إعلاميون أجانب في القاهرة : المصريون يفضلون الجيش على «الإخوان»

فولكهارد فيندفورد عميد المراسلين الأجانب
فولكهارد فيندفورد عميد المراسلين الأجانب
TT

إعلاميون أجانب في القاهرة : المصريون يفضلون الجيش على «الإخوان»

فولكهارد فيندفورد عميد المراسلين الأجانب
فولكهارد فيندفورد عميد المراسلين الأجانب

مباراة ساخنة في تغطية الأحداث ومحاولات كشف الحقائق كانت هي السمة المميزة في أداء الإعلاميين الموجودين على أرض مصر خلال الأحداث المشتعلة التي يشهدها الشارع المصري على مدار الأسابيع الأخيرة منذ أحداث 30 يونيو (حزيران) الماضي وما تبعها من تطورات سريعة بداية من عزل الرئيس مرسي وأعضاء جماعة الإخوان المسلمين من مناصبهم الرفيعة التي سيطروا عليها، ومرورا بأحداث رابعة العدوية وما أعقبها من تفجر للعنف الدموي في مختلف أرجاء مصر، نهاية بالقبض على كوادر «الإخوان» وقياداتهم وعلى رأسهم مرشدهم محمد بديع. وفى خضم ذلك، برز الإعلام عنصرا حيويا وفعالا في المشهد السياسي المصري، وهو ما دفع ثمنه غاليا كثير من الإعلاميين كما حدث مع عميد المراسلين الأجانب ومدير مكتب جريدة «دير شبيغل» الألمانية بالقاهرة فولكهارد فيندفورد عندما كاد يفقد حياته يوم أحداث رمسيس الساخنة.
رغم خطورة الموقف الأمني بمصر، فإن الساحة المصرية شهدت وجودا إعلاميا مكثفا من المراسلين الأجانب، كما شهدت الفترة الأخيرة وصول عدد كبير ممن أرسلتهم مؤسسات إعلامية كبرى خصيصا لتغطية الأحداث بمصر ومتابعتها؛ منهم إعلاميون من التلفزيون الياباني والتلفزيون الكوري ووكالة الأنباء الروسية و«وول ستريت» و«فوكس نيوز جورنال» الأميركية، هذا بالإضافة إلى مراسلين من سويسرا وتركيا والصين واليابان وإسبانيا وغيرهم من الجنسيات المعنية بالتغطية الإعلامية.
وبحكم خلفياتهم ومرجعياتهم الثقافية والسياسية المختلفة ووجودهم في قلب الحدث بصفتهم مراسلين لبلادهم في مصر، فإن آراءهم ومواقفهم وتقييمهم للمشهد في الشارع المصري يكون أيضا مختلفا وغير متحيز لعدم انتمائهم لأي من الطرفين المتنازعين. ومن هذا المنطلق، قامت «الشرق الأوسط» بجولة صحافية تواصلت خلالها مع بعض الإعلاميين الأجانب بمصر لاستطلاع آرائهم ووجهة نظرهم المحايدة بعيدا عن أي تحيز أو تعاطف.
وكان المثير في الأمر أنه على تباين رؤاهم ومواقفهم من الأحداث بمصر، فإنهم جميعا كانوا يتحدثون بلهجة تتسم بالحذر والتحفظ على الرغم من أن عملهم هو الكلام وتبادل النقاش وتوجيه الأسئلة بجرأة بحثا عن الحقيقة من أجل المعرفة. فعندما سألتهم «الشرق الأوسط» بدا أن كثيرا منهم لا يحب الانخراط في الحديث عن السياسة ولا إبداء الرأي أو التحليل للصحافة!! وكان الغريب أيضا أن الإعلاميين الغربيين كانوا الأكثر حذرا في الحديث، وبعضهم بادر بالاعتذار عن تكملة الحوار تخوفا من حساسية مواقفهم - على حد تعبيرهم - بينما بدا المراسلون الشرقيون سواء من الصين أو اليابان أو روسيا أكثر مرونة في الحديث عن آرائهم، ولكن اللافت للنظر أيضا أن هناك حالة مشتركة بينهم جميعا من الغموض وعدم وضوح الرؤية وفهم ما يدور على الأرض.
الأميركية ليلى مكاوي مراسلة «وول ستريت جورنال» الأميركية قالت: «إنني في مصر منذ الثلاثين من يونيو، وخلال تلك الفترة عايشت أحداثا كثيرة ساخنة، وقد نصحونا أن نكون حذرين قدر الإمكان بسبب حجم المخاطر الموجودة التي نواجهها في عملنا وسط الأحداث الساخنة، وأحيانا يطلبون منا البقاء بالمكتب وعدم الخروج أثناء المواجهات الساخنة. وعلى الرغم من كوننا نعمل في جريدة اقتصادية، فإننا غير منقطعين عن السياسة لارتباطها ارتباطا قويا بالاقتصاد، ومن ثم فالتغطية السياسية مطلوبة، وهو ما يجعلنا قريبين من الأحداث، لكننا لا نستطيع الحكم على ما يجري في مصر لأننا ينقصنا كثير من المعلومات الضرورية للتحليل السليم والموضوعي. لقد قمنا بمتابعة أحداث حرق الكنائس في المنيا، وكذلك أحداث مذبحة قسم شرطة كرداسة التي قتل فيها عدد من الضباط، هذا بالإضافة إلى متابعة الأوضاع الاقتصادية المتردية في مصر بسبب عدم الاستقرار السياسي».
وحول إذا ما كانت ترى مسؤولية لـ«الإخوان» عما يحدث من تصعيد للعنف لدرجة الإرهاب، تقول مكاوي: «رغم كل هذا العنف، فإنني لا أستطيع أن أربط بسهولة بين (الإخوان) فقط وما يحدث من عنف وتطرف، وهذا ما سنحاول اكتشافه خلال الفترة المقبلة، لأن الحقيقة لم تظهر بعد، وهناك معلومات كثيرة منقوصة». وتضيف: «إنني جئت لمصر مع تولي الرئيس مرسي الرئاسة في العام الماضي، وشهدت أحداثا ساخنة كثيرة وعنفا ومظاهرات غضب، لكنها لم تكن بهذا الشكل الخطير بما فيها مظاهرات وأحداث العنف إبان موضوع الاستفتاء على الدستور». وحول انعكاس ما يحدث بمصر على علاقاتها بالولايات المتحدة الأميركية والغرب بشكل عام، تقول مكاوي: «لا شك أن مصر بثقلها وموقعها المتوسط من العالم تؤثر أحداثها على المحيط الإقليمي والدولي، وبطبيعة الحال، فإن حالة عدم الاستقرار بمصر سينعكس على علاقاتها الدولية». وعن توقعها لمستقبل العلاقات المصرية – الأميركية، قالت: «أتمنى أن تكون جيدة دائما، ولا بد من النظر للأمر بموضوعية، ونتعامل مع الموقف بنضج وليس بأسلوب رد الفعل، وأن نأخذ في الاعتبار أن قرارات الحاضر تؤثر على أجيال المستقبل».
شينيشي آكي ياما، مدير مكتب الشرق الأوسط لجريدة «ماينتشي» اليابانية بالقاهرة، قال لـ«الشرق الأوسط» إنه يمارس عمله الإعلامي بمصر منذ يناير (كانون الثاني) الماضي وإنه استطاع خلال تلك الأشهر أن يفهم كثيرا من الحقائق حول الشعب المصري، وقال إن ما يجده اليابانيون صعبا على الفهم هو: «لماذا يدعم الناس في مصر الجيش والقوات المسلحة بهذا الشكل؟ فقد عانينا نحن الشعب الياباني طويلا من الحكم العسكري أثناء الحرب مع الصين وما زلنا نذكر الذكريات السيئة والمريرة التي لم تمح من الذاكرة رغم مرور ما يقرب من سبعين سنة على تلك الأحداث، فاليابانيون لا يحبون الجيش ولا يدركون طبيعة الأحداث المختلفة في مصر، وهم يتناقشون كثيرا حول هذا الأمر. ولكنى بصفتي إعلاميا ربما أستطيع تفهم الأمر في مصر، فالناس يفضلون الجيش على (الإخوان)، ويلجأون له بعد غضبهم من حكم مرسي». ويتابع آكي ياما قائلا لـ«الشرق الأوسط»: «لقد ذهبت إلى رابعة العدوية والنهضة ورمسيس، وحقيقة لم أر أي شيء يدل على الإرهاب؛ بل رأيت أناسا عاديين ومسالمين جدا ولا يحملون أسلحة حسب ما شاهدته، ولكن ربما قياداتهم هم الذين يميلون أكثر للعنف ويتحدثون بلهجة متشددة عن الجهاد وخلافه، ولكنهم قليلون بالمقارنة بالأغلبية السلمية الموجودة، فلا شك أن هناك من ينتهجون نهجا أكثر تطرفا، لكن لا نستطيع وصفهم بالإرهابيين، وعلى الرغم من أن بعضهم يحمل سلاحا، فإننا نحتاج لمزيد من الأدلة حتى نستطيع الجزم بأنهم إرهابيون».
وحول مقارنته ما يعايشه حاليا في مصر من أحداث مع مشاهداته في الدول الأخرى التي عمل فيها مراسلا أجنبيا، يقول آكى ياما: «لقد عملت في مختلف المناطق الساخنة منها في سوريا والجزائر ولبنان، وأخيرا مصر، وأعتقد أن الوضع في مصر خطير جدا». وعن مدى شعوره بالخوف في ظل تلك الأحداث، قال: «إنني عرفت الشعب المصري خلال تلك الشهور التي عشتها معهم، ولمست كرمهم وكونهم شعبا مضيافا ومسالما وطيبا، لكن ما أخشاه هو تزايد الأحداث سوءا، فهناك مواجهات كبرى تستمر خلال الفترة المقبلة، ولا يمكن التنبؤ بها على المدى القصير لسرعة تواتر الأحداث، وأعتقد أن جماعة (الإخوان) التي كافحت لسنوات طويلة وعانت كثيرا خلال تلك السنوات، لن تختفي من المشهد ولن تتوقف عن النشاط، أما الجيش فهو الذي على الساحة الآن، والناس تؤيد ذلك، وأعتقد أن الفريق السيسي سيتولى الحكم رسميا للبلاد، وهو ما يتماشى مع رغبات كثير من المصريين بعد الصراع الكبير مع (الإخوان)».
أما كين هايشي مصور وكالة أنباء الصين الرسمية بالقاهرة «شينخوا»، قال لـ«الشرق الأوسط»: «بحكم عملي مصورا صحفيا، فقد ذهبت لمختلف الأماكن الساخنة في مصر، وعشت لحظات صعبة وقت فض اعتصام رابعة العدوية، وشاهدت المسجد محترقا، وصورت الموتى، وذهبت أيضا في رمسيس للتصوير، وكان الوضع غاية في الخطورة.. لقد كان الرصاص كثيفا، لكني لا أستطيع تحديد مصدره، فكانت الاشتباكات عنيفة وخطيرة.. والوضع غريب وصعب الحكم عليه ولا يمكن التأكيد على وجود إرهاب من عدمه، لكن الأمر المؤكد أن ما يحدث هو صراع سياسي محتدم بين (الإخوان) وكل المجتمع المصري بما فيه الجيش وأطراف كثيرة من المصريين، وذلك من واقع مشاهداتي، وهو ما يراه العالم كله، ولا يمكن الإجابة عن أية أسئلة تتعلق بملامح المستقبل لصعوبة الأمر، فالوضع غاية في التعقيد، ولكن ما ألحظه بصفتي مصورا عايش أحداث الثورة المصرية عام 2011 وصولا لأحداث 30 يونيو (حزيران) وتوابعها، أن الفرحة والسعادة التي غطت الوجوه عام 2011 لم تعد موجودة، وأرى مسحات من الحزن تكسو الوجوه الآن بسبب خطورة الموقف».
