رابطة نيويورك للمناظرة تضم طلبة مدارس من خلفيات ثقافية مختلفة

مزيج متنوع من الطلبة يتعلمون المعارضة المتحضرة

الطلاب من 10 مدارس مختلفة يتجادلون في مناظرة بأحد الفصول في نيويورك
الطلاب من 10 مدارس مختلفة يتجادلون في مناظرة بأحد الفصول في نيويورك
TT

رابطة نيويورك للمناظرة تضم طلبة مدارس من خلفيات ثقافية مختلفة

الطلاب من 10 مدارس مختلفة يتجادلون في مناظرة بأحد الفصول في نيويورك
الطلاب من 10 مدارس مختلفة يتجادلون في مناظرة بأحد الفصول في نيويورك

ربما تكون موضوعات مثل تثبيت أفراد الشرطة لكاميرات على أجسادهم، والذعر من مرض الإيبولا، وغيرهما مناسبة لتكون مجال نقاش في البرامج الحوارية يوم الأحد، لكن لم تجر الحجة والحجة المضادة في مثل تلك الموضوعات على ألسنة سياسيين أو معلقين، بل على ألسنة طلبة يقفون على أعتاب المراهقة أثناء نقاشهم لموضوعات تمس أحيانا أمورا خاصة تقع في عقر دارهم.
خلال نهاية الأسبوع الماضي، التقى نحو مائة طالب في المرحلة الإعدادية من 10 مدارس في مدينة نيويورك، من أعضاء رابطة نيويورك للمناظرة، في مدرسة «هاكلي» بتاريتاون بولاية نيوجيرسي من أجل المناظرة الشهرية. وتدخل الرابطة، التي تضم مؤسسات نخبوية خاصة، مثل مدرستي «هاكلي» و«دالتون»، فضلا عن المدارس المستقلة الممولة من الحكومة مثل مدارس «ساكسيس أكاديمي تشارتر» والتي بها عدد كبير من الطلبة الفقراء، السنة الرابعة في تعليم أطفال من مختلف الخلفيات الثقافية فن المعارضة المتحضرة الآخذ في التراجع والانقراض. وقالت بريانا سكوت، الطالبة في الصف الثاني الإعدادي بمدرسة «ساكسيس أكاديمي هارلم ويست»: «الرابطة بالنسبة لي نوع من التعليم الإضافي الذي يعدّك للتعامل مع العالم». وأضافت وهي تبتسم: «كذلك أرى الأمر ممتعا».
في السابق كانت المناظرات تقتصر على المدارس الثانوية والجامعات، لكنها بدأت حاليا تنتشر في المدارس الإعدادية في مختلف أنحاء الولايات المتحدة، وجذبت المسابقات الدورية القومية مئات من المدارس. مع ذلك ما يميز رابطة نيويورك هو جعل أطفال من رابطة آيفي ينافسون طلبة يحاولون أن يكونوا أول من يلتحق بالجامعة في عائلاتهم. ووسط النقاشات عن رقابة هيئة الأمن القومي والتعليم ما قبل التمهيدي على مستوى العالم، يتخلون عن أجهزة الـ«آيبود» الخاصة بهم ويختلطون ببعضهم البعض أثناء فترات الراحة دون الانتباه لأي اختلافات بينهم. وفي كثير من المسابقات الشبابية يشعر البالغون بالتحرر قليلا، حيث يشكو الآباء من المسؤولين، في حين يسخر المدربون من استقطاب المواهب بعيدا عن المدارس المتنافسة.
مع ذلك أكثر الأشياء وضوحا هو تقدير الشباب المتزايد للبحث والجدال والتفكير في وجهات النظر الأخرى، والمهارات التي سيحتاجونها عندما يكبرون سواء كان ذلك في التأييد السياسي أو في العروض التوضيحية أمام مجالس الإدارات. فقط في المناظرات يتم تشجيع الأطفال على القيام بـ«مقاطعة جدلية»، وهو مصطلح يشير إلى المقاطعة البناءة.
ويمكن أن تتخذ الموضوعات الفكرية منحى عاطفيا، ففي نقاش تم خلال شهر أبريل (نيسان)، جادل سيكو سيس، طالب في الصف الثالث الإعدادي بمدرسة في هارلم ويست وأسرته من مالي، ضد فكرة فشل محاربة الفقر في الولايات المتحدة. وقال أمام جمهور شغوف بالنقاش: «كان هذا سيعني أنني مهما بذلت من جهد، ومهما حققت من نجاح في المدرسة، ومهما تدربت على الجدل والحجاج، لن أتمكن من تجاوز العالم الذي ولدت فيه». وقد فاز بجائزة «غولدن غافيل» بأفضل مناظر لذلك اليوم، ورأى في تلك الليلة ذاتها جارا له يقتل في مساكن إيست هارلم التي يعيش بها.
