«كتائب حزب الله» ترى «متسعاً من الوقت» لإسقاط حكومة الكاظمي

فصائل «الحشد» و«ميليشيات إيران» تحيي ذكرى اغتيال سليماني والمهندس في معقل الاحتجاجات وسط بغداد

أنصار الحشد والفصائل الموالية لإيران يحيون ذكرى اغتيال سليماني والمهندس في ساحة التحرير ببغداد أمس (رويترز)
أنصار الحشد والفصائل الموالية لإيران يحيون ذكرى اغتيال سليماني والمهندس في ساحة التحرير ببغداد أمس (رويترز)
TT

«كتائب حزب الله» ترى «متسعاً من الوقت» لإسقاط حكومة الكاظمي

أنصار الحشد والفصائل الموالية لإيران يحيون ذكرى اغتيال سليماني والمهندس في ساحة التحرير ببغداد أمس (رويترز)
أنصار الحشد والفصائل الموالية لإيران يحيون ذكرى اغتيال سليماني والمهندس في ساحة التحرير ببغداد أمس (رويترز)

رفضت «كتائب حزب الله» الحليفة لإيران نزع سلاح الميليشيات الذي يُعد من بين أكثر المطالب الشعبية والرسمية إلحاحاً في العراق، خلال السنوات القليلة الماضية. وأتى رفض «الكتائب» العلني والصريح في أول بيان من نوعه يصدر عن الأمين العام لهذه الجماعة، شديدة التكتم، أبو حسين الحميداوي، إذ لم يسبق أن صدر بيان باسمه.
وجاء البيان تزامناً مع إحياء «الحشد الشعبي» والفصائل الموالية لإيران الذكرى السنوية الأولى لمقتل قائد «فيلق القدس» الإيراني السابق قاسم سليمان، ونائب رئيس الحشد السابق أبو مهدي المهندس، ورفاقهما، بضربة صاروخية أميركية قرب مطار بغداد الدولي، في الثالث من يناير (كانون الثاني) 2020.
وقال الحميداوي في بيانه إن «حضورنا اليوم رسالة تفويض؛ أن عجلوا بالثأر، فدمنا ما زال يغلي». في عبارة رأى فيها محللون أنها إشارة علنية لبدء العمليات الانتقامية ضد وجود الولايات المتحدة في العراق، الضالع في حادث المطار، فيما وجد بعض المراقبين تضارباً غير مفهوم بين كلامه هذا وإعلانه في المقابل عدم دخول سفارة واشنطن في بغداد، خلال مظاهرات إحياء الذكرى، على غرار ما حصل عندما اقتحمت جماعات الحشد والفصائل الولائية مبنى السفارة الأميركية في 31 ديسمبر (كانون الأول) 2019. وفي تهديد علني وصريح للحكومة، هذه المرة أيضاً، ذكر الحميداوي، في بيانه، أنهم لن يطيحوا بحكومة مصطفى الكاظمي «فما زال في الوقت متسع»، على حد قوله.
وفي انتقاد مبطَّن للمؤسسة العسكرية العراقية الرسمية وتشكيلاتها المختلفة، والإصرار على عدم التخلي عن السلاح خارج إطار الدولة، قال الحميداوي إن «سلاحنا أكثر ضبطاً وتنظيماً من أرقى الجيوش والمؤسسات العسكرية على مر التاريخ، وهو أكثرها شرعية وعقلانية، وسيبقى بأيدينا إلى أن يشاء الله، ولن نسمح لأحد (كائناً مَن كان) أن يعبث بهذا السلاح المقدس».
وتوافد الآلاف من أتباع «الحشد» والفصائل الولائية، منذ الساعات الأولى، أمس، إلى ساحة التحرير وسط بغداد، معقل الحراك الاحتجاجي الذي خرج العام الماضي. ووضعت الجماعات المنظمة للحفل صوراً كبيرة لسليماني والمهندس على واجهات بناية «المطعم التركي»، التي كان معقل احتجاجات «ثورة تشرين»، وكانت معرضاً لصور مَن سقطوا برصاص وقنابل دخان الأجهزة الأمنية من الشباب المحتجين في تلك الأيام.
وبدا واضحاً أن اختيار معقل الاحتجاجات لإحياء ذكرى حادثة المطار أُعِدّ وخُطط له بعناية، نظراً لحالة العداء المعلنة بين الفصائل المسلحة وجماعات الحراك، التي طالما هاجمت إيران وحلفاءها في العراق. وسعت بعض الجماعات الموالية لإيران خلال وجودها في ساحة التحرير إلى تعمُّد استفزاز جماعات الحراك، من خلال التعدي على رسم «غرافيتي» داخل نفق التحرير لـ«أيقونة» مَن قُتلوا خلال المظاهرات، وهو الناشط صفاء السراي، وكتبوا فوقه اسم «سليماني». وأطلق ناشطون هاشتاغ «صفاء الأصفى من قادات طهران». وانطلقت حملات التحشيد لإحياء الذكرى، منذ أكثر من أسبوع، تخللها إحياء مراسم عزاء في بعض المحافظات، وفي المكان الذي قُتِل فيه سليماني والمهندس قرب مطار بغداد. وتقول مصادر مقربة من أجواء إحياء الذكرى، إن الحشد والفصائل الولائية استأجرت عشرات العجلات لنقل الأتباع والداعمين لهم من محافظات وسط وجنوب البلاد إلى ساحة التحرير، في مسعى لإظهار أعداد المساندين والداعمين للحشد والمحور الإيراني.
وعمدت الأجهزة الأمنية إلى قطع معظم الطرق والجسور المؤدية إلى ساحتي التحرير والخلاني، في جانب الرصافة ببغداد.
وشهد إحياء الذكرى وجوداً لافتاً لكبار المسؤولين في «الحشد الشعبي» والأجهزة الأمنية، وأكد رئيس هيئة الحشد فالح الفياض، خلال كلمة ألقاها في ساحة التحرير، على ضرورة الحفاظ على السيادة العراقية وتجنب مهاجمة الولايات المتحدة الأميركية. وقال الفياض في كلمته: «يجب الحفاظ على السيادة، و(الحشد الشعبي) مؤسسة رسمية». وأضاف: «لسنا طلاب عدوان ولا دعاة عنف، وسنحمي مصالحنا».
وفضّل رئيس منظمة «بدر» والنائب والقيادي في «الحشد»، هادي العامري، هو الآخر، عدم مهاجمة الولايات المتحدة خلال كلمة مماثلة ألقاها في ساحة التحرير. وقال العامري: «يجب العمل على استعادة هيبة الدولة». ووصف مستشار الأمن الوطني قاسم الأعرجي، حادثة المطار، بـ«الاعتداء الآثم والانتهاك للسيادة الوطنية».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.