وحول المواقف التي يتعرض لها بصفته مصورا صحفيا في بؤر الصراع الساخنة بمصر، يقول كين هايشي: «إنني أعاني كثيرا حتى أؤدي عملي، كما أنني أتعرض أحيانا لمن يمنعني من التصوير رغم حصولي على كارنيه صحفي؛ ففي رابعة العدوية لم يسمح لي بتصوير بعض ضباط الشرطة والجيش، رغم أنهم لم يكونوا يفعلون شيئا، ولكني أعتقد أنهم يحاولون عدم الظهور لشعورهم بالحرج مما يحدث. وأنا أتمنى أن تنتهي كل هذه الأحداث الخطيرة في أسرع وقت، خاصة أن هناك خسائر كبيرة، ولكني لن أغادر مصر، فأنا أحب المصريين وكل الصينيين يحبونهم أيضا ويريدون عودة الأمور لطبيعتها حتى يستطيعوا زيارة مصر للسياحة كما كانوا يفعلون، وهناك اهتمام كبير من الشعب الصيني بما يحدث في مصر ويتمنون لها ولشعبها السلامة».
ورغم أنه كبير المراسلين الأجانب وعميدهم بالقاهرة، فإن فولكهارد فينفورد مدير مكتب «دير شبيغل» بالقاهرة، كان من أكثر الإعلاميين الأجانب تحفظا في الحديث معنا وبدت عليه حالة نفسية سيئة بعد نجاته مؤخرا من محاولة اغتيال على يد مسلح خلال أحداث رمسيس الدامية في يوم «جمعة الغضب» الثانية، وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه متعب ومريض وإنه عبر عن موقفه ورؤيته للأحداث التي تشهدها مصر في بيان أصدره عقب محاولة اغتياله، الذي طالب فيه بضرورة الحفاظ على حياة الإعلاميين وتوفير الأمان لهم، وأعرب عن مخاوفه الكبيرة من احتمالات الخطر في ظل تصاعد أحداث العنف. كما عبر فولكهارد عن موقفه من الأحداث الجارية في مصر ورأيه فيها، مشيرا إلى أنه يشعر بالإحباط وخيبة الأمل لما يحدث من اعتداءات على الأشخاص والمؤسسات الدينية والصحافيين من قبل متظاهرين يدعون السلمية. وفي مداخلة تلفزيونية، حيا فولكهارد الفريق السيسي ووصف تغطية بعض القنوات للأحداث بأنها غير متوازنة.
وفي تصريحات خاصة لـ«الشرق الأوسط»، قال إنريكي روبيو، مدير المكتب الإقليمي بوكالة الأنباء الإسبانية لمنطقة الشرق الأوسط: «إنني بحكم عملي صحفيا في وكالة أنباء تهتم بالبحث عن الخبر، لا يجب أن يكون لي رأي وأن أكون محايدا تماما، لأننا خبريون، ولكن يمكن أن أعبر عن انطباعي عما يحدث في مصر من خلال انطباع صديق مصري تحدث لي، فأنا قلق جدا ومنزعج من حدة الانقسام التي تشهدها مصر، والواقع أن هذه الحالة ليست وليدة اللحظة؛ وإنما هي حالة موجودة منذ بداية عهد الرئيس مرسي». وحول علاقة «الإخوان» بما يحدث، قال روبيو بتحفظ شديد: «إنني أعتقد أن الإخوان المسلمين هم السبب في كل ما يحدث الآن بمصر».
وعن مخاطر المهنة، قال: «لقد تعرضت للعديد من العنف والمخاطر، وكلنا بصفتنا إعلاميين في هذا المجال معرضون للخطر بسبب خطورة الأحداث، ولكني على المستوى الشخصي، أعيش بمصر منذ سنوات وأعرف المصريين جيدا وأعرف أنهم شعب طيب وودود ولم أكن أبدا لأشعر وسطهم بعدم الأمان». وعن رؤيته للشخصية المصرية وما أصابها خلال تلك السنة من حكم الرئيس مرسي، قال روبيو: لا شك أن هناك تحولا كبيرا في المزاج المصري، فمن خلال معايشتي له، كنت أجد المصريين محبين للحياة دائما سعداء مرحين حتى في اللحظات الصعبة، ويحبون النكتة والطرفة، أما في الفترة الأخيرة، فلا شك أن هذه السمات قد تغيرت للأسف، ولم أعد أرى تلك الضحكة التي من القلب على وجوههم، وهو ما يشير إلى تغير كبير في المزاج العام للمصريين، وربما يرجع ذلك إلى حالة الخوف والقلق التي أصابتهم في الفترة الأخيرة».
وعن موقف العالم الغربي من أحداث مصر، قال روبيو لـ«الشرق الأوسط» إن «العالم الغربي لا يعرف بدقة ما يحدث في مصر، ويحتاج لمزيد من الصبر والتروي حتى يفهم أبعاد الأحداث، ولا أعتقد أنهم سيتخذون موقفا الآن. كما أن الفترة المقبلة ستشهد مزيدا من الأحداث المهمة في مصر مما يصعب التكهن به».



ما العلاقة بين تراجع «إكس» وسياسات ماسك؟

ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
TT

ما العلاقة بين تراجع «إكس» وسياسات ماسك؟

ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)
ماسك يُشير بيده في أثناء حديثه خلال العرض الافتتاحي داخل صالة «كابيتول وان آرينا» بواشنطن في يناير (كانون الثاني) الماضي (أ.ف.ب)

بعد أكثر من 3 سنوات على استحواذ الملياردير الأميركي إيلون ماسك على منصة «إكس» (تويتر سابقاً) في أكتوبر (تشرين الأول) 2022، تزداد المؤشرات على تراجع المنصة من حيث «التأثير والتفاعل»، بحسب ما يقول مختصون، بالتوازي مع تجدُّد الحديث بشأن سياساتها التحريرية، وعلاقة المنصة بطموحات مالكها السياسية، وتحوُّل المعلنين عنها.

ويرى مختصون أن ما يجري على «إكس» لم يعد مجرد تغييرات تقنية أو تجارية، بل هو «انعكاس مباشر لرؤية ماسك الآيديولوجية، وطريقة توظيفه المنصة في مشروع نفوذ سياسي أوسع». ويقولون: «إن وجود علاقة مباشرة بين طموحات ماسك السياسية وسياساته التحريرية الجديدة أخرج المنصة عن مسارها».

شعار منصة "إكس" فوق أحد مقراتها في سان فرانسيسكو (رويترز)

وأشارت بيانات حديثة عدة إلى تراجع التفاعل على منصة «إكس» خلال الأعوام الأخيرة، وجاء من أبرزها تحليل إحصائي نشره موقع «بروكسيدايز (Proxidize)» في أكتوبر الماضي، تحدَّث عن تراجع معدلات التفاعل على المنصة بنحو 48.3 في المائة خلال عام واحد فقط، إذ انخفض معدل التفاعل المتوسط لكل تغريدة من 0.029 في المائة في 2024 إلى 0.015 في المائة في 2025.

كما قلصت العلامات التجارية وتيرة النشر بنحو ثُلث المحتوى تقريباً، مع انخفاض متوسط عدد التغريدات الأسبوعية من 3.31 إلى 2.16 تغريدة للحسابات التجارية. وتشير بيانات أخرى إلى تراجع متوسط زمن الاستخدام اليومي من أكثر من 30 دقيقة إلى نحو 11 دقيقة فقط، بما يعكس تغيراً في سلوك المُستخدمين، لا سيما مع صعود المنصات المُعتمِدة على الفيديو القصير.