وتختار الرابطة موضوعات إخبارية ربما تثير سخط بعض الآباء حيث يناقشها أطفال في التاسعة من العمر فقط. وأوضح ستيف فيتزباتريك، رئيس الرابطة، قائلا: «يساعد هذا الأمر على أن يأخذ البالغون آراءهم على محمل الجد». وأضاف فيتزباتريك مدرس التاريخ في «هاكلي» الذي يتولى تدريب فريق المناظرة بها: «الأطفال على دراية بتلك المعلومات، ولا يمكنني التظاهر بأنهم لا يعلمون شيئا عما يحدث في العالم سواء كان ذلك مرض الإيبولا أو قطع الرؤوس. أنا لا أسعى إلى أن أسرّع من عملية نموهم، لكنهم يستطيعون التعامل مع أمور أكثر مما نعتقد بكثير».
ولأن الأطفال لا يعلمون الجانب الذي ينبغي لهم تمثيله إلا قبل 20 دقيقة من بدء المناظرة، عليهم الاستعداد للمناظرة تمثيلا لأي من الجانبين. وأحيانا يكون الجانب الذي يمثلونه مكروها بالنسبة إليهم شخصيا. ومن الموضوعات التي تمت مناقشتها يوم السبت منع استخدام أدوات تحسين صور السيدات في الإعلانات. ووجدت طالبة في الصف الثالث الإعدادي من مدرسة «دالتون» نفسها تجادل قائلة إن ارتفاع معدل اضطرابات الأكل بين النساء لا علاقة له بالصور التي تظهر في المجلات. وأوضحت الفتاة التي طلب والداها عدم ذكر اسمها في هذا المقال قائلة: «لقد كان الأمر صعبا جدا، لكن عليك أن تفهم آراء الآخرين بحيث تتمكن من إثبات خطئها». وأضافت: «يجب أن أنظر في طريقة تفكير الشركات حتى أتمكن من تفنيد حجتها. لا ينبغي التعامل مع الأشياء في إطار الأبيض والأسود فحسب».
وكان أكثر المناظرات سخونة يوم السبت من بطولة بريانا وأحد زملائها، وهو صبي اسمه لطيف دايون، و3 طالبات من مدرسة «هاكلي»، حول فوائد تثبيت أفراد الشرطة لكاميرات على أجسادهم. قال لطيف وهو يقف مرتديا الزي المدرسي المكون من سترة زرقاء وربطة عنق: «أوضحت دراسة أجريت على مدى عام وجود علاقة بين الكاميرات التي يتم تثبيتها على الجسد وبين انخفاض معدل شكاوى المواطنين بشكل كبير. وكذلك يوفر هذا المال». وقالت تشارليز هادسون من مدرسة «هاكلي» في معرض ردها على جوانب تتعلق بالخصوصية: «ستصورنا تلك الكاميرات طوال اليوم على مدار الأسبوع ولا نعرف ما إذا كانت الصور ستنشر على الإنترنت أم لا». وقاطعتها بريانا متسائلة: «هل تفضل أن تكون ميتا إذن؟». وأجابت تشارليز قائلا: «الشرطة تفضل ذلك» مشيرة إلى دراسة وجدتها أثناء بحثها على الإنترنت. وفازت مدرسة «هارلم ويست» بالمناظرة.
بعد ذلك أقرت تشارليز، بينما كانت تتحدث مع خصومها، بأن المشاعر داخلها كانت مختلطة أغلب الوقت أثناء المناظرة؛ فهي بمدرسة «هاكلي» وذات بشرة فاتحة اللون، لكن والدها الذي كان يجلس بالقرب منها أميركي من أصل أفريقي، ونشأ على تحرشات رجال الشرطة في ساوث كارولينا. وهنأت بريانا تشارليز على أدائها الجيد في المناظرة، منحية هذا الوضع جانبا.
وكانت الفرق الأقوى يوم السبت من مدارس تتمتع بمكانة بارزة في أبر إيست سايد في مانهاتن، مثل «هانتر» و«دالتون» و«نايتنغيل بامفورد» للفتيات. وحصل لطيف على شريط لفوزه بالمرتبة الواحدة والعشرين، بينما حلت بريانا في المرتبة الثانية عشرة. وقال لطيف، الذي أبواه من بوركينا فاسو في غرب أفريقيا: «من الرائع أن تزهو بمهاراتك. الجدال بالنسبة لي في منزلة مهنة مرموقة. كذلك أريد أن أصبح أول رئيس مسلم».
وللمرة الأولى طوال اليوم كان هناك أمر لا يمكن الجدال فيه.
* خدمة «نيويورك تايمز»



كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات
TT

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

كلية الطب في بيروت... 150 عاماً من النجاحات

التحدث عن كلية الطب في «الجامعة الأميركية» وما حققته من إنجازات وتطورات منذ تأسيسها عام 1867 لا يمكن تلخيصه بمقال؛ فهذه الكلية التي تحتل اليوم المركز الأول في عالم الطب والأبحاث في العالم العربي والمرتبة 250 بين دول العالم بالاعتماد على QS Ranking، استطاعت أن تسبق زمنها من خلال رؤيا مستقبلية وضعها القيمون عليها، وفي مقدمتهم الدكتور محمد صايغ نائب الرئيس التنفيذي لشؤون الطب والاستراتيجية الدولية وعميد كلية الطب في الجامعة الأميركية، الذي أطلق في عام 2010 «رؤيا (2020)»، وهي بمثابة خطة طموحة أسهمت في نقل الكلية والمركز الطبي إلى المقدمة ووضعهما في المركز الأول على مستوى المنطقة.

رؤية 2025

اليوم ومع مرور 150 عاماً على تأسيسها (احتفلت به أخيراً) ما زالت كلية الطب في «الجامعة الأميركية» تسابق عصرها من خلال إنجازات قيمة تعمل على تحقيقها بين اليوم والغد خوّلتها منافسة جامعات عالمية كـ«هارفرد» و«هوبكينز» وغيرهما. وقد وضعت الجامعة رؤيا جديدة لها منذ يوليو (تموز) في عام 2017 حملت عنوان «رؤية 2025»، وهي لا تقتصر فقط على تحسين مجالات التعليم والطبابة والتمريض بل تطال أيضاً الناحية الإنسانية.
«هي خطة بدأنا في تحقيقها أخيراً بحيث نستبق العلاج قبل وقوع المريض في براثن المرض، وبذلك نستطيع أن نؤمن صحة مجتمع بأكمله». يقول الدكتور محمد صايغ. ويضيف خلال حديثه لـ«الشرق الأوسط»: «لا نريد أن ننتظر وصول وفود المرضى إلى مركزنا الطبي كي نهتم بهم، بل إننا نعنى بتوعية المريض قبل إصابته بالمرض وحمايته منه من خلال حملات توعوية تطال جميع شرائح المجتمع. كما أننا نطمح إلى إيصال هذه الخطة إلى خارج لبنان لنغطي أكبر مساحات ممكنة من مجتمعنا العربي».
تأسَّسَت كلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت عام 1867، وتعمل وفقاً لميثاق صادر من ولاية نيويورك بالولايات المتحدة الأميركية، ويقوم على إدارتها مجلس أمناء خاص ومستقل.
وتسعى الكلية لإيجاد الفرص التي تمكن طلبتها من تنمية روح المبادرة، وتطوير قدراتهم الإبداعية واكتساب مهارات القيادة المهنية، وذلك من خلال المشاركة في الندوات العلمية والتطبيقات الكلينيكية العملية مما يُسهِم في تعليم وتدريب وتخريج أطباء اختصاصيين.
وملحَق بكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت مركز طبي يضم أقساماً للأمراض الباطنية والجراحة والأطفال وأمراض النساء والتوليد ‏والطب النفسي. كما يقدم المركز الطبي خدمات الرعاية الصحية المتكاملة في كثير من مجالات الاختصاص، وبرامج للتدريب على التمريض وغيرها ‏من المهن المرتبطة بالطب.

