أرمسترونغ: ما يحققه ساوثهامبتون من نجاح نتاج جهد وعرق ودموع

لاعب خط الوسط الاسكوتلندي كان له دور كبير في الانتصار على ليفربول ويأمل بإنجاز مع بلاده بكأس الأمم الأوروبية

أرمسترونغ لاعب ساوثهامبتون يشتت كرة في مواجهة ليفربول لينتزع فريقه انتصاراً مثيراً (إ.ب.أ)
أرمسترونغ لاعب ساوثهامبتون يشتت كرة في مواجهة ليفربول لينتزع فريقه انتصاراً مثيراً (إ.ب.أ)
TT

أرمسترونغ: ما يحققه ساوثهامبتون من نجاح نتاج جهد وعرق ودموع

أرمسترونغ لاعب ساوثهامبتون يشتت كرة في مواجهة ليفربول لينتزع فريقه انتصاراً مثيراً (إ.ب.أ)
أرمسترونغ لاعب ساوثهامبتون يشتت كرة في مواجهة ليفربول لينتزع فريقه انتصاراً مثيراً (إ.ب.أ)

رغم النتائج الجيدة التي يحققها ساوثهامبتون في الدوري الإنجليزي الممتاز هذا الموسم، وآخرها الانتصار المثير على ليفربول المتصدر بهدف وحيد، لا يشعر المدير الفني للفريق، رالف هازنهوتل، بالراحة، ودائماً ما يحذر لاعبيه من أن الشعور بالرضا والتراخي سوف تكون له تداعيات وخيمة. لكن نهاية عام 2020 كانت بمثابة الوقت المناسب للتفكير أيضاً في التقدم الملحوظ الذي أحرزه الفريق في الآونة الأخيرة.
وتشير الأرقام والإحصائيات إلى أن ساوثهامبتون يأتي في المركز الرابع بين أندية الدوري الإنجليزي الممتاز، من حيث تحقيق الفوز في أكبر عدد من المباريات خلال الـ12 شهراً الماضية، بعد أندية ليفربول ومانشستر سيتي ومانشستر يونايتد. ووضع الفوز على حامل اللقب متصدر جدول الترتيب ساوثهامبتون على مسافة قريبة من المراكز الأربعة الأولى، حيث يحتل المركز السادس برصيد 29 نقطة، بفارق الأهداف فقط عن توتنهام الرابع.
ورغم الفشل في تحقيق أي فوز خلال المباريات الأربع الأخيرة قبل مواجهة ليفربول، فإن رجال المدرب النمساوي هازنهوتل أثبتوا أنهم مقاتلين في مواجهة حامل اللقب، ونجحوا في الزود عن مرماهم لأكثر من 88 دقيقة، بعد أن تقدموا بهدف مبكر سجله داني إنغز بعد مرور دقيقتين فقط من البداية.
ويعتمد هازنهوتل على طريقة (4-2-2-2)، والضغط العالي على المنافسين، وهي الطريقة التي ساعدته على قيادة لايبزيغ الألماني للتأهل لدوري أبطال أوروبا. وتؤدي هذه الطريقة إلى «خنق» الفرق المنافسة، إن جاز التعبير، كما أن لاعب خط الوسط ستيوارت أرمسترونغ يلعب دوراً بارزاً في تطبيق هذه الطريقة بأفضل شكل ممكن داخل المستطيل الأخضر.