تقارير تحدثت عن تراجع معدلات التفاعل على منصة "إكس" (رويترز)

الباحث المتخصص في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي التوليدي، الدكتور فادي عمروش، أكد «فرضية تراجع المتابعات على المنصة النقاشية الأبرز»، ودلَّل على ذلك بالإشارة إلى «تراجع التفاعل على منصة (إكس) مقارنة بسنوات ما قبل 2022»، لافتاً إلى أن بيانات «سيميلر ويب (Similarweb)» تشير إلى هبوط مستخدمي المنصة على الهواتف المحمولة من 388.5 مليون في يونيو (حزيران) 2023 إلى 311.1 مليون في 2025، أي خسارة تتجاوز 75 مليون مستخدم، بما يقارب 20 في المائة.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط»: «ليس هذا فحسب، إنما وُجدت أيضاً تحليلات تظهر انخفاض متوسط الإعجابات لكل منشور من 37.8 في 2023 إلى نحو 31.4 في 2024، أي تراجع نحو 17 في المائة». وأرجع هذه المؤشرات إلى أسباب، من بينها «ارتباط (إكس) باسم إيلون ماسك بعد استحواذه عليها، وما يرافق ذلك من استقطابات حادة بين مؤيدي ومعارضي آرائه، بالإضافة إلى تغييره الخوارزمية التي تعرض المنشورات عدة مرات بحجة محاربة البوتات، والتي رغم ادعائه أنها شفافة، فإن هذا الادعاء غير مُدعم بأدلة كافية بعد، خصوصاً أن ليس كل المستخدمين متساوين في فرص الوصول والتفاعل». وأشار إلى بُعد آخر قائلاً: «في منصات الأخبار السريعة، مغادرة عدد من الصحافيين والأكاديميين والخبراء قلّلت من الحوار النوعي وأضعفت حركة إعادة النشر».

وعدّ عمروش أن سياسة ماسك الربحية وتفضيله «الحسابات الموثقة المدفوعة»، مثَّلا اتجاهاً أفرغ المنصة من ركيزتها الأساسية بوصفها ساحةً للنقاش التفاعلي القائم على الأفكار، مضيفاً «إجراءات الحد من الوصول المجاني للواجهة البرمجية (API) أضعفت تجربة المتابعة والبحث، وهذا ينعكس عادة في تراجع التفاعل غير المدفوع».

ومع ذلك، لا يلقي عمروش باللوم على سياسات ماسك وحدها، إذ يعيد جانباً من تراجع التفاعل أيضاً إلى «تحوّل عادات المُستخدمين نحو الفيديو والمنصات المُعتمِدة على المقاطع القصيرة، فالسوق كلها تتجه إلى الفيديو القصير. وهذا يقلل الوقت الذهني المتاح لمنصات النصِّ السريع، خصوصاً لدى الشباب، إذ إن استخدام المراهقين لـ(إكس) أقل بكثير مما كان عليه سابقاً».

طموحات ماسك

بعيداً عن القرارات التحريرية داخل المنصة، تَزَامَنَ هذا التراجع في التفاعل مع صعود ماسك لاعباً سياسياً ثقيل الوزن في الولايات المتحدة. وتشير تحليلات صحافية من بينها «واشنطن بوست»، استناداً إلى بيانات لجنة الانتخابات الفيدرالية الأميركية، إلى أن «ماسك قدَّم خلال دورة انتخابات 2024 تبرعات سياسية تجاوزت ربع مليار دولار لدعم دونالد ترمب ومرشحين جمهوريين آخرين، ليصبح بذلك أكبر متبرع فردي في تلك الدورة الانتخابية، وفق هذه البيانات».

وفي يوليو (تموز) 2025 أعلن ماسك عبر «إكس» تأسيس حزب سياسي جديد يحمل اسم «America Party»، في خطوة رأت فيها تقارير لوكالات كبرى مثل «رويترز» و«أسوشييتد برس» انتقالاً من دور الممول للتيار اليميني إلى «فاعل» يسعى إلى بناء مشروع سياسي مستقل يستند إلى نفوذه على المنصة.

أستاذ الإعلام الجديد والرقمي في الجامعة الكندية بدبي، الدكتور الأخضر شادلي، يرى أن منصة «إكس» شهدت أكبر تحول في تاريخها بعد استحواذ ماسك عليها؛ بسبب «خلفيته المثيرة للجدل وطموحاته السياسية المتنامية». وقال لـ«الشرق الأوسط»: «أظهر ماسك مواقف سياسية متزايدة علنية، خصوصاً فيما يتعلق بحرية التعبير، والقيود الحكومية، والانتخابات الأميركية، ودعمه لبعض التيارات، وانتقاده للإعلام التقليدي والمؤسسات الديمقراطية، وهذه الخلفية السياسية أصبحت مهمة لفهم قراراته بعد السيطرة على (إكس)».

وأضاف شادلي: «قبل استحواذ ماسك، كانت سياسات (تويتر سابقاً) مستقرَّة نسبياً، وترتكز على مكافحة خطاب الكراهية والتحريض، والحد من (المعلومات المضللة)، وكانت هناك آليات تَحقُّق صارمة للحسابات ولجان مستقلة لمراجعة المحتوى، كما ركزت الإدارة السابقة على الحفاظ على بيئة رقمية آمنة». لكنه أشار إلى أن «وجود علاقة مباشرة بين طموحات ماسك السياسية وسياساته التحريرية الجديدة أخرج المنصة عن مسارها»، إذ «تَزَامَنَ تبنيه لخطاب حرية التعبير مع تحالفاته السياسية، وظهر انحيازٌ لصالح خطاب اليمين الشعبوي، ما أضعف المعايير المهنية وفتح المجال لحملات التضليل. وأصبحت المنصة بمثابة مساحة نفوذ سياسي عالمي في يد ماسك، وليست مجرد شركة تواصل اجتماعي».

