الجيش الجزائري يتعهد توفير «ظروف نجاح» استفتاء الدستور

TT

الجيش الجزائري يتعهد توفير «ظروف نجاح» استفتاء الدستور

بينما تعهَّد قائد الجيش الجزائري بتوفير ظروف نجاح الاستفتاء على الدستور، المقرر في الأول من نوفمبر (تشرين الثاني) المقبل، أعلن الشيخ عبد الله جاب الله، أحد أقدم الفاعلين في التيار الإسلامي، عن مقاطعة حزبه الاستحقاق بذريعة أنه «يُلحِق جرماً كبيرا بالأمة، خاصة ما تعلق بدينها».
وصرح الفريق سعيد شنقريحة، رئيس أركان الجيش، أمس، بوهران (غرب)، بمناسبة تنصيب قائد جديد لـ«الناحية العسكرية الثانية»، بأن «القيادة العليا للجيش ستبذل قصارى جهودها من أجل إنجاح موعد الاستفتاء على مشروع تعديل الدستور».
ومن شأن هذا التصريح أن يحيي الجدل من جديد بخصوص «دور الجيش في السياسة»، لا سيما ما يتعلق بالانتخابات، وتسيير شؤون الحكم المدني.
وينص التعديل الدستوري، الذي صادق عليه البرلمان، والمقرر عرضه على الاستفتاء، على مكانة خاصة للجيش في الدولة والمجتمع، ويتحدث عن علاقة قوية بينه وبين الشعب، تجلّت، حسب محرري الوثيقة، في بداية الحراك الشعبي، حينما تبنت قيادة الجيش مطالب المتظاهرين، وذلك بمنع الرئيس السابق عبد العزيز بوتفليقة من تمديد حكمه.
كما تضمنت مسودة الدستور مشروعاً جديداً يخص الجيش، يتمثل في إيفاد قوات عسكرية إلى الخارج للمشاركة في مهام إنسانية. وهو ما أثار جدلاً في البلاد، على أساس أن الجيش الوطني الشعبي تحكمه عقيدة منذ الاستقلال، مفادها «عدم التدخل في أي شأن خارج حدود البلاد».
وفي السياق نفسه المرتبط بالنقاش الذي يثيره الدستور، قال عبد الله جاب الله، رئيس «جبهة العدالة والتنمية»، أمس، في لقاء مع كوادر حزبه بالعاصمة، إن «مسودة الدستور هذه أسوأ من دستور بوتفليقة»، الذي عدّله مرتين خلال فترة حكمه، التي دامت 20 سنة، وفي كليهما لم يعرض المراجعة الدستورية على الاستفتاء، واكتفى بموافقة البرلمان.
وأكد جاب الله، المعارض الأزلي للنظام، أنه أعدّ 120 ملاحظة تخص النسخة النهائية للدستور. وتوقف عند إحدى مواده تتناول وعود الدولة بـ«حماية أماكن العبادة بمنع تداول السياسة والآيديولوجيا فيها». وتساءل جاب الله بنبرة استياء: «هل يوجد في مساجدنا ماركسية أو شيوعية أو أي فلسفة وضعية؟ لا يوجد فيها إلا الإسلام... فماذا ستحمي الدولة؟».
ويُفهَم من هذه المادة، حسب الزعيم الإسلامي، أن السلطات «تعتزم حصر الدروس التي تلقى بالمساجد فيما له علاقة بالآخرة والعبادات، ولن يُسمَح للإمام بتجاوز القضايا التي تخدم السلطة، وهذا من شر ما هو موجود في هذا الدستور... إنه جرم كبير في حق الأمة، وسيمنعون تدريس الإسلام في النظام التعليمي، بحجة أن المدرسة ينبغي أن تبقى على الحياد أمام التيارات السياسية، والحقيقة أن المستهدَف هو قيمنا الإسلامية، ولهذا وجب تنبيه الأمة إلى الخطر الذي يهددها في دينها ووحدتها».
وأحدث التعديل الدستوري انقساماً في صفوف الإسلاميين؛ فقطاع منهم يدعمه، وتقوده «حركة الإصلاح الوطني»، و«حركة البناء الوطني»، وآخر يرفضه بشدة، بزعامة «حركة مجتمع السلم» و«جبهة العدالة»، فيما لم تعلن «حركة النهضة» موقفها بعد.
يشار إلى أن أهم ما في جاء في التعديل تحول منصب «الوزير الأول»، إلى «رئيس الحكومة» في حال كانت الأغلبية البرلمانية لأحزاب غير داعمة لبرنامج الرئيس. ويحتفظ بالمنصب إذا كانت «الأغلبية رئاسية»، غير أن الرئيس حالياً ليس له أحزاب تسانده. وكان صرح بأن المجتمع المدني هو القاعدة التي ترتكز عليها سلطته.
إلى ذلك، قال محمد شرفي، رئيس «السلطة المستقلة لتنظيم الانتخابات» (هيئة دستورية)، لوكالة الأنباء الحكومية، أمس، إن تشجيع الناخب على ممارسة حقه في التصويت «يندرج ضمن صلاحياتنا، وذلك طبقاً لمبدأ الديمقراطية التشاركية، لكن دون التدخل بأي شكل من الأشكال في اختياراته»، مبرزاً أن الهيئة، التي استحدثت عشية انتخابات الرئاسة التي جرت نهاية العام الماضي «على أتم الاستعداد لتنظيم وتأطير هذا الاستفتاء الشعبي، كما أنها تطمح إلى تحسين أدائها من خلال الاستحقاق».
وأضاف شرفي موضحاً أن الاستفتاء «يأتي لتعميق ديناميكية التغيير التي أحدثها الحراك الشعبي، والتي أفضت إلى انتخابات رئاسية أسفرت عن رئيس منتخب ديمقراطياً. وسيتواصل التغيير بشكل أكثر عمقاً من خلال إقرار التعديل الدستوري، الذي يجري التحضير له في جو هادئ، وهو مكسب في حد ذاته».
من جهة ثانية، فتحت نيابة محكمة سيدي أمحمد بالجزائر العاصمة، أمس، تحقيقا قضائيا يتعلق بصفقة تحويل 10 ملايين دولار لصالح مكتب علاقات عامة، من قبل رجل الأعمال المحسوب على نظام بوتفليقة المخلوع، علي حداد، الذي يقبع حاليا في السجن، حسبما أعلنت عنه النيابة العامة لدى مجلس قضاء الجزائر.
وجاء في بيان النيابة العامة أنه «في إطار قضية علي حداد المتعلقة بصفقة تحويل 10 ملايين دولار لصالح مكتب علاقات عامة، تم فتح تحقيق قضائي من طرف نيابة محكمة سيدي أمحمد ضد المذكور أعلاه والمدعوة صبرينة بان»، مع الإشارة إلى أن «قاضي التحقيق المكلف بهذا الملف أصدر إنابات قضائية في هذا الإطار».
وتهدف هذه التحريات الأولية الذي تم فتحها «للوقوف على الظروف التي تمت فيها هذه الصفقة وتحديد الهدف الحقيقي منها».



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.