هل حقاً تفيد حواجز الزجاج الشبكي في الحماية ضد «كورونا»؟

عاملة تقف خلف حاجز من الزجاج الشبكي للحماية من «كورونا» في متجر بسيدني (رويترز)
عاملة تقف خلف حاجز من الزجاج الشبكي للحماية من «كورونا» في متجر بسيدني (رويترز)
TT

هل حقاً تفيد حواجز الزجاج الشبكي في الحماية ضد «كورونا»؟

عاملة تقف خلف حاجز من الزجاج الشبكي للحماية من «كورونا» في متجر بسيدني (رويترز)
عاملة تقف خلف حاجز من الزجاج الشبكي للحماية من «كورونا» في متجر بسيدني (رويترز)

أصبحت الدروع الزجاجية منتشرة في كل مكان؛ خصوصاً بالمكاتب ومحلات البقالة والمطاعم بجميع أنحاء العالم خلال عصر فيروس «كورونا»، ما يدفع إلى التساؤل عن مدى فعاليتها في الواقع.
وتبنت الشركات وأماكن العمل استخدام فكرة فواصل من الزجاج الشبكي، كأداة واحدة للحفاظ على سلامة الناس من انتشار الفيروس؛ لكن من المهم معرفة أن هناك القليل من البيانات لدعم فعاليتها، وحتى لو كانت موجودة فإن هذه الوسائل لها حدودها المرتبطة بحمايتنا، وفقاً لعلماء الأوبئة والهباء الجوي الذين يدرسون انتقال الفيروس عبر الهواء، بحسب تقرير لشبكة «سي إن إن».
وقدمت مراكز السيطرة على الأمراض والوقاية منها إرشادات لأماكن العمل، من أجل «تثبيت حواجز مادية، مثل واقيات العطس البلاستيكية الشفافة؛ حيثما كان ذلك ممكنا كطريقة لتقليل التعرض للمخاطر».
وللدروع الزجاجية - نظرياً - قدرة على حماية العمال من قطرات الجهاز التنفسي الكبيرة التي تنتشر إذا عطس شخص ما أو سعل بجانبها، كما يقول علماء الأوبئة ومهندسو البيئة وعلماء الهباء الجوي. ويُعتقد أن فيروس «كورونا» ينتشر من شخص لآخر «بشكل رئيسي من خلال قطرات الجهاز التنفسي التي تنتج عندما يسعل الشخص المصاب أو يعطس أو يتحدث»، وفقاً لمركز السيطرة على الأمراض.
لكن هذه الفوائد لم يتم إثباتها، بحسب وفاء الصدر، أستاذة علم الأوبئة والطب بجامعة «كولومبيا». وتقول إنه لم تكن هناك أي دراسات فحصت مدى فعالية حواجز الزجاج الشبكي في منع القطرات الكبيرة من العبور.
علاوة على ذلك، فإن المشكلة الأكبر هي أنه حتى لو حدث ذلك، فهذه ليست الطريقة الوحيدة لانتشار فيروس «كورونا». في الأسبوع الماضي، أصدر مركز السيطرة على الأمراض إرشادات جديدة تنص على أن الفيروس التاجي يمكن أن ينتشر من خلال الهباء الجوي، وهي جزيئات صغيرة تحتوي على الفيروس تطفو في الهواء ويمكن أن تنتقل إلى ما بعد ستة أقدام، ويتم إطلاقها عندما يتنفس الناس أو يتحدثون أو يعطسون.
وقال براتيم بيسواس، عالم الهباء الجوي في جامعة «واشنطن» في سانت لويس، إن معظم القطرات التي يطلقها الناس عندما يتحدثون أو يتنفسون هي في «نطاق حجم يتدفق عبر الحاجز».
وأوضحت إدارة الصحة والسلامة البيئية بجامعة «واشنطن» في مراجعة لشهر يوليو (تموز) لفوائد وقيود حواجز الزجاج الشبكي، أن الفواصل «لا تعالج كل طرق النقل الممكنة، مثل الانتقال عبر الهباء الجوي، أو توفر الحماية الكاملة لأي شخص من (كورونا)».
وهناك أيضاً مشكلة أخرى في بعض الحالات: حجم الحواجز؛ حيث أجرت ماريسا بيكر، الأستاذة المساعدة في جامعة «واشنطن»، دراسة منفصلة عن تدابير السلامة من فيروس «كورونا» في تسعة متاجر بقالة في سياتل وسبعة في بورتلاند، أوريغون، كل شهر منذ مايو (أيار)، ولاحظت أن الدروع الزجاجية غالباً ما تكون صغيرة جداً بحيث لا تمنع انتقال القطيرات بين العملاء والعاملين.
وقالت: «بعضها أصغر ولا يغطي حتى أنف شخص طويل القامة. الجسيمات المحمولة في الهواء ستكون قادرة على الوصول إلى أي مكان، بغض النظر عن الحواجز».
وتقول مجموعات تجارة المطاعم وصناعة التجزئة إنها تنظر إلى الحواجز كطريقة محتملة لمكافحة انتشار «كوفيد- 19»، بالإضافة إلى تدابير أخرى.
وأشارت الرابطة الوطنية للمطاعم في بيان لها، إلى أن الدروع والحواجز المصنوعة من زجاج شبكي هي أداة «عند دمجها مع أفضل الممارسات الأخرى - مثل أقنعة الوجه، وتدابير التباعد الاجتماعي المناسبة، وغسل اليدين - توفر مستوى إضافياً من الأمان».
واعتماداً على مكان عملك أو مكان زيارتك، قد تكون هذه الإجراءات أقل من واقعية. على سبيل المثال، لا يستطيع الصرافون والنوادل القيام بعملهم دون أن يكونوا على مقربة من العملاء. وهذا هو السبب في أن تجديد أنظمة التهوئة يعتبر أمراً مهما للحد من انتشار الفيروس المحمول جواً في الأماكن المغلقة، كما يقول الخبراء.