اعتمادات دولية

منذ عام 1902، دأب المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت على توفير أعلى معايير الرعاية للمرضى في مختلف أنحاء لبنان والمنطقة. وهو أيضاً المركز الطبي التعليمي التابع لكلية الطب في الجامعة الأميركية في بيروت التي درّبت أجيالاً من طلاب الطب وخريجيها المنتشرين في المؤسسات الرائدة في كل أنحاء العالم. المركز الطبي في الجامعة الأميركية في بيروت هو المؤسسة الطبية الوحيدة في الشرق الأوسط التي حازت على خمس شهادات اعتماد دولية وهي JCI)، وMagnet، وCAP، وACGME - I و(JACIE مما يشكّل دليلاً على اعتماد المركز أعلى معايير الرعاية الصحية المتمحورة حول المريض والتمريض وعلم الأمراض والخدمات المخبرية والتعليم الطبي والدراسات العليا. وقد خرَّجَت كلية الطب أكثر من أربعة آلاف طالب وطبيب. وتقدم مدرسة رفيق الحريري للتمريض تعليماً متميزاً للعاملين في مجال التمريض، ويلبي المركز الطبي احتياجات الرعاية الصحية لأكثر من 360 ألف مريض سنوياً.
ويتألف المركز من عدد من مراكز الامتياز كمركز سرطان الأطفال التابع لمستشفى «سانت جود» البحثي في ولايتي ممفيس وتينيسي. كما تتضمن برنامج باسيل لأورام البالغين وفيه وحدة لزرع نخاع العظام، إضافة إلى مراكز طب الأعصاب المختلفة وأمراض القلب والأوعية الدموية ومركز للرعاية الصحية للنساء.
«هناك استثمارات تلامس نحو 400 مليون دولار رصدت من أجل بناء البنية التحتية اللازمة للمركز الطبي مع مشروع افتتاح عدة مبانٍ وأقسام جديدة خاصة بأمراض السرطان وأخرى تتعلق بالأطفال، إضافة إلى نقلة نوعية من خلال زيادة عدد الأسرة لتلبية الحاجات الصحية المختلفة لمرضانا»، كما أوضح د. صايغ في سياق حديثه.

تبرعات للمحتاجين

يعمل المركز الطبي على تأمين العلاج المجاني لأمراض مستعصية من خلال تأسيس صناديق تبرُّع للمحتاجين، هدفها تأمين العلاج لذوي الدخل المحدود. وهي تخصص سنوياً مبلغ 10 ملايين دولار لمساعدة هذه الشريحة من الناس التي تفتقر إلى الإمكانيات المادية اللازمة للعلاج.
وينظم المركز الطبي مؤتمراً سنوياً ودورات وورش عمل (MEMA) تتناول مواضيع مختلفة كطب الصراعات ومواضيع أخرى كصحة المرأة، والصحة العقلية، وعبء السرطان وغسل الكلى أثناء الصراع وتدريب وتثقيف المهنيين الصحيين للتعامل مع تحديات العناية بأفراد المجتمع.
تُعدّ كلية الطب في الجامعة الأميركية السباقة إلى تأمين برنامج تعليمي أكاديمي مباشر لطلابها، بحيث يطبقون ما يدرسونه مباشرة على الأرض في أروقة المركز الطبي التابع لها.
ويرى الدكتور محمد صايغ أن عودة نحو 180 طبيباً لبنانياً عالمياً من خريجيها إلى أحضانها بعد مسيرة غنية لهم في جامعات ومراكز علاج ومستشفيات عالمية هو إنجاز بحد ذاته. «ليس هناك من مؤسسة في لبنان استطاعت أن تقوم بهذا الإنجاز من قبل بحيث أعدنا هذا العدد من الأطباء إلى حرم الكلية وأنا من بينهم، إذ عملت نحو 25 عاماً في جامعة (هارفرد)، ولم أتردد في العودة إلى وطني للمشاركة في نهضته في عالم الطب». يوضح دكتور محمد صايغ لـ«الشرق الأوسط».

رائدة في المنطقة

أبهرت كلية الطب في الجامعة الأميركية العالم بإنجازاتها على الصعيدين التعليمي والعلاجي، ففي عام 1925. تخرجت فيها أول امرأة في علم الصيدلة (سارة ليفي) في العالم العربي، وبعد سنوات قليلة (1931) كان موعدها مع تخريج أول امرأة في عالم الطب (ادما أبو شديد). وبين عامي 1975 و1991 لعبت دوراً أساسياً في معالجة ضحايا الحرب اللبنانية فعالج قسم الطوارئ لديها في ظرف عام واحد (1976 - 1977) أكثر من 8000 جريح. وفي عام 2014 تلقت إحدى أضخم التبرعات المالية (32 مليون دولار) لدعم المركز الطبي فيها وتوسيعه.
كما لمع اسمها في إنجازات طبية كثيرة، لا سيما في أمراض القلب، فكان أحد أطبائها (دكتور إبراهيم داغر) أول من قام بعملية القلب المفتوح في العالم العربي، في عام 1958. وفي عام 2009، أجرت أولى عمليات زرع قلب اصطناعي في لبنان، وفي عام 2017 أحرز فريقها الطبي أول إنجاز من نوعه عربياً في أمراض القلب للأطفال، عندما نجح في زرع قلب طبيعي لطفل.
كما تصدرت المركز الأول عربياً في عالم الطب لثلاث سنوات متتالية (2014 - 2017) وحازت على جوائز كثيرة بينها «الجائزة الدولية في طب الطوارئ» و«جائزة عبد الحميد شومان» عن الأبحاث العربية، و«جائزة حمدان لأفضل كلية طبية في العالم العربي» لدورها في التعليم الطبي لعامي 2001 – 2002.