عزوف المعلنين

وأشار الصحافي المتخصص في الإعلام الرقمي بقناة «سي إن إن» العربية، الحسيني موسى، إلى أن تراجع التفاعل على منصة «إكس» انعكس مباشرةً على سياسات المعلنين وعزوف بعضهم نحو منصات أخرى.

وقال لـ«الشرق الأوسط»: «الأرقام تشير إلى تراجع واضح في ثقة المعلنين بـ(إكس)». وتحدَّث عن تقرير لشركة الأبحاث العالمية «Kantar»، نُشر في سبتمبر (أيلول) 2024، ذكر أن 4 في المائة فقط من المعلنين يعدّون أن «إكس» توفر بيئة «آمنة للعلامة التجارية» مقابل 39 في المائة لصالح «غوغل» و32 في المائة لـ«يوتيوب». كما يُظهر التقرير نفسه أن «26 في المائة من المُسوِّقين يخططون لخفض إنفاقهم على إعلانات (إكس) خلال 2025، في أكبر تراجع مسجَّل لأي منصة إعلانية كبرى».

وأضاف موسى أن «مجموعة من الشركات الكبرى أعلنت رسمياً وقف إعلاناتها على (إكس)، من بينها: (أبل)، و(ديزني)، و(آي بي إم)، و(باراماونت)، و(وورنر براذرز). وجاءت قرارات الإيقاف؛ نتيجة مخاوف من ظهور محتوى مثير للجدل أو معادٍ للسامية بجوار إعلاناتها، بالإضافة إلى ضبابية سياسات المحتوى تحت إدارة إيلون ماسك».

«ما يجري على إكس انعكاس مباشر لرؤية ماسك الآيديولوجية وطريقة توظيفه المنصة في مشروع نفوذ سياسي أوسع»

وشرح قائلاً: «الميزانيات غادرت (إكس) إلى منصات أكثر استقراراً من حيث سلامة العلامة وفعالية التوزيع؛ مثل منصة (يوتيوب) التي تعدّ اليوم الأكثر جذباً للمعلنين البارزين، و(تيك توك) التي تُعدّ المنصة الأعلى تأثيراً على المستهلكين الشباب، كما أن (أمازون) تستحوذ على ثقة كبيرة لدى العلامات التي تعتمد على التجارة المباشرة، وأخيراً (ميتا)، بمنصتيها (فيسبوك) و(إنستغرام)، ما زالت تحتفظ بجاذبية لدى قطاعات واسعة من المعلنين».

ويرى موسى أن «هناك فرصة لا تزال قائمة أمام (إكس) لاستعادة جزء من المستخدمين والمعلنين»، قائلاً: «العودة ممكنة، لكن المطلوب أولاً إعادة بناء ثقة العلامات التجارية عبر تحسين معايير (الأمان) وضمان استقرار سياسات المحتوى، والشفافية في عرض الإعلانات».

بالعودة إلى الباحث المتخصص في التحول الرقمي والذكاء الاصطناعي الدكتور فادي عمروش، فإنه يرى أن أهم الخطوات التي تحتاج إليها «إكس» الآن لاستعادة ثقة المستخدمين هي تحقيق توازن حقيقي بين حرية التعبير وضبط المحتوى الضار. وقال إن هذه المعادلة ممكنة إذا جرى «توسيع نظام (ملاحظات المجتمع) مع شفافية أكبر، فلا تكفي مجرد إضافة الملاحظة، بل يجب نشر بيانات دورية تتضمَّن، مثلاً: كم محتوى تم تقييده؟ كم ملاحظة أُضيفت؟ وما أثرها على الانتشار؟ أعتقد أن الشفافية تقلل اتهامات التحيُّز، وتدعم حرية التعبير ضمن قواعد واضحة».

وفي ضوء كل ذلك، يقول محللون مختصون بالإعلام: «إن مستقبل (إكس) سيتحدَّد على الأرجح في المساحة الواقعة بين طموحات ماسك السياسية وحسابات السوق وصبر المُستخدمين والمعلنين على منصة تحاول أن تعرّف نفسها من جديد في عالم يتغير بسرعة».


اتجاه أوروبا لتخفيف القيود الرقمية يُثير تساؤلات بشأن حماية الخصوصية

المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)
المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)
TT

اتجاه أوروبا لتخفيف القيود الرقمية يُثير تساؤلات بشأن حماية الخصوصية

المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)
المفوضية الأوروبية أعلنت أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»... (متداولة)

أثار اتجاه المفوضية الأوروبية لتخفيف «القيود الرقمية»، تساؤلات بشأن تأثير ذلك على حماية بيانات المستخدمين. وبينما عدّ خبراء هذا الاتجاه «محاولة لزيادة تنافسية السوق»، أكدوا أنه «تحوّل خطير قد يهدد الخصوصية».

