كشفت قيادات اتحاد الشغل (نقابة العمال) في تونس، أمس، عن مبادرة وطنية شاملة، أعدها نخبة من الخبراء المختصين في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، على أن يقدم «الاتحاد» تفاصيلها لاحقاً إلى رئيس الجمهورية قيس سعيّد للإشراف على الحوار حولها، بعيداً عن تجاذبات الأحزاب السياسية.
وأكد سامي الطاهري، المتحدث باسم اتحاد الشغل، في تصريح لـ«الشرق الأوسط»، أمس، أن هذه المبادرة لقيت ترحيباً من قبل الرئيس، خلال استقباله رئيس اتحاد الشغل، مشيراً إلى أن أهمية هذه المبادرة «تنبع من تركيزها على الأولويات الوطنية، بما يؤسس لتبديد مخاوف التونسيين على مستقبل وحاضر بلادهم، بمنأى عن التجاذبات».
وحول مدى تطابق هذه المبادرة مع جلسات الحوار التي قادها الرباعي، الراعي للحوار السياسي سنة 2013، الذي أدى في نهايته إلى خروج النهضة من الحكم، قال الطاهري إنها «مغايرة للحوار الوطني السابق، وهي تندرج ضمن التزامات الاتحاد للمرحلة المقبلة في إنقاذ تونس، من خلال مقاربة موحدة»، على حد قوله.
ومن المنتظر أن يجري هذا الحوار، في حال تنظيمه، في أجواء يغلب عليها انعدام استقرار العلاقة بين الائتلاف البرلماني الداعم لحكومة المشيشي وبقية الأحزاب المعارضة، وتفاقم القطيعة بين مؤسسات رئاسة الجمهورية ورئاسة البرلمان ورئاسة الحكومة، وتواصل الخلافات حول الخيارات السياسية لهذه المؤسسات.
وفي أولى خطواته لإقناع ممثلي مؤسسات الدولة بجدوى هذه المبادرة، بدأ نور الدين الطبوبي، رئيس الاتحاد العام التونسي للشغل، في التمهيد لملتقى يجمع ممثلي الأحزاب السياسية والمنظمات الوطنية، والفاعلين الاقتصاديين والمدنيين، على الطاولة نفسها، لمناقشة سبل إنقاذ البلاد من أوضاعها الاقتصادية والاجتماعية والصحية، وهي التي باتت مهددة بالإفلاس التام، على حد تعبيره.
وأجرى الطبوبي لقاءات منفصلة مع راشد الغنوشي، رئيس البرلمان رئيس حركة النهضة (إسلامية)، ورئيس الجمهورية قيس سعيّد، تركزت أساساً على مناقشة مقترح الاتحاد الذي ينص على توحيد الجهود، عبر حوار تكون مرجعيته الشرعية الانتخابية ودولة القانون والمؤسسات.
يذكر أن عدداً من الأحزاب المعارضة سبق أن تبنت فكرة إجراء «حوار وطني للإنقاذ»، يشرف عليه رئيس الجمهورية، بهدف «تلطيف المناخ السياسي، والبحث عن مخرج للأزمة السياسية والاجتماعية» التي تمر بها تونس، علاوة على «توحيد الجهود في مواجهة الأزمات الاقتصادية والاجتماعية، والابتعاد عن التجاذبات السياسية التي عطلت التنمية، وأخرت كثيراً عمليات الإصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي». وتقود «كتلة الإصلاح الوطني» البرلمانية، المكونة من عدة أحزاب صغيرة، و«حركة الشعب» (معارض)، هذه المبادرة في جوانبها السياسية التي تختلف مع توجهات حركة النهضة في سعيها للسيطرة على حكومة هشام المشيشي، وتطويعها لخدمة مصالحها الضيقة، حسب تعبيرها.
وفي هذا السياق، قال زهير المغزاوي، رئيس «حركة الشعب»، إن الرئيس التونسي «يملك فرصة لتجميع الفاعلين السياسيين، ضمن حوار وطني يتجاوز حالة التشتت السياسي، ويبتعد عن خطابات التشتيت والتوتر والتجاذب التي طبعت العلاقات بين الأحزاب السياسية، خصوصاً تحت قبة البرلمان».
وتلقى الدعوة لتنظيم «مؤتمر وطني للإنقاذ» دعم عدد من الأحزاب السياسية المعارضة، من بينها «حركة مشروع تونس»، وحزب «بني وطني»، وحزب «الأمل»، و«الحركة الديمقراطية». وذلك في انتظار موقف بقية الأطراف السياسية، خاصة الائتلاف الثلاثي البرلماني الداعم لحكومة المشيشي، المكون من حركة «النهضة» وحزب «قلب تونس» و«ائتلاف الكرامة»، من الحوار الوطني تحت إشراف الرئيس قيس سعيّد.
الرئيس التونسي يشرف على مبادرة لإخراج البلاد من أزماتها الخانقة
الرئيس التونسي يشرف على مبادرة لإخراج البلاد من أزماتها الخانقة
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة