قراءة مصرية لأزمة {سد النهضة} ومسارات حلها

قراءة مصرية لأزمة {سد النهضة} ومسارات حلها
TT

قراءة مصرية لأزمة {سد النهضة} ومسارات حلها

قراءة مصرية لأزمة {سد النهضة} ومسارات حلها

يستدعي كتاب «محاضرات في ملف السد الإثيوبي ومسارات التفاوض... رؤية استراتيجية» الخبرات المصرية السابقة في إدارة المفاوضات حول العديد من القضايا، وذلك من أجل تأكيد اتجاهات الدبلوماسية المصرية لحل قضية السد، والحصول على الحقوق المصرية في مياه النيل عن طريق التفاوض. ويسعى الباحثان اللواء طيار الدكتور هشام الحلبي واللواء محمد إبراهيم اللذان شاركا في مادته، إلى رصد ما رشح عن اللقاءات المصرية الإثيوبية السودانية، وما أسفرت عنه، حتى الآن، كما يحاولان تقديم نظرة تحليلية للمبادئ التي تحكم الموقف المصري في التعامل مع القضية، وعرض السيناريوهات المستقبلية التي يمكن اللجوء إليها لحل الأزمة في المرحلة المقبلة.
الكتاب صدر حديثاً عن مكتبة الإسكندرية، وكان ثمرة محاضرات نظمتها المكتبة في شهر يوليو (تموز) الماضي. وقال الحلبي في دراسته التي جاءت بعنوان «طبيعة التفاوض في أزمة السد الإثيوبي ومساراته المستقبلية» إن القاهرة تتحرك في أزمة السد الإثيوبي عن اقتناع أساسي مفاده بأن مسار التفاوض يُعد أنسب المسارات لحل الأزمة. فهي لم تتوان في تقديم المرونة الكاملة طوال السنوات الماضية من أجل التوصل إلى حل عادل ومتوازن ومُرضٍ يحقق مصالح الأطراف الثلاثة، كما حرصت على أن تبعث برسالة واضحة إلى إثيوبيا والدول المطلة على نهر النيل، تنطوي على أنه يجب أن يكون (النيل) مجالاً للتعاون والتنمية، وليس الخلاف أو الصراع، وهي بذلك تعمل على إرساء مبدأ إنهاء الصراعات الأفريقية بالطرق السلمية، وجذب الاستثمارات العالمية من أجل تنمية القارة الأفريقية.
وخلال الدراسة التي قامت بتحريرها الباحثة شيرين جابر، رصد الحلبي عدداً من النقاط التي تم تناولها، بعد توضيح «مفهوم التفاوض الدولي»، والتعريفات الخاصة به، التي تنطوي على ثوابت مشتركة، أساسها السلام وتحقيق الاستقرار في العلاقات الدولية، وتنميتها استناداً إلى ما يجمع بين الدول من مصالح مشركة.
وأشار الحلبي إلى أن المفاوضات بدأت في ملف السد الإثيوبي بلقاءات ثلاثية مباشرة بين مصر وإثيوبيا والسودان، لم تصل إلى اتفاق، لكن كل فريق فهم النيات والأسلوب والاستراتيجية والتكتيكات الخاصة بالطرف الآخر، وبعد توقف التفاوض دخلت القضية في مفاوضات ثلاثية انسحبت إثيوبيا قبل تتويجها باتفاق. وأعقب ذلك حدوث موقفين مهمين، الأول يدعم المصالح المصرية، وكان من جانب الخرطوم عقب الثورة السودانية. أما الموقف الثاني، فيتلخص في انعقاد جلسة في مجلس الأمن، كانت نتيجتها أن أديس أبابا طلبت أن تكون المفاوضات برعاية إقليمية من الاتحاد الأفريقي، وفي ظل وجود مراقبين من الأمم المتحدة والبنك الدولي والمفوضية الأوروبية، ومتابعة مجلس الأمن، وهذه تمثل نقطة قوة لمصر في المعادلة التفاوضية.
وأوضح الحلبي أن مصر تمتلك قوة تفاوضية أفضل من إثيوبيا، وبرغم ذلك لم تتوصل حتى الآن إلى اتفاق، والوقت ليس في صالحها، وهذه نقطة سلبية تستغلها الحكومة الإثيوبية؛ وقد قدمت القاهرة منذ بدء المفاوضات كل أوجه المرونة اللازمة من أجل إنجاح المفاوضات، لكن على الجانب الآخر كان التعنت واضحاً من إثيوبيا، التي لجأت إلى التسويف، واتضح أن استراتيجيتها تقوم على السعي للتأجيل حتى يصبح ملء السد أمراً واقعاً؛ وهو ما ينطوي على استفزاز للمفاوض المصري، الذي يمتلك استراتيجية واضحة تماماً، رغم الظروف الإقليمية والدولية المعقدة، التي تستدعي وجود خطة إعلامية لشرح شرعية وقانونية موقف القاهرة ليس فقط للمواطن المصري، لكن أيضاً للإثيوبي، والأفريقي، والأوروبي.
وكشف الحلبي عن السيناريوهات التي تضعها مصر في مقابل إعلان إثيوبيا أنها لن تتوقف عن بناء السد، الأول يتلخص في نجاح المفاوضات التي تتم برعاية الاتحاد الأفريقي، وأن يخرج الجميع مستفيدين. أما في حالة فشله في الوصول إلى مواءمات بين الدول أو اتفاق، سيعود الأمر مرة أخرى إلى مجلس الأمن.
وأشار الحلبي إلى أن واشنطن لم تلجأ لفرض نفوذها على إثيوبيا حتى تشارك في الجولة الأخيرة من مفاوضات واشنطن، لأنها تلتزم بموقف المراقب الذي لا يجب أن يستخدم أي أوراق ضغط على أحد الأطراف.
وفي ورقة بعنوان «الموقف المصري خلال المفاوضات» ذكر اللواء محمد إبراهيم أن القاهرة تتعامل مع قضية السد بمنتهى الجدية، وقد شكلَّت مبكراً «لجنة عليا للمفاوضات»، تضم ممثلين عن جميع المؤسسات المصرية المختصة بموضوع المياه، وخبراء متخصصين، وانتهجت المسار السياسي للوصول إلى حل للأزمة، وهو ما يعني أنه لا حديث في القاهرة عن خيار عسكري.
وعن السيناريوهات المستقبلية في حال فشل المفاوضات برئاسة الاتحاد الأفريقي، لفت إبراهيم إلى أن مصر سوف تلجأ إلى مجلس الأمن مرة أخرى، وقد تتحول الأزمة إلى محكمة العدل الدولية.


