اتهامات للحوثيين باستغلال «المولد النبوي» للتجنيد وجمع الإتاوات

TT

اتهامات للحوثيين باستغلال «المولد النبوي» للتجنيد وجمع الإتاوات

شرع خطباء الميليشيات الحوثية في اليمن منذ أيام في دعوة السكان من على منابر المساجد في العاصمة صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتهم إلى تقديم الدعم المالي للجماعة وحشد المجندين، مستغلين اقتراب ذكرى المولد النبوي الشريف التي جعلتها الجماعة منذ انقلابها مناسبة سياسية لتقديس زعيم الجماعة وسلالته. وتحدث مصدر بمكتب الأوقاف الخاضع للجماعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» عن إصدار قادة الجماعة تعميما جديدا لخطبائهم يدعو إلى سرعة إنشاء صناديق تبرعات داخل مساجد ودعوة المصلين والسكان القاطنين بالقرب منها لتقديم الدعم المادي للجماعة، وحضهم على تزيين المساجد وباحاتها ومناراتها والقباب التابعة لها بالطلاء الأخضر وقطع القماش.
المصدر الذي فضل حجب اسمه خشية على حياته من بطش الجماعة أفصح عن استعداد مكتب الأوقاف الخاضع للميليشيات في صنعاء لطباعة الآلاف من «المغلفات» الخاصة بجمع التبرعات المالية، حيث قرر توزيع 600 «ظرف» لكل مربع سكني بهدف جمع التبرعات.
ويتحدث سكان في صنعاء عن توظيف أئمة الجماعة خطبتي الجمعة الماضي في عملية شحن المصلين طائفيا وتكثيف حديثهم عن ضرورة تقديم الدعم السخي للجماعة وحشد المجندين.
وأكد السكان الذين تحدثت معهم «الشرق الأوسط» عن قيام خطباء الجماعة بناء على التعميمات الصادرة لهم، بإنشاء صناديق للتبرعات ووضعها على أبواب المساجد والضغط على المصلين عقب صلاة الجمعة الماضي لتقديم التبرع.
على صعيد الانتهاكات الحوثية المتكررة بحق دور العبادة وخطباء وأئمة المساجد بمناطق سيطرتها، شهد يوم الجمعة الماضي موجة غضب واحتجاج واسعة من قبل مصلين في جامع هائل (وسط صنعاء)، رفضا لما تضمنته خطبتا الجمعة التي ألقاها إمام فرضته عليهم الجماعة في السابق بقوة السلاح.
وقال شهود إن المصلين انتفضوا في وجه الخطيب الحوثي، بعد نعته إياهم بالجبناء لعزوفهم عن المشاركة في القتال مع الميليشيات، ورفضهم تقديم الدعم المالي لـ«المجهود الحربي».
وأظهر مقطع فيديو بثه ناشطون على شبكات التواصل الاجتماعي احتجاج المصلين وانتفاضتهم ضد الخطيب الحوثي والتي انتهت بإنزاله من منبر الجامع وعدم السماح له باستكمال بقية الخطبة. وأظهر الفيديو أصواتاً صارخة للمصلين وهم يرددون هتافات: «ثورة... خربتم البلاد... أكلتوا العباد... دمرتم بيوت الله... اطردوا هذا الخطيب الطائفي من هنا».
وتعليقا على الواقعة قال بعض الذين حضروا الحادثة لـ«الشرق الأوسط» إن «الجماعة ما زالت ماضية بمسلسلها الإجرامي المتعلق باستغلال دور العبادة تارة للتعبئة والتحشيد والتغرير وجمع التبرعات ومن خلال تحويل بعضها إما إلى معتقلات لتعذيب المختطفين، وإما لثكنات عسكرية ومخازن للسلاح، أو إلى أماكن للتجمعات وتعاطي نبتة القات وتشغيل الأهازيج».
ومنذ اقتحام الجماعة لصنعاء ومدن يمنية أخرى، يواصل عناصرها شن حملات تضييق على حريات التعبد والاعتداء على دور العبادة واختطاف أئمتها وخطبائها، إلى جانب تفجيرها واحتلالها لمئات المساجد ودور القرآن الكريم وتحويل غالبيتها إلى مراكز للتعبئة ذات الصبغة الطائفية الخمينية.
وخلال السنوات الماضية التي أعقبت الانقلاب، رصدت تقارير محلية ودولية آلاف الجرائم والانتهاكات الحوثية بحق المساجد ودور العبادة في اليمن. وبالمقابل صنف مراقبون محليون تلك الانتهاكات التي ألحقتها الميليشيات بالمساجد، بالأفظع من بين الانتهاكات الأخرى.
وفي أواخر ديسمبر (كانون الأول) الماضي، أعلنت الخارجية الأميركية أنها صنفت ميليشيات الحوثي في اليمن ضمن قائمة الجماعات التي تنتهك الحريات الدينية.
وقالت وزارة الخارجية الأميركية إن ميليشيات الحوثيين، إلى جانب عشر مجموعات أخرى، مثل جبهة النصرة و«تنظيم داعش» و«بوكو حرام»، تمت إضافتها إلى القائمة من قبل اللجنة الأميركية للحريات الدينية الدولية.
الولايات المتحدة ومنظمات حقوقية دولية تعبر بانتظام عن قلقها بشأن تعامل جماعة الحوثيين مع الأقليات الدينية مثل البهائيين.
وكان وزير الأوقاف بحكومة الشرعية الدكتور أحمد عطية، تحدث منتصف العام الماضي، عن انتهاكات الجماعة بحق المقدسات الدينية في اليمن، وقال إن «الجماعة فجرت وقصفت ونهبت أكثر من 750 مسجداً، منها 282 مسجداً في العاصمة صنعاء، تليها محافظة صعدة بواقع 115 مسجداً، والبقية في مناطق متفرقة، منها ما تم تفجيره بشكل كامل، أو دمر قصفا بالدبابات، أو عبر النهب والاقتحامات، كما حولت بعضاً منها لثكنات عسكرية ومخازن أسلحة لعناصر الميليشيات».
كما تحدث عن اختطاف الجماعة أيضا لحوالي 150 من أئمة وخطباء المساجد بعدد من المحافظات الواقعة تحت سيطرتها، والزج بهم في سجون سرية، حيث يتعرض أغلبهم للتعذيب اليومي، وذلك لأنهم رفضوا توجيهات الميليشيا باتباع الخطاب الفكري الخميني الذي تفرضه الجماعة.
وقال الوزير اليمني إن الاستهداف الحوثي طال أيضا أكثر من 16 دورا لتحفيظ القرآن بين التدمير أو الانتهاك ونهب المحتوى والعبث، وإفشال العملية التعليمية.


