرة، بإجراء عدة مداولات مشتركة حول تعزيز الحراسة حول مقر الإقامة الرسمي لرئيس الحكومة نتنياهو، في شارع بلفور في القدس الغربية، على خلفية المظاهرات المتواصلة هناك طيلة 30 أسبوعاً تحت شعار «ارحل». وفي ضوء هجوم أنصار الرئيس دونالد ترمب على مبنى الكونغرس ليلة الأربعاء الأخيرة، عقد القادة الأمنيون جلسة طارئة تقرر في ختامها وضع سياج شائك عند الحواجز المحيطة بالمسكن الرسمي لنتنياهو واتخاذ خطوات أمنية أخرى لمنع هجوم مماثل.
ومن جهتها، أجرت صحيفة «معريب»، استطلاع رأي نشرته أمس (الجمعة)، بين عينة تمثيلية من الجمهور الإسرائيلي. فقال 56% منهم إنهم يعتقدون أن اقتحاماً شبيهاً باقتحام الكونغرس الأميركي، يمكن أن يحصل في إسرائيل. وقال 23% من المستطلعين إنهم متأكدون من أن حدثاً كهذا قد يحدث في إسرائيل، وقال 33% آخرون إنهم يتوقعون مثل هذا الحدث في إسرائيل.
وفي تحليل النتائج لهذا الاستطلاع، الذي أجراه معهد «بانلز بوليتكس» بإدارة مناحيم لازار، يتضح أن 77% من ناخبي أحزاب «الوسط – يسار» والعرب و28% من ناخبي أحزاب اليمين يعتقدون أن حدثاً شبيهاً بأحداث الكونغرس سيحدث في إسرائيل، فيما قال 32% إنهم لا يعتقدون ذلك، لكن 7% من بينهم فقط متأكدون من أنه لن يحصل حدث كهذا في إسرائيل. وقال 44% من المستطلعين إن هجوماً كهذا سيأتي من جانب اليمين، بينما قال 34%، وغالبيتهم الساحقة من ناخبي اليمين، إنه سيأتي من جانب اليسار.
وخرج الرئيس رفلين، أمس، بتصريحات حذرة لكن واضحة قال فيها إن الأحداث المفزعة في واشنطن تشير إلى أن الديمقراطية ليست محصّنة من شيء، وعليه فلا بد من أخذ الاحتياطات الثقافية والسياسية ومن ثم الأمنية لمنع ذلك. وقال رئيس حزب «تيلم»، وزير الأمن ورئيس أركان الجيش الأسبق، موشيه يعلون، إن «الديمقراطية هشة. والمشاهد في واشنطن يجب أن تقلقنا جميعاً. إنه قد يكون، لا قدر الله، بداية تدهور خطير نتيجة للتحريض. وحماية الديمقراطية مقرونة قبل أي شيء بقيادة تكون سلطة القانون نبراساً لها»، في تلميح إلى نتنياهو ولائحة الاتهام بمخالفات فساد ضده. لكن رئيس بلدية تل أبيب - يافا مؤسس حزب «الإسرائيليين» الجديد، رون خلدائي، كان أكثر وضوحاً فهاجم نتنياهو بسبب تأخره في إدانة ما جرى في الكونغرس، وقال إن «تصرف نتنياهو ليس صدفة. فهو أيضاً يعتقد أن نتنياهو أهم من الدولة. دعونا نأمل أن يكون تغيير حكم أيضاً في إسرائيل وأن تنتصر الديمقراطية دائماً».
كان نتنياهو قد عقّب على أحداث الكونغرس بعد مرور 12 ساعة، وفقط بعد أن تم إقرار نتائج الانتخابات في الكونغرس وتثبيت جو بايدن رئيساً. وعندها أصدر بياناً قال فيه: «اقتحام مبنى الكابيتول في واشنطن كان مشيناً وينبغي استنكاره بشدة. إن الديمقراطية الأميركية، وعلى مدار أجيال، كانت مصدر إيحاء للعالم وإسرائيل. وشكّلت الديمقراطية الأميركية دائماً مصدر إيحاء لي. وأعمال الشغب العنيفة كانت النقيض للقيم التي يقدّسها الأميركيون والإسرائيليون». وعد منتقدو نتنياهو التعقيب «متأخراً وهزيلاً ولا يعبر عن ضخامة الحدث الصادمة».
