إسرائيل ترفع العقوبات عن غزة و«حماس» تنتظر مشاريع جديدة

الاتفاق يشمل خط غاز ومستشفى ميدانياً ومضاعفة المنحة القطرية

شاحنة وقود تدخل محطة الكهرباء في غزة بعد اتفاق التهدئة مع إسرائيل (د.ب.أ)
شاحنة وقود تدخل محطة الكهرباء في غزة بعد اتفاق التهدئة مع إسرائيل (د.ب.أ)
TT

إسرائيل ترفع العقوبات عن غزة و«حماس» تنتظر مشاريع جديدة

شاحنة وقود تدخل محطة الكهرباء في غزة بعد اتفاق التهدئة مع إسرائيل (د.ب.أ)
شاحنة وقود تدخل محطة الكهرباء في غزة بعد اتفاق التهدئة مع إسرائيل (د.ب.أ)

ألغت إسرائيل العقوبات الأخيرة التي فرضتها على قطاع غزة، وأعادت فتح المعابر وضخت الوقود إلى القطاع، في إطار اتفاق تهدئة مع «حماس» رعته قطر، ويشمل وقف الحركة لكل أشكال التصعيد، بما في ذلك إرسال البالونات الحارقة والمظاهرات الليلية، مقابل دفع بعض المشاريع في غزة واستمرار تدفق وزيادة الأموال القطرية إليها.
وفتحت إسرائيل، اليوم الثلاثاء، معبر كرم أبو سالم التجاري وسمحت بنقل الوقود إلى القطاع، وقالت إنه سيتم توسيع منطقة الصيد في مياه القطاع مجدداً إلى خمسة عشر ميلاً بحرياً. وفوراً، أعلنت شركة توزيع الكهرباء تلقيها بلاغاً من سلطة الطاقة الفلسطينية، بإعادة تشغيل محطة التوليد الوحيدة في قطاع غزة عقب استئناف ضخ الوقود. وقالت في بيان، إنه حسب البلاغ تم تشغيل ثلاثة مولدات ستنتج قرابة 60 - 65 ميغاواط، وهي الكمية نفسها التي فقدت عند إطفاء المحطة يوم الثلاثاء الماضي. وأكدت أنه بعد تسلم كمية الكهرباء المذكورة، يُتوقع عودة المحطة إلى البرنامج الذي كان معمولاً به، وهو ثماني ساعات وصل تتلوها ثماني ساعات قطع مع نسبة عجز، لأن الجدول مرتبط بالطلب وانحسار موجه الحر.
وعودة الكهرباء إلى الجدول القديم كانت واحداً من الأمور التي لمسها السكان، فوراً، بانتظار تطبيق مشاريع على الأرض. ويفترض أن يتم تحويل محطة توليد الكهرباء إلى العمل عبر الغاز في مشروع هو الأهم بالنسبة للغزيين، إضافة إلى تسريع إقامة المستشفى الميداني الأميركي.
ورعت قطر هذه الاتفاق عبر مبعوثها محمد العمادي الذي مكث في القطاع أياماً عدة، قبل أن يغادر اليوم إلى إسرائيل. وتوجه العمادي إلى القدس للقاء نيكولاي ميلادينوف، المبعوث الأممي لعملية السلام في الشرق الأوسط، ومسؤولين إسرائيليين لبحث تنفيذ التفاهمات التي تم التوصل إليها. وستشمل لقاءاته مسؤولين من شركة الغاز الإسرائيلية لبحث تحويل عمل محطة الكهرباء الوحيدة بالقطاع، عبر الغاز.
وإضافة إلى مشروع الكهرباء، وافقت إسرائيل على مشاريع بنى تحتية في القطاع، واستمرار المنحة القطرية ومضاعفتها إلى ثلاثين مليون دولار شهرياً، وتزويد غزة بأجهزة طبية ضرورية لاحتواء تفشي فيروس كورونا المستجد. وأكد العمادي نجاح جهوده للوصول إلى اتفاق تهدئة ووقف التصعيد في غزة. وقال إن الاتصالات التي أجراها خلال الأيام الماضية أسفرت أخيراً عن التوصل لتفاهمات تثبيت الهدوء وعودة الأمور إلى ما كانت عليه قبل التصعيد؛ تمهيداً لتنفيذ عدد من المشاريع التي تخدم أهالي قطاع غزة وتساهم في التخفيف من آثار الحصار المفروض عليهم منذ سنوات.
وأوضح العمادي، أن إعلان التوصل إلى اتفاق التهدئة جاء بعد اتصالٍ هاتفي بين نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الخارجية الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، ورئيس المكتب السياسي لحركة «حماس» إسماعيل هنية المتواجد حالياً خارج غزة، استكمالاً للحوارات التي تمت بين السفير العمادي وبين قيادة «حماس» بغزة، سعياً من دولة قطر لاحتواء الأوضاع الراهنة وتجنيب سكان قطاع غزة ويلات الحروب وتشديد الحصار. وقال العمادي «إن قيادة (حماس) في غزة كانت على قدر عالٍ من المسؤولية حتى توصلنا لهذا الاتفاق، مراعاة للظروف والأوضاع الصعبة التي يعيشها سكان القطاع، خاصة في ظل انتشار فيروس كورونا في قطاع غزة».
ولم يتضح فوراً ما إذا كان هناك اتفاق على استئناف المحادثات حول صفقة تبادل أسرى. وتشترط إسرائيل في كل الأحوال استعادة جنودها في القطاع شرطاً للتوصل إلى اتفاق طويل الأمد. وقال تقرير بثه التلفزيون الإسرائيلي، إن الاتفاق قد يؤدي إلى استئناف المفاوضات لعقد صفقة تبادل أسرى. لكن المختص بالشؤون العسكرية والأمنية رون بن يشاي، في صحيفة «يديعوت أحرونوت»، قال إنه «خلال المفاوضات لم تبذل الجهات الإسرائيلية أي جهود من أجل جنودها والإسرائيليين المفقودين في غزة، وكان الحديث يرتكز على إنهاء الجولة باعتبار أنه لم تكن هناك فرصة مناسبة للضغط على حماس بشأن هذه القضية».
وأضاف المحلل الإسرائيلي، أنه «لم تكن هناك نية للوصول إلى أي نتائج؛ لذلك من غير المتوقع حصول أي تقدم في هذا الشأن في أي وقت قريب». وتابع «في غياب التوصل لاتفاق طويل الأمد وشامل يلزم كلا الطرفين، لن يكون هناك هدوء طويل؛ لذا فإن الجولة التالية من البالونات هي مسألة وقت فقط».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.