الاتحاد الأوروبي يدين الاغتيالات ومناخ الخوف في أفغانستان

عناصر من «طالبان» يهجرون السلاح وعمليات الإرهاب

القيادي السابق في «طالبان» حجي لالا قبل انشقاقه عن الحركة (أ.ف.ب)
القيادي السابق في «طالبان» حجي لالا قبل انشقاقه عن الحركة (أ.ف.ب)
TT

الاتحاد الأوروبي يدين الاغتيالات ومناخ الخوف في أفغانستان

القيادي السابق في «طالبان» حجي لالا قبل انشقاقه عن الحركة (أ.ف.ب)
القيادي السابق في «طالبان» حجي لالا قبل انشقاقه عن الحركة (أ.ف.ب)

أدان الاتحاد الأوروبي، أول من أمس، مناخ الخوف الناتج عن عمليات القتل التي تستهدف فاعلين في المجتمع المدني في أفغانستان والسعي لزعزعة استقرار البلاد المنخرطة في مسار لإحلال السلام. وقالت نبيلة مصرالي، المتحدثة باسم وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيب بوريل: «شهدت أفغانستان في الأشهر الأخيرة ارتفاعاً مقلقاً في الهجمات الموجّهة والاغتيالات المنتظمة لصحافيين ومدافعين عن حقوق الإنسان وممثلين للمجتمع المدني وموظفين». وأضافت أن «اغتيال يوسف رشيد، الناشط البارز في المجتمع المدني ومدير (المنتدى من أجل انتخابات حرة ونزيهة في أفغانستان)، تلا اغتيال رحمة الله نكزاد الصحافي ورئيس اتحاد صحافيي غزنة و5 أطباء في الأيام الثلاثة الأخيرة».
وذكّرت بأنه «بين الضحايا الآخرين حديثاً ياما سياواش المذيعة السابقة في تلفزيون (تولو)، ومالالي مايوند الصحافية والناشطة في مجال حقوق المرأة». وتشهد العاصمة الأفغانية وولايات عدة ارتفاعاً في وتيرة العنف منذ أشهر، رغم محادثات السلام بين حركة «طالبان» والحكومة المستمرة في العاصمة القطرية منذ سبتمبر (أيلول) الماضي.
في غضون ذلك، وبعد أكثر من عقد من القتال في صفوف «طالبان» ومطاردته من قبل القوات الأفغانية والأميركية، ترسخت قناعة لدى القيادي السابق في الحركة، حجي لالا، بأن فرصه ضئيلة في العودة إلى بلدته. ويقول حجي لالا، الذي كان مسؤول منطقة لدى الحركة المتمرّدة، إن أجهزة الأمن الباكستانية ألقت القبض عليه ونقلته عبر الحدود حيث اعتُقل لمدة عامين ونصف العام. وأفاد حجي لالا بأنه خضع «لاستجواب من قبل عناصر الأمن الباكستانيين، الذين لطالما دعموا «طالبان»، بشأن جاسوس يعمل ضد المجموعة». وعندما أطلق سراحه، تعهد العنصر البالغ 58 عاماً بترك سنواته عنصراً مسلّحاً خلفه، وإيجاد طريقة للعودة إلى بلدته. وتابع: «سمعتي جيدة الآن في القرية، ولم تعد الشرطة تزعجني. أشعر بأمان تام».
وكانت عودة حجي لالا ممكنة هذا العام بفضل الحماية التي حصل عليها من قائد سابق للشرطة في منطقة بنجواي يدعى سلطان محمد حكيمي. ورغم سفك الدماء الذي كان شاهداً عليه، جعل حكيمي من منح مقاتلي «طالبان» وقيادييها ومسؤوليها السابقين فرصة لإعادة الاندماج في حياة الريف مهمته الشخصية. وقال حكيمي: «دعونا المقاتلين السابقين إلى العودة، وطمأناهم بأنهم لن يضايقهم أحد». وتابع: «أعدنا بناء المزارع التي دُمرت، وحفرنا آباراً لمن ليس لديهم ماء». وحتى مع تقاعده، واصل حكيمي جهوداً أطلقها أول مرة قائد شرطة قندهار السابق الجنرال عبد الرازق؛ المناهض بشدة للمتمرّدين الذي اغتيل في 2018.
وخلال الفترة التي قضاها قائداً لشرطة بنجواي، أطلق حكيمي عمليات تطهير لكل قرية تقريباً في المنطقة من المسلحين المتمردين، مما جعلها من بين أكثر مناطق قندهار أماناً. لكن مع ارتفاع منسوب العنف في أفغانستان، يبدو التقدّم الذي حُقق هشاً؛ إذ استردت «طالبان» الشهر الماضي جزءاً من بنجواي في عملية كبيرة. حكمت «طالبان» أفغانستان من عام 1996 حتى 2001 بقبضة حديدية، حيث طبقت الشريعة من منظور متشدد. وتمكن الجهاديون؛ الذين أُطيح حكمهم بعد هجمات 11 سبتمبر 2001، من تجميع صفوفهم، وأطلقوا عمليات تمرد دامية لا تزال متواصلة.
وفي فبراير (شباط) الماضي، وقّعت «طالبان» اتفاقاً مع واشنطن يمهّد الطريق لانسحاب القوات الأجنبية كافة بحلول مايو (أيار) 2021 وبدء مفاوضات السلام بين المتمرّدين والحكومة الأفغانية في قطر.
وانشق مئات من مقاتلي «طالبان» عن الجماعة، لكن لا يزال لديها آلاف العناصر، وتهيمن على أكثر من نصف الأراضي الأفغانية.
ويشير آندرو واتكنز، من «مجموعة الأزمات الدولية»، إلى أن جهوداً كثيرة سابقة لإعادة دمج مقاتلي «طالبان» فشلت؛ إذ إنها كانت «متقطعة». وقال: «لم يتمكنوا يوماً من إقناع قياديين كبار بجلب كثير من مقاتليهم معهم».
وقاتل القيادي في «طالبان» الملا رؤوف (48 عاماً) على مدى أكثر من نصف حياته قبل أن يعود من باكستان للاستقرار في بنجواي حيث بات يعمل في الزراعة. واختار طريق حجي لالا فاتصل بحكيمي بدلاً من الاستسلام للسلطات رغبة منه في تفادي «أي مشكلات» من قبيل سجنه. وأما حجي أحمد الله خان (53 عاماً) فيعيش حالياً في حي راق في قندهار بعدما تخلى عن حياة التمرد. وقال المقاتل السابق، وهو يشاهد ابنه يتحدث ويضحك مع أحد أبناء حكيمي في منزل الشرطي السابق: «أذهب أينما شئت؛ إلى قريتي أو إلى المدينة، دون أي مشكلات. لا توجد أسلحة أو حراس لديّ الآن».



روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

TT

روته: يجب على «الناتو» تبني «عقلية الحرب» في ضوء الغزو الروسي لأوكرانيا

صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)
صورة التُقطت 4 ديسمبر 2024 في بروكسل ببلجيكا تظهر الأمين العام لحلف «الناتو» مارك روته خلال مؤتمر صحافي (د.ب.أ)

وجّه الأمين العام لحلف شمال الأطلسي (الناتو) مارك روته، الخميس، تحذيراً قوياً بشأن ضرورة «زيادة» الإنفاق الدفاعي، قائلاً إن الدول الأوروبية في حاجة إلى بذل مزيد من الجهود «لمنع الحرب الكبرى التالية» مع تنامي التهديد الروسي، وقال إن الحلف يحتاج إلى التحول إلى «عقلية الحرب» في مواجهة العدوان المتزايد من روسيا والتهديدات الجديدة من الصين.

وقال روته في كلمة ألقاها في بروكسل: «نحن لسنا مستعدين لما ينتظرنا خلال أربع أو خمس سنوات»، مضيفاً: «الخطر يتجه نحونا بسرعة كبيرة»، وفق «وكالة الصحافة الفرنسية».

وتحدّث روته في فعالية نظمها مركز بحثي في بروكسل تهدف إلى إطلاق نقاش حول الاستثمار العسكري.

جنود أميركيون من حلف «الناتو» في منطقة قريبة من أورزيسز في بولندا 13 أبريل 2017 (رويترز)

ويتعين على حلفاء «الناتو» استثمار ما لا يقل عن 2 في المائة من إجمالي ناتجهم المحلي في مجال الدفاع، لكن الأعضاء الأوروبيين وكندا لم يصلوا غالباً في الماضي إلى هذه النسبة.

وقد انتقدت الولايات المتحدة مراراً الحلفاء الذين لم يستثمروا بما يكفي، وهي قضية تم طرحها بشكل خاص خلال الإدارة الأولى للرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب.

وأضاف روته أن الاقتصاد الروسي في «حالة حرب»، مشيراً إلى أنه في عام 2025، سيبلغ إجمالي الإنفاق العسكري 7 - 8 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد - وهو أعلى مستوى له منذ الحرب الباردة.

وبينما أشار روته إلى أن الإنفاق الدفاعي ارتفع عما كان عليه قبل 10 سنوات، عندما تحرك «الناتو» لأول مرة لزيادة الاستثمار بعد ضم روسيا شبه جزيرة القرم من طرف واحد، غير أنه قال إن الحلفاء ما زالوا ينفقون أقل مما كانوا ينفقونه خلال الحرب الباردة، رغم أن المخاطر التي يواجهها حلف شمال الأطلسي هي «بالقدر نفسه من الضخامة إن لم تكن أكبر» (من مرحلة الحرب الباردة). واعتبر أن النسبة الحالية من الإنفاق الدفاعي من الناتج المحلي الإجمالي والتي تبلغ 2 في المائة ليست كافية على الإطلاق.

خلال تحليق لمقاتلات تابعة للـ«ناتو» فوق رومانيا 11 يونيو 2024 (رويترز)

وذكر روته أنه خلال الحرب الباردة مع الاتحاد السوفياتي، أنفق الأوروبيون أكثر من 3 في المائة من ناتجهم المحلي الإجمالي على الدفاع، غير أنه رفض اقتراح هذا الرقم هدفاً جديداً.

وسلَّط روته الضوء على الإنفاق الحكومي الأوروبي الحالي على معاشات التقاعد وأنظمة الرعاية الصحية وخدمات الرعاية الاجتماعية مصدراً محتملاً للتمويل.

واستطرد: «نحن في حاجة إلى جزء صغير من هذه الأموال لجعل دفاعاتنا أقوى بكثير، وللحفاظ على أسلوب حياتنا».