برلمانيون يحذرون البعثة الأممية من «تجاوز صلاحياتها» في ليبيا

برلمانيون يحذرون البعثة الأممية من «تجاوز صلاحياتها» في ليبيا
TT

برلمانيون يحذرون البعثة الأممية من «تجاوز صلاحياتها» في ليبيا

برلمانيون يحذرون البعثة الأممية من «تجاوز صلاحياتها» في ليبيا

فيما نشرت بعثة الأمم المتحدة لدى ليبيا، أمس: «ستة مبادئ أساسية»، قالت إنها «الناظمة لعمل ملتقى الحوار السياسي الليبي»، الذي انطلقت أعماله في تونس أول من أمس، أبدى 112 نائبا من أعضاء مجلس النواب بطبرق، بالإضافة لآخرين يجتمعون في طرابلس، تحفظات عدة على الحوار، من بينها تمثيل أعضاء وشخصيات رأوا أنهم «لا يمثلون أي قاعدة شعبية في البلاد».
وقال الموقعون على بيان، حصلت «الشرق الأوسط» على نسخة منه أمس: «إنهم يرحبون بالحل السلمي الشامل للأزمة الليبية، ويستبعدون خيار الحرب بشكل نهائي»، لكنهم يؤكدون في الوقت ذاته على ضرورة «توفر عدة معايير وأسس تشكل مرتكزات لمخرجات الحوار، من بينها التأكيد على ضرورة التزام البعثة بممارسة صلاحياتها، المحددة في قرار إنشائها عام 2011 وعدم تجاوزه»، محذرين أيضا من «تجاوز الإعلان الدستوري والاتفاق السياسي، وصلاحيات مجلس النواب المنصوص عليها به».
كما أبدى النواب رفضهم «استحداث جسم تشريعي غير منتخب، أو استمرار وجود لجنة الحوار بعد انتهاء مهامها، مع التأكيد على التزام المجلس تجاه أي حكومة يتم تشكيلها، من حيث منح الثقة وسحبها ومراقبة عملها»، مشيرين إلى أن مجلس النواب «رفض مرارا استمرار المراحل الانتقالية، وأكد على ضرورة أن يمارس الشعب حقه في اختيار من يحكمه ومن يمثله، وفي الاستفتاء على مشروع الدستور، لكن المجلس قبل بمرحلة انتقالية أخيرة كحل للأزمة، ولإنهاء الصراع وتوحيد مؤسسات الدولة، ولا يجب أن يتعدى ذلك أي اتفاق إلى مصادرة حق الشعب الليبي، وتجاوز من يمثلونه».
وشدد النواب على ضرورة الالتزام بالجدول الزمني في المرحلة المزمع صياغتها، وأن ينص الاتفاق «على أن تجاوز الزمن المقرر سيترتب عليه سقوط شرعية السلطة التنفيذية»، لافتين إلى أن «الانخراط في الحوار السياسي، وتنفيذ مخرجاته، يجب أن يتم بالتزامن مع المسار الأمني والعسكري، الذي لم يحدث فيه أي تطور حتى الآن، وأي إخلال بالالتزامات المتعلقة بالمسار العسكري سيترتب عليه انهيار الاتفاق والحل السلمي».
وانتهى النواب الموقعون على البيان إلى «وجوب أن تكون هذه الأسس هي المرتكزات لأي اتفاق، وأي تجاوز لها سيساهم في تعقيد المشهد وتعميق الأزمة، كما أن إضافة أي أجسام تفتقر للشرعية اللازمة تكون مخرجات الاتفاق خالية من أي إلزام، وعليه يجب مراعاة ذلك كي لا يكون الاتفاق هو والعدم سواء».
وانطلقت صباح أمس أعمال اليوم الثاني من ملتقى الحوار السياسي الليبي بالنشيد الوطني الليبي، بحضور رئيسة البعثة بالإنابة ستيفاني ويليامز، التي تذكرت جهود الراحلين الدكتور محمود جبريل الرئيس السابق للمجلس الوطني الانتقالي، والشيخ الطيب الشريف العبيدي رئيس المجلس الأعلى لقبائل برقة، وقالت إنهما كانا ضمن المدعويين للمشاركة في الجولة الأولى من المسار السياسي في جنيف مطلع العام الجاري.
وتركزت أعمال اللقاء أمس على استكمال المناقشات التي بدأت في اليوم الأول لمسودة خريطة الطريق، واستيعاب الملاحظات التي يُجمِع ويتوافق عليها الأعضاء.
وبحسب بيان للبعثة أمس، فقد شملت «المبادئ الناظمة لعمل ملتقى الحوار السياسي الليبي» الشمولية والشفافية، والكفاءة والتعددية وروح الفريق، والوطنية، وقالت ستيفاني إن الشمولية تتمثل في اعتبار جميع المشاركين في عملية الحوار «متساوين، ويتوجب منح الجميع الفرصة للتحدث، وطرح وجهات نظرهم، فيما تتعهد البعثة بتدوين وتسجيل جميع النقاط، سواء كانت تمثل رأي الأغلبية أم لا»، ورأت أن الشفافية «تتمثل في اتخاذ جميع القرارات بشكل جماعي، ولن يعتبر أي قرار نهائيا حتى يتم التوافق عليه من قبل غالبية أعضاء ملتقى الحوار السياسي الليبي».
ولفتت البعثة إلى أن الكفاءة هي هدف جميع المشاركين في الوصول إلى نتائج تصب في مصلحة البلاد، وقالت إنها «ستقترح قواعد وآليات لتيسير المناقشة، وإحداث توافق كافٍ في الآراء، والتغلب على العقبات والتوصل إلى حلول توافقية». ورأت أن التعددية تمكن في إدارة تنوع وجهات النظر بين الليبيين، أما روح الفريق فتتمثل في أن تجري المناقشات في جو من الاحترام والروح الأخوية المتبادلة.



نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
TT

نزيف بشري للجماعة الحوثية رغم توقف المعارك

مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)
مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها في صنعاء (أ.ف.ب)

شيّعت الجماعة الحوثية خلال الأسبوع الماضي أكثر من 15 قتيلاً من قيادييها العسكريين والأمنيين من دون إعلان ملابسات سقوطهم. ورغم توقف المعارك العسكرية مع القوات الحكومية اليمنية في مختلف الجبهات؛ فإن النزيف البشري المستمر لقياداتها وعناصرها يثير التساؤلات عن أسبابه، بالتزامن مع مقتل العديد من القادة في خلافات شخصية واعتداءات على السكان.

ولقي قيادي بارز في صفوف الجماعة مصرعه، الأحد، في محافظة الجوف شمال شرقي العاصمة صنعاء في كمين نصبه مسلحون محليون انتقاماً لمقتل أحد أقاربهم، وذلك بعد أيام من مقتل قيادي آخر في صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة، في خلاف قضائي.

وذكرت مصادر قبلية في محافظة الجوف أن القيادي الحوثي البارز المُكنى أبو كمال الجبلي لقي مصرعه على يد أحد المسلحين القبليين، ثأراً لمقتل أحد أقاربه الذي قُتل في عملية مداهمة على أحد أحياء قبيلة آل نوف، التي ينتمي إليها المسلح، نفذها القيادي الحوثي منذ أشهر، بغرض إجبار الأهالي على دفع إتاوات.

من فعالية تشييع أحد قتلى الجماعة الحوثية في محافظة حجة دون الإعلان عن سبب مقتله (إعلام حوثي)

ويتهم سكان الجوف القيادي القتيل بممارسات خطيرة نتج عنها مقتل عدد من أهالي المحافظة والمسافرين وسائقي الشاحنات في طرقاتها الصحراوية واختطاف وتعذيب العديد منهم، حيث يتهمونه بأنه كان «يقود مسلحين تابعين للجماعة لمزاولة أعمال فرض الجبايات على المركبات المقبلة من المحافظات التي تسيطر عليها الحكومة، وتضمنت ممارساته الاختطاف والتعذيب والابتزاز وطلب الفدية من أقارب المختطفين أو جهات أعمالهم».

وتقول المصادر إن الجبلي كان يعدّ مطلوباً من القوات الحكومية اليمنية نتيجة ممارساته، في حين كانت عدة قبائل تتوعد بالانتقام منه لما تسبب فيه من تضييق عليها.

وشهدت محافظة الجوف مطلع هذا الشهر اغتيال قيادي في الجماعة، يُكنى أبو علي، مع أحد مرافقيه، في سوق شعبي بعد هجوم مسلحين قبليين عليه، انتقاماً لأحد أقاربهم الذي قُتِل قبل ذلك في حادثة يُتهم أبو علي بالوقوف خلفها.

في الآونة الأخيرة تتجنب الجماعة الحوثية نشر صور فعاليات تشييع قتلاها في العاصمة صنعاء (إعلام حوثي)

وتلفت مصادر محلية في المحافظة إلى أن المسلحين الذين اغتالوا أبو علي يوالون الجماعة الحوثية التي لم تتخذ إجراءات بحقهم، مرجحة أن تكون عملية الاغتيال جزءاً من أعمال تصفية الحسابات داخلياً.

