لا صوت يعلو في الولايات المتحدة في يوم الثالث من نوفمبر (تشرين الثاني) إلا صوت الانتخابات؛ حشود وطوابير من الناخبين بوجوه تكسوها «الكمامات» للحماية من فيروس كورونا يقفون أمام مراكز الاقتراع في يوم «الثلاثاء الكبير»، وذلك لاختيار رئيس أميركا القادم، وكذلك التصويت لاختيار أعضاء مجلس النواب في الكونغرس، والتصويت لملء 35 مقعداً في مجلس الشيوخ.
ويُعد يوم الانتخابات إجازة رسمية في البلاد كافة، إذ أغلقت المدارس والجامعات والأعمال، وكذلك الشركات والقطاعات الحكومية التي لا يرتبط عملها بالانتخابات، وذلك للسماح لموظفيها وللمواطنين بممارسة حقهم الدستوري في التصويت، واختيار مرشحهم الرئاسي، بعد أن تجاوز عدد المصوتين في التصويت المبكر الـ100 مليون مصوت، وذلك بنهاية يوم الثاني من نوفمبر (تشرين الثاني).
وبحسب إحصائية مركز «بيو» للدراسات والاستطلاعات التي أجريت على شريحة واسعة من الشعب الأميركي، تصل إلى أكثر من 12 ألف مسجل، فإن عدد المصوتين الأميركيين المستقلين الذين لا ينتمون إلى تأييد حزب معين بلغت نسبتهم 34 في المائة، فيما بلغت نسبة المصوتين الديمقراطيين 33 في المائة، والجمهوريين 29 في المائة، ومن الجمهور المستقل يميل نحو 49 في المائة منهم إلى الحزب الديمقراطي، فيما يميل 44 في المائة إلى الحزب الجمهوري.
وأوضحت الإحصائية أن المصوتين البيض تبلغ نسبتهم 69 في المائة، فيما السود واللاتينيين تبلغ نسبة كل مجموعة 11 في المائة، و8 في المائة للأعراق الأخرى، وأعمار المصوتين فوق الـ30 سنة بلغت 84 في المائة، فيما 16 في المائة من المصوتين هم من فئة الشباب (أعمارهم أقل من 30 سنة).
أما المصوتون المهاجرون، فإن عددهم يبلغ 23 مليون شخص يتوقع أن يصوّتوا في الانتخابات، وهو ما تمثل نسبته 10 في المائة من إجمالي سكان الولايات المتحدة الأميركية البالغ عددهم 328 مليون نسمة، بحسب آخر إحصائية في 2019.
ومن أمام أحد مراكز الاقتراع والتصويت في ولاية فيرجينا بمقاطعة فايرفاكس، التقت «الشرق الأوسط» بعدد من الناخبين الأميركيين الذين صوّتوا في ساعات الصباح الباكر حضورياً، حيث فتحت مراكز الاقتراع أبوابها في تمام الساعة السادسة صباحاً، وتستمر حتى الساعة السابعة مساءً، إذ ساعدت الأجواء الخريفية التي بلغت درجة الحرارة فيها 16 درجة مئوية (61 فهرنهايت) المصوتين على الوقوف في طوابير الانتظار، والتصويت لمرشحهم الرئاسي.
وتباينت آراء الناخبين الأميركيين بين مؤيد ومعارض للرئيس ترمب، وكذلك منافسه جو بايدن، إلا أن ولاية فيرجينيا (تعرف بميلها الديمقراطي) كانت غالبية الاتجاهات فيها تؤيد المرشح الديمقراطي جو بايدن، وهو ما أكدّه توني ديكورن، حيث أكد أن الانتخابات الأميركية هذا العام تميزت باختلافها عن كل الانتخابات الأخرى سابقاً، مرجعاً ذلك إلى الخلفية السياسية والخبرة العملية للمرشحين الرئاسيين، وطبيعة الأحداث التي تمر بها أميركا والعالم، خصوصاً مع فيروس كورونا.
وأوضح ديكورن لـ«الشرق الأوسط» أن الفائز بمقعد الرئاسة الأميركية سيجب عليه مواجهة كثير من الملفات التي تهم الناخب الأميركي، وأولها ملف «كوفيد-19»، وإعادة تحسين الاقتصاد، وفتح المدارس، ومواجهة الملفات والقضايا الاجتماعية، وكذلك السياسية، متمنياً أن يحظى بايدن بهذه الفرصة، وذلك لانتمائه للحزب الديمقراطي.
في حين رأى براد كلابر أن يوم الثلاثاء يوم تاريخي لاختيار الرئيس الأميركي، إذ يؤيد المرشح الديمقراطي بايدن، وذلك لثقته العميقة في خبرته السياسية الممتدة لأكثر من 30 عاماً، على حد قوله، مضيفاً: «لا يمكن مقارنة الخبرة السياسية لجو بايدن بدونالد ترمب، فبايدن تولّى مناصب مهمة في الدولة على مدار 40 عاماً، وهو مؤهل لإعادة توحيد الصفوف، في الوقت الذي تشهد فيه أميركا صراعاً داخلياً بين التيارات الحزبية سبب انقساماً داخلياً بين الشعب».
ومن جهة أخرى، عبر زوجان، عن تأييدهما للرئيس ترمب المرشح الجمهوري في الانتخابات، معتبرين أن المرحلة المقبلة في البلاد تحتاج إلى شخصية مختلفة، شخصية لم تكن في واشنطن مدة 40 عاماً، ولم تستطع أن تحسن من أرقام الاقتصاد، ولا من الحالة المعيشية للمواطن الأميركي.
وأفادا بأن فيروس كورونا الجديد يمثل تحدياً حقيقياً أمام الرئيس ترمب، إلا أن التصويت له هو في حد ذاته أقل سوءاً من التصويت لجو بايدن، إذ إن الفريق الديمقراطي انتقد إدارة ترمب، بيد أنه لم يقدم خطاً بديلاً، ولم يقنع المواطن الأميركي بالتصويت له، والثقة بأنه قادر على السيطرة على الفيروس.
وأضافا: «التصويت اليوم كان سهلاً سلساً، ولم يأخذ منا أوقاتاً طويلة، ووقوفنا مع ترمب ليس بالضرورة معناه أننا نؤيد كل ما يقوله، ولكننا نرى فيه الشخص المناسب الذي يستطيع أن يغير شيئاً لصالح الشعب الأميركي، وواجبنا -بصفتنا مواطنين أميركيين- هو دعم ذلك».