«إجهاض» لائحة برلمانية في تونس تندد بالإرهاب وتدعو إلى تجفيف منابعه

ناشطون يشاركون في احتجاج أمام مقر البرلمان في العاصمة التونسية في 8 أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
ناشطون يشاركون في احتجاج أمام مقر البرلمان في العاصمة التونسية في 8 أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
TT

«إجهاض» لائحة برلمانية في تونس تندد بالإرهاب وتدعو إلى تجفيف منابعه

ناشطون يشاركون في احتجاج أمام مقر البرلمان في العاصمة التونسية في 8 أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)
ناشطون يشاركون في احتجاج أمام مقر البرلمان في العاصمة التونسية في 8 أكتوبر الماضي (إ.ب.أ)

قال عماد الخميري، رئيس كتلة «حركة النهضة» بالبرلمان التونسي، إن مقاطعة النواب للجلسة العامة المخصصة لمناقشة لائحة تقدمت بها كتلة «الحزب الدستوري الحر» المعارض، وتطالب فيها البرلمان بإصدار بيان يندد بـ«تبييض» صفحة الإرهاب ويدعو الحكومة التونسية إلى تجفيف منابعه وتفكيك منظومة تمويله، قد أنهى «عبث» استخدام اللوائح البرلمانية في غير مقاصدها ومضامينها، بحسب رأيه.
ورفعت رئاسة البرلمان التونسي الجلسة نتيجة عدم توافر النصاب القانوني لعقدها، وهو ما جعل ممثلي «حركة النهضة» بالبرلمان يطالبون بتعديل الفصل 141 من النظام الداخلي للمجلس من أجل أن يصبح استخدام اللائحة ضمن أغلبية لا تقل عن ثلث أعضاء البرلمان. وقال عماد الخميري، رئيس كتلة «النهضة»، في تصريح إعلامي، إن حزبه طالب بـ«تعليق العمل بالفصل 141 من النظام الداخلي للبرلمان»، متهماً عبير موسي، رئيسة كتلة «الحزب الدستوري»، بسوء استخدام هذا الفصل، قائلاً إنها «عملت طوال المدة النيابية على قطع الجلسة العامة بالبرلمان بلوائح لا تمت بصلة للأولويات الاقتصادية والاجتماعية للشعب التونسي، ولا تجمّع نواب الشعب».
وأضاف الخميري، في السياق ذاته، أن البرلمان التونسي وخلال الفترة النيابية السابقة الممتدة من 2014 إلى 2019، لم يصادق إلا على لائحة وحيدة كانت حول فلسطين.
وفي رد فعلها عما حصل داخل البرلمان التونسي، قالت عبير موسي إن إلغاء الجلسة العامة المخصّصة للنظر في مشروع لائحة تهدف لإصدار البرلمان تنديداً بتبييض الإرهاب ودعوة الحكومة لتجفيف منابعه وتفكيك منظومة تمويله «يعد منعرجاً في تاريخ تونس». واتهمت الائتلاف الحاكم و«الكتلة الديمقراطية» المعارضة بـ«الهروب» من مناقشة موضوع يتعلق بإصدار موقف مندد بالإرهاب ومطالب بتجفيف منابعه وتفكيك منظومة تمويله، مهددة باللجوء إلى خطوات تصعيدية وتوسيع دائرة التحركات الاحتجاجية.
ويتضمن نص اللائحة البرلمانية التي تقدم بها «الحزب الدستوري الحر»، دعوة الحكومة إلى القيام بإجراءات لحل التنظيمات السياسية والجمعياتية الداعمة للعنف والفكر الظلامي والخطاب التكفيري المتطرف، إلى جانب مطالبة البنك المركزي التونسي بتشديد الرقابة على مصادر التمويل الخارجي للجمعيات، وكشف شبكات التمويل الأجنبي للأحزاب وإحالتها على القضاء التونسي. وفسر «الحزب الدستوري الحر» المعارض سبب دعوته لإصدار هذه اللائحة بتنامي عدد العمليات الإرهابية، و«تفشي الفكر الظلامي المتطرف»، وتعدد «منابر نشر الخطاب التحريضي والتكفيري من خلال جمعيات أخطبوطية ناشطة عبر العالم»، إلى جانب مجاهرة عدد من النواب والسياسيين بالدفاع عن مرتكبي العمليات الإرهابية ومحاولة «تبييض» هذه العمليات وتبرير ارتكابها بكل الطرق، علاوة على «مخاطر كل الممارسات الرامية لتوفير حاضنة سياسية وشعبية للإرهاب».
على صعيد آخر، أعلن «ائتلاف صمود»، وهو ائتلاف مستقل، مبادرة وطنية أمس تحت عنوان «نداء من أجل المؤتمر الوطني الشعبي للإنقاذ». وأكد هذا الائتلاف استعداد عدد من الشخصيات الوطنية وممثلين عن منظمات المجتمع المدني والمناطق التي تعرف موجة من الاحتجاجات الاجتماعية، للمشاركة في هذا المؤتمر المعلن عنه في العاصمة التونسية.
وفي هذا الشأن، قال حسام الحامي، المنسق العام لائتلاف «صمود»، لـ«الشرق الأوسط»، إن الأطراف الداعمة لهذه المبادرة قدمت خلال مؤتمر صحافي في تونس آليات هذه المبادرة الوطنية، وأفصحت عن أهدافها من أجل «إنجاح المسار الديمقراطي». وأضاف أنها طرحت مختلف الإشكاليات الاجتماعية والاقتصادية، ودعت أهم الفاعلين والخبراء للتفاعل من أجل «إصلاح منظومة الحكم» و«تطوير منوال التنمية» في تونس.
وكان المشهد السياسي التونسي قد شهد مجموعة من المبادرات السياسية الداعية لحوار سياسي واجتماعي للخروج من الأزمة التي تعرفها البلاد. وتم الإعلان أول من أمس عن مبادرة سياسية جديدة تحت اسم «الراية الوطنية» شعارها «إرادة... قوة... إنجاز» ورمزها «طائر النسر» وهي تضم عدداً من الشخصيات السياسية من مختلف الأطياف من ضمنهم شخصيات من حزب «التجمع الدستوري الديمقراطي» المنحل (حزب الرئيس الراحل زين العابدين بن علي). وتهدف هذه المبادرة، وفق مبروك كرشيد العضو المؤسس لهذه المبادرة، إلى إعادة إنتاج عملية سياسية إيجابية تخلق التوازن مع الإسلام السياسي. وتضم المبادرة عدة وجوه سياسية من بينها شخصيات تجمعية على غرار عزيزة حتيرة وعياض الودرني ورفيق الشلي، إضافة إلى النواب في البرلمان الحالي مبروك كرشيد والعياشي زمالي ورابح الخرايفي.
وبشأن علاقة مبادرة «الراية الوطنية» بمنظومة الحكم الحالي، أكد مؤسسو المبادرة استعدادهم للتنسيق مع بعض الأحزاب التي يشتركون معها في بعض السياسات التي لا تحتكم إلى مرجعية آيديولوجية، وأشاروا إلى وجود خصوم سياسيين سيتم «فضح خطورة ما يفعلونه في تونس».
ويرى مراقبون أن مختلف هذه المبادرات السياسية بما فيها مبادرة اتحاد الشغل (نقابة العمال) التي دعت إلى تشكيل هيئة حكماء يشرف عليها الرئيس التونسي قيس سعيد، تهدف بالخصوص إلى «التخلص من منظومة الحكم الحالية» باعتبار أنها فشلت في إدارة الأزمات السياسية والاجتماعية التي تعصف بتونس.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.