إصابات وحرائق في تصعيد إسرائيلي ضد مسيرات الضفة السلمية

عدد المستوطنين تضاعف منذ «أوسلو» 3 مرات

محتجون فلسطينيون في مواجهة قوات إسرائيلية بقرية بيت دجن قرب نابلس (أ.ف.ب)
محتجون فلسطينيون في مواجهة قوات إسرائيلية بقرية بيت دجن قرب نابلس (أ.ف.ب)
TT

إصابات وحرائق في تصعيد إسرائيلي ضد مسيرات الضفة السلمية

محتجون فلسطينيون في مواجهة قوات إسرائيلية بقرية بيت دجن قرب نابلس (أ.ف.ب)
محتجون فلسطينيون في مواجهة قوات إسرائيلية بقرية بيت دجن قرب نابلس (أ.ف.ب)

أفادت مصادر محلية بأن يوم أمس (الجمعة) شهد تصعيداً جديداً في قمع المسيرات السلمية، ما أدى إلى وقوع عدد من الإصابات بين الفلسطينيين، في حين نشرت إحصائيات جديدة تفيد بأن جميع حكومات إسرائيل دأبت على تكثيف الاستيطان، وأن عدد المستوطنين في الأراضي الفلسطينية تضاعف منذ اتفاقيات أوسلو 3 مرات.
وأدانت وزارة الخارجية والمغتربين في الحكومة الفلسطينية في رام الله «التصعيد»، وعدته «إرهاباً». وقالت «الخارجية»، في بيان لها أمس، إن «الاعتداء الأخير لعصابات المستوطنين الإرهابية كان بقذف الحجارة على سيارات المواطنين قرب الشارع الرئيس الواصل بين بيت لحم والخليل، ما أدى لإصابة الطفل الرضيع محمود إياد بنات من مخيم العروب في عينه»، وعدت ذلك «جريمة اعتداء ترتقي لمستوى الشروع بالقتل»، وحملت حكومة بنيامين نتنياهو المسؤولية الكاملة المباشرة عن هذه الجريمة، وعن بقية الجرائم التي ينفذها المستوطنون، واعتداءاتهم الاستفزازية ضد أبناء شعبنا وأرضهم وممتلكاتهم، خاصة ضد موسم قطف الزيتون، واستهدافهم المتواصل للمواطنين على الطرقات.
وأكدت الوزارة أن «جيش الاحتلال يوفر الحماية والإسناد لمنظمات المستوطنين الإرهابية، ومنظومة القضاء الإسرائيلية توفر الغطاء القانوني لعناصر تلك المنظمات وإرهابها يومياً وبشكل متواصل». وكان قد أصيب 4 فلسطينيين بالرصاص المعدني المغلف بالمطاط، والعشرات بحالات اختناق، خلال مواجهات اندلعت بعد صلاة الجمعة، حيث قمع جنود الاحتلال مسيرة كفر قدوم الأسبوعية، وفعالية لزراعة الأشجار في بيت دجن (شرق نابلس). واعتقلت قوات الاحتلال الإسرائيلي، أمس، شابين من طوباس في أثناء وجودهما قرب سهل البقيعة بالأغوار الشمالية. كما اعتقل شابان آخران في جنين.
وفي بلدة رأس التين (شرق رام الله)، حاولت سلطات الاحتلال هدم مدرسة، بدعوى أنها من دون ترخيص، مما جعل مكتب رئيس الوزراء، محمد أشتية، يستنفر المنظمات الدولية الحقوقية والإنسانية، والدول الصديقة، إلى التدخل لوقف خطر الهدم.
وأوضح أن هدم المدرسة هو بمثابة استهداف لجهود الدول المانحة في بناء المؤسسات الفلسطينية، وتوفير البنية التحتية لخدمة المجتمع الفلسطيني، علماً بأن المدرسة التابعة لوزارة التربية والتعليم تم تشييدها مؤخراً بتمويل مشترك من فرنسا وفنلندا وإيطاليا ولوكسمبورغ وآيرلندا وإسبانيا والمملكة المتحدة والسويد.
وكانت مجموعات من المستوطنين قد أقدمت، أمس، على سلسلة اعتداءات على كروم الزيتون الفلسطيني، فأحرقت ألوف الأشجار المثمرة، فيما قام عدد منهم بسرقة المحاصيل.
وفي السياق، نشر تقرير رسمي حول تنامي الاستيطان في المناطق الفلسطينية المحتلة، تبين منه أن عدد المستوطنين في الضفة الغربية بلغ حتى السنة الماضية 428 ألفاً، وفي القدس الشرقية 225 ألفاً. وأكد التقرير أن جميع الحكومات الإسرائيلية قامت بتوسيع الاستيطان بشكل منهجي، بما في ذلك الحكومات التي اشتركت في مفاوضات، ووقعت اتفاقيات سلام مع العرب. وحتى حكومتا إسحق رابين وشمعون بيريز، اللتان وقعتا على اتفاقيات أوسلو في سنة 1993، نفذتا مشاريع استيطان ضخمة. وقال معد الدراسة، شاؤول أرئيلي، إن قرار رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، الأخير بعقد جلسة لمجلس التخطيط الأعلى للإدارة المدنية بهدف المصادقة على بناء 5400 وحدة سكنية في عشرات المستوطنات، هو استمرار لتلك السياسة الحمقاء. فبعد أن جمد تخطيط البناء هناك، وجمد مخطط الضم، من أجل عدم المس بالاتفاقات مع اتحاد الإمارات والبحرين، عاد ليخطو خطوة أخرى في مسيرة الحماقة لاستمرار البناء في المستوطنات التي هي تبذير عظيم للموارد، على حساب المجتمع في إسرائيل، من خلال تعميق الوهم بأنه سيكون بالإمكان إملاء اتفاق سلام على الفلسطينيين وإنهاء النزاع معاً، مع ضم كل المستوطنات لإسرائيل.
وأوضح أنه في سنة 1993، عندما تم التوقيع على اتفاقيات أوسلو، كان عدد المستوطنين في الضفة الغربية (110 آلاف) يعادل نسبة 2 في المائة من سكان إسرائيل. وكان ثلاثة أرباعهم يعيشون في كتل محاذية للخط الأخضر. وفي 7 سنوات فقط، كان فيها رؤساء الحكومة رابين وبيريز، ثم بنيامين نتنياهو وإيهود باراك، زاد عدد المستوطنين بنسبة 62 في المائة. وخلال حكم أرئيل شارون وإيهود أولمرت (حتى سنة 2006)، زاد عددهم بنسبة 44 في المائة. وفي العقد الأخير، الذي حكم فيه نتنياهو، زاد عددهم بنسبة 47 في المائة.
وأكد الباحث أرئيلي أن عهد حكم نتنياهو كان أساس البناء هو بالتحديد في المستوطنات المعزولة، وتحسين الشوارع التي توصل إليها، بتكاليف تقدر بعدة مليارات من الدولارات، مشيراً إلى أن سياسة توسيع المستوطنات باتت باهظة الثمن، سياسياً واقتصادياً واجتماعياً، بشكل مروع، إذ إن معظم قوات الأمن في الضفة مشغولة بحماية المستوطنات ومحاور الحركة إليها.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.