تونس: منفذو العملية الإرهابية غير مصنفين لدى وحدات الأمن

«داعش» يتبنى الهجوم... والشرطة اعتقلت 40 ومددت احتجاز 7 من المشتبه فيهم

استنفار أمني بموقع الهجوم الإرهابي في سوسة التونسية أول من أمس (أ.ف.ب)
استنفار أمني بموقع الهجوم الإرهابي في سوسة التونسية أول من أمس (أ.ف.ب)
TT

تونس: منفذو العملية الإرهابية غير مصنفين لدى وحدات الأمن

استنفار أمني بموقع الهجوم الإرهابي في سوسة التونسية أول من أمس (أ.ف.ب)
استنفار أمني بموقع الهجوم الإرهابي في سوسة التونسية أول من أمس (أ.ف.ب)

كشف حسام الدين الجبابلي، المتحدث باسم الحرس الوطني (وزارة الداخلية)، عن معطيات جديدة حول العملية الإرهابية التي استهدفت دورية أمنية، أول من أمس، بمنطقة القنطاوي في محافظة سوسة، وأكد أن التحقيقات الأمنية قد شملت أكثر من 40 شخصاً لهم علاقة بالمجموعة التي نفذت العملية الإرهابية، وجرى تمديد احتجاز 7 أشخاص؛ من ضمنهم شقيقان وزوجة أحد منفذي العملية، الذين تم القضاء عليهم من قبل رجال الأمن خلال المواجهات المسلحة في سوسة.
وبشأن هويات العناصر الإرهابية الثلاثة الذين تم القضاء عليهم، أكد المصدر نفسه أن اثنين منهم شقيقان أحدهما يعمل بورشة نجارة، وعمره 25 سنة، والثاني يعمل بالتكوين المهني ومن مواليد سنة2001 أي إن عمره لا يزيد على 19سنة. أما العنصر الثالث فهو من مواليد سنة 1990 من سكان ولاية سليانة (وسط تونس).
من جهة أخرى، أعلن تنظيم «داعش»، أمس الاثنين، عبر وكالة «أعماق» الإخبارية، تبنيه الهجوم الذي نفذ أول من أمس في مدينة سوسة وأودى بحياة أحد عناصر الحرس الوطني. واكتفى تنظيم «داعش» بإعلان مقتل أحد أفراد القوات الأمنية في الهجوم الذي نفذه «مقاتلون» من التنظيم، من دون إعطاء مزيد من التفاصيل. وفي ساعة مبكرة من صباح أول من أمس، هاجم رجال في سيارة بسكين عناصر من الحرس الوطني قرب منطقة القنطاوي السياحية في مدينة سوسة، ما أدى إلى مقتل أحدهم وإصابة آخر بجروح خطيرة. والهجوم الجديد على الشرطة في المدينة التي سبق أن شهدت هجوماً دامياً هز البلاد في عام 2015، يأتي بعد 3 أيام من تولي الحكومة الجديدة الحكم إثر توتر سياسي شهدته تونس.
وكشف الجبابلي عن تفاصيل المواجهات المسلحة التي دارت بين قوات الأمن التونسية والعناصر الإرهابية، مؤكداً أنهم إثر القيام بعمليتي الدهس والطعن استولوا على أسلحة جنود الحرس الوطني، ولاذوا بالفرار بواسطة السيارة التي استعملوها، وانتقلوا إلى أكودة القريبة من منطقة القنطاوي السياحية (سوسة)، فتمت ملاحقتهم ثم محاصرتهم في إحدى المدارس، وتبادلوا إطلاق النار مع وحدات الأمن، إلى أن تم القضاء على ثلاثتهم، واستعادة السيارة التي استعملوها في العملية الإرهابية وكذلك أسلحة عناصر الحرس، وأيضاً مجموعة من السكاكين وعدد من الهواتف الجوالة.
إلى ذلك، اعتقلت الوحدات الأمنية بمدينة القلعة الكبرى التابعة لمحافظة سوسة امرأة تونسية نشرت تدوينة على صفحتها الخاصة بموقع للتواصل الاجتماعي، وذلك إثر استنكارها الإسراع في القضاء على الإرهابيين علاوة على تشكيكها في العملية الإرهابية بمجملها.
على صعيد متصل، عدّ مختار بن نصر، العميد المتقاعد من الجيش التونسي والرئيس السابق لـ«اللجنة الوطنية لمكافحة الإرهاب»، (حكومية)، أن العملية الإرهابية التي وقعت أول من أمس في منطقة سوسة (وسط شرقي تونس)، كانت عملية «مبرمجة للإرباك، فالحكومة تسلمت مهامها منذ يومين».
وقال بن نصر إن الإرهابيين غالباً ما يترصدون نقاط الضعف لتسديد الضربات ضد رموز الدولة، مشيراً إلى أن وزارة الداخلية التونسية قد كشفت خلال شهر يوليو (تموز) الماضي عن مخطط خطير وتم إحباطه، وتوقع في السياق ذاته، أن «يواصل الإرهابيون محاولاتهم؛ لأن الحرب مستمرة بالنسبة لهم، وأن الحرب على الإرهاب ما زالت متواصلة». ولاحظ بن نصر أن «الوحدات الأمنية تقوم بمجهودات جبارة في التصدي للإرهابيين»، منوها بأن «الرد كان حاسماً، وهو ما يدل على اليقظة وحرفية قوات الأمن»، على حد تعبيره.
ودعا أكثر من خبير تونسي في التنظيمات الإرهابية إلى ضرورة تحديث سجلات الأمن التونسي والتعرف الدقيق على العناصر المشتبه بها، خصوصاً بعد أن اتضح أن جميعهم ليسوا مصنفين ضمن سجلات وزارة الداخلية التونسية.
في غضون ذلك، لقيت العملية الإرهابية التي شهدتها تونس استنكاراً دولياً، وأدانت الجزائر بشدة الهجوم الإرهابي، وجاء في بيان أصدرته وزارة الخارجية: «تجدد الجزائر تضامنها التام مع الشقيقة تونس ووقوفها إلى جانبها في مواجهة التهديد الإرهابي الذي لن يتمكن أبداً من النيل من عزيمتها، شعباً وحكومة، في الحفاظ على أمن البلاد واستقرارها». وأضاف البيان: «تؤكد الجزائر عزمها الراسخ على مكافحة الإرهاب ودعم المساعي الدولية والإقليمية الرامية إلى اجتثاث هذه الآفة والقضاء عليه».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.