وفي ظل ضغوط من شركات التكنولوجيا الكبرى، أعلنت المفوضية الأوروبية، أخيراً، أنها بصدد دراسة مقترح «الحزمة الرقمية الشاملة»، الذي من شأنه تبسيط بعض لوائح الاتحاد الأوروبي الرقمية. وجاء الإعلان بعد دعوة المستشار الألماني فريدريش ميرتس، والرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، خلال قمة «السيادة الرقمية الأوروبية» الأسبوع الماضي، إلى «تخفيف صرامة اللوائح الرقمية الأوروبية».

وفي رأي مفوض الاقتصاد في الاتحاد الأوروبي، فالديس دومبروفسكيس، فإن «تبسيط القواعد وخفض الأعباء الإدارية وتقديم قواعد أكثر مرونةً وتناسباً، سيمنح الشركات الأوروبية مساحة أكبر للابتكار والنمو، ويسد فجوة الابتكار».

وعدّت الباحثة الجزائرية في علوم الإعلام والاتصال، ليلى دومة، ما أعلنته المفوضية الأوروبية «نقطة تحوّل مهمة في الاستراتيجية الرقمية للاتحاد الأوروبي». وقالت لـ«الشرق الأوسط» إن «تخفيف بعض الالتزامات المفروضة على شركات التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي يرسل رسالة واضحة مفادها إعطاء الأولوية لتعزيز التنافسية والابتكار على حساب التشدد في حماية البيانات الذي يميز النموذج الأوروبي منذ سنوات».

وبشأن تأثير ذلك على «الخصوصية»، أشارت ليلى دومة إلى أن «التأثير لن يكون فورياً، لكنه مقلق على المدى المتوسط والبعيد». وقالت إن «الإعفاءات المؤقتة وتأجيل الالتزام الكامل بالقواعد الصارمة يعني ببساطة وجود مناطق أقل رقابة ومفتوحة، حيث يمكن للشركات جمع أو معالجة بيانات شخصية بطريقة أقل تقييداً، مما قد يؤدي تدريجياً إلى إضعاف أحد أهم إنجازات أوروبا خلال العقد الماضي، وهو تمكين المواطن من السيطرة على بياناته».

وأضافت أن «أي تفكيك تدريجي لقواعد (اللائحة العامة لحماية البيانات)، سيقلل من قوتها وتأثيرها، ويخلق ثغرات قد تستغلها الشركات الكبرى بسهولة»، مشيرةً إلى أن «أوروبا تحاول تحقيق توازن صعب بين تسريع الابتكار وحماية الحقوق الرقمية».

وتُلزم «اللائحة العامة لحماية البيانات» مشغلي المتاجر الإلكترونية، أو المنصات الرقمية، بالحصول على موافقة المستخدمين قبل معالجة بياناتهم الشخصية، مما يؤدي إلى ظهور إشعارات الموافقة على ملفات الارتباط، لكنَّ المقترح الجديد من شأنه أن يؤدي إلى ظهور إشعارات الموافقة على ملفات الارتباط بشكل أقل.

الصحافي المصري المتخصص في شؤون الإعلام الرقمي، محمد فتحي، قال إن «الاتحاد الأوروبي يشهد تحولاً استراتيجياً عبر مقترح الحزمة الرقمية الشاملة (Digital Omnibus)، الذي تبرره المفوضية الأوروبية بالرغبة في تبسيط القوانين ودعم الشركات الأوروبية للمنافسة عالمياً».

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن «المقترح قد يمثل تفكيكاً لمسألة الحماية وتراجعاً عن معايير الخصوصية الصارمة، وذلك لعدة مخاطر؛ أهمها استغلال البيانات للذكاء الاصطناعي حيث يسمح التعديل للشركات باستخدام البيانات الشخصية لتدريب نماذج الذكاء الاصطناعي استناداً إلى مبدأ (المصلحة المشروعة) بدلاً من (الموافقة الصريحة) مما يخدم شركات التكنولوجيا الكبرى ويُضعف سيطرة المستخدم».

وأشار إلى «إضعاف الخصوصية الإلكترونية عبر دمج قواعد الخصوصية، مما يُسهِّل الوصول إلى بيانات أجهزة المستخدمين تحت غطاء تقليل إشعارات الكوكيز دون إذن واضح». وقال إن «المقترح يعكس تغيراً في الأولويات من حماية (المواطن الرقمي) إلى التركيز على التنافسية الاقتصادية، حيث يهدد إقرار هذا القانون بالتضحية بخصوصية المستخدمين كضريبة لدعم الابتكار التجاري».

وتسببت محاولات تنظيم عمل منصات التواصل الاجتماعي في أزمة متصاعدة بين الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة الأميركية، وفرضت المفوّضية الأوروبية غرامة مقدارها 500 مليون يورو على شركة «أبل» على خلفية «بنود تعسّفية في متجر التطبيقات الخاص بها، على حساب مقدّمي التطبيقات وعملائهم». كما غرمت «ميتا» مبلغ 200 مليون يورور. وهي غرامات عدّها البيت الأبيض في وقت سابق «ابتزازاً اقتصادياً».