مقالات ذات صلة

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

يوميات الشرق الأمير فيصل بن سلمان يستقبل الأمير خالد بن طلال والدكتور يزيد الحميدان بحضور أعضاء مجلس الأمناء (واس)

الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية

قرَّر مجلس أمناء مكتبة الملك فهد الوطنية تعيين الدكتور يزيد الحميدان أميناً لمكتبة الملك فهد الوطنية خلفاً للأمير خالد بن طلال بن بدر الذي انتهى تكليفه.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
ثقافة وفنون قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

قراءات المثقفين المصريين في عام 2024

مرَّت الثقافة العربية بعام قاسٍ وكابوسي، تسارعت فيه وتيرة التحولات بشكل دراماتيكي مباغت، على شتى الصعد، وبلغت ذروتها في حرب الإبادة التي تشنّها إسرائيل على غزة

رشا أحمد (القاهرة)
كتب كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

كُتب المؤثرين بين الرواج وغياب الشرعية الأدبية

صانع محتوى شاب يحتل بروايته الجديدة قائمة الكتب الأكثر مبيعاً في فرنسا، الخبر شغل مساحات واسعة من وسائل الإعلام

أنيسة مخالدي (باريس)
كتب «حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

«حكايات من العراق القديم» و«ملوك الوركاء الثلاثة»

صدر عن دار «السرد» ببغداد كتابان مترجمان عن الإنجليزية للباحثة والحكواتية الإنجليزية فران هزلتون.

