جمود في مساعي تشكيل الحكومة وأطراف ترفض «المداورة» في الوزارات

رفض «حزب الله» لـ «التكنوقراط» يعقّد مهمة أديب

TT

جمود في مساعي تشكيل الحكومة وأطراف ترفض «المداورة» في الوزارات

يسيطر الجمود على عملية تأليف الحكومة العتيدة وذلك في وقت تقترب سسمهلة الـ15 يوماً التي حدّدتها الورقة الفرنسية لتأليف الحكومة من الانتهاء مطلع الأسبوع المقبل. وأكدت مصادر متابعة لعملية التأليف أن التشاؤم يغلب على التفاؤل بتأليف الحكومة سريعاً، مشيرةً إلى أن رسالة «حزب الله» كانت واضحة برفض حكومة التكنوقراط، ما يعقّد مساعي رئيس الحكومة المكلف مصطفى أديب، الذي يواجه مطلب رئيس الجمهورية ميشال عون، توسيع الحكومة إلى 24 وزيراً، كما تمسك «حزب الله» وحركة «أمل» بوزارة المالية وبتسمية وزيرها، ما يعقّد مسعاه لمنع حصر الوزارات بطوائف وقوى سياسية، وأنّه في حال استجابة أديب لهذا المطلب ستتمسّك قوى سياسية أخرى أيضاً بحقائب لطالما عدّتها من حصّتها، وسترفض مبدأ المداورة، وأنّ تمسّك الأطراف بمواقفها وعرقلة التأليف قد يستدعي تدخلاً فرنسياً عاجلاً.
وفي المواقف، رأى النائب هادي حبيش، عضو كتلة «المستقبل» التي يرأسها الرئيس السابق للحكومة سعد الحريري أن «اللعبة واضحة»، وإذا «لم يكن هناك دعم دولي فلن تتمكن أي حكومة مهما كانت خامات وزرائها جيّدة من النجاح»، مضيفاً في تصريح أنّ «المبادرة الفرنسية هي فرصة يجب انتهازها ولكن عوضاً عن ذلك فإنّ البعض لا يزال يتمسّك بحقائب وزارية معيّنة».
ولفت حبيش إلى أنّ «المستقبل» حسم أمره و«لن يشارك في الحكومة العتيدة» وأنّ رئيس الحكومة الأسبق سعد الحريري «على تواصل مستمرّ مع الرئيس المكلّف»، مضيفاً أنّ الشخص الوحيد الذي لم يتواصل معه أديب «هو الوزير السابق جبران باسيل باستثناء اللقاء الذي جمعهما في الاستشارات النيابية».
وعن المداورة في الوزارات أشار حبيش إلى أنه يوجد «في كل الطوائف أشخاص جيدون يستطيعون النجاح في وزارتهم»، لافتاً إلى أنَ «الرئيس المكلّف لا يزال مصراً على حكومة مصغرة».
وفي هذا الإطار رأى عضو «اللقاء الديمقراطي» (يضم نواب الحزب «التقدمي الاشتراكي» برئاسة وليد جنبلاط) النائب بلال عبد الله، أنّه «في حال تعثر تشكيل حكومة إنقاذية برئاسة أديب كنتيجة للمبادرة الفرنسية» فإن لبنان «مقبل على حقبة معاناة سوداء في تاريخه اقتصادياً ومالياً واجتماعياً».
وأضاف عبد الله في تغريدة على حسابه على «تويتر» أنّ كلّ ذلك بسبب «إصرار البعض على أن يبقى هذا البلد المفجوع ساحة رسائل وصراع الآخرين، بغضّ النظر عن الشعارات التي تُرفع هنا وهناك».
من جانبه شدّد نائب «حزب الكتائب» المستقيل نديم الجميل، على ضرورة وجود «رؤساء حكومة يفرضون مَن يرونه مناسباً لإجراء إصلاحات حقيقيّة، معتبراً أنّ «الرضوخ للضغط والتهويل يؤكد أنّ الإتيان بشخص (بالباراشوت) لن يقدّم ولن يؤخّر ما دام السلاح يسيطر على القرار».
ورأى الجميّل أنّه «حان الوقت للانتهاء بمن أتى بالقمصان السود واتفاق الدوحة»، وأنّ «المطالبة بنزع سلاح (حزب الله) لا تعني الخوف منه» بل لأنه «يخلق خللاً في الاستقرار اللبناني والإقليمي».



هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
TT

هدنة غزة: انتشار «حماس» في القطاع يثير تساؤلات بشأن مستقبل الاتفاق

مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)
مسلحو «حماس» يسلمون رهينة إسرائيلية إلى أعضاء اللجنة الدولية للصليب الأحمر (رويترز)

أثار انتشار عسكري وأمني لعناصر من «حماس» وموالين لها، عقب بدء تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار بقطاع غزة، تساؤلات بشأن مستقبل الصفقة، في ظل ردود فعل إسرائيلية تتمسك بالقضاء على الحركة، وجهود للوسطاء تطالب الأطراف بالالتزام بالاتفاق.

تلك المشاهد التي أثارت جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد ورافض، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، ستكون ذريعة محتملة لإسرائيل للانقلاب على الاتفاق بعد إنهاء المرحلة الأولى والعودة للحرب، معولين على جهود للوسطاء أكبر لإثناء «حماس» عن تلك المظاهر الاستعراضية التي تضر مسار تنفيذ الاتفاق.

