مصر تراجع «موقفها المائي» مع التعثر المستمر لمفاوضات السد الإثيوبي

TT

مصر تراجع «موقفها المائي» مع التعثر المستمر لمفاوضات السد الإثيوبي

بموازاة مفاوضات مطولة تخوضها مع إثيوبيا والسودان لتأمين إمداداتها من مياه نهر النيل، تعمل الحكومة المصرية على مراجعة «دورية» لموقفها المائي، في ظل ما تعانيه من شح في موارد المياه العذبة.
ووفق تصريحات رسمية، فإن مصر دخلت مرحلة الفقر المائي التي يقل فيها نصيب الفرد عن ألف متر مكعب سنوياً.
وعقد وزير الموارد المائية والري المصري، محمد عبد العاطي، اجتماعاً، أمس، مع القيادات التنفيذية بالوزارة لمتابعة الموقف المائي، وطالب بالإسراع في إجراءات ترشيد استهلاك المياه، ومعاقبة المخالفين.
وتنفذ الحكومة المصرية استراتيجية وطنية لإدارة وتلبية الطلب على المياه حتى عام 2037، باستثمارات تقارب 50 مليون دولار، تضم مشروعات لتحلية مياه البحر، وتحويل الأراضي الزراعية للري الحديث، ومعالجة مياه الصرف.
ووجه وزير الري في اجتماعه، أمس، بضرورة الالتزام بالبرنامج الزمني للأعمال المنفذة في المشروع القومي لتأهيل الترع، وعمليات ضبط جودة التنفيذ في جميع مواقع العمل على مستوى الجمهورية، على أن تتزامن أعمال تأهيل الترع مع تحويل الزمام عليها إلى الري الحديث، للعمل على ترشيد المياه في المناحي كافة.
وطالب كذلك بالإسراع في الإجراءات اللازمة لتنفيذ مشروع التحول من نظم الري بالغمر إلى نظم الري الحديث، مع التأكيد على تحرير جميع الإنذارات ومحاضر تبديد المياه للمزارعين المخالفين لنظم الري الحديث، وتحصيل غرامات تبديد المياه بشكل فوري، وزيادة التنسيق مع الأجهزة المحلية لمواجهة كل أشكال المخالفات.
وأوضح عبد العاطي أنه جارٍ اتخاذ الإجراءات اللازمة لتقديم قروض مع البنوك الوطنية للمزارعين بفائدة ميسرة لتمويل مشروعات التحول لنظم الري الحديث، مشدداً على ضرورة المرور والمتابعة المستمرة للتأكيد على جاهزية قطاعات وجسور المصارف لمجابهة أي طارئ، وجاهزية كل المحطات ووحدات الطوارئ النقالي عند المواقع الساخنة، والاستعداد التام لمواجهة أي ازدحامات في المجاري المائية.
وأضاف أن المنشآت والمشروعات التي قامت الوزارة بتنفيذها كافة خلال الفترة الماضية جاهزة للتعامل مع موسم الأمطار والسيول، وبكفاءة عالية، دون أي تأثير على المنشآت أو المناطق التي تحميها.
وتجري مصر مفاوضات مع إثيوبيا والسودان، برعاية الاتحاد الأفريقي، بشأن «سد النهضة» الذي تقيمه أديس أبابا منذ عام 2011 على «النيل الأزرق»، الرافد الرئيسي لنهر النيل. وتخشى مصر من تأثير السد على حصتها من المياه، البالغة 55.5 مليار متر مكعب سنوياً.
وتطالب مصر بضرورة التوصل إلى «اتفاق قانوني ملزم»، ينظم عملية ملء وتشغيل السد، قبل البدء في تشغيله، بما يُحقق المصالح المشتركة للدول الثلاث، ويحفظ حقوقها المائية. وانطلقت المفاوضات تحت رعاية الاتحاد الأفريقي مطلع يوليو (تموز) الماضي، ولم تسفر عن أي تقدم.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.