تركيا: العقوبات الأميركية بسبب «إس 400» خطوة في «طريق مسدود»

الإجراء ينذر بتردي العلاقات بين واشنطن وأنقرة قبل أسابيع من تسلم بايدن الحكم

طائرة روسية تحمل أجزاء من النظام الصاروخي {إس 400» تفرغ حمولتها في مطار عسكري قرب أنقرة أغسطس 2019 (أ.ب)
طائرة روسية تحمل أجزاء من النظام الصاروخي {إس 400» تفرغ حمولتها في مطار عسكري قرب أنقرة أغسطس 2019 (أ.ب)
TT

تركيا: العقوبات الأميركية بسبب «إس 400» خطوة في «طريق مسدود»

طائرة روسية تحمل أجزاء من النظام الصاروخي {إس 400» تفرغ حمولتها في مطار عسكري قرب أنقرة أغسطس 2019 (أ.ب)
طائرة روسية تحمل أجزاء من النظام الصاروخي {إس 400» تفرغ حمولتها في مطار عسكري قرب أنقرة أغسطس 2019 (أ.ب)

بعد عام ونصف العام من حصول تركيا على منظومة «إس 400» للدفاع الصاروخي الروسية الصنع، اتخذ الرئيس الأميركي المنتهية ولايته دونالد ترمب قراراً بفرض عقوبات على أنقرة لمضيها في هذه الصفقة مع موسكو على الرغم من المحاذير الموجودة في قوانين الولايات المتحدة، مما ينذر بتدهور في العلاقات بين البلدين قبل أسابيع قليلة من تسلم الرئيس المنتخب جو بايدن مهماته في البيت الأبيض.
من جانبها، قللت تركيا من شأن القرار الأميركي بفرض عقوبات عليها بموجب قانون «مكافحة أعداء أميركا بالعقوبات» (كاتسا) بسبب شرائها منظومة الدفاع الجوي الصاروخي الروسية «إس 400» واعتبرته «خطأ جسيما» سيتم الرد عليه وخطوة في طريق مسدود لن تثنيها عن المضي قدما في تطوير صناعاتها الدفاعية.
واعتبرت وزارة الدفاع التركية أن اختيار الولايات المتحدة للعقوبات بدلاً من مناقشة حل المشكلة بخصوص منظومة «إس 400» خطوة نحو طريق مسدود وليس حلاً.
ونددت الوزارة، في بيان أمس (الثلاثاء)، بالقرار الأميركي، قائلة: «ندين قرار العقوبات الأميركي الذي لا ينسجم مع التحالف والحقائق العسكرية والسياسية الموجودة وأمن تحالف حلف شمال الأطلسي (ناتو)، بسبب تزودنا بنظام الدفاع الجوي الصاروخي طويل المدى (إس 400)، ومن الواضح أن فرض عقوبات على دولة عضو في الناتو من شأنه أن يقوض الثقة بين الحلفاء، علاوة على الإضرار بروح التحالف».
ولفت البيان إلى أن تركيا، الواقعة تحت تهديد جوي وصاروخي خطير، اتخذت وستتخذ جميع التدابير المطلوبة من أجل أمنها وأمن مواطنيها، البالغ عددهم 83 مليوناً، بما فيها الدفاع الجوي والصاروخي، و«أثناء القيام بذلك، فإننا نفي بالتزاماتنا وتعهداتنا بالكامل حيال جميع حلفائنا، على رأسهم الناتو، ومن حقنا أن نتوقع من حلفائنا أن يروا ويدركوا الاحتياجات الأمنية لتركيا وشعبها، وأن حصول تركيا على منظومة (إس 400) ضرورة ولا يعد خيارا، كما أعلنت مرارا».
وأشار البيان إلى أن أنقرة أبلغت حلفاءها بأن منظومة «إس 400» لن يتم إدماجها بأنظمة الناتو أو الأنظمة الوطنية المرتبطة بالناتو، وستستخدم مثل الأنظمة روسية المنشأ الموجودة في بلدان الحلف الأخرى، مضيفا أن مقترح تركيا لا يزال مطروحاً حول بحث تأثير منظومة «إس 400» ومقاتلات «إف - 35» على بعضهما البعض وذلك ضمن مجموعة عمل بمشاركة حلف الناتو، إذا لزم الأمر.
