حفتر يصر على خروج تركيا من ليبيا

حكومة الثني تتولى تسيير الأعمال رغم الاستقالة... ودعوة أممية إلى تحقيق في احتجاجات الشرق

صورة وزعها مكتب حفتر لاجتماعه بأعضاء الوفد المصري
صورة وزعها مكتب حفتر لاجتماعه بأعضاء الوفد المصري
TT

حفتر يصر على خروج تركيا من ليبيا

صورة وزعها مكتب حفتر لاجتماعه بأعضاء الوفد المصري
صورة وزعها مكتب حفتر لاجتماعه بأعضاء الوفد المصري

قدمت الحكومة الموازية الموالية لمجلس النواب الليبي استقالتها، بعد ساعات من إعلان المشير خليفة حفتر القائد العام للجيش الوطني، الذي جدد إصراره على خروج تركيا من ليبيا، انحيازه للمظاهرات الاحتجاجية التي تشهدها مدن شرق البلاد بسبب تردى الأوضاع المعيشية والخدمات العامة، بينما دعت بعثة الأمم المتحدة في ليبيا من سمتهم «المتظاهرين السلميين» على استمرار الاحتجاج، ونددت بما وصفته بـ«الاستخدام المفرط للقوة» من قبل السلطات المحلية ضدهم.
وأعلن المشير حفتر أنه ناقش، مساء أمس، بمقر قيادة الجيش الوطني في مدينة بنغازي (شرق)، مع اللواء أيمن بديع رئيس اللجنة الوطنية المصرية المختصة بالشأن الليبي، وعدد من أعضاء اللجنة، بعض المواضيع المهمة المشتركة بين البلدين، والمستجدات على الساحتين المحلية والدولية.
وهذا هو ثاني وفد مصري رفيع المستوى يجتمع بحفتر خلال شهر واحد، علماً بأنه التقى في الثامن عشر من الشهر الماضي وفداً ترأسه اللواء خالد مجاور، مدير إدارة المخابرات الحربية بالجيش المصري.
وقالت مصادر مقربة من حفتر لـ«الشرق الأوسط» إنه بصدد الحصول على ضمانات أميركية ودولية، مقابل السماح باستئناف إنتاج النفط، مؤكدة أن المفاوضات السرية التي تدور بينه وبين مسؤولين أميركيين «لا تزال جارية»، رغم إعلان السفارة الأميركية مؤخراً عن «شبه اتفاق» لاستئناف إنتاج وتصدير النفط، كاشفة النقاب عن أن حفتر لم يتخذ قراره النهائي بعد، وأنه يصر على خروج تركيا أولاً من المشهد العسكري والسياسي في ليبيا، وترحيل المرتزقة التابعين لها.
وأوضحت أن من بين الشروط التي يتمسك بها حفتر تولي حساب خاص بمصرف دولي، بالتنسيق مع مصرف ليبيا المركزي، السيطرة على تحصيل عائدات النفط، وضمان توزيعها بشكل آمن على أنحاء البلاد كافة، مع ضمان عدم تسربها إلى الميليشيات المسلحة الموالية لحكومة الوفاق، أو المرتزقة السوريين الذين جلبتهم تركيا للقتال إلى جانبها.
والتقى الوفد المصري أيضاً عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي. وقال المتحدث الرسمي باسمه إن اللقاء ناقش «سُبل إنهاء الأزمة الليبية، والإسراع في الوصول إلى حل سياسي، ودعوة جميع الأطراف المعنية للعمل على ذلك».
وبدورها، عبرت الرئيسة المؤقتة لبعثة الأمم المتحدة، ستيفاني ويليامز، خلال اجتماعها أمس في روما مع وزير الخارجية الإيطالي لويجي دي مايو، عن امتنانها لدعم إيطاليا المستمر لجهود الأمم المتحدة، خاصة في ضوء الزخم الذي أوجدته الأطراف الليبية لإعادة عقد المنتدى السياسي الليبي على وجه السرعة.