«الشرق الأوسط» (بغداد)
كتب كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

كتاب جديد يكشف خبايا حملة نابليون على مصر

يتناول كتاب «حكايات في تاريخ مصر الحديث» الصادر في القاهرة عن دار «الشروق» للباحث الأكاديمي، الدكتور أحمد عبد ربه، بعض الفصول والمحطات من تاريخ مصر الحديث

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

أسواق 2024: الكتب الأكثر مبيعاً... الخاسرون والرابحون

 «من أجل عيون منى» لتوماس شيسلر
«من أجل عيون منى» لتوماس شيسلر
TT

أسواق 2024: الكتب الأكثر مبيعاً... الخاسرون والرابحون

 «من أجل عيون منى» لتوماس شيسلر
«من أجل عيون منى» لتوماس شيسلر

ككل نهاية سنة ينشر الإعلام الفرنسي قائمة بالكتب والإصدارات التي سجَّلت أقوى المبيعات على مدار السنة. النتائج تُنشر بناءً على أرقام معاهد الإحصاء المختصة، مثل «إيدستا» أو «داتاليب»، ولكن أيضاً انطلاقاً من الأرقام التي أعلنت عنها دور النشر، وهي لا تأخذ بعين الاعتبار القيمة الأدبية للإصدارات، بل النجاح التجاري فقط، حيث يحدث أن نجد في أسفل القائمة كتباً قيّمة لاقت ترحيب النقاد لكنَّ الإقبال الجماهيري عليها كان ضعيفاً.

من هذا المنظور تُوجت دار نشر «ألبان ميشال» هذه السنة «ملكة للمبيعات»، حيث سجلت بفضل غزارة ونوعية الأعمال التي أشرفت على نشرها هذه السنة، أكبر النجاحات. أول هذه الأعمال كانت رواية «من أجل عيون منى» للكاتب والباحث في تاريخ الفن توماس شيسلر، وهي الرواية التي فاقت منذ صدورها كل التوقعات، إذ حازت اهتماماً إعلامياً واسعاً، كما تُرجمت إلى 32 لغة بما فيها العربية، وبيعت بأكثر من 390 ألف نسخة (أرقام خاصة بفرنسا) وهي تروي قصّة «منى»، طفلة في العاشرة تصاب بتوقف تدريجي للبصر، فيقرر جدها معالجتها على طريقته الخاصة بأن يصطحبها في كل أسبوع إلى أكبر متاحف فرنسا لتتأمل روائع الفن العالمي.

«مذكرات» لجوردن بارديلا

من الأعمال الناجحة أيضاً الرواية الرابعة للكاتبة فاليري بيران «تاتا» وهي بوليسية نفسية تروي قصة كوليت، امرأة مختفية تقوم ابنة أختها بالتحقيق في سبب اختفائها لتكتشف أن لخالتها حياة مزدوجة. هذه الرواية بيعت بأكثر من 250 ألف نسخة وهو نفس الإنجاز الذي وصلت إليه رواية «نادل فندق الريتز» للكاتب فيليب كولين، وهي القّصة الحقيقية لفرانك مايير، أشهرا نادل في باريس إبان حقبة النظام الفيشي. «ألبان ميشال» كانت أيضاً المؤسسة التي نشرت السيرة الذاتية لرئيسة وزراء ألمانيا السابقة أنجيلا ميركل بعنوان «الحرية: الذكريات 1954 - 2021» التي تروي فيها مسيرتها السياسية عبر أكثر من 700 صفحة. ورغم أن الكتاب بيع منه نحو 350 ألف نسخة فإن الإنجاز لم يكن في مستوى توقعات وآمال الناشر على اعتبار أنه دفع أكثر من 400 ألف يورو في مزاد علني خاص (حسب مصادر مجلة «لكسبرس») مقابل الحصول على حقوق النشر، ناهيك بمصاريف الترجمة والدعاية والتوزيع، خصوصاً إذا ما قورن بما حققته دار نشر «فايار» مع الطبعة الفرنسية لمذكرات ميشال أوباما مثلاً، التي بيع منها داخل فرنسا 500 ألف نسخة وأكثر من عشرة ملايين في العالم. سنة 2024 أكدت أيضاً صحة الآراء التي ترى أن الجوائز تسهم في الترويج للكتب ورفع المبيعات، فعلى الرغم من الجدل الكبير بخصوص قضية نشر قصّة سعادة عربان البطلة الحقيقية لـ«الحوريات» لكمال داود دون إذنها، فإن الرواية تمكنت من تحقيق نجاح تجاري كبير منذ صدورها في 15 أغسطس (آب)، إذ بيع منها حتى الآن أكثر من 390 ألف نسخة، متبوعة برواية «جاكاراندا» التي يواصل فيها الكاتب غاييل فاي استكشاف إشكالات المنفى والذاكرة والهويات المتعددة من موطنه رواندا. هذه الرواية كانت تنافس «الحوريات» على جائزة «غونكور» لكنها ختمت السنة بجائزة «رونودو»، وبيع منها أكثر من 250 ألف نسخة، وهي الثانية لفاي بعد ثماني سنوات على صدور عمله الروائي الأول «البلد الصغير». أقل منهما حظاً الكاتبة هيلين غودي، فرغم ترحيب النقاد بعملها وترشحها للقائمة الصغيرة لـ«غونكور» فإن عملها الروائي لم يلقَ الرواج المتوقَّع، حيث لم تَبِعْ من روايتها «الأرخبيل» سوى 4000 نسخة منذ صدورها.

«تاتا» لفاليري بيرن

سنة 2024 تميزت أيضاً بنجاح الكتب السياسية لشخصيات من اليمين المتطرف، أهمها إصدارات تابعة لدار نشر «فايار» التي أصبحت مِلك رجل الأعمال فنسان بولوري المعروف بقربه من تيار اليمين المتطرف. أهم هذه الإصدارات السيرة الذاتية لجوردان برديلا، رئيس حزب التجمع الوطني، وهي بعنوان «عن ماذا أبحث؟»، حيث لاقت إقبالاً كبيراً وبيع منها 150 ألف نسخة، إضافةً إلى كتاب فيليب دو فيليي، وهو شخصية سياسية محافظة من اليمين المتطرف سجّل كتابه «مبيد الذاكرة» أكثر من 140 ألف نسخة، في الوقت الذي سجلت فيه كتب الشخصيات اليسارية أمثال الرئيس السابق فرانسوا هولاند، وآن هيدالغو، عمدة باريس، فشلاً ذريعاً، حيث بيع من عمل الرئيس السابق 6000 نسخة، و السيدة هيدالغو 250 نسخة فقط.

على أن روايات الجريمة والتشويق تبقى الأكثر شعبية.

على رأس القائمة الرواية البوليسية «حيوان متوحش» للكاتب السويسري جويل ديكير وهي من نوع المغامرات البوليسية، وحازت رواجاً شعبياً كبيراً وبيعت بأكثر من 420 ألف نسخة. تليها الرواية الجديدة لغيوم ميسو «شخص آخر»، وهي من النوع البوليسي أيضاً وبيع منها 390 ألف نسخة.

«فادي الأخ المسروق» لرياض سطوف

ودائماً في عالم الجريمة تَحوَّل الطبيب الشرعي البلجيكي فيليب بوكسو إلى نجم المكتبات الفرانكوفونية بفضل كتب استلهمها من خبرته في تشريح الجثث وأسلوبه المتسم بروح الفكاهة اللاذعة. وقُدرت مبيعات كتابه الأخير «في مواجهة الموت» بـ300 ألف نسخة.

والجديد هذه المرة اقتحام القصص المصوَّرة وسلاسل المانغا بقوة سوق الكتب. حيث نقلت وسائل الإعلام الفرنسية النجاح الساحق الذي سجَّله المؤثر الشاب «أنوكس تاغ» بسلسلة المانغا «الغريزة» أو «أنستا»، (دار نشر «ميشال لافون»)، التي بيع منها 265 ألف نسخة بعد شهرين فقط من صدورها، إضافةً إلى سلسلة الرسوم المصّورة: «أنا فادي... الابن المسروق» للرسّام السوري الفرنسي رياض سطّوف الذي يعد من الأسماء المتعودة على احتلال صدارة قوائم الكتب الأكثر مبيعاً (بيست سيلرز) في فئة القصّص المصورة (بي دي)، فهو معروف بسلسلة «عربي من المستقبل» التي أصدر منها 6 مجلدات، وهي سيرة ذاتية هزلية عن حياته من الطفولة في سوريا وليبيا إلى حياته في المهجر. «عربي من المستقبل» كانت قد حازت بها عدة جوائز منها «الجائزة الكبرى لمهرجان أنغولام» أما السلسلة الجديدة فقد بيع منها أكثر من 350 ألف نسخة.