خامنئي لا يثق ببايدن... وروحاني «سعيد» لرحيل ترمب

المرشد الإيراني ظهر علناً للمرة الأولى منذ أسابيع

المرشد الإيراني علي خامنئي يصغي إلى قائد «الحرس» حسين سلامي... ويبدو رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف على يساره في طهران، أمس (إ.ب.أ)
المرشد الإيراني علي خامنئي يصغي إلى قائد «الحرس» حسين سلامي... ويبدو رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف على يساره في طهران، أمس (إ.ب.أ)
TT

خامنئي لا يثق ببايدن... وروحاني «سعيد» لرحيل ترمب

المرشد الإيراني علي خامنئي يصغي إلى قائد «الحرس» حسين سلامي... ويبدو رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف على يساره في طهران، أمس (إ.ب.أ)
المرشد الإيراني علي خامنئي يصغي إلى قائد «الحرس» حسين سلامي... ويبدو رئيس البرلمان محمد باقر قاليباف على يساره في طهران، أمس (إ.ب.أ)

في أول ظهور علني له منذ أسابيع، أبدى «المرشد» الإيراني علي خامنئي، تحفظاً ضمنياً على رسائل وجّهها الرئيس حسن روحاني إلى الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن بشأن رفع العقوبات، إذ كرر رفضه «الوثوق» بواشنطن، معتبراً أن «العداء» الأميركي لبلاده سيستمر حتى بعد خروج الرئيس المنتهية ولايته، دونالد ترمب.
وكرر خامنئي «أهمية تحييد العقوبات» محلياً. وقال تحديداً إن «رفع العقوبات هو بين يدي الأعداء، لكن تحييدها يعود لنا». وأضاف: «لذا، علينا التركيز على تحييد العقوبات أكثر من التفكير برفعها»، غير أنه عاد للقول: «بالطبع، أنا لا أقول إنه لا يجدر بنا العمل من أجل رفع العقوبات، وفي حال كان في إمكاننا ذلك، لا يجب أن نؤخره ولو لساعة واحدة». وأضاف: «لا تعتمدوا على وعود (الآخرين) لحل مشكلات الشعب، ولا تنسوا العداوات»، مؤكداً: «سأدعم سلطات البلاد بشرط أن تبقى وفية لأهداف الأمة».
وقبل ذلك بيومين، وجّه الرئيس حسن روحاني، خلال مؤتمر صحافي، رسائل إلى خصومه في الداخل بأنه لن يسمح بعرقلة رفع العقوبات الأميركية.
واجتمع خامنئي، أمس، مع القائمين على مراسم لإحياء الذكرى الأولى لمقتل قائد فيلق «القدس»، قاسم سليماني، في بغداد مطلع العام الحالي، وهي أول مناسبة عامة يظهر فيها منذ أن ترددت شائعات عن تدهور صحته في بداية ديسمبر (كانون الأول).
ونقلت «رويترز» عن تصريحات لخامنئي نقلها التلفزيون الرسمي: «أوصي بشدة بعدم الوثوق في العدو». وأضاف: «العداء (لإيران) ليس مقتصراً فقط على أميركا (في عهد) ترمب، ولن يتوقف عندما يرحل، فقد ارتكبت أميركا (في عهد باراك) أوباما أيضاً أشياء سيئة... بحق الشعب الإيراني».
وكان بايدن نائباً لأوباما الذي قادت إدارته عقوبات دولية أجبرت إيران على العودة لطاولة المفاوضات النووية في 2013.
وفي وقت سابق، قال الرئيس الإيراني حسن روحاني، في وقت سابق، إنه سعيد لأن ترمب سيترك المنصب، واصفاً إياه بأنه «أكثر الرؤساء الأميركيين خروجاً عن القانون». وكثف روحاني خلال الأيام القليلة الماضية من الرسائل الموجهة للإدارة الجديدة حول جاهزية بلاده للعودة عن انتهاك بنود الاتفاق النووي، مقابل عودة الولايات المتحدة للاتفاق ورفع العقوبات الأميركية.
غير أن روحاني حاول أن ينأى بنفسه عن ارتياح لبايدن، وقال في كلمة للحكومة نقلها التلفزيون: «لم تغمرنا الفرحة بقدوم السيد بايدن، لكننا سعداء برحيل ترمب... بأن مثل هذا الإرهابي القاتل الذي يفتقر إلى الرحمة حتى فيما يتعلق بلقاحات فيروس كورونا سيرحل».
ويأتي عقد الاجتماع بعد شائعات على وسائل التواصل الاجتماعي هذا الشهر، أشارت إلى أن الحالة الصحية لخامنئي البالغ من العمر 81 عاماً تتدهور.
ونشر عدد من المؤسسات الإخبارية «شائعات» قالت إن خامنئي أوكل بعض مهامه لنجله لأسباب صحية. وذكر عضو في مكتبه الأسبوع الماضي أنه «في صحة جيدة».
والحالة الصحية لخامنئي الذي يتولى منصب «المرشد» منذ عام 1989. وهوية خليفته المحتمل، موضع تكهنات منذ سنوات.
وقبل ظهور تغريدات عن تدهور صحة خامنئي بأيام، كانت إذاعة «بيام» الإسرائيلية، الناطقة بالفارسية، قد نقلت، في 30 نوفمبر (تشرين الثاني)، عن «أوساط مطلعة على الشؤون الداخلية الإيرانية» أن مكتب «المرشد» الإيراني أمر بإعادة النظر في جميع أجهزة الاستخبارات الإيرانية، على رأسها فريق الحماية لخامنئي لـ«سد الثغرات» الأمنية، على خلفية مقتل نائب وزير الدفاع الإيراني، محسن فخري زاده، الذي ارتبط اسمه بالبرنامج النووي الإيراني.
ونسبت الإذاعة إلى المصادر المطلعة أن مجتبى خامنئي، النجل المتنفذ للمرشد الإيراني، عقد اجتماعات مع كبار قادة «الحرس الثوري» والجيش والأجهزة الأمنية.
وخلال السنوات الماضية، ربطت تقارير بين خلافة خامنئي، ونجله مجتبى، إضافة إلى إبراهيم رئيسي، رئيس القضاء، وحسن الخميني، حفيد الخميني، والرئيس حسن روحاني، ورئيس مجلس تشخيص مصلحة النظام، صادق لاريجاني.
وأشارت المصادر إلى تبادل اتهامات بين وزارة الاستخبارات وجهاز استخبارات «الحرس الثوري»، حول مسؤولية الهجوم، عبر تضارب روايات حول الحادث.



فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
TT

فرنسا متأرجحة نحو التغييرات السورية... إقدام أم تروٍّ؟

الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون متحدثاً في مؤتمر صحافي مشترك في وارسو مع رئيس الوزراء البولندي دونالد تاسك بمناسبة زيارة رسمية الخميس (د.ب.أ)

لا تشذ فرنسا في مقاربتها للملف السوري عن غيرها من الدول الأوروبية وغير الأوروبية وتتأرجح مواقفها بين الرغبة في الإقدام على الدخول بتفاصيله، والتروي بانتظار أن يتضح المشهد السوري وما تريده السلطة الجديدة وعلى رأسها «هيئة تحرير الشام» بقيادة أحمد الشرع (المكنى سابقاً أبو محمد الجولاني).

كذلك تريد باريس تنسيق مواقفها وخطواتها مع شريكاتها في الاتحاد الأوروبي رغم أن الدول المعنية ليست كلها منخرطة في الملف السوري بمقدار انخراط باريس أو برلين أو مدريد، وأفادت الخارجية الفرنسية بأن الملف السوري سيكون موضع مناقشات بين وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي يوم الاثنين المقبل.

ما تقوله المصادر الفرنسية، يُبين أن باريس، كغيرها من العواصم، «فوجئت» بسرعة انهيار النظام الذي تصفه بأنه «نظام قاتل» مسؤول عن وفاة 400 ألف شخص وكل يوم يمر يكشف عن المزيد من «فظاعاته»، فضلاً عن أنه أساء دوماً للمصالح الفرنسية خصوصاً في لبنان، ولم يحارب الإرهاب بل «شجعه» كما دفع ملايين السوريين إلى الخارج.

وتعدّ فرنسا أن سقوط نظام بشار الأسد شكل «مفاجأة»؛ إلا أنه شكل «بارقة أمل» للسوريين في الداخل والخارج، ولكنها مُكَبّلة بعدد كبير من التحديات والمخاطر؛ منها الخوف من «تمزق» سوريا، وأن تمر بالمراحل التي مر بها العراق وليبيا سابقاً، وأن تشتعل فيها حرب طائفية ونزاعات مناطقية وتنشط مجموعات «إسلاموية وجهادية»، وتدخلات خارجية، وأن تنتقل العدوى إلى لبنان كما حصل في السنوات 2015 و2016.

ملاحظات باريسية

وإزاء مفردات خطاب «معتدلة» تصدر عن أحمد الشرع والهيئة التي يرأسها وعلى ضوء صورة الحكومة الانتقالية التي رأت النور برئاسة محمد البشير، تتوقف باريس عند عدة ملاحظات: الأولى، اعتبار أن ما جرى «يفتح صفحة جديدة»، وأن الهيئة المذكورة لم ترتكب تجاوزات كبرى واعتمدت حتى اليوم خطاباً «معتدلاً» ووفرت ضمانات «كلامية»؛ إلا أن ما يهم فرنسا، بالدرجة الأولى، «الأفعال وليست الأقوال».

وما تريده باريس عميلة انتقال سلمي للسلطة وأن تضم جميع المكونات وأن تحترم الحقوق الأساسية للمواطنين والأديان والطوائف، وأحد معاييرها أيضاً احترام وضع النساء وحقوقهن، كذلك، فإن باريس ستعمل لأجل هذه الأهداف مع الشركاء العرب وأيضاً مع تركيا وإسرائيل.

بيد أن فرنسا لا تريد لا الإسراع ولا التسرع، وإن كانت تتأهب لإرسال مبعوث إلى سوريا يرجح أن يكون الدبلوماسي جان فرنسوا غيوم، لكنها تستبعد الاعتراف السريع بالسلطات الجديدة.

وأكدت وزارة الخارجية الفرنسية في بيان صادر عنها الخميس أن باريس ترى أنه «من السابق لأوانه في هذه المرحلة مناقشة رفع العقوبات المفروضة» على سوريا.

وكان وزير الخارجية المستقيل، جان نويل بارو، قد أجرى محادثات مع بدر جاموس، رئيس لجنة المفوضات السورية ومع ممثلين عن المجتمع المدني.

وقال بيان رسمي إن بارو ومحدثيه «عبروا عن الالتزام بتحقيق انتقال سياسي سلمي يشمل الجميع ويتماشى مع القرار 2254 الصادر عن الأمم المتحدة، يحمي المدنيين والحقوق الأساسية والأقليات».

كذلك أشار إلى «الاتفاق على أهمية الحفاظ على مؤسسات الدولة واحترام سيادة سوريا وسلامة أراضيها»، فضلاً عن «الإعراب عن قلقهم إزاء مخاطر التشرذم وانعدام الاستقرار والتطرّف والإرهاب، وضرورة استنفار الطاقات السورية والدولية من أجل تحاشيها».

اللاجئون

أما بالنسبة لملف عودة اللاجئين السوريين إلى بلادهم، فإن باريس تقول إنها ليست من يقول لهؤلاء بالعودة أو بالامتناع عنها. إلا أنها بالمقابل تعدّ الشروط الضرورية لعودتهم مثل الأمن والعودة الكريمة «ليست متوافرة» رغم سقوط النظام القديم وقيام نظام جديد.

وتتوافق المواقف الفرنسية مع تلك التي صدرت عن مجموعة السبع، الخميس، التي أبدت الاستعداد لدعم عملية انتقالية في إطار يؤدي إلى حكم موثوق وشامل وغير طائفي في سوريا، مذكرة بأن العملية الانتقالية يجب أن تتسم بـ«احترام سيادة القانون وحقوق الإنسان العالمية، بما في ذلك حقوق المرأة، وحماية جميع السوريين، بمن في ذلك الأقليات الدينية والعرقية، والشفافية والمساءلة».

لاجئون سوريون في تركيا يسيرون نحو المعبر الحدودي بعد الإطاحة بنظام بشار الأسد (د.ب.أ)

وضمن هذه الشروط، فإن مجموعة السبع ستعمل مع أي حكومة سورية مستقبلية تلتزم بهذه المعايير وتكون نتاج هذه العملية وتدعمها بشكل كامل.

وبينما تقضم إسرائيل أراضي سورية، وتدفع تركيا بالقوات التي ترعاها في الشمال الشرقي إلى مهاجمة مواقع «قسد»، فإن مجموعة السبع دعت «الأطراف كافة» إلى الحفاظ على سلامة أراضي سوريا ووحدتها الوطنية واحترام استقلالها وسيادتها.

ومن جانب آخر، وفي الكلمة التي ألقتها بعد ظهر الخميس بمناسبة «القمة الاقتصادية الخامسة لفرنسا والدول العربية» التي التأمت في باريس، عدّت آن غريو، مديرة إدارة الشرق الأوسط والمغرب العربي في الخارجية الفرنسية، أن الوضع اليوم في المنطقة «بالغ التعقيد» في قراءتها للتطورات الأخيرة في سوريا وللوضع في الشرق الأوسط، وأن المنطقة «تشهد تحركات تكتونية» (أي شبيهة بالزلازل).

وتعتقد غريو أن هناك «حقيقتين» يتعين التوقف عندهما بشأن سوريا: الأولى عنوانها «انعدام اليقين»، والعجز عن توقع التبعات المترتبة على هذه التطورات ليس فقط في المنطقة ولكن أيضاً في الجوار الأوروبي، إذ إن المنطقة «تسير في أرض مجهولة» وتشهد تغيرات جيوسياسية رئيسية.

و«الحقيقة» الثانية عنوانها السرعة الاستثنائية التي تحصل فيها هذه التغيرات، مشيرة إلى أنه في عام واحد حصلت حرب غزة وحرب لبنان والحرب بين إسرائيل وإيران وانهيار النظام السوري، وهي تطورات غير مسبوقة، لا في أهميتها وتبعاتها ولا في زمنيتها.