«البرلمان الليبي» يواجه شبح الانقسام الثاني

بعد 6 سنوات على انتخابه

عقيلة صالح المتحدث باسم برلمان طبرق (أ.ف.ب)
عقيلة صالح المتحدث باسم برلمان طبرق (أ.ف.ب)
TT

«البرلمان الليبي» يواجه شبح الانقسام الثاني

عقيلة صالح المتحدث باسم برلمان طبرق (أ.ف.ب)
عقيلة صالح المتحدث باسم برلمان طبرق (أ.ف.ب)

يتندر الليبيون مما يصيب كل شيء ببلادهم بعدوى الانقسام، ولعل آخر ما يواجهونه الدعوة التي أطلقت مؤخراً لرأب الصدع بين أعضاء مجلس النواب الليبي وتحديدا المجتمعين من نوابه بطبرق والمجتمعين بطرابلس والتي علقت عليها الآمال لتحقيق التوافق بما يدعم جهود الحل السياسي الراهن تتحول لعامل خلاف وتهدد بإحداث المزيد من الانقسامات التي طغت على مسيرة هذا الكيان التشريعي والتي لم تتجاوز الست سنوات.
الخلاف الراهن والذي نشب جراء تحول أهداف المجتمعين من النواب في غدامس من البحث عن سبل التئام مجلسهم إلى عزل رئيسه المستشار عقيلة صالح، وذلك في مقابل تمسك ودفاع باقي النواب عن شرعية رئاسته، دفع بالتساؤلات حول أسباب «ضعف بنية المجلس التشريعي» والتي تؤدي به للانقسام مع كل خلاف، عبد المنعم اليسير عضو المؤتمر الوطني العام المنتهية ولايته، يرى أن «غياب التجربة البرلمانية والحزبية في ليبيا منذ بداية ثورة الفاتح عام 1969 تعد في مقدمة هذه الأسباب إلى جانب دور جماعات الإسلام السياسي ومنها (الإخوان المسلمون)».
وقال اليسير في تصريح إلى «الشرق الأوسط»: «هؤلاء تمكنوا خلال وقت قليل بعد ثورة فبراير (شباط) من السيطرة على كافة مؤسسات الدولة وفي مقدمتها المصرف المركزي ومؤسسة النفط، وبسيطرتهم على مصادر الأموال امتلكوا ومولوا الفضائيات وتحكموا في توجيه الرأي العام وسرعان ما انجذبت إليهم الميلشيات المسلحة، وبالمقابل كان هناك عدد كبير من هؤلاء النواب سواء بالمجلس الانتقالي أو بالمؤتمر الوطني بعده وبمجلس النواب لاحقا يعمل بشكل منفرد ودون خبرة سياسية بفكر الإخوان ومخططاتهم مما سهل عملية استقطابه، وهناك نواب تعاملوا مع المنصب كغنيمة وباتوا فاسدين وتم شراء مواقفهم أحيانا من قبل ذات الجماعة، ومجموعة أخرى أثرت السلامة والصمت في مواجهة ثنائي الفساد والتطرف».
ويؤيد اليسير «الآراء التي ترى أن البرلمان لم يقدم شيئا للمواطن باستثناء مجموعة وطنية يتقدمهم عقيلة صالح يحسب لها تقديمها الدعم للقوات المسلحة في حربها ضد الجماعات الإرهابية».
ويضم مجلس النواب الحالي والذي بدأ عمله في 4 من أغسطس (آب) 2014، 188 نائباً وهو يحظى باعتراف دولي، واتخذ من مدينة طبرق بأقصى الشرق الليبي مقرا بديلا له عن مقره الرئيسي المنصوص عليه بالإعلان الدستوري وهي مدينة بنغازي لتدهور الأوضاع الأمنية بالأخيرة حينذاك، وشهدت جلساته الأولى غياب عدد من النواب أغلبهم من ذوي التوجهات الإسلامية، وفي أعقاب العملية العسكرية التي شنها الجيش الوطني على طرابلس في الرابع من أبريل (نيسان) عام 2019 حدث الانقسام الأول في جسم المجلس، بعدما قاطع أكثر من 50 نائبا الجلسات بطبرق، وشكلوا مجلسا موازيا اتخذ من العاصمة مقرا له.
بالمقابل يرى المحلل السياسي الليبي محمد بوصير، أن اعتلاء عقيلة صالح لرئاسة البرلمان وإقدامه على ما وصفه بـ«تحويله (البرلمان) لأداة بيد قائد الجيش الوطني خليفة حفتر، هو ما أدى لحدوث الانقسام وتفرق النواب بين طرابلس والقاهرة وتونس»، وفق تقييمه. واعترض بوصير في تصريح لـ«الشرق الأوسط» على «تعميم وإطلاق اتهامات الفساد بحق جميع النواب»، موضحا أن «هناك شخصيات تم انتخابها بل وتم تصعيدها لرئاسة لجان وهي لا تتمتع بأي كفاءة تذكر وهذا أضعف الدور التشريعي والرقابي المنوط بالمجلس وشوه صورته أمام الرأي العام، فضلا عن وجود نواب فاسدين بالفعل في كل عموم البلاد حرصوا إلى جانب الحصول على رواتبهم وهي في حدود الـ16 ألف دينار ومكافآت وبدل السفر والمسكن على الاستفادة من مواقعهم وجمع الثروات».
ورغم إقراره بفساد البعض واستغلال مواقعهم تحت قبة البرلمان، دافع عضو مجلس النواب بطبرق، أبو بكر الغزالي عن دور مجلسه، مرجعا تجاهل الشارع لانقساماته «لتأقلم هذا الشارع مع الأسف على وضعية انقسام المؤسسات الليبية وانتشار الفوضى المرحلية». وأوضح الغزالي في تصريح لـ«الشرق الأوسط» «نحن كيان تشريعي ورقابي لا جهة تقديم خدمات بشكل مباشر للمواطن واتهام البعض بالتركيز والانشغال بتجاذبات الانقسام السياسي مع الغرب وإهمال مشاكل المواطن في غير محله، كون أن الانقسام هو سبب كل المآسي والمعاناة بالبلاد، ولا صحة لحصولنا على امتيازات جانب الرواتب وعدم اجتماع المجلس بطبرق منذ ثلاث سنوات، الانقطاع يكون في حدود بضعة أشهر، وربما من أسباب ذلك أن القرارات لا تجد طريقها للتنفيذ على كامل التراب الليبي».



إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.