مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: مبادرة موسكو غامضة وتفتقر للضمانات

أبدت تعجبها من موقف واشنطن الذي يركز على {داعش}

موسكو
موسكو
TT

مصادر فرنسية لـ «الشرق الأوسط»: مبادرة موسكو غامضة وتفتقر للضمانات

موسكو
موسكو

اعتبرت مصادر فرنسية رسمية أن «المبادرة» الروسية التي تروج لها موسكو والقائمة على جمع ممثلين عن المعارضة والنظام للنظر في إمكانية التفاهم على حل سياسي «يشوبها الغموض وفقدان الرؤية الواضحة» بالنسبة لمسائل أساسية لا يمكن من دونها الحديث عن مبادرة «جدية».
وقالت هذه المصادر ذات العلاقة المباشرة بالملف السوري وبتطوراته إن «الحلقة الناقصة» في الأفكار الروسية المطروحة، هي «فقدان الضمانات الجدية» لجهة التزام موسكو بحمل النظام السوري على تنفيذ ما قد يتفق عليه من جهة، والتصور «العملي» للمرحلة الانتقالية التي «يمكن تصور حل سياسي من دونها».
وحتى الآن، غابت الردود «الرسمية» من جانب الدول الغربية على المبادرة الروسية. بيد أن المصادر الفرنسية تعترف بأن موسكو «بينت عن مهارة دبلوماسية في اختيار اللحظة» التي اقتنصتها للترويج لأفكارها، بغياب التحرك الدولي بشأن المسألة السورية واقتصاره على مواجهة تنظيم داعش، باستثناء ما يسعى إليه المبعوث الدولي ستيفان دي ميستورا من الدخول إلى الحل السياسي عبر العمل الإنساني ومن خلال «تجميد» القتال في حلب وربما في أماكن أخرى وتوفير احتياجات السكان. لكن أفكار دي ميستورا تراوح مكانها بسبب الشروط والشروط المضادة التي يضعها الطرفان المتقاتلان.
وبالنظر لمجموع هذه العوامل، تقول باريس إنها «متحفظة» إزاء المبادرة الروسية. وتطرح المصادر التي تحدثت إليها «الشرق الأوسط» السؤال التالي: «هل تستطيع موسكو ضمان خروج الرئيس الأسد من السلطة في وقت من الأوقات، أم أن الغرض هو الترويج لحوار وإجراء انتخابات تكون معروفة النتائج سلفا كتلك التي أجريت في شهر يونيو (حزيران) الماضي؟».
وترى المصادر الفرنسية أن هناك حالة «تعب عام» تلف كافة الأطراف الإقليمية والدولية من الأزمة السورية التي تراجع الاهتمام بها، وتعتبر أن هذه الحالة بالذات هي التي يمكن أن تدفع باتجاه حل سياسي حقيقي أول مكوناته «المحافظة على الدولة السورية وتلافي تفككها». وبرأيها أن «الخطأ» في المقاربة الروسية «والإيرانية»، هو في الخلط بين النظام والدولة، واعتبار أن «رحيل الأول يعني سقوط الثاني».
كذلك تعتبر باريس أن الأطراف الغربية «منفتحة على كل مبادرة روسية تتضمن قبولا لعملية انتقال جدية للسلطة في سوريا، أكان ذلك في بداية العملية السياسية أم في وسطها أم في نهايتها». وبأي حال، تبدو باريس مقتنعة بأن أي طرح جدي لموضوع الحل السلمي لا يمكن أن ينهض فقط على تأكيد الحرص على بنى الدولة ومحاربة الإرهاب، بل يتعين أن يرسم خطة للانتقال السياسي، وهي المسألة التي أجهضت جنيف 2 بداية عام 2014.
من زاوية أخرى، لا تخفي باريس «تعجبها» من الموقف الأميركي الذي يركز كافة جهوده على محاربة «داعش»، و«يتناسى» ما يقوم به النظام السوري أو ما يجب أن يؤول إليه. وواضح أن باريس تلتزم موقفا «متقدما» بالنسبة للموقف الأميركي، وتبدو أكثر «تماهيا» مع موقف الائتلاف الوطني السوري.
وبحسب مصادر فرنسية أخرى، فإنه ليس للغربيين أي مشكلة في ضمان المصالح الروسية في سوريا، إن كانت الاستراتيجية العسكرية أو الاقتصادية. وقال مصدر رفيع من المعارضة السورية لـ«الشرق الأوسط» إن الائتلاف لن يصدر موقفا رسميا من المبادرة الروسية، قبل اجتماع هيئته العامة في 2 و3 و4 يناير (كانون الثاني) في إسطنبول. وبأي حال، يؤكد هذا المصدر أن جل ما وصل الائتلاف من الطرف الروسي هو «بعض الأفكار» وليس «خطة» مدعمة ومفصلة. كما أنه لم يتلق سوى دعوة «شفهية» نقلها نائب وزير الخارجية ميخائيل بوغدانوف أثناء اجتماعه بعدد من قادة الائتلاف في إسطنبول قبل أسبوعين.
والثابت حتى الآن وبانتظار أن تظهر تفاصيل وافية عن المبادرة الروسية، فإن المصدر المشار إليه ينظر بكثير من التحفظ للمبادرة الروسية التي يرى أنها تسعى إلى «تهميش الائتلاف وتقوية الجماعات المعارضة المرتبطة بموسكو».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.