مقالات ذات صلة

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

خاص رئيس الوزراء اليمني أحمد عوض بن مبارك خلال لقاء سابق مع السفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

بن مبارك: الالتزامات الدولية تجاه اليمن تشمل المجالات الأمنية والدفاعية

قال رئيس الوزراء اليمني إن الالتزامات الدولية تجاه اليمن لن تقتصر على الجوانب السياسية والاقتصادية، بل ستشمل أيضاً المجالات الأمنية والدفاعية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
الخليج نزع فريق «مسام» في محافظة عدن 154 ذخيرة غير منفجرة (واس)

مشروع «مسام» ينتزع 732 لغماً في اليمن خلال أسبوع

تمكّن مشروع «مسام» لتطهير الأراضي اليمنية من الألغام، خلال الأسبوع الثالث من شهر يناير (كانون الثاني) الحالي، من انتزاع 732 لغماً.

«الشرق الأوسط» (الرياض)
المشرق العربي لقاء سابق بين رئيس الوزراء اليمني والسفيرة البريطانية لدى اليمن (سبأ)

«اجتماع نيويورك»... نحو شراكة استراتيجية بين اليمن والمجتمع الدولي

تأمل الحكومة اليمنية تأسيس شراكة حقيقية مع المجتمع الدولي، وحشد الدعم السياسي والاقتصادي لخططها الإصلاحية، وجوانب الدعم الدولية المطلوبة لإسناد الحكومة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي عضو في فريق يمني لمكافحة الألغام خلال حملة توعوية بمحافظة الحديدة (أ.ف.ب)

93 يمنياً في الحديدة ضحايا ألغام الحوثيين خلال عام

كشفت بعثة الأمم المتحدة لتنفيذ اتفاق ستوكهولم الخاص بالحديدة ومنظمتان حقوقيتان في مأرب عن سقوط أكثر من 150 ضحية للألغام خلال العامين الماضيين.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي  فعالية حوثية في صعدة التي تشهد حملة اختطافات واسعة لسكان تتهمم الجماعة بالتجسس (إعلام حوثي)

تهمة التخابر مع الغرب وإسرائيل وسيلة الحوثيين لإرهاب السكان

بينما تفرج الجماعة الحوثية عن عدد من المختطفين في سجونها، تختطف مئات آخرين بتهمة التخابر وتبث اعترافات مزعومة لخلية تجسسية.

وضاح الجليل (عدن)

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.