البرلمان العراقي يجيز بالأغلبية قانوناً طارئاً لتمويل الرواتب

مقاطعة كردية... والنواب تحدثوا عن «مؤامرة» ضد الإقليم

البرلمان العراقي يجيز بالأغلبية قانوناً طارئاً لتمويل الرواتب
TT

البرلمان العراقي يجيز بالأغلبية قانوناً طارئاً لتمويل الرواتب

البرلمان العراقي يجيز بالأغلبية قانوناً طارئاً لتمويل الرواتب

صوّت البرلمان العراقي أمس الخميس بالأغلبية، على مشروع قانون طارئ، يتيح للحكومة التي تعاني من قلة السيولة، الاقتراض من الخارج لتمويل رواتب الموظفين المتأخرة ومستلزمات أخرى، ضمن العجز المالي البالغ قدره نحو 28 مليار دولار، لكن النواب وافقوا على أقل من ثلث المبلغ المطلوب، بما يلبي الرواتب فقط، فيما قاطعت الكتل الكردية جلسة التصويت.
وكانت حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي طلبت من البرلمان تفويضاً لاقتراض مبلغ 31 تريليون دينار عراقي (نحو 28 مليار دولار أميركي) لتمويل الرواتب والكثير من المستلزمات للشهور الـ3 المقبلة، لكن البرلمان وافق على قروض بمبلغ 12 تريليون دينار عراقي (10 مليارات دولار أميركي) يراها كافية لتغطية نفقات رواتب نحو 5 ملايين موظف بالدولة.
وفشل البرلمان بسبب الخلافات الداخلية في اعتماد مسودة ميزانية 2020، وسيتيح مشروع القانون، الذي جرى تمريره بشكل عاجل، للحكومة الحصول فقط على ما يكفيها من أموال حتى نهاية العام. وكشفت نسخة من القانون (حسب رويترز) أن الأموال التي سيتيحها ستغطي بشكل أساسي رواتب موظفي الحكومة وواردات الغذاء والمشروعات المهمة.
وظهرت خلافات خلال التصويت أمس حيث عارض الأكراد تمرير بند يلزم حكومة إقليم كردستان العراق بتسليم إيرادات صادرات الإقليم النفطية كشرط لتلقي حصتها الشهرية من خطة التمويل الجديدة.
ويقول النواب الأكراد إن حصتهم لا ينبغي أن تكون مرتبطة بمشكلات متعلقة بالنفط بين الإقليم والحكومة المركزية في بغداد.
لكن مشرعين، معظمهم من الكتل الشيعية وبعض النواب السنة، يصرون على أن الأكراد لا ينبغي أن يحصلوا على نصيبهم من التمويل الطارئ إلا إذا سلموا إيرادات النفط إلى بغداد. وقال مشرعون إن معظم أعضاء البرلمان الأكراد انسحبوا من جلسة التصويت.
وتظهر تقديرات البنك الدولي أن اقتصاد العراق سينكمش 9.7 في المائة في 2020 بفعل انخفاض أسعار النفط وجائحة «كورونا» في أعقاب
نموه 4.4 في المائة في 2019.
وفي تصريح لـ«الشرق الأوسط» أكد شاكر حامد المتحدث باسم رئيس البرلمان العراقي إن «استمرار جلسات مجلس النواب دون توقف من ظهر الأربعاء حتى فجر الخميس يؤكد إصرار المجلس للتصويت على قانون الاقتراض لتمكين الحكومة من سداد التزاماتها خلال الأشهر الـ3 من العام الجاري وأهمها صرف رواتب موظفي الدولة وشبكات الحماية الاجتماعية، إضافة إلى تضمين قانون الاقتراض لحقوق العاملين بالعقود والأجور اليومية في الكثير من مؤسسات الدولة وصرف مستحقاتهم، وكل ما يتعلق بمعيشة المواطن إضافة إلى المشاريع الاستثمارية وتنمية الأقاليم والبطاقة التموينية وكل المشاريع الخدمية».
وأضاف المتحدث الرسمي، أن «جهود المجلس ومشاوراته التي استمرت أكثر من عشرين ساعة في سابقة غير مسبوقة بعمل المجلس، تكللت بالتصويت على طلب الحكومة بالاقتراض»، مبينا أن «هناك اختلافات على عدم تقييد الدولة بالقروض والمحافظة على الاستغلال الأمثل للموارد سواء كانت من بيع النفط والموارد الوطنية المتعددة في عموم البلاد، ودفع الحكومة على تقديم الموازنة عام 2021 من دون ديون خلال السنوات المقبلة، وأن يكون الاقتراض وفق الاحتياجات الرئيسية والحاكمة في مسار الدولة لسد العجز في الميزانية التشغيلية والاستثمارية».
إلى ذلك اتهمت رئيسة كتلة الحزب الديمقراطي الكردستاني في البرلمان العراقي فيان صبري، الكتل الشيعية بالتعامل بعنصرية مع الأكراد. وقالت صبري في بيان لها إن المقترح يحتوي على نص قانون ليس في صالح إقليم كردستان. وأشارت إلى «وجود مؤامرة حيكت ضد إقليم كردستان من قبل الكتل البرلمانية خاصة الشيعية التي صوتت على المقترح المجحف بحق الإقليم، حيث تم تمرير قانون تمويل العجز بأهواء عنصرية».
وأوضحت صبري «شاركنا في الجلسة بناء على وعود من رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي وعدد آخر من النواب بتأجيل الفقرة الخاصة بإقليم كردستان في قانون تمويل العجز المالي، لكننا تفاجأنا بعرض المادة للتصويت وإطلاق إساءات تطال إقليم كردستان من قبل بعض النواب ما دفعنا لمغادرة القاعة».
وبشأن الفقرة الخاصة بحصة الإقليم قالت صبري إنه «كان من المفترض أن يتم تحديد حصة الإقليم حسب موازنة 2019 نظرا لعدم وجود الموازنة الجديدة بعد»، مبينة أن «الاعتراض كان كليا من قبل الكتل الشيعية وتمت المطالبة بإلزام إقليم كردستان بتسليم بغداد الواردات النفطية المتفق عليها إلى جانب جزء آخر من الواردات غير النفطية وتحميل الطرف الممتنع المسؤولية القانونية، حيث لن يتم تسليم إقليم كردستان حصة من الموازنة في حال عدم تسليمه الواردات المتفق عليها مع الحكومة الاتحادية».
من جهته، أكد النائب عن تحالف الفتح أحمد الكناني أن حكومة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي فشلت في إدخال مجلس النواب في مواجهة مع الشارع من خلال تأخير صرف رواتب الموظفين.
وقال الكناني في تصريح صحافي أمس الخميس إن «رواتب الموظفين خط أحمر لا يمكن المساس بها أو المجازفة في تأخير صرف الرواتب الشهرية». وأضاف أن «استماع الكاظمي لمستشاريه سوف يوقعه في مشكلة كبيرة وعلى وجه الخصوص المشاكل الاقتصادية».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».