{لجنة تقصي حقائق} بشأن احتجاجات العراق

TT

{لجنة تقصي حقائق} بشأن احتجاجات العراق

قرر رئيس الوزراء العراقي، مصطفى الكاظمي، تشكيل «فريق تقصي الحقائق»، مهمته التحقيق في الأحداث الدموية وحالات القتل والإصابات التي تعرّض لها المتظاهرون عقب موجة الاحتجاجات التي انطلقت في أكتوبر (تشرين الأول) عام 2019. وتتألف اللجنة المشكلة بأمر ديواني صدر، أول من أمس، من 5 قضاة متقاعدين مدعومين بفريق من المحققين. ويأتي قرار تشكيل اللجنة قبل نحو أسبوع من مظاهرات كبيرة تعدّ وتروّج لها منذ أيام جماعات الحراك بالتزامن مع الذكرى الأولى لاحتجاجات العام الماضي، كما تتزامن مع اتفاق طيف واسع من جماعات الاحتجاج على تشكيل «لجنة مركزية وموحدة لقيادة الحراك».
والتقى الكاظمي، الأحد، أعضاء فريق تقصي الحقائق، وقال إن «تشكيل هذا الفريق يمثل إعادة لولادة قيم الدولة الساعية إلى العدل والإنصاف، والتي تتعامل بمسؤولية مع حقوق شعبها». وأمس (الاثنين)، قال مستشار رئيس الوزراء هشام داود، إن «فريق تقصي الحقائق شُكّل من قضاة وبدعم حكومي لتوفير الحماية لها، ولديها الحق في البحث والتحري ولديها صلاحية واسعة». وأضاف، أن «تشكيل الفريق يأتي ضمن الالتزام الأخلاقي للحكومة والذي جاء في النقطة الخامسة للمنهاج الوزاري عندما نالت موافقة مجلس النواب». وأشار، إلى أن «الفريق سيأخذ ما هو متوفر، وهذه فرصة جديدة لمعرفة ما حصل وكيف حصل، وضمان عدم تكراره مستقبلاً، هناك شباب خرجوا دفاعاً عن وطنهم للمطالبة بحقوقهم ورُدّ عليهم بالنار». وذكر داود، أن «الإحصائيات تشير إلى سقوط أكثر من 560 شهيداً، وهناك جرحى ومعاقون بالآلاف، ويجب تصنيفهم حسب درجة العوق من خفيف إلى شديد، ونحن نتابع ذلك بشكل مستمر».
وبشأن الفترة الزمنية التي تحتاج إليها لجنة التحقيق لإعلان نتائجها، رأى مستشار الكاظمي، أن «من الصعب على السلطة التنفيذية أن تفرض على السلطة القضائية سقفاً زمنياً للبحث عن الحقيقة، فريق تقصي الحقائق سيبدأ عمله من حيث ما يراه مناسباً دون تدخل من الحكومة».
من جهته، لا يستبعد الناشط موسى رحمة الله، استمرار عمل لجنة التحقيق لنحو ثلاث سنوات، وقال لـ«الشرق الأوسط»، «تشكيل اللجنة من حيث المبدأ مسألة جيدة، لكن المشكلة بالإجراءات التي تلي ذلك والسقف الزمني الذي ستعلن به النتائج، نحن أمام لجنة عليها التحقيق والاستماع لشهادات عوائل الشهداء وآلاف المصابين والمعاقين، وعشرات الشخصيات والجهات المتورطة بأعمال القتل والاختطاف ضد الناشطين».
وبشأن الموجة الجديدة من الاحتجاجات المزمع انطلاقها في الذكرى الأولى لـ«انتفاضة تشرين» التي تصادف الأحد، يؤكد رحمة الله، أن «الاستعدادات تجري على قدم وساق، وهناك اتفاق شبه تام بين جماعات الحراك على إحياء الذكرى الأولى بمظاهرات حاشدة، أتصور أن المظاهرات هذه المرة ستركز على عمل المؤسستين القضائية والبرلمانية، غالبية جماعات الحراك تعتقد أنهما لم يعملا بالشكل الطبيعي منذ سنوات، ولا بد من تصحيح مسارهما».
وعن اختيار جماعات الحراك لجنة موحدة لقيادة المظاهرات، ذكر رحمة الله أن «أكثر من 70 في المائة من جماعات الحراك عقدوا خلال الأيام الماضية اجتماعات مكثفة، واتفقوا على إنشاء لجنة مركزية لتنظيم عمل انتفاضة تشرين، واختير لرئاستها الدكتور الناشط ضرغام ماجد المقيم في محافظة بابل». وأضاف «شخصياً لست مع إنشاء لجان مركزية، أعتقد أن العمل العفوي أكثر فاعلية، لكن ذلك لا يدفعني إلى الاختلاف مع بقية الزملاء الذين اختاروا أن يشكلوا هذه اللجنة».
أما الناشط أكرم عذاب، فيرى أن تشكيل لجنة موحدة لجماعات الحراك «خطوة ضرورية». ويقول، إن «خلق حلقة تنظيم من المتظاهرين بتمثيل واقعي هو الخطوة الأولى لإيضاح الطريق للجماهير التي أخذها الضياع منذ انطلاق الانتفاضة الشعبية حتى هذه اللحظة». ويضيف، أن «مجموعة من الإخوة المتظاهرين اختاروا الأخ ضرغام ماجد ممثلاً عن مجموعة من المحجين في محافظات عدة، إنها خطوة تحتاج إلى الدعم والإسناد لتوحيد الرؤى ورص الصفوف».



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».