يقول أرمسترونغ: «هناك كثير من الجري، وكثير من الطاقة، وكثير من الدم والعرق والدموع، لكن عندما تخرج من الملعب وأنت فائز على فريق مثل ليفربول، ولديك نقاط المباراة الثلاث، فإنك تشعر بأن الأمر يستحق كل هذا العناء. لقد أكد المدير الفني على أنه يتعين على كل شخص أن يبذل قصارى جهده ليكون جزءاً من هذا النظام. كنت أعلم منذ البداية أن الطريق لن يكون سهلاً، وكانت بداية صعبة بالتأكيد، لكن أهم شيء هو الإصرار والعزيمة والمثابرة». ويتميز النجم الاسكتلندي بالتواضع الشديد ومنتهى إنكار الذات، لكن بعيداً عن أسلوبه اللطيف وسلوكه الهادئ، فإنه أحد أهم أسلحة هازنهوتل داخل الملعب. وكان أرمسترونغ قد انضم إلى ساوثهامبتون قبل عامين ونصف بحثاً عن تحدٍ جديدٍ بعد 4 مواسم رائعة بقميص سلتيك، حقق خلالها كثيراً من الإنجازات والأرقام القياسية، كان من بينها عدم الخسارة لمدة 585 يوماً، والفوز مرتين بالثلاثية، بصفته جزءاً من «الفريق الذي لا يقهر» تحت قيادة بريندان رودجرز. ولم يذق أرمسترونغ طعم الخسارة في مباراة الديربي الاسكتلندي بين سلتيك ورينجرز، وهو يقول عن ذلك: «لقد كانت مباريات رائعة، وأجواء رائعة يستمتع بها أي لاعب، وهو شيء سأعتز به إلى الأبد، فأنا أمتلك ذكريات رائعة بشأن هذه المباريات، وأدرك أنني محظوظ جداً لأنني لم أخسر أي مباراة في الديربي».
وقبل الصعود للفريق الأول لنادي دندي يونايتد الذي لعب له بجوار نجم ليفربول الحالي آندي روبرتسون، التحق أرمسترونغ بالجامعة المفتوحة للحصول على شهادة في القانون. لكن بعد 3 سنوات من ذلك، أدى انتقاله لسلتيك إلى انشغاله في وسط الأسبوع بخوض مباريات دوري أبطال أوروبا، والسفر إلى ملاعب شهيرة، مثل «كامب نو» الخاص ببرشلونة، أو «حديقة الأمراء» معقل سان جيرمان الفرنسي.
يقول أرمسترونغ ضاحكاً: «كنت أسهر في بعض الأيام حتى وقت متأخر من الليل لكي أكتب بعد المقالات والأبحاث المستعجلة؛ ربما لم أكن جيداً في ذلك، لكني أنجزتها في نهاية المطاف».
وبالنظر إلى هذه الصفات الرائعة التي يمتلكها أرمسترونغ، لم يكن من الغريب أن يلعب دوراً كبيراً في غرفة خلع الملابس بنادي ساوثهامبتون، جنباً إلى جنب قائد الفريق جيمس وارد براوز، والمدافع جاك ستيفنز الذي يتولى أمر فرض العقوبات على اللاعبين الذين لا يلتزمون بالمواعيد أو يتركون عدة التدريب داخل الملعب بعد انتهاء التدريبات. يقول أرمسترونغ مبتسماً: «يتعين علي أن التزم الصمت، فأنا كالشرطي الذي يتعين عليه أن يحافظ على سرية المعلومات؛ كل ما يمكنني قوله هو أن جيمس وارد براوز مخبر».
ويقول أرمسترونغ إنه لم يكن يبحث يوماً ما عن القيام بمثل هذا الدور، لكنه يرى أن ذلك يعكس ثقة المدير الفني فيه، موضحاً: «ربما يكون أفضل ما في الأمر أن هذا يظهر وجود عنصر الثقة».
ويأمل أرمسترونغ أن يلعب دوراً بارزاً مع منتخب بلاده في نهائيات كأس الأمم الأوروبية 2021، حيث تلعب اسكتلندا أمام إنجلترا بعد التأهل لأول مرة لبطولة كبرى منذ 23 عاماً. وكان أرمسترونغ أحد الركائز الأساسية في صفوف المنتخب الاسكتلندي الذي تأهل لدوري أبطال أوروبا، بعد الفوز على صربيا بركلات الترجيح في بلغراد. ورغم أن أرمسترونغ يركز بشكل كامل في الوقت الحالي على المباريات التي يلعبها ساوثهامبتون، فإنه يدرك تماماً أهمية اللقاء المرتقب ببين اسكتلندا وإنجلترا، في إطار مباريات المجموعة الرابعة لكأس الأمم الأوروبية، على ملعب ويمبلي، في الثامن عشر من يونيو (حزيران) المقبل.
وفي المرة الأخيرة التي التقى فيها المنتخبان، على ملعب «هامبدن بارك» في يونيو (حزيران) 2017، انتزع المنتخب الإنجليزي، بقيادة مدافع ساوثهامبتون رايان بيرتراند، هدف التعادل في الوقت المحتسب بدل الضائع. يقول أرمسترونغ عن ذلك: «ما زلت أتعرض للانتقادات لأنني لم أشتت الكرة بعيداً بالدرجة الكافية، فوصلت إلى لاعبي المنتخب الإنجليزي الذين تناقلوها لتصل في نهاية المطاف إلى هاري كين الذي وضعها في المرمى، لذلك هناك شعور بالمرارة لاستقبال هذا الهدف».
ويضيف: «نأمل أن نثأر عندما نذهب إلى ملعب ويمبلي الصيف المقبل. لقد انتظرت اسكتلندا طويلاً لكي تتأهل إلى بطولة كبرى، وأعتقد أنه يمكنك رؤية السعادة والراحة والفرح بعد تحقيق هذا الإنجاز في نهاية المطاف».
وقد لاحظ هازنهوتل تحولاً كبيراً في عقلية لاعبي ساوثهامبتون في الآونة الأخيرة، ويعتقد أرمسترونغ أن الفريق أصبح قادراً على جمع النقاط من المباريات التي كان من الممكن أن يخسرها في السابق. ودائماً ما يرفض هازنهوتل الحديث عن أي توقعات بشأن وصول الفريق لمراكز أعلى في جدول الترتيب، لكن إلى أي مدى يتوقع أرمسترونغ أن يصل ساوثهامبتون؟ يقول اللاعب الاسكتلندي الدولي: «إنني أشارك هازنهوتل الرأي فيما يتعلق بعدم الحديث عن أي توقعات. نحن نعلم مدى إيماننا بأنفسنا، ومدى قوة أدائنا في بعض الفترات خلال الموسم الحالي. إننا نتطلع للوصول إلى أفضل المراكز الممكنة، ونأمل في أن نقدم المستويات التي تساعدنا على ذلك».
وبالتأكيد الفوز على ليفربول، ومشهد المدرب هازنهوتل وهو يجثوا باكياً من التأثر بعد اللقاء، يعطي شعوراً لجماهير ساوثهامبتون بأن الفريق قادر على انتزاع مركز مؤهل لبطولة أوروبية الموسم المقبل.
ودخل ساوثهامبتون مواجهة ليفربول من دون أن يحقق أي فوز على منافسه بطل المسابقة في آخر 4 مباريات (3 تعادلات وخسارة)، لكنه فك أخيراً عقدته المستعصية. وكان ساوثهامبتون، مفاجأة الموسم الحالي، قد خسر في آخر 6 مباريات ضد ليفربول في الدوري، ومنيت شباكه بـ17 هدفاً، وسجل هدفين فقط.
وقال هازنهوتل الذي تولى منصبه في 2018: «عندما تشاهد لاعبي فريقك يقاتلون بكل قوة لديهم، فهذا يجعلني أشعر بفخر شديد. يحتاج المرء إلى مباراة مثالية أمام ليفربول، وأعتقد أننا فعلنا ذلك».



بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
TT

بعد فرارها من «طالبان»... أفغانية سترقص مع فريق اللاجئين في «أولمبياد باريس»

 الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)
الافغانية مانيزها تالاش في فريق اللاجئين في اولمبياد باريس (حسابها الشخصي-انستغرام)

حققت الأفغانية مانيزها تالاش حلمها بالأداء خلال مسابقات «أولمبياد باريس 2024» المقامة في العاصمة الفرنسية، ضمن فريق اللاجئين، بعد هروبها من قبضة «طالبان».

وترقص تالاش (21 عاماً) «بريك دانس»، وكانت أول راقصة معروفة في موطنها الأصلي (أفغانستان)، لكنها فرَّت من البلاد بعد عودة «طالبان» إلى السلطة في عام 2021. ومع ظهور رقص «البريك دانس» لأول مرة في الألعاب الأولمبية في باريس، ستصعد تالاش إلى المسرح العالمي لتؤدي ما هي شغوفة به.

وتقول تالاش في مقابلة أُجريت معها باللغة الإسبانية: «أنا أفعل ذلك من أجلي، من أجل حياتي. أفعل ذلك للتعبير عن نفسي، ولأنسى كل ما يحدث إذا كنت بحاجة إلى ذلك»، وفقاً لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

ترقص تالاش «بريك دانس» وهي في عمر السابعة عشرة (حسابها الشخصي - إنستغرام)

شبح «طالبان»

يرفض العديد من الأفغان المحافظين الرقص، وفكرة مشاركة النساء محظورة بشكل خاص. وفي ظل حكم «طالبان»، مُنعت النساء الأفغانيات فعلياً من ممارسة العديد من الأنشطة الرياضية. منذ عودة الجماعة إلى السلطة قبل 3 سنوات، أغلقت الحكومة مدارس البنات، وقمعت التعبير الثقافي والفني، وفرضت قيوداً على السفر على النساء، وحدَّت من وصولهن إلى المتنزهات وصالات الألعاب الرياضية.

مقاتل من «طالبان» يحرس نساء خلال تلقي الحصص الغذائية التي توزعها مجموعة مساعدات إنسانية في كابل (أ.ب)

وقال تقرير للأمم المتحدة عن حقوق الإنسان هذا العام إن «عدم احترام (طالبان) للحقوق الأساسية للنساء والفتيات لا مثيل له في العالم». منذ اليوم الذي بدأت فيه تالاش الرقص، قبل 4 سنوات، واجهت العديد من الانتقادات والتهديدات من أفراد المجتمع والجيران وبعض أفراد الأسرة. وقالت إنها علمت بأنها إذا أرادت الاستمرار في الرقص، فليس لديها خيار إلا الهروب، وقالت: «كنت بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة».

فريق اللاجئين

سيضم الفريق الذي ظهر لأول مرة في ألعاب «ريو دي جانيرو 2016»، هذا العام، 36 رياضياً من 11 دولة مختلفة، 5 منهم في الأصل من أفغانستان. وسيتنافسون تحت عَلَم خاص يحتوي على شعار بقلب محاط بأسهم، للإشارة إلى «التجربة المشتركة لرحلاتهم»، وستبدأ الأولمبياد من 26 يوليو (تموز) الحالي إلى 11 أغسطس (آب). بالنسبة لتالاش، التي هاجرت إلى إسبانيا، تمثل هذه الألعاب الأولمبية فرصة للرقص بحرية، لتكون بمثابة رمز الأمل للفتيات والنساء في أفغانستان، ولإرسال رسالة أوسع إلى بقية العالم.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

وفي فبراير (شباط) الماضي، تدخلت صديقة أميركية لتالاش، تُدعي جواركو، بالتقديم إلى عناوين البريد الإلكتروني الأولمبي لمشاركة الفتاة الأفغانية، وفي اليوم التالي، تلقت رداً واحداً من مدير فريق اللاجئين الأولمبي، غونزالو باريو. وكان قد تم إعداد فريق اللاجئين المتوجّه إلى باريس، لكن المسؤولين الأولمبيين تأثروا بقصة تالاش وسارعوا إلى تنسيق الموارد. وافقت اللجنة الأولمبية الإسبانية على الإشراف على تدريبها، وكان المدربون في مدريد حريصين على التطوع بوقتهم.

وقال ديفيد فينتو، المدير الفني للمنتخب الإسباني: «شعرت بأنه يتعين علينا بذل كل ما في وسعنا. في شهر مارس (آذار)، حصلت تالاش على منحة دراسية، مما سمح لها بالانتقال إلى مدريد والتركيز على الاستراحة. وبعد بضعة أسابيع فقط، وصلت الأخبار بأنها ستتنافس في الألعاب الأولمبية». يتذكر جواركو: «لقد انفجرت في البكاء، وكانت تبتسم».

وقالت تالاش: "كنت أبكي بدموع الفرح والخوف".وجزء من مهمة الألعاب الأولمبية المعلنة هو "دعم تعزيز المرأة في الرياضة على جميع المستويات" وتشجيع "مبدأ المساواة بين الرجل والمرأة". ولهذا السبب، كانت العلاقة بين الحركة الأولمبية وأفغانستان مشحونة منذ فترة طويلة. وقامت اللجنة الأولمبية الدولية بتعليق عمل اللجنة الأولمبية في البلاد في عام 1999، وتم منع أفغانستان من المشاركة في دورة الألعاب الأولمبية في سيدني.

شغفها حقق هدفها

لم يغِب عن تالاش أن موسيقى «البريك» و«الهيب هوب»، المحظورة في موطنها، أعطتها هدفاً لحياتها، وساعدت أيضاً في إنقاذ عائلتها. وقالت: «هذا أكبر بكثير من أي حلم حلمت به من قبل أو حتى يمكن أن أفكر فيه»، مضيفة: «إذا قالت (طالبان) إنها ستغادر في الصباح، فسوف أعود إلى منزلي بعد الظهر».

ويحكي جواد سيزداه، صديق تالاش وزعيم مجتمع «الهيب هوب» في كابل: «إذا سألت الأجانب عن أفغانستان، فإن الشيء الوحيد الذي يتخيلونه هو الحرب والبنادق والمباني القديمة. لكن لا، أفغانستان ليست كذلك». وأضاف: «أفغانستان هي تالاش التي لا تنكسر. أفغانستان هي التي أقدم فيها بموسيقى الراب، ليست الحرب في أفغانستان وحدها».

وعندما كانت تالاش في السابعة عشرة من عمرها، عثرت على مقطع فيديو على «فيسبوك» لشاب يرقص «بريك دانس» ويدور على رأسه، في مشهد لم يسبق لها أن رأت شيئاً مثله. وقالت: «في البداية، اعتقدت أنه من غير القانوني القيام بهذا النوع من الأشياء». ثم بدأت تالاش بمشاهدة المزيد من مقاطع الفيديو، وأصابها الذهول من قلة الراقصات. وأوضحت: «قلتُ على الفور: سأفعل ذلك. أنا سوف أتعلم».

وقامت بالتواصل مع الشاب الموجود في الفيديو (صديقها سيزداه) الذي شجعها على زيارة النادي المحلي الذي تدرب فيه، والذي كانت لديه محاولة لتنمية مجتمع «الهيب هوب» في كابل، ولجأ إلى وسائل التواصل الاجتماعي لدعوة جميع الأعمار والأجناس للرقص وموسيقى الراب. كان هناك 55 فتى يتدربون هناك. كانت تالاش الفتاة الأولى.

وقال سيزداه (25 عاماً): «إذا رقص صبي، فهذا أمر سيئ في أفغانستان وكابل. وعندما ترقص فتاة، يكون الأمر أسوأ. إنه أمر خطير جداً. رقص الفتاة أمر غير مقبول في هذا المجتمع. لا توجد إمكانية لذلك.

انتقلت إلى العيش في إسبانيا بعد هروبها من موطنها الأصلي (حسابها الشخصي - إنستغرام)

كنا نحاول أن نجعل الأمر طبيعياً، لكنه كان صعباً للغاية. لا يمكننا أن نفعل ذلك في الشارع. لا يمكننا أن نفعل ذلك، كما تعلمون، في مكان عام»، وفقا لما ذكرته صحيفة «واشنطن بوست».

كانت تالاش أول فتاة تنضم إلى نادي الرقص «Superiors Crew» في كابل.

