السلطة الفلسطينية توسّط قطر في قضية أموال الضرائب

الاتحاد الأوروبي ينفي رهن مساعداته بشروط سياسية

بائع متجول في غزة  (أ.ف.ب)
بائع متجول في غزة (أ.ف.ب)
TT

السلطة الفلسطينية توسّط قطر في قضية أموال الضرائب

بائع متجول في غزة  (أ.ف.ب)
بائع متجول في غزة (أ.ف.ب)

قال مصدر فلسطيني مطلع لـ«الشرق الأوسط» إن مسؤولين فلسطينين ناقشوا مع مسؤولين قطريين، التوسط في مسألة أموال العوائد الضريبية لدى إسرائيل.
وأضافت المصادر، أن «الأمر طرح بشكل رسمي، عبر اتصالات ثنائية وأثناء لقاءات حدثت في الدوحة، مؤخرا»، وأن السلطة تتوقع أن تنجح قطر في تسوية المسألة وجلب الأموال من إسرائيل، في أي وقت.
وترفض السلطة الفلسطينية تسلم الأموال مباشرة من إسرائيل منذ مايو (أيار) الماضي، بعد قرار الرئيس الفلسطيني محمود عباس وقف العمل بجميع الاتفاقيات مع إسرائيل، ردا على مخطط الضم الإسرائيلي أجزاء من الضفة الغربية. وتشكل هذه الأموال النسبة الأكبر من ميزانية السلطة التي دخلت في أزمة مالية صعبة ومتفاقمة. واضطرت السلطة للاستدانة من البنوك لدفع أجزاء من رواتب موظفيها. ويدور الحديث عما يقارب مليار دولار أميركي، هي مجموع عدة شهور.
وأموال المقاصة، هي ضرائب تجبيها وزارة المالية الإسرائيلية، على السلع الواردة شهريا إلى المناطق الفلسطينية، وتقوم بتحويلها لوزارة المالية الفلسطينية، وتصل إلى نحو 180 مليون دولار شهريا، أكثر أو أقل، بحسب الحركة التجارية. وقالت المصادر إن السلطة تشترط تسلم الأموال غير منقوصة وعبر طرف ثالث (وسيط). وأضافت أن «وصول الأموال سيخفف من الأزمة المالية ويساعد على دفع مستحقات الموظفين والتزامات أخرى». وتعاني السلطة ليس فقط بسبب العوائد الضريبية، لكن المساعدات الخارجية تراجعت كذلك إلى حد كبير، في الوقت الذي تكبد فيه الاقتصاد خسائر كبيرة بسبب جائحة «كورونا». وتتوقع السلطة عجزا في موازنة هذا العام يفوق 1.4 مليار دولار.
في هذا الوقت، أكد الاتحاد الأوروبي أنه ماض في مساعدة السلطة. ونفى مسؤول في بعثة الاتحاد الأوروبي في القدس، أن الاتحاد قد هدد بتعليق المساعدات المالية للسلطة الفلسطينية، للضغط عليها من أجل تسلم أموال الضرائب من إسرائيل.
وقال مسؤول الإعلام في بعثة الاتحاد الأوروبي، شادي عثمان، للإذاعة الرسمية الفلسطينية: «ليس هناك أي توجه لقطع أو تعليق مساعدات الاتحاد الأوروبي للسلطة الفلسطينية». وذكر عثمان، أن «الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه هم أكبر داعم مالي دولي للفلسطينيين، وسيستمرون في ذلك، وسيبقى الاتحاد داعماً قوياً للسلطة الفلسطينية في أداء عملها لخدمة المواطن الفلسطيني».
وأوضح أن الاتحاد الأوروبي يشجع السلطة الفلسطينية على تسلم أموال الضرائب، كونها حقا فلسطينيا، وأن على إسرائيل تحويلها للجانب الفلسطيني بشكل كامل وفق الاتفاقيات الموقعة.
وكانت تقارير أجنبية وإسرائيلية، قالت إن الاتحاد الأوروبي أوضح للسلطة الفلسطينية أنه لن يقوم بتمرير المساعدات الاقتصادية إليها، ما دامت ترفض الحصول على أموال الضرائب (المقاصة) التي تجبيها إسرائيل لها.
ونقل موقع «واللا» الإسرائيلي عن موظفين إسرائيليين كبار ودبلوماسيين أوروبيين، أن الرسالة أبلغت للسلطة، خلال محادثة جرت الأسبوع الماضي بين وزير خارجية الاتحاد الأوروبي جوزيف بوريل والرئيس الفلسطيني محمود عباس. وقال موظفون إسرائيليون كبار ودبلوماسيون أوروبيون، إنه خلال الأسابيع الأخيرة، توجهت السلطة إلى الاتحاد الأوروبي وعدد من الدول الأوروبية، لأخذ قروض عاجلة لدفع الرواتب، لكن المسؤولين من فرنسا، وألمانيا، وبريطانيا والنرويج طالبوا الفلسطينيين بأخذ أموال المقاصة بدلا من ذلك، فرد الفلسطينيون بأنهم لن يأخذوا أموال الضرائب ولن يستأنفوا التنسيق الأمني والمدني مع إسرائيل.
وبعد ذلك، اتصل الوزير بوريل، الأربعاء الماضي، مع الرئيس الفلسطيني وكرر على مسامعه أن الاتحاد الأوروبي لن يوافق على منح الفلسطينيين القروض أو المساعدات لدفع الرواتب، ما لم يستلموا أموال المقاصة. كما طلب بوريل من عباس، إعادة التنسيق المدني مع إسرائيل، ولم يرد أبو مازن بالإيجاب. المسؤولون الإسرائيليون والأوروبيون، أشاروا كذلك، إلى أنه بالإضافة إلى الدول الأوروبية، فإن الأردن ومصر، تضغطان على عباس لتسلم أموال الضرائب واستئناف التنسيق الأمني والمدني مع إسرائيل.
وبالإضافة إلى النفي الأوروبي، نفى المتحدث باسم الحكومة، إبراهيم ملحم، صحة ما أوردته وسائل إعلام إسرائيلية حول تهديد الاتحاد الأوروبي للسلطة، وقال في بيان: «أموال الضرائب هي أموالنا التي تحاول إسرائيل ابتزازنا من خلالها»، مضيفا، أن «العلاقات الفلسطينية الأوروبية، مبنية على روح من التعاون والشراكة واحترام القانون الدولي الذي ترعاه أوروبا وتحرص على تطبيقه، وأنها لم تكن في يوم من الأيام مشروطة بأي متطلب سياسي، سواء من قبل الاتحاد، أو الدول الأعضاء فيه بشكل ثنائي».
وأعرب عن تقدير الحكومة للمساعدات التي يقدمها الاتحاد الأوروبي للشعب الفلسطيني، لافتا إلى أن دول الاتحاد الأوروبي هي أهم متبرع لدولة فلسطين، في الماضي وفي الوقت الحاضر.



«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».