الأردن يؤكد استمراره في الحرب ضدّ الإرهاب

على الرغم من أسر «داعش» طيارا له

الأردن يؤكد استمراره في الحرب ضدّ الإرهاب
TT

الأردن يؤكد استمراره في الحرب ضدّ الإرهاب

الأردن يؤكد استمراره في الحرب ضدّ الإرهاب

أكد الأردن أنه مصمم على حربه ضد الإرهاب على الرغم من سقوط طائرة حربية أردنية تابعة للتحالف الدولي وأسر طيارها الاردني على يد تنظيم "داعش" بالقرب من مدينة الرقة شمال سوريا، في حادثة يرى محللون أنها قد تؤدي إلى زيادة الضغوط الداخلية الداعية للانسحاب من هذا التحالف.
وقال وزير الدولة لشؤون الإعلام الناطق الرسمي باسم الحكومة محمد المومني في تصريحات صحافية اليوم (الخميس)، إن "الحرب على الارهاب مستمرة من أجل الدفاع عن الدين الاسلامي الحنيف وعن مبادئه السمحة". وأضاف أن "كل الاردنيين يقفون صفا واحدا مع جنود الجيش العربي البواسل في مسعاهم الطهور للحفاظ على شرف الامة وخدمة التراب الوطني".
من جانبه، اكد مجلس النواب في بيان "وقوفه ودعمه الكامل لجهود القوات المسلحة الاردنية والجيش العربي في الحرب على الارهاب اينما وجد وتجفيف منابعه".
وحمل المجلس تنظيم "داعش" "مسؤولية الحفاظ على حياة وأمن وسلامة البطل الطيار"، مؤكدا أن "أي عمل قد يقترفه تنظيم داعش من شأنه المساس بأمن وبسلامة الطيار ستكون نتائجه وخيمة على التنظيم ومن يدعمه أو يسانده".
ودعا المجلس الحكومة إلى "بذل الجهود والعمل قدما لاعادة البطل الطيار الكساسبة سالما غانما إلى أهله ووطنه بأسرع وقت".
وانتشر على مواقع التواصل الاجتماعي من "فيسبوك" و"تويتر" و"هاشتاغ" "#خليك_نسر" و"#كلنا_معاذ_الكساسبة" للاعراب عن التضامن والتأييد مع الطيار الاردني الشاب الذي يبلغ من العمر 26 سنة ويتحدر من محافظة الكرك (118 كلم جنوب عمان) الذي تزوج في 31 يوليو (تموز) الماضي.
وغصت المواقع الاخبارية الاردنية بصور الطيار الشاب باللباس المدني والعسكري وكلمات الدعم والاعجاب.
من جهتهم، اعتبر محللون اردنيون أن هذا الحادث المفاجئ لن يثني الاردن عن مواصلة جهوده في مكافحة تنظيم "داعش"؛ ولكنه سيزيد الضغوط الشعبية الداخلية ويرفع الاصوات الداعية الى التراجع عن قرار المشاركة في التحالف الدولي.
وقال عريب الرنتاوي مدير مركز القدس للدراسات السياسية لوكالة الصحافة الفرنسية، إن "الدولة الاردنية عندما قررت الالتحاق بالتحالف الدولي واعتبرت الحرب على داعش هي حرب الاردن ايضا، كانت تدرك أن هذا قد يترتب عليه خسائر مادية وبشرية وغير ذلك".
وأضاف الرنتاوي "أظن ان هذا لن يؤثر على التوجه الاردني ولا على الموقف الاردني من مسألة الحرب على داعش".
من جهته، أكد الكاتب والمحلل السياسي لبيب قمحاوي لوكالة الصحافة الفرنسية ان "هذا الحادث سيشكل عامل ضغط على الحكومة وعلى الملك، خصوصا اذا لا سمح الله حصل أي مكروه لهذا الطيار والذي ستكون نتائجه غير بسيطة". وأكمل قائلا إنّ "الاردنيين سيبدأون بالتساؤل علنا: ما هي مصلحتنا في الدخول الى عش الدبابير هذا؟".
واوضح قمحاوي أنه "من مجمل النواحي النتائج ستكون سلبية؛ ولكن قوة سلبيتها ستختلف باختلاف النتائج فيما اذا تم أيذاء هذا الشخص (الطيار) او لا او فيما إذا حصل المزيد من هكذا حوادث" مستقبلا.
من جانبه، قال محمد ابو رمان الباحث في مركز الدراسات الاستراتيجية في الجامعة الاردنية لوكالة الصحافة الفرنسية "لا اعتقد أنه سيكون هناك أي تفكير في الانسحاب من التحالف الدولي أو التراجع عن المشاركة في الحرب الحالية ضد تنظيم داعش بعد هذا الحادث".
كما اوضح ابو رمان أن "الاغلبية المطلقة من الشعب الاردني، تقريبا 90 في المائة وفق استطلاعات الرأي، تنظر لداعش بوصفه عدوا مثيرا للتهديد". وأكمل "لكن هناك حالة من الانقسام فيما إذا كان على الاردن أن يخوض هذه الحرب ضد داعش ويتورط في مواجهة مباشرة مع هذا التنظيم".
ونشر تنظيم داعش، الذي يسيطر على مناطق واسعة في سوريا والعراق المجاور على مواقع متطرفة صورا قال إنها للطيار الأسير يحيط به عناصر مسلحون.
وظهر الطيار في احدى الصور وهو يرتدي قميصا ابيض ويحمله اربعة رجال يخرجونه من بقعة ماء.
كما نشر التنظيم بطاقة عسكرية قال إنها لهذا الطيار الذي يدعى معاذ صافي يوسف الكساسبة. وهو من مواليد العام 1988 والتحق بالسلك العسكري في 2006، ويحمل رتبة ملازم اول.
كما أعلن التنظيم أنه استخدم صاروخا حراريا لاسقاط الطائرة وهي من طراز "اف-16".
لكن الولايات المتحدة نفت الاربعاء أن يكون تنظيم "داعش" هو من اسقط المقاتلة الاردنية.
وقالت القيادة الاميركية الوسطى التي تشرف على عمليات التحالف الجوية فوق العراق وسوريا، إن "الادلة تشير بوضوح إلى أن تنظيم داعش في العراق والشام لم يسقط الطائرة كما يقول هذا التنظيم الارهابي".
ولم يكشف بيان القيادة عن سبب "تحطم" الطائرة.
وهذه أول عملية اسقاط لطائرة تابعة لقوات التحالف منذ ان شنت الولايات المتحدة وحلفاؤها في 23 سبتمبر (ايلول) الماضي أولى غاراتها على مواقع للمسلحين المتطرفين في سوريا، بعد نحو شهر ونصف الشهر على بدء ضربات التحالف الذي يضم دولا عربية بينها الاردن والسعودية والامارات ضد اهداف التنظيم في العراق وسوريا.



ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
TT

ملاهي سوريا وحاناتها تعيد فتح أبوابها بحذر بعد انتصار فصائل المعارضة

سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)
سوري يصب شراباً محلياً في سوق باب توما بدمشق (رويترز)

احتفل سكان دمشق بسقوط نظام بشار الأسد بعد حرب وحشية استمرت 13 عاماً، لكن أصحاب أماكن السهر في المدينة اعتراهم القلق وهم يعيدون فتح أبواب حاناتهم وملاهيهم.

فقد قادت «هيئة تحرير الشام» فصائل المعارضة التي أطاحت بنظام الأسد، وكانت هناك خشية لدى بعض الناس من أن تمنع الهيئة شرب الكحول.

ظلت حانات دمشق ومحلات بيع الخمور فيها مغلقة لأربعة أيام بعد دخول مقاتلي «هيئة تحرير الشام» المدينة، دون فرضهم أي إجراءات صارمة، والآن أعيد فتح هذه الأماكن مؤقتاً.

ما يريده صافي، صاحب «بابا بار» في أزقة المدينة القديمة، من الجميع أن يهدأوا ويستمتعوا بموسم عيد الميلاد الذي يشهد إقبالاً عادة.

مخاوف بسبب وسائل التواصل

وفي حديث مع «وكالة الصحافة الفرنسية» في حانته، اشتكى صافي، الذي لم يذكر اسم عائلته حتى لا يكشف عن انتمائه الطائفي، من حالة الذعر التي أحدثتها وسائل التواصل الاجتماعي.

فبعدما انتشرت شائعات أن المسلحين المسيطرين على الحي يعتزمون شن حملة على الحانات، توجه إلى مركز الشرطة الذي بات في أيدي الفصائل في ساحة باب توما.

وقال صافي بينما كان يقف وخلفه زجاجات الخمور: «أخبرتهم أنني أملك حانة وأود أن أقيم حفلاً أقدم فيه مشروبات كحولية».

وأضاف أنهم أجابوه: «افتحوا المكان، لا مشكلة. لديكم الحق أن تعملوا وتعيشوا حياتكم الطبيعية كما كانت من قبل»، فيما كانت الموسيقى تصدح في المكان.

ولم تصدر الحكومة، التي تقودها «هيئة تحرير الشام» أي بيان رسمي بشأن الكحول، وقد أغلق العديد من الأشخاص حاناتهم ومطاعمهم بعد سقوط العاصمة.

لكن الحكومة الجديدة أكدت أيضاً أنها إدارة مؤقتة وستكون متسامحة مع كل الفئات الاجتماعية والدينية في سوريا.

وقال مصدر في «هيئة تحرير الشام»، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، طلب عدم كشف هويته، إن «الحديث عن منع الكحول غير صحيح». وبعد الإلحاح عليه بالسؤال شعر بالغضب، مشدداً على أن الحكومة لديها «قضايا أكبر للتعامل معها».

وأعيد فتح «بابا بار» وعدد قليل من الحانات القريبة، لكن العمل محدود ويأمل صافي من الحكومة أن تطمئنهم ببيان يكون أكثر وضوحاً وقوة إلى أنهم آمنون.

في ليلة إعادة الافتتاح، أقام حفلة حتى وقت متأخر حضرها نحو 20 شخصاً، ولكن في الليلة الثانية كانت الأمور أكثر هدوءاً.

وقال إن «الأشخاص الذين حضروا كانوا في حالة من الخوف، كانوا يسهرون لكنهم في الوقت نفسه لم يكونوا سعداء».

وأضاف: «ولكن إذا كانت هناك تطمينات (...) ستجد الجميع قد فتحوا ويقيمون حفلات والناس مسرورون، لأننا الآن في شهر عيد الميلاد، شهر الاحتفالات».

وفي سوريا أقلية مسيحية كبيرة تحتفل بعيد الميلاد، مع تعليق الزينات في دمشق.

في مطعم العلية القريب، كان أحد المغنين يقدم عرضاً بينما يستمتع الحاضرون بأطباق من المقبلات والعرق والبيرة.

لم تكن القاعة ممتلئة، لكن الدكتور محسن أحمد، صاحب الشخصية المرحة والأنيقة، كان مصمماً على قضاء وقت ممتع.

وقال لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «كنا نتوقع فوضى عارمة في الموقف»، فيما كانت الأضواء تنعكس على ديكورات المطعم، مضيفاً: «لكننا عدنا سريعاً إلى حياتنا، حياتنا الليلية، وحقوقنا».

حفلة مع مغنٍ

وقال مدير المطعم يزن شلش إن مقاتلي «هيئة تحرير الشام» حضروا في ليلة إعادة الافتتاح ولم يغلقوا المكان.

وأضاف: «بدأنا العمل أمس. كانت الأمور جيدة جداً. كانت هناك حفلة مع مغنٍ. بدأ الناس بالتوافد، وفي وسط الحفلة حضر عناصر من (هيئة تحرير الشام)»، وأشار إلى أنهم «دخلوا بكل أدب واحترام وتركوا أسلحتهم في الخارج».

وبدلاً من مداهمة المكان، كانت عناصر الهيئة حريصين على طمأنة الجميع أن العمل يمكن أن يستمر.

وتابع: «قالوا للناس: لم نأتِ إلى هنا لنخيف أو نرهب أحداً. جئنا إلى هنا للعيش معاً في سوريا بسلام وحرية كنا ننتظرهما منذ فترة طويلة».

وتابع شلش: «عاملونا بشكل حسن البارحة، نحن حالياً مرتاحون مبدئياً لكنني أخشى أن يكون هذا الأمر آنياً ولا يستمر».

ستمارس الحكومة الانتقالية الجديدة في سوريا بقيادة «هيئة تحرير الشام» عملها حتى الأول من مارس (آذار). بعد ذلك، لا يعرف أصحاب الحانات ماذا يتوقعون.