وكانت البعثة الأممية قد عبرت، في بيان لها أول من أمس، عن قلقها البالغ إزاء تقارير تفيد بمقتل مدني، وإصابة 3 آخرين، واعتقال عدد من المتظاهرين الآخرين، مع استخدام مفرط للقوة من قبل سلطات الشرق ضد المتظاهرين السلميين في مدينة المرج.
ودعت البعثة إلى إجراء تحقيق شامل فوري في هذه الأحداث، والإسراع في الإفراج عن جميع المعتقلين والمحتجزين تعسفياً، معتبرة أن هذه المظاهرات تؤكد الحاجة الملحة لإنهاء الإغلاق النفطي، والعودة إلى عملية سياسية كاملة شاملة، تلبي تطلعات الشعب الليبي إلى حكومة تمثله، والعيش بكرامة وسلام.
لكن وسائل إعلام ليبية موالية للجيش الوطني انتقدت البيان، وعدت أن رئيسة البعثة الأممية بالإنابة اعتمدت في إصداره على معلومات مغلوطة روجتها وسائل إعلام محسوبة على حكومة الوفاق وجماعة الإخوان المسلمين.
وكانت الحكومة المؤقتة التي يترأسها عبد الله الثني قد أعلنت، في بيان مقتضب، أن الثني قدم استقالته، خلال اجتماع عقده مع رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، وذلك بحضور عدد من وزراء حكومته، دون أي تفاصيل.
وسعى هذا الاجتماع الطارئ لتلبية مطالب الشارع بشأن تردي الأوضاع الخدمية والمعيشية للمواطن، وفي مقدمتها أزمة انقطاع الكهرباء، حيث أعلنت الحكومة توفير 6 ناقلات لوقود الديزل، وتفريغ المخزون الخام بخزانات الموانئ النفطية ليتوفر الغاز المغذي لمحطات توليد الكهرباء، بالإضافة إلى معالجة أزمة نقص السيولة بالمصارف التجارية.
ونفى صالح رفضه استقالة الحكومة، وأكد إحالتها إلى البرلمان للبت فيها، وفقاً للإعلان الدستوري، وهو ما أكده أيضاً عبد الله بليحق، المتحدث الرسمي باسم البرلمان، الذي أوضح أن المجلس تلقى الاستقالة، وأنه سيتم عرضها لاحقاً للنظر بشأنها، لكنه لم يحدد موعداً محدداً.
وقال المستشار الإعلامي لصالح إن الحكومة التي استقالت ستستمر في تسيير الأعمال، وهو ما أكده عز الدين الفالح، الناطق باسم حكومة الثني، الذي قال لـ«الشرق الأوسط» إن الحكومة ما زالت تعمل بشكلها الطبيعي حتى يقرر مجلس النواب مصير الاستقالة المقدمة من رئيس الوزراء.
وحول ملابسات الاستقالة، أوضح الفالح أن عدم وجود موارد مالية حتى اليوم أثر سلباً على عمل الحكومة، نافياً أن يكون الثني قد أعلن استقالة الحكومة تعبيراً عن الغضب أو الاحتجاج على بيان الجيش الوطني الذي انحاز للمتظاهرين. وقال إن ما يشاع «غير صحيح، فالجسمين في خندق واحد، وحتى الحكومة الليبية ترى أن مطالب المتظاهرين السلميين مشروعة، لكن المهم هو عدم المساس بمقدرات الدولة التي تعد ملكاً للمواطن».
وطبقاً لمصادر في البرلمان، فإنه يصعب حالياً جمع كل أعضائه لعقد مثل هذه الجلسة، ما يعني أن الحكومة ستواصل عملها إلى حين حسم البرلمان موقفه منها.
وتسعى السلطات لاحتواء احتجاجات شعبية غاضبة يشارك فيها، منذ الخميس الماضي، مئات المتظاهرين في مدن بنغازي والبيضاء والمرج شرق ليبيا، للمطالبة بتحسين الخدمات ومحاربة الفساد.



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».