مقالات ذات صلة

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

صحتك امرأة تعاني مرض ألزهايمر (رويترز)

طريقة كلامك قد تتنبأ باحتمالية إصابتك بألزهايمر

أكدت دراسة جديدة أن طريقة الكلام قد تتنبأ باحتمالية الإصابة بمرض ألزهايمر.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)
صحتك التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية قد يساعد مرضى الشلل على المشي (رويترز)

أقطاب كهربائية بالدماغ تمكّن مصابين بالشلل من المشي مسافات قصيرة

خلصت دراسة وشهادة، نُشرتا أمس (الاثنين)، إلى أن التحفيز العميق لمناطق معينة من الدماغ باستخدام الأقطاب الكهربائية يمكن أن يساعد بعض المصابين بالشلل على المشي.

«الشرق الأوسط» (برن)
صحتك يرصد البحث أن ارتفاع مستويات الدهون الحشوية يرتبط بانكماش مركز الذاكرة في الدماغ (رويترز)

دهون البطن مرتبطة بألزهايمر قبل 20 عاماً من ظهور أعراضه

أفاد بحث جديد بأن نمو حجم البطن يؤدي إلى انكماش مركز الذاكرة في الدماغ.

«الشرق الأوسط» (لندن)
صحتك الخضراوات الورقية تعدّ من الأطعمة الغنية بالمغنيسيوم (رويترز)

مفتاح النوم ومحارب القلق... إليكم أفضل 10 أطعمة لتعزيز مستويات المغنيسيوم

إنه مفتاح النوم الأفضل والعظام الأكثر صحة والتغلب على القلق، ولكن انخفاض مستويات المغنيسيوم أمر شائع. إليك كيفية تعزيز تناولك للمغنيسيوم.

«الشرق الأوسط» (لندن)
الولايات المتحدة​ استدعت شركة «صن فيد بروديوس» الخيار المعبأ في حاويات من الورق المقوى بكميات كبيرة (إدارة الغذاء والدواء الأميركية)

سحب شحنات من الخيار بعد تفشي السالمونيلا في ولايات أميركية

تحقق السلطات الأميركية في تفشي عدوى السالمونيلا التيفيموريوم المرتبطة بتناول الخيار في ولايات عدة.