الشارقة تكشف عن حزمة مشروعات إعلامية كبرى تعزّز تنافسية القطاع

مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)
مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)
TT

الشارقة تكشف عن حزمة مشروعات إعلامية كبرى تعزّز تنافسية القطاع

مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)
مبنى هيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون (الشرق الأوسط)

أُعلن في مدينة الشارقة إطلاق حزمة مشروعات إعلامية كبرى في «مدينة الشارقة للإعلام (شمس)»، التي وُصفت بأنها أكبر تجمع إعلامي حكومي موحّد في الإمارات والمنطقة، وتُشكِّل نقلةً نوعيةً في تطوير البنية التحتية للقطاع الإعلامي، وترسيخ نموذج متقدم لتكامل الجهات الحكومية العاملة تحت مظلة مجلس الشارقة للإعلام.

وتأتي هذه المشروعات التي أطلقها الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي، عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة ضمن مساعي تعزيز القطاع في الإمارة الخليجية.

وأكد الشيخ سلطان بن أحمد بن سلطان القاسمي نائب حاكم الشارقة رئيس مجلس «الشارقة للإعلام» أن اعتماد حزمة مشروعات «شمس» يجسِّد رؤية الإمارة في بناء قطاع إعلامي متقدم يقوم على الابتكار والشراكات الدولية والتقنيات المعاصرة، مشيراً إلى أن إطلاق «استوديوهات شمس» سيعزز قدرة الشارقة على استقطاب أبرز شركات الإنتاج وصنّاع المحتوى، كما سيوفر منصة احترافية للكفاءات الوطنية لتطوير مهاراتها وتوسيع حضورها في صناعة الإعلام.

وشدَّد على أن الاستثمار في الإعلام هو استثمار في الإنسان والهوية، موضحاً أن الشارقة ماضية بثقة نحو تعزيز حضورها الثقافي والمعرفي عالمياً عبر إعلام مهني مسؤول، وشراكات استراتيجية، ومنظومة متطورة تدعم استدامة النمو في هذا القطاع الحيوي.

وسيضم المشروع أكبر تجمع إعلامي حكومي موحّد في الدولة والمنطقة، حيث يجمع تحت سقف واحد الجهات الإعلامية التابعة لحكومة الشارقة، وهي مجلس الشارقة للإعلام، والمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، وهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون، إلى جانب مدينة الشارقة للإعلام (شمس)، التي ستكون المقر الجديد لهذا التجمع.

«استوديوهات شمس» في الشارقة (الشرق الأوسط)

وبحسب المعلومات الصادرة فإن مشروع «استوديوهات شمس» جاء ليؤسِّس لبيئة إنتاجية متطورة، من خلال مجمّع يضم 5 استوديوهات كبرى بمساحات تتراوح بين 1500 و3400 متر مربع، تستجيب لاحتياجات صناع الأفلام والمسلسلات والبرامج التلفزيونية والمحتوى الرقمي، إضافة إلى مرافق متخصصة لما بعد الإنتاج تشمل وحدات المونتاج والمؤثرات البصرية والتصميم الصوتي، بما يتيح تنفيذ أعمال تلفزيونية وسينمائية وفق معايير عالمية.

كما تتضمَّن المشروعات تطوير مجمّع أعمال إعلامي حكومي متكامل يجمع ضمن بيئة عمل تفاعلية مجلس الشارقة للإعلام، والمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، والشركات الإعلامية العاملة في «شمس»، بما يسهم في تسهيل عمليات الإنتاج والبث، وتعزيز كفاءة التواصل الحكومي، ودعم الابتكار في صناعة المحتوى.

وسيضم المجمّع 4 مبانٍ متخصصة، يتألف كل منها من طابق أرضي و4 طوابق، تشمل مبنى لمجلس الشارقة للإعلام، ومبنى للمكتب الإعلامي لحكومة الشارقة، ومبنيين مخصَّصين للجهات الإعلامية والشركات العاملة ضمن «شمس».

ويشمل التطوير أيضاً إنشاء مبنى جديد لهيئة الشارقة للإذاعة والتلفزيون ببنية تقنية حديثة تعزز جاهزيتها لمواكبة التطورات في تقنيات البث والإنتاج، وترفع قدرتها على تقديم محتوى متنوع وذي جودة عالية يعكس هوية الإمارة ورسالتها. وتشمل المرحلة الأولى المبنى الإداري، ومبنى الأخبار، ومبنى قناة الشارقة الرياضية.

وفي إطار دعم المشهد الثقافي والإبداعي، تتضمَّن المشروعات إنشاء «واحة شمس للإبداع»، وهو مركز متطور للفعاليات الفنية والتعليمية يضم مسرحاً حديثاً يتسع لنحو 700 شخص، إلى جانب مرافق مخصصة لاستضافة الفعاليات المجتمعية والعروض الفنية والبرامج التدريبية، بما يسهم في تنمية المواهب الشابة وتوفير منصة ملهمة للإبداع في الإمارة.