تهديدات بالقتل

بعد استيلاء «طالبان» على السلطة، فرَّ أعضاء النادي إلى باكستان. وفي أحد الأحداث الجماعية الأولى للفريق في النادي الصغير، انفجرت سيارة مفخخة في مكان قريب. ووقعت إصابات في الشارع، لكن الراقصين بالداخل لم يُصابوا بأذى. ومع انتشار أخبار بأن تالاش كانت ترقص، بدأت تتلقى تهديدات بالقتل.

مقاتل من «طالبان» يقف في الحراسة بينما تمر امرأة في العاصمة كابل يوم 26 ديسمبر 2022... وشجب مفوض حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة القيود المزدادة على حقوق المرأة بأفغانستان (أ.ب)

كان من المفترض أن يكون النادي مكاناً آمناً، ولكن في أحد الأيام دخل رجل مدعياً أنه راقص يريد التعلم. وبدا مريباً لباقي الأعضاء، ووفقاً لتالاش وسيزداه، سرعان ما داهمت قوات إنفاذ القانون النادي، وألقت القبض على الرجل الذي كان يحمل قنبلة. قال سيزده: «إنهم قالوا إنه عضو في (داعش). لقد أراد فقط أن يفجِّر نفسه».

رحلة الهروب للنجاة!

وبعد بضعة أشهر من الواقعة، غادرت قوات «حلف شمال الأطلسي» والجيش الأميركي أفغانستان، وعادت «طالبان» إلى السلطة في 2021، وقال سيزداه إن مالك العقار اتصل به وحذره من العودة، وإن الناس كانوا يبحثون عن أعضاء الفريق، وقال سيزداه: «هناك أسباب كثيرة» للمغادرة. «الأول هو إنقاذ حياتك».

وقام العشرات من أعضاء نادي «الهيب هوب» بتجميع ما في وسعهم وتحميلهم في 3 سيارات متجهة إلى باكستان. أخذت تالاش شقيقها البالغ من العمر 12 عاماً، وودعت والدتها وأختها الصغرى وأخاً آخر.

وقالت تالاش: «لم أكن خائفة، لكنني أدركت أنني بحاجة إلى المغادرة وعدم العودة. كان هذا مهماً بالنسبة لي. لم أغادر قط لأنني كنت خائفة من (طالبان)، أو لأنني لم أتمكن من العيش في أفغانستان، بل لأفعل شيئاً، لأظهر للنساء أننا قادرون على القيام بذلك؛ أنه ممكن». اضطرت تالاش إلى ترك والدتها في أفغانستان، وتحقق الحلم الأولمبي ولم شمل الأسرة.

لمدة عام تقريباً، عاشوا بشكل غير قانوني في باكستان دون جوازات سفر وأمل متضائل. لم يشعروا بالأمان في الأماكن العامة، لذلك قضى 22 شخصاً معظم اليوم محشورين معاً في شقة. لم يكن هناك تدريب أو رقص. تلقت تالاش كلمة مفادها أن مسؤولي «طالبان» اتصلوا بوالدتها في كابل للاستفسار عن مكان وجود الفتاة الصغيرة. وقالت: «أحياناً أتمنى أن أنسى كل ذلك»، ثم تواصل أعضاء نادي «الهيب هوب» مع السفارات ومجموعات المناصرة والمنظمات غير الحكومية للحصول على المساعدة. وأخيراً، وبمساعدة منظمة إسبانية للاجئين تدعى People HELP، تم منحهم حق اللجوء في إسبانيا.

انقسم الفريق، وتم نقل تالاش وشقيقها إلى هويسكا، وهي بلدة صغيرة في شمال شرقي إسبانيا. كانت لديها وظيفة تنظيف في صالون محلي، ورغم عدم وجود استوديو أو نادٍ مخصص للاستراحة، فقد وجدت صالة ألعاب رياضية تسمح لها بالرقص بعد ساعات العمل. بعد سنوات من الانفصال، تم لم شمل تالاش وعائلتها أخيراً حيث يعيشون الآن في نزل للاجئين بمدريد.