«الشرق الأوسط» (واشنطن)

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
TT

تانيا صالح تُغنّي للأطفال وترسم لُبنانَهم الأحلى

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)
باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال تشعر بالاستراحة (صور تانيا صالح)

أمَّنت الإقامة في باريس للفنانة اللبنانية تانيا صالح «راحة بال» تُحرِّض على العطاء. تُصرُّ على المزدوجَين «...» لدى وصف الحالة، فـ«اللبناني» و«راحة البال» بمعناها الكلّي، نقيضان. تحطّ على أراضي بلادها لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه إلى الأطفال. موعد التوقيع الأول؛ الجمعة 6 ديسمبر (كانون الأول) الحالي. والأحد (8 منه) تخصّصه لاستضافة أولاد للغناء والرسم. تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة.

تريد من الفنّ أن يُهدّئ أنين أطفال الصدمة ويرأف بالبراءة المشلَّعة (صور تانيا صالح)

وطَّد كونها أُماً علاقتها بأوجاع الطفولة تحت النار؛ من فلسطين إلى لبنان. تُخبر «الشرق الأوسط» أنها اعتادت اختراع الأغنيات من أجل أن ينام أطفالها وهم يستدعون إلى مخيّلاتهم حلاوة الحلم. لطالما تمنّت الغناء للصغار، تشبُّعاً بأمومتها وإحساسها بالرغبة في مَنْح صوتها لمَن تُركوا في البرد واشتهوا دفء الأحضان. تقول: «أصبح الأمر مُلحّاً منذ تعرُّض أطفال غزة لاستباحة العصر. لمحتُ في عيون أهاليهم عدم القدرة على فعل شيء. منذ توحُّش الحرب هناك، وتمدُّد وحشيتها إلى لبنان، شعرتُ بأنّ المسألة طارئة. عليَّ أداء دوري. لن تنفع ذرائع من نوع (غداً سأبدأ)».

غلاف الألبوم المؤلَّف من 11 أغنية (صور تانيا صالح)

وفَّر الحبُّ القديم لأغنية الطفل، عليها، الكتابةَ من الصفر. ما في الألبوم، المؤلَّف من 11 أغنية، كُتب من قبل، أو على الأقل حَضَرت فكرته. تُكمل: «لملمتُ المجموع، فشكَّل ألبوماً. وكنتُ قد أنقذتُ بعض أموالي خشية أنْ تتطاير في المهبّ، كما هي الأقدار اللبنانية، فأمّنتُ الإنتاج. عملتُ على رسومه ودخلتُ الاستوديو مع الموسيقيين. بدل الـ(CD)؛ وقد لا يصل إلى أطفال في خيامهم وآخرين في الشوارع، فضَّلتُ دفتر التلوين وفي خلفيته رمز استجابة سريعة يخوّلهم مسحه الاستماع المجاني إلى الأغنيات ومشاهدتها مرسومة، فتنتشل خيالاتهم من الأيام الصعبة».

تُخطّط تانيا صالح لجولة في بعلبك وجنوب لبنان؛ «إنْ لم تحدُث مفاجآت تُبدِّل الخطط». وتشمل الجولة مناطق حيث الأغنية قد لا يطولها الأولاد، والرسوم ليست أولوية أمام جوع المعدة. تقول: «أتطلّع إلى الأطفال فأرى تلك السنّ التي تستحقّ الأفضل. لا تهمّ الجنسية ولا الانتماءات الأخرى. أريد لموسيقاي ورسومي الوصول إلى اللبناني وغيره. على هذا المستوى من العطف، لا فارق بين أصناف الألم. ليس للأطفال ذنب. ضآلة مدّهم بالعِلم والموسيقى والرسوم، تُوجِّه مساراتهم نحو احتمالات مُظلمة. الطفل اللبناني، كما السوري والفلسطيني، جدير بالحياة».

