شهدت مدينة سبيطلة التونسية التابعة لولاية (محافظة) القصرين (وسط شرقي) مواجهات عنيفة بين قوات الأمن وعدد كبير من المحتجين، وذلك بعد وفاة مواطن تونسي داخل محل تجاري أثناء تنفيذ قرار بالهدم نفذ في الرابعة صباحاً من أمس. ولمواجهة غضب المحتجين وتهديداتهم بالتصعيد، توجهت تعزيزات عسكرية إلى المدينة لحماية المنشآت العمومية والمؤسسات الحيوية، بالتنسيق مع الوحدات الأمنية، وذلك بعد طلب من السلطات المحلية التي باتت تتخوف من خروج الوضع عن السيطرة.
وقرر هشام المشيشي، رئيس الحكومة، إقالة محافظ القصرين، ومعتمد سبيطلة (السلطة الحكومية المحلية)، مع إعفاء رئيس منطقة الأمن الوطني ورئيس مركز الشرطة البلدية بسبيطلة من مهامهما.
ومن جهته، أكد رياض النويوي، المتحدث باسم المحكمة الابتدائية بالقصرين، أن النيابة العامة أمرت بفتح تحقيق لتحديد أسباب وفاة المواطن بعد سقوط سقف متجره عليه، وهو نائم بداخله أثناء تنفيذ قرار الهدم. مشيراً إلى عرض جثة الضحية على الطبيب الشرعي للوقوف على ظروف وملابسات الحادث، وأنه سيتم استدعاء جميع الأطراف للاستماع إلى أقوالهم، ومقاضاة من يثبت تورطه في الحادث.
وتوجه أمس وزيرا الداخلية والشؤون المحلية إلى مدينة سبيطلة لتقديم دعم مادي ومعنوي لعائلة الفقيد، عبد الرزاق الخشناوي، الذي كان يبلغ من العمر قيد حياته 50 سنة، وهو رب عائلة وأب لأربعة أبناء، ويشتغل بمستودع بلدية سبيطلة.
وذكرت تقارير إعلامية أن المحتجين قاموا فور انتشار خبر موت الضحية بإغلاق الطريق، وإشعال العجلات المطّاطية، كما أقدم المحتجون على حرق سيارة حكومية، واعتراض جرار تابع للبلدية وإعاقة سيره، ومهاجمة فضاء تجاري، وتدمير محلات تجارية أخرى، وهو ما أرغم قوات الأمن على استعمال الغاز المسيل للدموع لتفريق المتظاهرين، ونشر مدرعات عسكرية على مقربة من المنشآت الحيوية في المدينة لمنع تعرضها لهجمات مئات الغاضبين.
ويرى مراقبون أن التأثيرات الاجتماعية والأمنية لحادثة مدينة سبيطلة قد لا تقل عن حادثة حرق محمد البوعزيزي نفسه نهاية 2010، ما أدى إلى تأجيج الاحتجاجات، التي أفرزت سقوط النظام التونسي سنة 2011، خاصة في ظل تواصل التأثيرات السلبية لوباء كورونا، واستمرار معدلات الانكماش الاقتصادي القياسية، التي أدت إلى تأزم الأوضاع الاجتماعية بشكل أكثر حدة وقوة.
في سياق ذلك، أرجأ البرلمان التونسي أمس، بطلب من الحكومة، النظر بمشروع قانون مثير للجدل يتعلق بـ«حماية» الشرطة، التي تكثف من استخدام القوة، وذلك بعد ضغط من المجتمع المدني.
وأكد مجلس نواب الشعب في بيان، أمس، موافقته على طلب الحكومة منه بالمراسلة «تأجيل النظر» في القانون. ولم يحدد المجلس، الذي كان يفترض أن ينظر في النص منذ أسبوع، الأسباب التي من أجلها طلبت الحكومة الإرجاء.
وجاء هذا القرار بعد تحرك شباب تونسيين ومنظمات غير حكومية، تحت شعار «حاسبهم»، لرفضهم تماماً قانوناً قالوا إن من شأنه تعزيز «حصانة» الشرطة.
فيما تطالب نقابات الشرطة منذ وقت طويل بهذا القانون، مذكرة بالهجمات لا سيما المتطرفة منها، التي استهدفت قوات الأمن.
وتظاهر شباب تونسيون الأسبوع الماضي أمام البرلمان ضد ما قالوا إنها «عودة نظام بوليسي»، فيما نددت منظمات غير حكومية بنص يمنح «حماية» لقوات الأمن.
احتجاجات عنيفة تطيح مسؤولين في الحكومة التونسية
احتجاجات عنيفة تطيح مسؤولين في الحكومة التونسية
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة