انشقاق سوريين موالين لتركيا هرباً من قتال قره باغ

تنافس استعراضي بين دوريات أميركية وروسية قرب القامشلي

صورة أرشيفية لتجمع مقاتلين سوريين مدعومين من تركيا شمال حلب (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لتجمع مقاتلين سوريين مدعومين من تركيا شمال حلب (أ.ف.ب)
TT

انشقاق سوريين موالين لتركيا هرباً من قتال قره باغ

صورة أرشيفية لتجمع مقاتلين سوريين مدعومين من تركيا شمال حلب (أ.ف.ب)
صورة أرشيفية لتجمع مقاتلين سوريين مدعومين من تركيا شمال حلب (أ.ف.ب)

أكدت مصادر محلية شمال شرقي سوريا، أول من أمس، انشقاق 15 مقاتلاً سورياً كانوا في صفوف الموالين لتركيا، بينهم قياديون، ووصولهم إلى مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية» المجاورة لمناطق السيطرة التركية.
وقالت المصادر إن 7 مقاتلين انشقوا بعد منتصف ليلة السبت - الأحد قاصدين ناحية أبو راسين وتقع في أقصى ريف الحسكة الشمالي الخاضع لقوات «قسد»، بعد أن سبقهم 8 آخرون قبل أسبوع، لترتفع حالات الانشقاق في صفوف الفصائل الموالية لتركيا، إلى 15 مقاتلاً.
ونقلت مصادر نقلت عن المقاتلين المنشقين، أنهم يرفضون أوامر الجيش التركي لهم بالمشاركة في المعارك الدائرة بين أرمينيا وأذربيجان في إقليم ناغورني قره باغ المتنازع عليه بين البلدين، والتحول إلى مرتزقة للقتال في الجبهات والساحات التي تتدخل فيها الدولة التركية وتحشد فيها السوريين للقتال مقابل المال.
وبحسب متابعين للشأن العسكري شمال سوريا، زادت حالات الانشقاق في صفوف التشكيلات السورية الموالية لتركيا، في أعقاب الزج بهم في ساحات القتال الخارجية؛ في ليبيا وأذربيجان، ويعزوا هؤلاء ازدياد مشاركة السوريين في تلك الحروب، إلى الأوضاع الاقتصادية بالغة السوء.
في هذه الأثناء، تبنت صفحات وحسابات على موقع التواصل الاجتماعي «تلغرام» تابعة لموالين لتنظيم «داعش» الإرهابي، عملية اغتيال قيادي بارز في قوات «قسد» العربية - الكردية والمدعومة من واشنطن.
وكان القتيل يشغل منصب قائد منطقة مركدة الجنوبية بالحسكة، حيث تعرض للاستهداف، أمس، على يد مسلحين ملثمين كانوا يستقلون دراجة نارية في سوق الغنم بالبلدة نفسها. وقد أعلنت قوات «قسد»، أمس، عن حملة أمنية لملاحقة خلايا التنظيم في محيط البلدة وريفها.
وأشار مصدر عسكري من القوات إلى أن هدف الحملة ملاحقة الخلايا النشطة الموالية لـ«داعش» والمتورطين في عمليات الاغتيال.
بدوره؛ كشف «المرصد السوري لحقوق الإنسان» عن إحصائية لعدد الذين تعرضوا لحوادث مماثلة في مناطق سيطرة «قوات سوريا الديمقراطية»؛ بينهم المقاتلون والمدنيون والعاملون في المجال النفطي والمسؤولون في جهات خدمية.
ومنذ منتصف 2018 تعرض 206 مدنيين كانوا يشغلون مناصب إدارية وقيادية في هياكل الحكم المحلية التابعة للإدارة الذاتية، لمحاولات قتل؛ بينهم 15 طفلاً و11 امرأة، يتحدرون من مناطق ريف دير الزور الشرقي وريف الحسكة ومدينة الرقة وريفها وبلدة منبج بريف حلب الشرقي.
كما قتل خلال هذه الفترة 376 مقاتلاً وقيادياً محلياً يعملون في صفوف «قوات سوريا الديمقراطية»، فيما اغتيل 4 من عناصر ومسؤولي التحالف الدولي، إلى جانب سقوط عشرات الجرحى بعد استهدافهم.
في هذا السياق، نجا القيادي أحمد الخبيل، قائد «مجلس دير الزور العسكري»، من محاولة اغتيال تعرض لها، أمس، في شارع فيلات النشوة جنوب مدينة الحسكة، وقد استهدف مسلحون مجهولون السيارة التي كانت تقل الخبيل بمدينة الحسكة وقاموا بإطلاق النار، وقال «المجلس» المدعوم من واشنطن، في بيان، إن الانفجار لم تنجم عنه إصابات بشرية، وإن قائده بصحة جيدة وإن الأضرار اقتصرت على الماديات.
وكانت الناطقة الرسمية والقيادية ليلوى العبد الله، قد تعرضت لمحاولات اغتيال عدة خلال العام الحالي، فيما قتل شعبان المعاط؛ قائد «فوج البوكمال» التابع للقوات، في شهر أغسطس (آب) الماضي، كما قتل رضوان أمين؛ وكان قيادياً في مجلس الشدادي العسكري بعد إطلاق الرصاص عليه بشكل مباشر في بلدة مركدة.
إلى ذلك؛ وفي شأن آخر، سيرت القوات الأميركية دورية عسكرية اعتيادية في محيط بلدة المالكية (ديريك) النفطية، الواقعة في شمال شرقي محافظة الحسكة، وكثفت دورياتها خلال الآونة الأخيرة، لتشمل مناطق شرق القامشلي، وناحية القحطانية أو «تربة سبية»، وبلدة رميلان النفطية، بهدف تثبيت الأمن والسلم الأهلي مع تصاعد وتيرة التهديدات التركية، ومنع ظهور خلايا تنظيم «داعش» المتطرف.
وسيرت فيه الشرطة العسكرية الروسية، دورية في المنطقة نفسها، تألفت من 4 مدرعات رافقتها مروحيتان لتأمين الغطاء الجوي، انطلقت من مدينة القامشلي وجالت في قرية «سرمساخ تحتاني»، ثم قصدت قرية «سرمساخ فوقاني» ووصلت إلى بلدة معبدة شرق القامشلي.
وكانت القوات الروسية سيرت دوريات في قريتي «عين ديوار» و«قصر الديب» بالمالكية، وحاولت إنشاء نقاط عسكرية لكنها صدمت باحتجاج من سكانها الأكراد، بعد اعتراضهم على وجودها وانتشارها بمحيط المنطقة.



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.