بينما قلل محلل فلسطيني مختص بشؤون «حماس» ومقرب منها، في حديث لـ«الشرق الأوسط»، من تأثير تلك الأجواء، وعدّها «بروتوكولية» حدثت من قبل أثناء صفقة الهدنة الأولى في نوفمبر (تشرين الثاني) 2023.

وبزي نظيف وسيارات جديدة وأسلحة مشهرة، خرج مسلحون يرتدون شارة الجناح العسكري لـ«حماس» يجوبون قطاع غزة مع بداية تنفيذ اتفاق الهدنة، الأحد، وسط بيان من وزارة الداخلية بالقطاع التي تديرها عناصر موالية للحركة، كشف عن مباشرة «الانتشار بالشوارع»، وخلفت تلك المشاهد جدلاً بمنصات التواصل بين مؤيد يراها «هزيمة لإسرائيل وتأكيداً لقوة وبقاء (حماس) بالقطاع»، وآخر معارض يراها «استفزازية وتهدد الاتفاق».

عناصر من شرطة «حماس» يقفون للحراسة بعد انتشارهم في الشوارع عقب اتفاق وقف إطلاق النار (رويترز)

إسرائيلياً، تساءل المعلق العسكري للقناة 14 نوعام أمير، بغضب قائلاً: «لماذا لم يتم ضرب (تلك الاستعراضات) جواً؟»، بينما هدد وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، بإسقاط الحكومة في حال الانتقال إلى تنفيذ المرحلة الثانية من الاتفاق.

وأكد مكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتنياهو، في بيان الاثنين، «مواصلة العمل لإعادة كل المختطفين؛ الأحياء منهم والأموات، وتحقيق كل أهداف الحرب في غزة»، التي تتضمن القضاء على «حماس».

ويصف الخبير في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور سعيد عكاشة، ما قامت به «حماس» بأنه «استعراض مزيف لعلمها بأنها لن تدير غزة، لكنها تحاول أن تظهر بمظهر القوة، وأنها تستطيع أن تحدث أزمة لو لم توضع بالحسبان في حكم القطاع مستقبلاً، وهذا يهدد الاتفاق ويعطي ذريعة لنتنياهو لعودة القتال مع تأييد الرأي العام العالمي لعدم تكرار ما حدث في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023».

ويتفق معه المحلل السياسي الفلسطيني، عبد المهدي مطاوع، قائلاً إن «(حماس) لا تزال بعقلية المقامرة التي حدثت في 7 أكتوبر، وتريد إرسال رسالتين لإسرائيل وللداخل الفلسطيني بأنها باقية رغم أنها تعطي ذرائع لإسرائيل لهدم الاتفاق».

بالمقابل، يرى الباحث الفلسطيني المختص في شؤون «حماس» والمقرب منها، إبراهيم المدهون، أن «الاستعراض لا يحمل أي رسائل وظهر بشكل بروتوكولي معتاد أثناء تسليم الأسرى، وحدث ذلك في الصفقة الأولى دون أي أزمات»، مشيراً إلى أن «الحركة لها جاهزية ونفوذ بالقطاع رغم الحرب، والانتشار الأمني يعدّ دور وزارة الداخلية بالقطاع وتنفذه مع توفر الظروف».

وعقب دخول الاتفاق حيز التنفيذ، استقبل رئيس وزراء قطر، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني في مكتبه بالدوحة، وفداً من الفصائل الفلسطينية، مؤكداً ضرورة العمل على ضمان التطبيق الكامل للاتفاق، وضمان استمراره، وفق بيان لـ«الخارجية» القطرية الأحد.

وبينما شدد وزير الخارجية المصري، خلال لقاء مع رئيس المجلس الأوروبي، أنطونيو كوستا، ببروكسل، مساء الأحد، على «أهمية التزام أطراف الاتفاق ببنوده»، وفق بيان لـ«الخارجية» المصرية، سبقه تأكيد مجلس الوزراء الفلسطيني، الأحد، استعداد رام الله لتولي مسؤولياتها الكاملة في غزة.

وبتقدير عكاشة، فإن جهود الوسطاء ستتواصل، لا سيما من مصر وقطر، لوقف تلك المواقف غير العقلانية التي تحدث من «حماس» أو من جانب إسرائيل، متوقعاً أن «تلعب غرفة العمليات المشتركة التي تدار من القاهرة لمتابعة الاتفاق في منع تدهوره»، ويعتقد مطاوع أن تركز جهود الوسطاء بشكل أكبر على دفع الصفقة للأمام وعدم السماح بأي تضرر لذلك المسار المهم في إنهاء الحرب.

وفي اتصال هاتفي مع المستشار النمساوي ألكسندر شالينبرغ، الاثنين، شدد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، على «ضرورة البدء في جهود إعادة إعمار القطاع، وجعله صالحاً للحياة، بما يضمن استعادة الحياة الطبيعية لسكان القطاع في أقرب فرصة». بينما نقل بيان للرئاسة المصرية، عن المستشار النمساوي، تقديره للجهود المصرية المتواصلة على مدار الشهور الماضية للوساطة وحقن الدماء.

ويرى المدهون أنه ليس من حق إسرائيل أن تحدد من يدير غزة، فهذا شأن داخلي وهناك مشاورات بشأنه، خصوصاً مع مصر، وهناك مبادرة مصرية رحبت بها «حماس»، في إشارة إلى «لجنة الإسناد المجتمعي» والمشاورات التي استضافتها القاهرة مع حركتي «فتح» و«حماس» على مدار الثلاثة أشهر الأخيرة، ولم تسفر عن اتفاق نهائي بعد بشأن إدارة لجنة تكنوقراط القطاع في اليوم التالي من الحرب.