مشاورات الساعات الأخيرة تمدد مهلة تشكيل الحكومة اللبنانية

اجتماع لرؤساء الحكومات السابقين واتصال فرنسي مع «حزب الله»

TT

مشاورات الساعات الأخيرة تمدد مهلة تشكيل الحكومة اللبنانية

اتسمت مشاورات تشكيل الحكومة في الساعات الماضية بالغموض رغم الحركة التي سجّلت على أكثر من خط في محاولة أخيرة لإنقاذ المبادرة الفرنسية قبل ساعات من انتهاء مهلتها التي مدّدت من يوم الثلاثاء إلى اليوم الخميس، فيما تحدث سياسيون التقوا رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب عن الحاجة إلى «معجزة ما... وإلا فالاعتذار».
وسجلت لقاءات واتصالات على أكثر من خط؛ منها معلن ومنها غير معلن، أبرزها تلك التي تولاها مدير عام الأمن العام عباس إبراهيم، ودخل عليها أيضاً السفير المصري ياسر علوي الذي التقى رئيس البرلمان نبيه بري بعد رئيس الجمهورية ميشال عون إضافة إلى رئيس الحكومة السابق سعد الحريري، ناصحاً المسؤولين بـ«تلقف المبادرة الفرنسية وإنجاحها كفرصة أخيرة للبنان».
واجتمع مساء أمس رؤساء الحكومات السابقون نجيب ميقاتي وفؤاد السنيورة وتمام سلام في منزل الرئيس سعد الحريري. وعلمت «الشرق الأوسط» من مصادر اطلعت على مضمون الاجتماع أن ثمة أجواءً إيجابية استجدت، توحي بوجود فرصة لتحقيق تقدم في الموضوع الحكومي حتى نهاية الأسبوع، مما يقلل فرص الاعتذار، ويعطي المبادرة الفرنسية مزيدا من الحظوظ.
وقالت المصادر إن مروحة اتصالات فرنسية جرت بعد بيان «الإليزيه»؛ من بينها اتصال مع قيادة «حزب الله»، وأوضحت أن المعاون السياسي لأمين عام الحزب (حسين الخليل) زار رئيس مجلس النواب نبيه بري ووضعه في أجواء الاتصالات التي أفضت إلى تمديد إضافي للمهلة المعطاة للمسؤولين اللبنانيين لتأليف الحكومة حتى نهاية الأسبوع، وهو ما أكدته مصادر بري لـ«الشرق الأوسط».
وجاءت هذه الاتصالات بعدما بقيت «العقدة الشيعية» المتمثلة في تمسك «حزب الله» و«حركة أمل» بالحصول على وزارة المالية واختيار الوزراء الشيعة، من دون حل، كما لم تلق الخيارات البديلة التي طرحت عليهما؛ ومنها حصولهما على وزارة الداخلية، تجاوباً، مما يعني أن المبادرة الفرنسية كانت قاب قوسين من السقوط.
ورغم هذا التعثر، فإن مصادر مقربة من «الثنائي» أكدت حرصه على «إنجاح المبادرة الفرنسية بالتوازي مع التأكيد على حفظ المسلمات الوطنية المتمثلة في الميثاقية والوحدة الوطنية والسلم الأهلي وتفعيل عمل مؤسسات الدولة». وجددت المصادر التأكيد على أن عرقلة مسار التشكيل داخلية وليست خارجية، مشيرة في الوقت عينه إلى جهود تبذل من مختلف الأطراف في الساعات الأخيرة على أمل إحداث خرق ما صباح اليوم.
وأكدت المصادر المطلعة على المشاورات أن رفض حصول الشيعة على وزارة المالية لا يقتصر على الطائفة السنية، مذكرة بموقف البطريرك الماروني بشارة الراعي وموقف النائب جبران باسيل الرافض ما سماه «التوقيع الثالث».
وفي هذا الإطار، جدّد رئيس الحكومة السابق سعد الحريري موقفه، وكتب عبر حسابه على «تويتر» قائلاً: «وزارة المال وسائر الحقائب الوزارية ليست حقاً حصرياً لأي طائفة، ورفض المداورة إحباط وانتهاك موصوف بحق الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان واللبنانيين».
كذلك كتب رئيس «الحزب التقدمي الاشتراكي» وليد جنبلاط في حسابه على «تويتر»: «يبدو أن البعض لم يفهم أو لا يريد أن يفهم بأن المبادرة الفرنسية هي آخر فرصة لإنقاذ لبنان ومنع زواله كما قال وزير خارجيتها بكل وضوح. وعاد كبار الفرقاء إلى لعبة المحاصصة مع إدخال أعراف جديدة دون الاتصال بأحد يقودها هواة جدد على الساحة»، مضيفاً: «شكراً للسيد بومبيو على لزوم ما لا يلزم».
كما وصف رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ما يحصل في موضوع تشكيل الحكومة بـ«المهزلة الحقيقية»، عادّاً أن إسقاط المبادرة الفرنسية جريمة. وكتب جعجع عبر «تويتر»: «بعدما أعطى جميع الفرقاء السياسيين كلمتهم بتسهيل تشكيل حكومة جديدة على أسس مختلفة؛ حكومة إنقاذ تعمل على لملمة الأوضاع بالبلاد بأسرع ما يمكن، عدنا لنسمع عند الوصول لنقطة تشكيل هكذا حكومة بالنظريات التي كانت قد أدت أصلاً لخراب البلاد». وشدد على أن المبادرة الفرنسية محاولة كبيرة وجدية لإنقاذ لبنان، وأن إحباطها ومحاولة إنهائها بهذا الشكل جريمة.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.