من جانبه، قال وزير الدفاع التركي خلوصي أكار، في تصريح أمس، إن قرار العقوبات هز جميع قيم التحالف بين البلدين، مضيفا «ندين القرار الذي لا ينسجم مع روح التحالف والحقائق العسكرية والسياسية... ونتخذ كل التدابير الضرورية من أجل أمن مواطنينا وبلدنا الواقع تحت تهديد جوي وصاروخي خطير».
القرار الأميركي
وكانت الولايات المتحدة قد أعلنت، ليل الاثنين - الثلاثاء، فرض عقوبات على أنقرة على خلفية شرائها واختبارها منظومة صواريخ «إس 400» الروسية للدفاع الجوي بموجب قانون «كاتسا» الذي أقر في عام 2017 ويسمح للرئيس الأميركي باختيار 5 من بين 12 عقوبة على الدول التي تتعامل في صفقات السلاح مع روسيا. وأفادت وزارة الخزانة الأميركية، في بيان، بإدراج مستشار الصناعات الدفاعية بالرئاسة التركية برئاسة الجمهورية التركية، إسماعيل دمير، وكل من مسؤولي المستشارية مصطفى ألبر دنيز، وسرهات غانش أوغلو، وفاروق ييغيت، في قائمة العقوبات.
وتضمنت العقوبات تعليق مشاركة تركيا وإخراجها من برنامج تصنيع وتطوير مقاتلات «إف - 35» تحت إشراف الناتو، وحظر شهادات التصدير والتراخيص الأميركية لأي سلع أو تكنولوجيا، وفرض حظر على أي قروض من المؤسسات المالية الأميركية لأكثر من 10 ملايين دولار، وحظر على قروض بنك الاستيراد والتصدير الأميركي. وفرض قيود على تأشيرات الدخول على مستشار الصناعات الدفاعية الرئاسية التركية، إسماعيل دمير، وثلاثة مسؤولين آخرين في المنظمة، فضلاً عن إدراج الأربعة على لائحة العقوبات من قبل وزارة الخزانة وتجميد أي أصول لهم في الولايات المتحدة.
ودعا وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، تركيا إلى حل مشكلة صواريخ «إس 400» في أسرع وقت ممكن بالتنسيق مع واشنطن، بعد فرض الولايات المتحدة عقوبات عليها. وقال إن الولايات المتحدة الأميركية حذرت تركيا وفي مناسبات عديدة من أن استخدامها «إس 400» من شأنه أن يعرض تكنولوجيا الجيش الأميركي وأفراده للخطر، ويوفر أموالا إضافية للصناعات الدفاعية الروسية، إضافة إلى وصول روسيا إلى القوات المسلحة التركية وصناعاتها الدفاعية، ورغم ذلك عزمت تركيا على شراء واختبار هذه المنظومة، رغم وجود بدائل لهذه المنظومة.
تطوير الصناعات الدفاعية
وأعلنت تركيا رفضها وإدانتها لقرار الولايات المتحدة، معتبرة الخطوة «خطأ جسيما»، بحسب ما جاء في بيان لوزارة الخارجية التركية، قالت فيه: «ندين ونرفض قرار العقوبات أحادي الجانب الذي أعلنته الولايات المتحدة اليوم (أول من أمس الاثنين)، ضد تركيا بسبب تزودنا بمنظومات ( إس 400) للدفاع الجوي، لأنه عمل يخلو من كافة أشكال التعقل... وندعو الولايات المتحدة إلى إعادة النظر في قرار العقوبات الجائر والرجوع عن هذا الخطأ الجسيم». ولفتت الخارجية إلى أن الجميع يعلم الأسباب التي دفعت تركيا لشراء منظومات «إس 400»، وأن الرئيس الأميركي دونالد ترمب أقر في أكثر من مناسبة بأن تركيا كانت محقة بهذا الموضوع.
وأكدت تركيا أنها لن تمتنع عن اتخاذ التدابير التي تراها ضرورية لحماية أمنها القومي، معتبرة الادعاءات الأميركية بأن صواريخ «إس 400» ستتسبب بضعف في منظومات الناتو تفتقر للأساس الفني. ولفتت إلى أنها اقترحت مرارا تشكيل مجموعة عمل فنية حول الموضوع بمشاركة الناتو، لتناول الأمر بشكل موضوعي بعيدا عن الأحكام السياسية المسبقة، بينما لم تتجاوب واشنطن مع هذا المقترح الرامي لحل هذا الخلاف عبر الحوار والدبلوماسية بما يليق بدولتين حليفتين.
وبدوره، أكد مستشار الصناعات الدفاعية بالرئاسة التركية، إسماعيل دمير، عزمهم على مواصلة الطريق بتطوير الصناعات الدفاعية المحلية، رغم العقوبات الأميركية. وقال دمير، في تصريحات من داخل البرلمان التركي أمس: «ننتظر أن تبقى هذه العقوبات في إطارها المحدد، وأن لا تؤثر على العلاقات بين البلدين... تربطنا مع أميركا علاقة تحالف، نحن حلفاء في الناتو، كما يقولون هم، تربطنا علاقات على مختلف الأصعدة، وجميعنا يرغب باستمرار هذه العلاقات... من جهتنا سنواصل تطوير الصناعات المحلية، وربما بوتيرة أسرع».
وأكد نائب الرئيس التركي فؤاد أوكتاي، أنه لا يمكن لعقوبات أي بلد كان أن يؤثر على موقف تركيا «الشامخ»، قائلا إن قرار العقوبات الأميركي سيزيد من تصميمنا على الخطوات التي نتخذها من أجل حماية مصالحنا القومية وصناعاتنا الدفاعية. وندد متحدث الرئاسة التركية إبراهيم كالين بالعقوبات الأميركية، قائلا عبر «تويتر»: «ستواصل تركيا إجراءاتها الحاسمة لتحقيق أهدافها في الصناعات الدفاعية».
روسيا وأذربيجان واليونان
ودعت المعارضة التركية إلى تفعيل منظومة «إس 400» وإدخالها الخدمة، ردا على العقوبات الأميركية. وقدمت روسيا وإيران وأذربيجان الدعم لتركيا في مواجهة العقوبات الأميركية. واعتبر وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف العقوبات على أنقرة مظهراً آخر من مظاهر «الابتذال» و«الغطرسة على القانون الدولي». وأدان وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف، «بشدة» العقوبات الأميركية. وقال عبر «تويتر»: « الولايات المتحدة عبر العقوبات أحادية الجانب ضد تركيا، أظهرت مرة أخرى انتهاكها للقانون الدولي وإدمانها للعقوبات... ندين بشدة العقوبات الأميركية الأخيرة ضد تركيا، ونقف إلى جانب الشعب التركي وحكومته... الجيران أولاً». واستنكر الرئيس الأذربيجاني إلهام علييف قرار واشنطن ووصفه بـ«المجحف وغير المقبول والمنافي للقانون» ويعكس ازدواجية في المعايير. وأكد ثقته في أن العقوبات لن تعيق خطوات تركيا لتعزيز قدراتها الدفاعية.
في المقابل رحبت اليونان بقرار العقوبات على تركيا. وعبرت وزارة خارجيتها في بيان عن «ارتياح اليونان بوصفها عضوا في الناتو لهذا القرار». ووصف رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، تركيا بأنها حليف غير آمن يهدد الأمن المشترك لحلف الناتو.



