الجيش السوداني يسترد 11 موقعاً شرق البلاد

«الدعم السريع» تفتح تحقيقاً مع مسؤوليها في قضية وفاة مدني بعد توقيفه

TT

الجيش السوداني يسترد 11 موقعاً شرق البلاد

يعقد مجلس الأمن والدفاع السوداني، اليوم، اجتماعاً مهماً يناقش فيه تطورات الأوضاع الأمنية في شرق البلاد، وذلك على خلفية اعتداء قوات وميليشيات إثيوبية على مواقع عسكرية داخل الأراضي السودانية، جرى في منتصف ديسمبر (كانون الأول) الحالي.
وقالت مصادر موثوقة لـ«الشرق الأوسط» إن الجيش السوداني سيطر على 11 موقعاً داخل أراضيه، وإنه يواصل تقدمه باتجاه آخر موقع في أراضيه على الحدود الدولية بين البلدين.
وأضافت المصادر ذاتها أن القوات المسلحة السودانية أقامت نقاطاً ثابتة في كل المناطق التي استردتها خلال إعادة الانتشار والتقدم في الأيام القليلة الماضية، مشيرة إلى أن «موقف الجيش جيد والإمداد متواصل».
وأكدت المصادر نفسها، نقلاً عن قادة عسكريين، أن القوات التي تهاجم الجيش السوداني خلال إعادة انتشاره داخل أراضيه بولاية القضارف، المتاخمة لإثيوبيا، تستخدم أسلحة متقدمة وطويلة المدى، واستبعدت أن تكون لميليشيات تابعة لعصابات «الشفتة». وأضافت المصادر أن مجلس الأمن والدفاع سيعقد اليوم اجتماعاً بكامل عضويته لتناول مجمل التطورات في الولايات الحدودية مع إثيوبيا، والاطلاع على آخر تحركات القوات المسلحة السودانية.
ويختص المجلس بوضع السياسات الدفاعية، وتأمين موارد القوات النظامية والأجهزة الأخرى، علاوة على التوصية بإعلان التعبئة الكاملة أو الجزئية، وإعلان الحرب.
وتلقى مجلس شركاء الفترة الانتقالية، الذي يضم كل المكونات الحاكمة، تنويراً حول مستجدات الأوضاع على الحدود الشرقية، وأمن الاجتماع على ضرورة توفير كل الدعم للقوات المسلحة في تقدمها لاستعادة الأراضي السودانية.
وفشلت اللجنة السياسية المشتركة بين السودان وإثيوبيا الأسبوع الماضي في التوصل إلى اتفاق، بشأن قضايا الحدود بين البلدين، بعد رفض الجانب السوداني طلب إثيوبيا مناقشة تطورات الأوضاع على الحدود.
واتفق الطرفان، بحسب البيان المشترك بعد انفضاض المباحثات بالخرطوم الأربعاء الماضي، على رفع تقارير إلى قيادة البلدين، وعقد اجتماع لاحق يحدد عبر القنوات الدبلوماسية. ويتمسك السودان بمعالجة قضايا الحدود من خلال الوثائق المتفق عليها، وتحديد موعد بدء العمل الميداني لترسيم الحدود. وفي 15 ديسمبر الحالي أعلن الجيش السوداني مصرع عدد من قواته وخسائر في المعدات بكمين نصبته قوات وميليشيات إثيوبية بمنطقة خور الجبل بولاية القضارف، شرق البلاد، على الشريط الحدودي بين البلدين.
وعلى أثر الاعتداءات أعاد الجيش السوداني انتشاره في أراض كثيرة كانت تسيطر عليها قوات وميليشيات إثيوبية منذ ستينات القرن الماضي، وتبقت أجزاء بسيطة. وفور اندلاع النزاع الإثيوبي بين الحكومة الاتحادية والمجموعات المسلحة في إقليم تيغراي، نشر الجيش السوداني قواته في المناطق الحدودية لحماية أراضيه، والحيلولة دون استغلال أطراف الصراع في إثيوبيا أراضيه، وانطلاق أي نوع من العمليات العسكرية. وبحسب معتمدية اللاجئين بولايتي كسلا والقضارف على الحدود الإثيوبية، فإن أعداد الفارين من النزاع الإثيوبي حتى أمس بلغت 58 ألفاً وزعوا على المعسكرات.
من جهة ثانية، أعلنت «قوات الدعم السريع» شبه العسكرية في السودان، إحالة عدد من مسؤوليها إلى التحقيق، بعد توقيف مدني قبل أسبوعين في الخرطوم ووفاته بعد القبض عليه، في قضية أثارت استياءً شديداً في البلاد.
ونقلت «وكالة الأنباء السودانية (سونا)»، أمس، عن المتحدث باسم «قوات الدعم السريع»، جمال جمعة، إعلانه «التحفظ على جميع الأفراد الذين شاركوا في القبض على الشاب بهاء الدين نوري، إلى حين الانتهاء من إجراءات التحقيق في القضية، وفقاً للقانون والعدالة».
وأعلن، بحسب «سونا»، «إحالة كل من رئيس دائرة الاستخبارات في (قوات الدعم السريع) والضباط المعنيين، إلى التحقيق».
ونوري (45 عاماً) عضو «لجنة المقاومة» في حيه، وهي جمعية نشطت في التنديد بنظام الرئيس المعزول عمر البشير، وقد اختُطف في 16 ديسمبر الحالي جنوب الخرطوم، على يد رجال بزي مدني في سيارة لا تحمل لوحات معدنية، حسبما نشر في الصحف المحلية. وبعد 5 أيام عثر على جثته في مشرحة مستشفى أم درمان؛ إحدى مدن العاصمة، ورفضت الأسرة دفنه بعد اكتشاف آثار الضرب والتعذيب. ولم يتضح على الفور سبب توقيف نوري.
ودعا، الأحد، تجمع المهنيين السودانيين؛ التحالفُ النقابي الذي قاد الاحتجاجات ضد البشير، إلى التظاهر إذا فشلت الحكومة و«قوات الدعم السريع» في اتخاذ إجراءات ضد «المتهمين» بقتل نوري في غضون 15 يوماً. وطالب التجمع برفع الحصانة والتحقيق مع من شاركوا في «قتل وتعذيب» نوري، وإغلاق مراكز احتجاز «قوات الدعم السريع»، وإطلاق سراح من بداخلها أو تسليمهم إلى الشرطة.



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.