بايدن وأوروبا: تفاوت الأولويات يعقّد عودة العلاقات إلى طبيعتها

الرئيسان الاميركي دونالد ترمب والفرنسي مانويل ماكرون والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل في قمة «مجموعة السبع» بفرنسا أغسطس ٢٠١٩  (رويترز)
الرئيسان الاميركي دونالد ترمب والفرنسي مانويل ماكرون والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل في قمة «مجموعة السبع» بفرنسا أغسطس ٢٠١٩ (رويترز)
TT

بايدن وأوروبا: تفاوت الأولويات يعقّد عودة العلاقات إلى طبيعتها

الرئيسان الاميركي دونالد ترمب والفرنسي مانويل ماكرون والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل في قمة «مجموعة السبع» بفرنسا أغسطس ٢٠١٩  (رويترز)
الرئيسان الاميركي دونالد ترمب والفرنسي مانويل ماكرون والمستشارة الالمانية انغيلا ميركل في قمة «مجموعة السبع» بفرنسا أغسطس ٢٠١٩ (رويترز)

أعربت الغالبية العظمى من الدول الأوروبية - ولكن ليس جميعها - عن رضاها لانتخاب جو بايدن رئيساً للولايات المتحدة. فقد تدهورت العلاقات بين الدول الأوروبية والولايات المتحدة بشكل حاد خلال السنوات الأربع الماضية، بسبب قناعات دونالد ترمب وأسلوبه.
شكك ترمب باستمرار في أهمية التحالف الأطلسي، واعتبر أن الدول الأوروبية استغلّت الحماية الأميركية دون أن تتحمّل مسؤولية أمنها، بينما كانت تستفيد من فائض تجاري غير مقبول يبلغ 170 مليار دولار سنوياً.
ولهذا السبب، ذهب ترمب إلى حد وصف دول الاتحاد الأوروبي بـ«العدوّة». فيما شكّلت هجمات الرئيس الأميركي المتكررة على المؤسسات متعددة الأطراف - انسحابه من اليونيسكو واتفاقيات باريس للمناخ والاتفاق النووي الإيراني، وعرقلة منظمة التجارة العالمية - مصدر قلق للأوروبيين المتمسكين بها.
كان ترمب يتخذ قرارات من دون أن يستشير، وأحياناً من دون إبلاغ شركائه الأوروبيين، ما أثار تساؤلات حول ماهية التحالف.
وخشي القادة الأوروبيون من أن توجّه ولاية ثانية لترمب ضربة قاسية للنظام الدولي، كان سيعاني للتعافي منها.
اعتاد الأوروبيون منذ إنشاء الحلف الأطلسي في عام 1949، على أن تلعب الولايات المتحدة دوراً قيادياً، حتى لو كان يعني ذلك اتّباع واشنطن.
إلا أن الولايات المتحدة بدت في عهد ترمب أنها لم تعد ترغب في لعب هذا الدور. وجاءت أزمة «كوفيد - 19»، وهي أول أزمة دولية كبرى منذ عام 1945 لم تلعب فيها الولايات المتحدة دوراً رئيسياً، كمؤشر على عصر جديد.
وحدها بولندا ودول البلطيق، المتخوّفة من موسكو، استمرت في تقبّل كل شيء من ترمب، لكونها غير قادرة على الاعتماد على بديل للولايات المتحدة.
وعاش بوريس جونسون على أمل (وهمي) أنه بمجرد تحقيق «بريكست» (خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي)، سيحصل على شروط تجارية تفضيلية من «صديقه ترمب».
أما فيكتور أوربان في المجر، فقدّر عدم انتقاده من قبل واشنطن بسبب توجهاته الاستبدادية.
ينظر جميع القادة الأوروبيين الآخرين إلى وصول جو بايدن للبيت الأبيض على أنه يفتح الباب أمام عودة إلى العلاقات «الطبيعية» عبر ضفتي الأطلسي.
فبمجرّد انتخابه، أعلن بايدن عودة الولايات المتحدة إلى المسرح العالمي، قائلاً إن بلاده مستعدة للعب دور قيادي مرة أخرى.
ولا شكّ أن بايدن سيكون أقل فظاظة وأكثر لباقة واحتراماً تجاه القادة الأوروبيين.
في أوروبا، يخشى مؤيدو الاكتفاء الذاتي الاستراتيجي، والذي تُعتبر فرنسا أبرز المدافعين عنه، أن تثني السياسة الأميركية الجديدة الدول الأوروبية عن الاستمرار في التقدم في هذا الاتجاه. فإذا كانت الولايات المتحدة منفتحة ومستعدة لحماية حلفائها مرة أخرى، فهل من الضروري تشكيل ركيزة دفاع أوروبية حقيقية؟
تدعم الدوائر الأطلسية التي اعتادت على اعتماد استراتيجي مريح (على واشنطن)، العودة إلى الوضع الكلاسيكي لحلف شمال الأطلسي حيث يهتم بجميع المهام الأمنية تحت قيادة أميركية، فيما يكتفي الأوروبيون بدور التابع.
قد تتبّع الولايات المتحدة، المهووسة بتنافسها مع الصين، استراتيجية انفتاح أكبر على الأوروبيين للحصول على دعمهم في مبارزتها مع بكين.
تشير وثائق «الناتو» الداخلية على نحو متزايد إلى ضرورة مواجهة التحدي الصيني بشكل مشترك من قبل الدول الأعضاء، ليحلّ مكان التحدي السوفياتي والروسي بعده.
لكن هل من الجاد الحديث عن تهديد عسكري من روسيا، التي تقل ميزانيتها العسكرية (60 مليار دولار) بكثير عن ميزانية دول «الناتو» الأوروبية (260 مليار دولار)؟
قد تُصاب الدول الأوروبية التي تميل إلى اتباع هذا المسار بخيبة أمل سريعاً. إذا كان بايدن أقل قسوة تجاههم من ترمب، واعتمد سياسة أقل أحادية، فمن غير المرجح أن يتحول إلى التعددية كما يمارسها ويتمنّاها الأوروبيون.
لن تختفي الخلافات التجارية بين ضفتي الأطلسي، كما لن يتنازل الأميركيون عن تطبيق قوانينهم خارج الحدود الإقليمية، علما أن الأوروبيين يعتبرون ذلك بحقّ تقويضاً لسيادتهم.
إلى ذلك، فإن دول الاتحاد الأوروبي قلقة بشكل متزايد بشأن دور وأهمية الشركات الرقمية الأميركية. ومن شأن خطط المفوضية الأوروبية تجاه هذه الشركات (من فرض ضرائب وحماية البيانات) أن تخلق توترات مع واشنطن.
وفوق كل شيء، هناك اختلاف استراتيجي بين القارتين. فالأولوية الاستراتيجية للولايات المتحدة أصبحت اليوم هي آسيا، ويمكن لبايدن العودة إلى مفهوم «المحور الآسيوي» الذي طوره باراك أوباما.
وفي هذا السياق، لم تعد أوروبا أولوية قصوى، وقد لا ترضى بأن تصبح تابعاً للولايات المتحدة في مواجهة مع الصين.
العلاقات الأوروبية - الأميركية تتحسن مع بايدن، لكنها لن تصبح شاعرية رغم ذلك.
في عام 2009، ارتاح الأوروبيون لمغادرة جورج بوش البيت الأبيض ومجيء باراك أوباما. ومع ذلك، فإن الأخير لم يضع حداً لكل «سوء التفاهمات عبر الأطلسي». قد يعيد التاريخ نفسه مع بايدن.

