اتهامات لواشنطن وتل أبيب بمحاولة عرقلة المصالحة الفلسطينية

تساؤلات حول تأخر مرسوم الانتخابات

TT

اتهامات لواشنطن وتل أبيب بمحاولة عرقلة المصالحة الفلسطينية

اتهم بعض المسؤولين الفلسطينيين جهات بمحاولة عرقلة المصالحة الفلسطينية الداخلية، مؤكدين أن ذلك لن يؤثر على المرسوم الرئاسي الذي طال انتظاره. وقال القيادي في «الجبهة الشعبية» ماهر مزهر، في تصريح لإذاعة «صوت القدس» المحلية في قطاع غزة، إن هناك عثرات وعقبات في طريق المصالحة بين حركتي «فتح» و«حماس» يقف وراءها الذين يحاولون إفشال لقاءات المصالحة. وأضاف: «أمام هذه التحديات الخطيرة يجب أن تكون هناك تنازلات من قيادتي حماس وفتح لتذليل العقبات وقطع الطريق أمام أصحاب الأجندات والمستفيدين من الانقسام». وتابع: «لا يوجد أمامنا خيار إلا خيار الوحدة الوطنية الشاملة القائمة على أساس الشراكة الوطنية للفصائل كافة».
وكان أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح، جبريل الرجوب، أكد وجود أطراف لم يسمها تضع دواليب أمام إصدار المرسوم الرئاسي لإطلاق عجلة الانتخابات الفلسطينية. وشدد الرجوب على وجود معارضة أميركية إسرائيلية لمسار المصالحة. وعززت حماس من هذه الفرضية حيث قال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي للحركة، إن هناك ضغوطا على السلطة وإن جهات نقلت لها معارضة أميركية لهذه المصالحة.
وأثارت هذه التصريحات تساؤلات وشكوك ناشطين حول سبب تأخر إصدار مرسوم رئاسي للانتخابات حتى الآن، رغم إجماع الفصائل على ذلك. لكن الرجوب قال إن المرسوم الرئاسي سيصدر رغم الدواليب التي توضع أمام جهود المصالحة الفلسطينية. وتسعى حركة فتح بعد الاتفاق مع حماس، على الحصول على تفويض واضح من جميع الفصائل للرئيس محمود عباس من أجل إصدار مرسوم رئاسي بالدعوة إلى الانتخابات، فيما تسعى حماس للتوافق مع البقية على آليات الانتخابات.
وعقدت الحركتان عدة لقاءات مع الفصائل لكن لا يعرف حتى الآن ما الذي يؤخر المرسوم الرئاسي. وكانت فتح اتفقت مع حماس الشهر الماضي على إجراء انتخابات متدرجة تبدأ بالتشريعية ثم الرئاسية ثم المجلس الوطني لمنظمة التحرير، في غضون 6 أشهر. وأقرت قيادة الحركتين هذا الاتفاق على أن يجري اتفاق أوسع مع جميع الفصائل الفلسطينية من أجل إصدار مرسوم الانتخابات، يتلوه حوار وطني شامل لمناقشة «آليات وقانون ومرجعية الانتخابات».
وفيما قالت فتح إنها ملتزمة بالانتخابات، أكدت حماس أنها ملتزمة بالتفاهمات التي تم التوصل إليها، ولن تتراجع عنها، بل ستبني عليها. وقال صالح العاروري نائب رئيس المكتب السياسي لحماس لفضائية الأقصى التابعة للحركة، إن حركته تعتبر الذهاب للانتخابات بتوافق وطني شامل هو الأنسب، مشدداً على أن حماس تريد انتخابات منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية كي تحصن الموقف الفلسطيني. وأوضح أن حركة حماس أكدت لقيادة حركة فتح أن انتخابات السلطة الفلسطينية فقط لا تكفي لتحصين الموقف الوطني.
وبخصوص القائمة الوطنية المشتركة في الانتخابات، قال العاروري إنه لا يوجد قرار، وإنما توجه بالموافقة عليها داخل حماس وفتح. ويفترض أن يصدر مرسوم رئاسي أولاً ثم يجتمع مسؤولو الفصائل لمناقشة كل هذه التفاصيل بما في ذلك آلية وقانون الانتخابات. وأعلن السفير الفلسطيني لدى الجزائر، أمين مقبول، أن الجزائر مستعدة لاستقبال اجتماع الفصائل الفلسطينية، ضمن التحضيرات لعقد الانتخابات التشريعية. وأوضح مقبول في تصريحات أدلى بها لموقع «أوراس» الجزائري، أن «وزير الإعلام والناطق الرسمي باسم الحكومة الجزائرية عمار بلحيمر أبلغه بقرار السلطات.
وأجريت آخر انتخابات للمجلس التشريعي الفلسطيني في عام 2006 بعد انتخابات جرت في عام 1996، كما جرت انتخابات رئاسية في عام 2005 ثم توقف كل شيء بعد ذلك بسبب سيطرة حماس على قطاع غزة عام 2007.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».