في ظل أجواء مشحونة للغاية ترافق الحملات الانتخابية الأميركية، بدأ المراقبون يتحسبون لاحتمال عدم إعلان النتائج بعد انتهاء عمليات الاقتراع في «يوم الحسم»، الثلاثاء 3 نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل. هناك من يتحدث عن «مفاجآت» يمكن أن تؤدي إلى تأخير قد يستمر لأيام، وربما أسابيع.
الشكوك في شأن موعد إعلان النتائج كالعادة في الليلة ذاتها لم تولد فقط من رفض الرئيس الأميركي دونالد ترمب الإقرار مسبقا بـ«الانتقال السلمي» للسلطة، أو فقط من ادعاءات منافسه نائب الرئيس السابق جو بايدن في شأن «ترهيب» الناخبين. يشير كثيرون إلى معطيات إضافية يمكن أن تكون عاملا أكبر في تأخير النتائج، ومنها أن الأزمة الناجمة عن جائحة «كوفيد - 19» يمكن أن تجبر ولايات مثل بنسلفانيا على تمضية أسابيع في فرز الأصوات يدويا.
قبل 20 عاما، كانت المرة الأخيرة التي لم يظهر فيها رسم الفائز في ليلة الانتخابات الرئاسية أو في اليوم التالي. وكانت وسائل الإعلام غير مستعدة تماما لأمر كهذا. في ذلك العام، اضطر المدير التنفيذي في صحيفة «واشنطن بوست» ليونارد داوني إلى الاتصال بمدير الإنتاج الليلي بعد الساعة 30:2 صباحا في 8 نوفمبر 2000 لوقف الطبعة الأخيرة التي كان مقررا أن تعلن خطأ فوز جورج دبليو بوش على منافسه آل غور. وبدلا من ذلك، خرجت الصفحة الأولى من الطبعة الأخيرة بعنوان دقيق «الدراما الرئاسية تنتظر إعادة فرز الأصوات في فلوريدا». وكان ذلك بعدما أخطأت شبكات التلفزيون في نقل الخبر الصحيح مرتين.
- فلوريدا عام 2000
ما حصل في فلوريدا عام 2000 أدى إلى تأخير إعلان النتائج لمدة 5 أسابيع بسبب تقادم آلات فرز الأصوات والأخطاء التي ارتكبها المقترعون هنا أو هناك، مما أدى إلى انتقال المعركة أيضا من غرف فرز الأصوات وصناديق الاقتراع إلى قاعات المحاكم، ومنها المحكمة العليا التي أصدرت الحكم النهائي بغالبية 5 أصوات ضد 4 في 12 ديسمبر (كانون الأول) 2000، معلنة أن بوش فاز في الانتخابات. هذا ما يمكن أن يتكرر في هذه الولاية وفي بنسلفانيا وغيرها من الولايات المتأرجحة، أو المسماة «ساحات معارك» انتخابية، ولا سيما إذا كانت النتائج متقاربة.
تقوم وسائل الإعلام في الولايات المتحدة بدور حيوي يوازي دور اللجان الوطنية للانتخابات في بلدان أخرى.