- مدير المعهد الفرنسي للشؤون الدولية والاستراتيجية



«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
TT

«الجمعية العامة» تطالب بأغلبية ساحقة بوقف فوري لإطلاق النار في غزة

من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)
من عملية تصويت للجمعية العامة للأمم المتحدة (أرشيفية - إ.ب.أ)

دعت الجمعية العامة للأمم المتحدة في قرار غير ملزم صدر بغالبية ساحقة وصوّتت ضدّه خصوصا الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقف فوري وغير مشروط لإطلاق النار في قطاع غزة.

والقرار الذي صدر بغالبية 158 دولة مؤيدة في مقابل 9 دول صوّتت ضدّه و13 دولة امتنعت عن التصويت، يدعو إلى "وقف لإطلاق النار فوري وغير مشروط ودائم" وكذلك أيضا إلى "الإفراج الفوري وغير المشروط عن جميع الرهائن"، وهي صيغة مشابهة لتلك التي وردت في مشروع قرار استخدمت ضدّه واشنطن في نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الفيتو في مجلس الأمن الدولي.

واستخدمت الولايات المتحدة يومها حق النقض لحماية إسرائيل التي تشن منذ أكثر من سنة هجوما عسكريا في قطاع غزة ردا على هجوم غير مسبوق نفذته حركة حماس على جنوب الدولة العبرية. وعطّل الأميركيون في حينها صدور قرار في مجلس الأمن يطالب بوقف إطلاق نار "فوري وغير مشروط ودائم" في غزة، مشترطين من أجل إقرار أي هدنة إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في القطاع منذ هجوم حماس.

وقبيل التصويت على النصّ، قال نائب السفيرة الأميركية في الأمم المتّحدة روبرت وود إنّه سيكون من "المخزي" تبنّي مشروع القرار لأنّه "قد يوجّه إلى حماس رسالة خطرة مفادها أنّ لا حاجة للتفاوض أو لإطلاق سراح الرهائن"، في وقت تحدّثت فيه وزارة الدفاع الإسرائيلية عن "فرصة" لإبرام اتفاق لاستعادة الرهائن.

بدوره قال السفير الإسرائيلي في الأمم المتحدة داني دانون إنّ "تصويت اليوم ليس تصويت رحمة، بل هو تصويت تواطؤ" و"خيانة" و"تخلّ" عن الرهائن المحتجزين في القطاع الفلسطيني.