«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
TT

«أكسيوس»: بايدن ناقش خططاً لضرب المواقع النووية الإيرانية

الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)
الرئيس الأميركي جو بايدن (رويترز)

قدّم مستشار الأمن القومي للبيت الأبيض جيك سوليفان للرئيس جو بايدن خيارات لـ«هجوم أميركي محتمل» على المنشآت النووية الإيرانية، إذا «تحرك الإيرانيون نحو امتلاك سلاح نووي» قبل موعد تنصيب دونالد ترمب في 20 يناير (كانون الثاني).

وقالت ثلاثة مصادر مطّلعة لموقع «أكسيوس» إن سوليفان عرض تفاصيل الهجوم على بايدن في اجتماع - قبل عدة أسابيع - ظلت تفاصيله سرية حتى الآن.

وقالت المصادر إن بايدن لم يمنح «الضوء الأخضر» لتوجيه الضربة خلال الاجتماع، و«لم يفعل ذلك منذ ذلك الحين». وناقش بايدن وفريقه للأمن القومي مختلف الخيارات والسيناريوهات خلال الاجتماع الذي جرى قبل شهر تقريباً، لكن الرئيس لم يتخذ أي قرار نهائي، بحسب المصادر.

وقال مسؤول أميركي مطّلع على الأمر إن اجتماع البيت الأبيض «لم يكن مدفوعاً بمعلومات مخابراتية جديدة ولم يكن المقصود منه أن ينتهي بقرار بنعم أو لا من جانب بايدن».

وكشف المسؤول عن أن ذلك كان جزءاً من مناقشة حول «تخطيط السيناريو الحكيم» لكيفية رد الولايات المتحدة إذا اتخذت إيران خطوات مثل تخصيب اليورانيوم بنسبة نقاء 90 في المائة قبل 20 يناير (كانون الثاني).

وقال مصدر آخر إنه لا توجد حالياً مناقشات نشطة داخل البيت الأبيض بشأن العمل العسكري المحتمل ضد المنشآت النووية الإيرانية.

وأشار سوليفان مؤخراً إلى أن إدارة بايدن تشعر بالقلق من أن تسعى إيران، التي اعتراها الضعف، إلى امتلاك سلاح نووي، مضيفاً أنه يُطلع فريق ترمب على هذا الخطر.

وتعرض نفوذ إيران في الشرق الأوسط لانتكاسات بعد الهجمات الإسرائيلية على حليفتيها حركة «حماس» الفلسطينية وجماعة «حزب الله» اللبنانية، وما أعقب ذلك من سقوط نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا.

وقال سوليفان لشبكة «سي إن إن» الأميركية: «القدرات التقليدية» لطهران تراجعت؛ في إشارة إلى ضربات إسرائيلية في الآونة الأخيرة لمنشآت إيرانية، منها مصانع لإنتاج الصواريخ ودفاعات جوية. وأضاف: «ليس من المستغرب أن تكون هناك أصوات (في إيران) تقول: (ربما يتعين علينا أن نسعى الآن لامتلاك سلاح نووي... ربما يتعين علينا إعادة النظر في عقيدتنا النووية)».

وقالت مصادر لـ«أكسيوس»، اليوم، إن بعض مساعدي بايدن، بمن في ذلك سوليفان، يعتقدون أن ضعف الدفاعات الجوية والقدرات الصاروخية الإيرانية، إلى جانب تقليص قدرات وكلاء طهران الإقليميين، من شأنه أن يدعم احتمالات توجيه ضربة ناجحة، ويقلل من خطر الانتقام الإيراني.

وقال مسؤول أميركي إن سوليفان لم يقدّم أي توصية لبايدن بشأن هذا الموضوع، لكنه ناقش فقط تخطيط السيناريو. ورفض البيت الأبيض التعليق.