تعود إلى لبنان لتُطلق ألبومها الجديد الموجَّه للأطفال (صور تانيا صالح)

باكتمال الألبوم واستعداد الفنانة لنشره بين الأطفال، تشعر أنها تستريح: «الآن أدّيتُ دوري». الفعل الفنّي هنا، تُحرّكه مشهديات الذاكرة. تتساءل: «كم حرباً أمضينا وكم منزلاً استعرنا لننجو؟». ترى أولاداً يعيشون ما عاشت، فيتضاعف إحساس الأسى. تذكُر أنها كانت في نحو سنتها العشرين حين توقّفت معارك الحرب الأهلية، بعد أُلفة مريرة مع أصوات الرصاص والقذائف منذ سنّ السادسة. أصابها هدوء «اليوم التالي» بوجع: «آلمني أنني لستُ أتخبَّط بالأصوات الرهيبة! لقد اعتدْتُها. أصبحتُ كمَن يُدمن مخدِّراً. تطلَّب الأمر وقتاً لاستعادة إيقاعي الطبيعي. اليوم أتساءل: ماذا عن هؤلاء الأطفال؛ في غزة وفي لبنان، القابعين تحت النار... مَن يرمِّم ما تهشَّم؟».

تريد الموسيقى والرسوم الوصول إلى الجميع (صور تانيا صالح)

سهَّلت إقامُتها الباريسية ولادةَ الألبوم المُحتفَى به في «دار المنى» بمنطقة البترون الساحلية، الجمعة والأحد، بالتعاون مع شباب «مسرح تحفة»، وهم خلف نشاطات تُبهج المكان وزواره. تقول إنّ المسافة الفاصلة عن الوطن تُعمِّق حبَّه والشعور بالمسؤولية حياله. فمَن يحترق قد يغضب ويعتب. لذا؛ تحلَّت بشيء من «راحة البال» المحرِّضة على الإبداع، فصقلت ما كتبت، ورسمت، وسجَّلت الموسيقى؛ وإنْ أمضت الليالي تُشاهد الأخبار العاجلة وهي تفِد من أرضها النازفة.

في الألبوم المُسمَّى «لعب ولاد زغار»، تغنّي لزوال «الوحش الكبير»، مُختَزِل الحروب ومآسيها. إنها حكاية طفل يشاء التخلُّص من الحرب ليكون له وطن أحلى. تقول: «أريد للأطفال أن يعلموا ماذا تعني الحروب، عوض التعتيم عليها. في طفولتي، لم يُجب أحد عن أسئلتي. لم يُخبروني شيئاً. قالوا لي أنْ أُبقي ما أراه سراً، فلا أخبره للمسلِّح إنْ طرق بابنا. هنا أفعل العكس. أُخبر الأولاد بأنّ الحروب تتطلّب شجاعة لإنهائها من دون خضوع. وأُخبرهم أنّ الأرض تستحق التمسُّك بها».

وتُعلِّم الصغار الأبجدية العربية على ألحان مألوفة، فيسهُل تقبُّل لغتهم والتغنّي بها. وفي الألبوم، حكاية عن الزراعة وأخرى عن النوم، وثالثة عن اختراع طفل فكرة الإضاءة من عمق خيمته المُظلمة. تقول إنّ الأخيرة «حقيقية؛ وقد شاهدتُ عبر (تيك توك) طفلاً من غزة يُفكّر في كيفية دحض العتمة لاستدعاء النور، فألهمني الكتابة. هذه بطولة».

من القصص، تبرُز «الشختورة» (المركب)، فتروي تانيا صالح تاريخ لبنان بسلاسة الكلمة والصورة. تشاء من هذه الحديقة أن يدوم العطر: «الألبوم ليس لتحقيق ثروة، وربما ليس لاكتساح أرقام المشاهدة. إنه شعوري بتأدية الدور. أغنياته حُرّة من زمانها. لم أعدّها لليوم فقط. أريدها على نسق (هالصيصان شو حلوين)؛ لكلّ الأيام».