قتل داخل السجن

وفي العاصمة صنعاء التي تسيطر عليها الجماعة الحوثية منذ أكثر من 10 سنوات، كشفت مصادر محلية مطلعة عن مقتل القيادي الحوثي البارز عبد الله الحسني، داخل أحد السجون التابعة للجماعة على يد أحد السكان المسلحين الذي اقتحم السجن الذي يديره الحسني بعد خلاف معه.

وتشير المصادر إلى أن الحسني استغل نفوذه للإفراج عن سجين كان محتجزاً على ذمة خلاف ينظره قضاة حوثيون، مع المتهم بقتل الحسني بعد مشادة بينهما إثر الإفراج عن السجين.

وكان الحسني يشغل منصب مساعد قائد ما يسمى بـ«الأمن المركزي» التابع للجماعة الحوثية التي ألقت القبض على قاتله، ويرجح أن تجري معاقبته قريباً.

وأعلنت الجماعة، السبت الماضي، تشييع سبعة من قياداتها دفعة واحدة، إلى جانب ثمانية آخرين جرى تشييعهم في أيام متفرقة خلال أسبوع، وقالت إنهم جميعاً قتلوا خلال اشتباكات مسلحة مع القوات الحكومية، دون الإشارة إلى أماكن مقتلهم، وتجنبت نشر صور لفعاليات التشييع الجماعية.

جانب من سور أكبر المستشفيات في العاصمة صنعاء وقد حولته الجماعة الحوثية معرضاً لصور قتلاها (الشرق الأوسط)

ويزيد عدد القادة الذين أعلنت الجماعة الحوثية عن تشييعهم خلال الشهر الجاري عن 25 قيادياً، في الوقت الذي تشهد مختلف جبهات المواجهة بينها وبين القوات الحكومية هدوءاً مستمراً منذ أكثر من عامين ونصف.

ورعت الأمم المتحدة هدنة بين الطرفين في أبريل (نيسان) من العام قبل الماضي، ورغم أنها انتهت بعد ستة أشهر بسبب رفض الجماعة الحوثية تمديدها؛ فإن الهدوء استمر في مختلف مناطق التماس طوال الأشهر الماضية، سوى بعض الاشتباكات المحدودة على فترات متقطعة دون حدوث أي تقدم لطرف على حساب الآخر.

قتلى بلا حرب

وأقدمت الجماعة الحوثية، أخيراً، على تحويل جدران سور مستشفى الثورة العام بصنعاء، وهو أكبر مستشفيات البلاد، إلى معرض لصور قتلاها في الحرب، ومنعت المرور من جوار السور للحفاظ على الصور من الطمس، في إجراء أثار حفيظة وتذمر السكان.

وتسبب المعرض في التضييق على مرور المشاة والسيارات، وحدوث زحام غير معتاد بجوار المستشفى، ويشكو المرضى من صعوبة وصولهم إلى المستشفى منذ افتتاح المعرض.

ويتوقع مراقبون لأحوال الجماعة الحوثية أن يكون هذا العدد الكبير من القيادات التي يجري تشييعها راجعاً إلى عدة عوامل، منها مقتل عدد منهم في أعمال الجباية وفرض النفوذ داخل مناطق سيطرة الجماعة، حيث يضطر العديد من السكان إلى مواجهة تلك الأعمال بالسلاح، ولا يكاد يمرّ أسبوع دون حدوث مثل هذه المواجهات.

ترجيحات سقوط عدد كبير من القادة الحوثيين بغارات الطيران الأميركي والبريطاني (رويترز)

ويرجح أن يكون عدد من هؤلاء القادة سقطوا بقصف الطيران الحربي للولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا اللتين شكلتا منذ قرابة عام تحالفاً عسكرياً للرد على استهداف الجماعة الحوثية للسفن التجارية وطرق الملاحة في البحر الأحمر، وتنفذان منذ ذلك الحين غارات جوية متقطعة على مواقع الجماعة.

كما تذهب بعض الترجيحات إلى تصاعد أعمال تصفية الحسابات ضمن صراع وتنافس الأجنحة الحوثية على النفوذ والثروات المنهوبة والفساد، خصوصاً مع توقف المعارك العسكرية، ما يغري عدداً كبيراً من القيادات العسكرية الميدانية بالالتفات إلى ممارسات نظيرتها داخل مناطق السيطرة والمكاسب الشخصية التي تحققها من خلال سيطرتها على أجهزة ومؤسسات الدولة.

وبدأت الجماعة الحوثية خلال الأسابيع الماضية إجراءات دمج وتقليص عدد من مؤسسات وأجهزة الدولة الخاضعة لسيطرتها، في مساعِ لمزيد من النفوذ والسيطرة عليها، والتخفيف من التزاماتها تجاه السكان بحسب المراقبين.