وخرجت وسائل الإعلام العبرية، أمس، بتحليلات ومقالات عديدة حذّر فيها الخبراء الإسرائيليون من خطر تكرار عملية اقتحام أنصار ترمب للكونغرس، في إسرائيل في حال هُزم نتنياهو في انتخابات الكنيست القريبة. ونشرت محللة الشؤون الحزبية، سيما كدمون، مقالاً على الصفحة الأولى في «يديعوت أحرونوت»، قالت فيه إن هناك احتمالاً كبيراً لأن يشهد الكنيست هجوماً مماثلاً في حال فشل نتنياهو في تشكيل حكومة جديدة. وكتب محلل الشؤون الاستراتيجية والأمنية في «واي نت»، موقع الصحيفة نفسها الإلكتروني، رون بن يشاي، أن «الهجوم العنيف لحشد مُحرض على الكونغرس كان نتيجة لترابط مباشر وقابل للاشتعال بين رئيس شعبوي يعاني من مشكلات شخصية شديدة وبين عشرات آلاف الأشخاص الغاضبين الذين يشعرون ويؤمنون مثله بأنه سُرقت الدولة منهم. لكن ليست فقط المؤسسة الأميركية من ينبغي أن تستخلص وتستوعب العِبر، بل في إسرائيل أيضاً يجب أن ينتبهوا إلى المخاطر الكامنة في المنحدر الزلق الأملس»، في إشارة إلى ممارسات نتنياهو.
وقال محرر الشؤون القانونية في موقع «والا» الإلكتروني، باروخ قرا، إنه «باستثناء مواجهة أزمة (كورونا)، فإن إدارة الرئيس ترمب وحكومة نتنياهو تصرفتا خلال الولاية الأخيرة كأنهما توأمان سياميان، تجاه سلطة القانون، وكراهية الدولة العميقة، والتحريض الأرعن ضد أي معارض أو مختلف، والتحريض الأرعن ضد الصحافة الحرة، ونشر نظريات مؤامرة حقيرة في الشبكات الاجتماعية، وتحطيم كامل لقيمة الحقيقة». وتساءل قرا: «هل تعتقدون حقاً أنه هذه قصة أميركية لا يمكن أن تحدث هنا؟». وأجاب: «إن مشهد الكونغرس كاد يحصل هنا، عندما حاول يائير نتنياهو والصحافي يعقوب بردوغو النشر أن لجنة الانتخابات المركزية سرقت الانتخابات. وسجلت هذه الدولة فصولاً فاخرة من العنف الداخلي الشديد؛ اغتالوا رئيس حكومة في ظل أجواء تحريض مارسها رئيس الحكومة الحالي. في هذه الدولة عمل تنظيم سري سعى إلى تفجير المسجد الأقصى، ولكنه تمكن فقط من تنفيذ عمليات عنيفة أخرى، بينها محاولة اغتيال رئيس بلدية فلسطيني أدت إلى قطع ساقه (رئيس بلدية نابلس الأسبق بسام الشكعة) وإلى فقدان خبير متفجرات لبصره. وفي هذه الدولة قُتل متظاهر بإلقاء قنبلة (على مظاهرة لحركة «سلام الآن»). وفي هذه الدولة وفي هذه الأيام، يهاجم متظاهرون في الشوارع بعنف جسدي وكلامي. في هذه الدولة يفعل رئيس حكومة كل ما بوسعه من أجل إضعاف أجهزة الحكم والقانون. وكل هذا، فقط من أجل الشؤون الشخصية لشخص واحد، الزعيم الأعلى، رئيس الحكومة».
وختم قرا قائلاً: «هل تتساءلون حقاً إذا كان ما حصل في الكونغرس يمكن أن يحصل هنا؟ والإجابة هي أنه يمكن أن يحصل أسوأ منه بكثير».
الإسرائيليون قلقون من هجوم على الكنيست أسوأ من هجوم الكونغرس
بينهم رئيس الدولة وعشرات السياسيين والمحللين
الإسرائيليون قلقون من هجوم على الكنيست أسوأ من هجوم الكونغرس
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة