رئيس بلدية تل أبيب لاعب جديد في السياسة الإسرائيلية

لتمثيل من يصنّفون أنفسهم «يساراً ليبرالياً ضائعاً»

إغلاق إسرائيل بسبب الجائحة يضيف لإرباكات الانتخابات الرابعة خلال سنتين (إ.ب.أ)
إغلاق إسرائيل بسبب الجائحة يضيف لإرباكات الانتخابات الرابعة خلال سنتين (إ.ب.أ)
TT

رئيس بلدية تل أبيب لاعب جديد في السياسة الإسرائيلية

إغلاق إسرائيل بسبب الجائحة يضيف لإرباكات الانتخابات الرابعة خلال سنتين (إ.ب.أ)
إغلاق إسرائيل بسبب الجائحة يضيف لإرباكات الانتخابات الرابعة خلال سنتين (إ.ب.أ)

أعلن رئيس بلدية تل أبيب – يافا، رون خولدائي (78 عاماً)، أمس (الثلاثاء)، دخوله الحلبة السياسية الحزبية الإسرائيلية بشكل رسمي، لاعباً أساسياً. ومع أنه حدد موقعه على يسار الخريطة الحزبية، إلا أنه قال إنه ينوي طرح مفاهيم جديدة، لا يمين ولا يسار. وانضم إليه في هذه المبادرة، وزير القضاء، آفي نيسان كورن، الذي ترك حزبه «كحول لفان».
وقال خولدائي، إن مئات آلاف الإسرائيليين يشعرون اليوم بأن لا بيت لهم في النظام السياسي الحالي. وإنه ونيسان كورن، يقيمان اليوم بيتاً دافئاً لهم «سنرفع رؤوسهم ونعيد لهم الأمل». وقال مقرب منه، إن هناك مجموعة كبيرة من الناخبين الإسرائيليين يصنّفون أنفسهم «يساراً ليبرالياً ضائعاً»، بعد فشل حزب العمل وبعد الخيبة من الأحزاب اللبرالية الوسطية. وأن قوة هؤلاء الانتخابية تصل إلى نحو 20 مقعداً. وأن خولدائي ونيسان كورن يوجهان سهامهما إلى هذه القوة، ويتوخيان توحيد كل الأحزاب التي تقف إلى يسار حزب «يوجد مستقبل» برئاسة يائير لبيد، ويأملان في ضم شخصيات سياسية جديدة. ولم يستبعد المراقبون أن ينضم إلى هذا الحزب لاحقاً، رئيس أركان الجيش الإسرائيلي السابق، غادي آيزنكوت، مع أنه يتعرض لضغوط للانضمام إلى الحزب اليميني برئاسة جدعون ساعر.
ويعتبر خولدائي، الذي يترأس بلدية تل أبيب - يافا، منذ 22 عاماً، أحد أنجح رؤساء البلديات في إسرائيل. وهو قائد سابق في سلاح الطيران، وقد باشر اتصالات لضم شخصيات عربية إلى حزبه الجديد، ممن يؤمنون بالشراكة اليهودية - العربية. ووفقاً لآخر استطلاع رأي نشرته «القناة 12» الأحد الماضي، يمكن لحزب كهذا أن يحصل على 7 مقاعد، إذا جرت الانتخابات اليوم. وقد حاول خولدائي إحياء حزب العمل، الذي ترأس سابقاً الحركة الصهيونية، وشهد انهياراً تحت قيادة عمير بيرتس. لكن أعضاء القيادة الحالية لهذا الحزب، رفضوا أن يهبط خولدائي إلى رئاسة الحزب من دون انتخابات داخلية.
وبهذا التطور، يكون حزب الجنرالات «كحول لفان» قد تلقى ضربة قاصمة؛ إذ إن أكثر من نصف نوابه ووزرائه تركوه. ومع ذلك، فإن زعيمه، بيني غانتس، رئيس الحكومة البديل ووزير الأمن، أعلن استمراره في قيادة الحزب وخوض الانتخابات القادمة على رأسه. وقالت مصادر سياسية، إن غانتس باشر اتصالاته مع شخصيات جديدة عدة تشاركه جهوده للبقاء على الخريطة. ولكن أوساطاً سياسية تنبأت له بضربة قاضية؛ إذ إن رفيق دربه، وزير الخارجية، غابي أشكنازي، يعتزم الإعلان عن «استراحة مؤقتة من العمل السياسي وعدم خوض انتخابات الكنيست المقبلة».
يذكر أن الانتخابات الإسرائيلية، الرابعة خلال سنتين، ستجري في 23 مارس (آذار). والأحزاب الإسرائيلية تعيش خضة بحجم ثقيل لم تعرفها منذ قيام الدولة العبرية. وهناك انقسامات في جميع الأحزاب العلمانية، من اليمين واليسار. وتتنبأ الاستطلاعات بانهيار معسكر اليسار تماماً، وتركز الصراع في يمين الخريطة الحزبية، بالأساس بين الليكود بقيادة رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، ومنافسه السابق، ساعر، الذي انسحب من الليكود وأقام حزب «أمل جديد»، إضافة إلى اتحاد أحزاب اليمين «يمينا»، برئاسة نفتالي بنيت.
وحسب الاستطلاعات، فإن قوة اليمين عموماً سترتفع، على حساب أحزاب الوسط، لكن نتنياهو لن يستطيع تحصيل نتائج تساعده على تشكيل حكومة. وفي يوم أمس، بعد أسبوع على فقدانه أحد وزرائه المقربين، زئيف إلكين، خسر نتنياهو شخصية قوية أخرى هو تاحي ديكشتاين، أحد أبرز المسؤولين في قيادة المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية المحتلة. فقد أعلن ديكشتاين انضمامه إلى ساعر، معلناً «انضممت إلى الليكود قبل 15 سنة بفضل ساعر. فقد وقفنا يومها معاً ضد إخلاء المستوطنات من قطاع غزة. ووقفنا معاً لأجل الاعتراف بجامعة أرئيل (داخل مستوطنة أرئيل)، ولأجل تزويد البؤر الاستيطانية بالكهرباء والماء وغيرهما من الاحتياجات الضرورية. ووقفنا معاً ضد مخطط الضم. وكنا بذلك مختلفين عن نتنياهو، وربما اعتبرنا يومها خصوماً له».
من جهته، عاد زعيم حزب اليهود «يسرايل بيتينو»، أفيغدور ليبرمان، أمس، ليؤكد أن الحكومة القادمة حتماً لن تكون برئاسة نتنياهو، وستضم الأحزاب العلمانية الأساسية الأربعة، وهي: حزب ساعر، وحزب بنيت، وحزب لبيد، وحزبه هو. وقال، إن حزبه سيطالب بوزارات المالية والأمن الداخلي والصحة، «فهذه أصعب مهمات في الحكومة وتحتاج إلى أناس مخلصين وقادرين، لا يرضخون أمام رئيس حكومة ولا أمام مجموعات الضغط».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».