أئمة مصريون وسودانيون يتدربون على قضايا «التجديد»

جمعة ومفرح بحثا في القاهرة مكافحة الأفكار «المتطرفة»

جانب من افتتاح تدريب أئمة مصر والسودان أمس (موقع وزارة الأوقاف الإلكتروني)
جانب من افتتاح تدريب أئمة مصر والسودان أمس (موقع وزارة الأوقاف الإلكتروني)
TT

أئمة مصريون وسودانيون يتدربون على قضايا «التجديد»

جانب من افتتاح تدريب أئمة مصر والسودان أمس (موقع وزارة الأوقاف الإلكتروني)
جانب من افتتاح تدريب أئمة مصر والسودان أمس (موقع وزارة الأوقاف الإلكتروني)

في إطار التعاون المصري - السوداني لمجابهة «التطرف ونشر الفكر الوسطي»، بدأ أئمة من البلدين أمس تدريباً مشتركاً بمقر «أكاديمية الأوقاف الدولية» في مصر، حول قضايا «تجديد الخطاب الديني، ومواجهة الأفكار المتطرفة». كما يشمل التدريب الذي يستمر أسبوعين، عدداً من ورش العمل المشتركة بين الجانبين. في حين بحث الدكتور محمد مختار جمعة، وزير الأوقاف المصري، والشيخ نصر الدين مفرح، وزير الشؤون الدينية والأوقاف بالسودان «دعم سبل التعاون، والتنسيق لنشر الفكر الوسطي المستنير، ودحض وتفنيد الفكر المتطرف».
وافتتح الوزيران جمعة ومفرح فعاليات تدريب أئمة مصر والسودان، أمس، بحضور محمد إلياس، سفير السودان في القاهرة، والدكتور عبد الرحيم علي، رئيس مجمع الفقه الإسلامي بالسودان، والدكتور عادل حسن، الأمين العام لمجمع الفقه الإسلامي بالسودان، وعبد العاطي أحمد عباس، الأمين العام لديوان الأوقاف في السودان.
وأكد الوزير المصري الدكتور جمعة «تطابق الرؤى الفكرية والثقافية، وقضايا التجديد بين مصر والسودان»، لافتاً إلى أن «التدريب في أكاديمية الأوقاف الدولية يقوم على النهوض بفكر الإمام ثقافياً وفكرياً»، مؤكداً أن «دورنا كعلماء عمارة الدنيا بالدين، وليس تخريب الدنيا بالدين. فقد علّمنا ديننا الحنيف أن نفهم الأمور فهماً صحيحاً؛ لأن الإسلام هو فن صناعة الحياة، وليس صناعة الموت».
وأضاف جمعة موضحاً، أن «كل ما يدعو للبناء والتعمير، وسعادة البشرية يتفق مع مقاصد الأديان، وكل ما يدعو إلى الهدم والتخريب والفساد والإفساد لا يصادف صحيح الأديان، وهذا هو دور التنظيمات السرية، التي لا تعمل إلا في السر والخفاء. فمثل هذه الجماعات المتطرفة خطر على الدين والدولة معاً».
من جهته، قال الوزير السوداني الشيخ مفرح، إن «دورنا هو تعزيز المشتركات بين مصر والسودان، والهدف من هذه الزيارة، هو تعزيز هذه المشتركات، وتعزيز أوجه التعاون بين وزارتي الأوقاف في البلدين الشقيقين»، مؤكداً أن هذا التدريب «يسهم في رفع ثقافة الداعية ودرايته بثقافة العصر؛ لأن الدين الإسلامي مبني على الحجة والدراية والإقناع. فنحن نسعى لإيجاد خطاب دعوي مؤثر، وهذا لا يتحقق إلا عن طريق العلم والدراية، وعلينا جميعاً أن نلتزم بمبدأ الوسطية، التي هي أخص خصائص الإسلام»، مضيفاً «نحن ننشد في هذا التدريب مواجهة خطاب التكفير والتشدد، الذي تدعو إليه الجماعات المتطرفة والذي لا أصل له في الدين»، مشيراً في هذا السياق إلى أن «مبدأ الحريات الدينية والحريات العامة مكفولة في إطار المواطنة المتكافئة».
في حين أكد السفير السوداني في القاهرة، أن «العلاقة السودانية - المصرية فريدة في نوعها، وذات خصائص قوية ومتميزة، والبلدان قادران على بناء كتلة لا شبيه لها، تسهم في تحقيق الأمن والرخاء والاستقرار للبلدين».
وثمّن المشاركون في التدريب من أئمة البلدين «دور مصر والسودان في مواجهة الأفكار المتطرفة، التي تطلقها الجماعات المشددة لاستقطاب الشباب». وكانت «الأوقاف المصرية» قد أطلقت في يناير (كانون الثاني) عام 2019 أكاديمية لـ«تدريب وتأهيل الأئمة وإعداد المدربين» من داخل مصر وخارجها. وأكدت «الأوقاف» حينها، أن «الأكاديمية ترجمة عملية لتكوين رجل الدين المثقف المستنير».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».