على مسافة أسبوعين فقط من هذه الانتخابات التاريخية، تجهد وسائل الإعلام قبل أسبوعين من اليوم المشهود في اتخاذ كل الإجراءات الكفيلة من أجل عدم الوقوع في الخطأ. ومرد ذلك أولا هو حرص المؤسسات الإعلامية على صون الجدار العازل بين الديمقراطية الأميركية وأي أزمة سياسية عميقة يمكن أن تقع. وعلى الرغم من الاتهامات التي يطلقها الرئيس دونالد ترمب في كل الاتجاهات ضد «الأخبار الكاذبة» من دون أن يوفر المؤسسات الإعلامية المرموقة مثل «نيويورك تايمز» و«وول ستريت جورنال» وشبكات التلفزيون الرئيسية، يقول مسؤولو هذه المؤسسات إنهم متيقظون لمنع الوقوع في البلبلة. واعترف مؤسس مؤسسة «ديسيجين داسك» براندون فينيغان الذي يسلم نتائج الانتخابات إلى وسائل الإعلام بأن المشاهدين ليس في ذهنهم بعد أنه ربما لا تكون هناك نتائج في ليلة الانتخابات، موضحا أن «التغييرات التي تواجهها وسائل الإعلام عميقة». وذكر بأنه في انتخابات التجديد النصفي لعام 2018، أدلى 60 في المائة فقط من الناخبين بأصواتهم شخصيا في يوم الانتخابات، منبها إلى أن المزيد من الأصوات هذا العام ترسل بالبريد أو في صناديق الاقتراع بين سبتمبر (أيلول) الماضي وأكتوبر (تشرين الأول) الجاري. وهذا ما يمكن أن يؤدي أيضا إلى تغطية خاطئة على غرار ما حصل عام 2018، حين أمضى المعلقون ليلة الانتخابات وهم يتحدثون عن «موجة زرقاء» في إشارة إلى اللون المعتمد لدى الحزب الديمقراطي. وسط الزيادة المتوقعة في التصويت بالبريد بسبب فيروس «كورونا»، ربما لا ينتهي فرز أصوات بنسلفانيا حتى «عيد الشكر»، في نهاية نوفمبر المقبل أو بعده.
- دور شبكات التواصل
هناك من يتحسب طبعا لعواقب الأزمة السياسية المتواصلة في عهد ترمب، والمرتبطة غالبا بدور شبكات التواصل الاجتماعي، ولا سيما «تويتر» و«فيسبوك». وسعى الرئيس ترمب خلال الأسبوع الماضي إلى التشكيك مجددا في التصويت عبر البريد من خلال ادعاءات صدرت منه ومن حملة الجمهوريين عن عمليات احتيال. وذكر أحدهم بأنه خلال الانتخابات النصفية لعام 2018 غرد ترمب على «تويتر» بالآتي: «دعوة لإجراء انتخابات جديدة؟» بسبب تأخر المرشح الجمهوري لمجلس الشيوخ في ولاية أريزونا خلال عملية فرز الأصوات التي أجريت عبر البريد. هذا السيناريو يمكن أن يحصل أيضا في نوفمبر المقبل. لا تكتفي وسائل الإعلام الأميركية في جمع نتائج الفرز في كل من الولايات الـ50 لإعلان المنتصر، بل تؤسس هذه الوسائل السرد لشرح ما حصل، في تقليد اخترعته شبكة «سي بي إس» عام 1952 حين اعتمدت على نظام إلكتروني خاص يمكنها من هذه المهمة. وبما أن الوباء دفع المزيد من الناس إلى التصويت عبر البريد، ستواجه الولايات القليلة الخبرة في فرز هذه الأصوات مشاكل عدة.
وفي المقابل، هل صحيح أن هناك محاولات جدية لترهيب الناخبين أمام صناديق الاقتراع، كما يدعي بايدن، مستشهدا بما حصل في وقت سابق من هذا الشهر في ولاية فيرجينيا؟ وما هي الاستعدادات التي اتخذت لمكافحة ذلك إذا كان صحيحا؟ وهل هناك جهود لتضليل الناخبين عبر البريد والهاتف ووسائل التواصل الاجتماعي؟ هل صحيح أن قواعد بيانات الناخبين وفرز الأصوات عرضة للقرصنة؟ ما هو تأثير الجهود الكثيرة لزيادة تسجيل الناخبين ونسبة المشاركة، وبخاصة بين الشباب والملونين؟ ما هي الطعون القانونية وقرارات المحاكم التي تؤثر بالفعل على التصويت وفرز الأصوات في جميع أنحاء البلاد؟.
وتبقى الإجابة على هذه التساؤلات بمثابة مفتاح لمعرفة ما إذا كانت النتائج ستعلن يوم الاقتراع، أو ستتأخر.
الأميركيون يستعدون لاحتمال عدم إعلان نتائج الاقتراع «يوم الحسم»
وسائل الإعلام تلعب دور اللجان الوطنية للانتخابات وتتخذ إجراءات لتجنب الوقوع في خطأ
الأميركيون يستعدون لاحتمال عدم إعلان نتائج الاقتراع «يوم الحسم»
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة