التشاور حول الحكومة يبدأ باجتماع بري ـ باسيل ـ «حزب الله»

ميقاتي يرفض محاولة تكريس بدعة «التأليف قبل التكليف» المخالفة للدستور

بري مجتمعاً مع باسيل أمس (المركزية)
بري مجتمعاً مع باسيل أمس (المركزية)
TT

التشاور حول الحكومة يبدأ باجتماع بري ـ باسيل ـ «حزب الله»

بري مجتمعاً مع باسيل أمس (المركزية)
بري مجتمعاً مع باسيل أمس (المركزية)

سُجّل أمس (الجمعة) لقاء مطول بين رئيس البرلمان اللبناني نبيه بري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، حيث كان موضوع تشكيل الحكومة الموضوع الأساس، انطلاقاً من طرح بري الداعم لعودة رئيس الحكومة السابق سعد الحريري إلى رئاسة مجلس الوزراء.
وقالت مصادر مطلعة على اللقاء، إن الجلسة بين بري وباسيل كانت مطولة وعقدت بحضور «الخليلين»، أي وزير المالية السابق علي حسن خليل والمعاون السياسي لأمين عام «حزب الله» حسين الخليل، وتم الاتفاق على استمرار التواصل، في حين نُقل عن مصادر قولها، إن اللقاء هو بداية التشاور الجدي بشأن الحكومة الجديدة ومهامها من دون أن يتطرق إطلاقاً إلى اسم رئيسها.
ومع ترقب ما ستؤول إليه المشاورات السياسية القائمة على أكثر من خط، لا تزال المواقف الصادرة على الأطراف تعكس الاختلاف فيما بينها، لا سيما لجهة شكل الحكومة، بين حيادية ووطنية، في وقت تجددت المنتقدة لرئيس الجمهورية ميشال عون لتأخره بالدعوة للاستشارات النيابية.
وفي هذا الإطار، رفض رئيس الحكومة السابق النائب نجيب ميقاتي «التأخير الحاصل في الدعوة إلى الاستشارات النيابية الملزمة لتسمية رئيس الحكومة المكلف ومحاولة تكريس بدعة (التأليف قبل التكليف) المخالفة للدستور، ومصادرة دور مجلس النواب وكذلك دور رئيس الحكومة المكلف الذي تقع على عاتقه مهمة تشكيل الحكومة بالتشاور مع رئيس الجمهورية».
وشدد على ضرورة «إجراء الاستشارات لتشكيل حكومة إنقاذ من شخصيات ذات ثقة، تعيد أولاً ثقة المواطن بالدولة، وتلتزم برنامج عمل محدد وواضح بالمضمون والتوقيت مرتكزه الأساسي معالجة سريعة لتداعيات تفجير مرفأ بيروت على الصعد كافة، وإجراء الإصلاحات الضرورية لإطلاق التعاون مع المؤسسات الدولية المعنية بشأن الحلول الضرورية للوضعين المالي والاقتصادي، بالإضافة إلى التحضير لانتخابات نيابية مبكرة ضمن مهلة زمنية معقولة؛ إذ لا يجوز استمرار التعاطي بنكران كلي مع صرخة الناس في الشارع، وهي بالتأكيد لن تتوقف حتى تحقيق مطلبها الأساسي بالتغيير في صندوقة الاقتراع».
من جهته، شدد النائب في تيار المستقبل هادي حبيش، في حديث إذاعي على «ضرورة الإسراع في تشكيل الحكومة، التي تلحظ وبشكل واضح حراكاً دولياً وعربياً جدياً لإنجازها، وإتمام الإصلاحات»، مؤكداً أن «الاتصالات الحكومية قائمة، ولو أن التشكيل قد يحتاج إلى وقت قبل بلوغ النتيجة المرجوة».
ورأى حبيش أن «الحريري، وفي حال موافقته على تشكيل الحكومة الجديدة، فستكون له شروطه، أولها أن تكون الحكومة منتجة وفاعلة، فالشعب اللبناني يكفيه تعطيلاً وفراغاً».
وعن ضم ممثلين عن المعارضة الشعبية إلى صفوف الحكومة، طرح حبيش «علامات استفهام حول إمكان تطبيق هذه النظرية»، معتبراً أن «حركة 17 أكتوبر (تشرين الأول) لم تستطع فرز قيادات معترف بها من قبل الشارع ذاته».
في المقابل، قال النائب في «التيار الوطني الحر» إدغار معلوف، إن «مشاورات الرئيس نبيه بري قائمة، والوقت اليوم ليس لوضع الشروط في عملية التكليف والتأليف»، متحدثاً عن «معايير معينة تحدد موافقتنا على أي صيغة تطرح»، ومشيراً إلى أن «التيار سيؤيد أي اسم لرئاسة الحكومة المقبلة يلتزم تطبيق الإصلاحات المطلوبة».
وأكد معلوف أنه «لم يعد أمامنا ترف الوقت وموقف التيار الوطني الحر واضح وصريح لجهة تشكيل حكومة فاعلة ومنتجة برئيسها ووزرائها، خصوصاً أن المرحلة المقبلة حساسة جداً عنوانها الاقتصاد ومكافحة الفساد».
وجدد النائب في «القوات اللبنانية» وهبي قاطيشا التأكيد على موقف حزبه لجهة رفضه تشكيل حكومة وحدة وطنية، وقال في تغريدة له على «تويتر»، «تشكيل حكومة وحدة وطنية أو حكومة أقطاب، هي أشبه بمن يريد إطفاء الحريق بحريق آخر».



«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
TT

«سوريو مصر» يفضلون التريث قبل اتخاذ قرار العودة

لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)
لاجئون سوريون في مصر (مفوضية اللاجئين)

بعد مرور نحو أسبوع على سقوط نظام بشار الأسد في سوريا، يفضل اللاجئون والمهاجرون السوريون في مصر التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة إلى بلادهم التي تمر بمرحلة انتقالية يشوبها الكثير من الغموض.

ويتيح تغيير نظام الأسد وتولي فصائل المعارضة السورية السلطة الانتقالية، الفرصة لعودة المهاجرين دون ملاحقات أمنية، وفق أعضاء بالجالية السورية بمصر، غير أن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين في القاهرة ترى أنه «من المبكر التفكير في عودة اللاجئين المسجلين لديها، إلى البلاد حالياً».

وازدادت أعداد السوريين في مصر، على مدى أكثر من عقد، مدفوعة بالتطورات السياسية والأمنية في الداخل السوري؛ إذ ارتفع عدد السوريين المسجلين لدى مفوضية اللاجئين إلى نحو 148 ألف لاجئ، غير أن تلك البيانات لا تعكس العدد الحقيقي للجالية السورية بمصر؛ إذ تشير المنظمة الدولية للهجرة إلى أن تعدادهم يصل إلى 1.5 مليون.

ولم تغير تطورات الأوضاع السياسية والأمنية في الداخل السوري من وضعية اللاجئين السوريين بمصر حتى الآن، حسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين في القاهرة، كريستين بشاي، التي قالت في تصريحات لـ«الشرق الأوسط» إن «السوريين المسجلين كلاجئين لدى المفوضية يتلقون خدماتهم بشكل طبيعي»، مشيرة إلى أنه «لا يوجد أي إجراءات حالية لمراجعة ملف اللاجئين المقيمين بمصر، تمهيداً لعودتهم».

وتعتقد بشاي أنه «من المبكر الحديث عن ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين لبلادهم»، وأشارت إلى إفادة صادرة عن المفوضية العامة لشؤون اللاجئين مؤخراً، تدعو السوريين في الخارج لـ«التريث والصبر قبل اتخاذ قرار العودة لبلادهم».

وكانت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين قد نصحت المهاجرين السوريين في الخارج «بضرورة التحلي بالصبر واليقظة، مع قضية العودة لديارهم». وقالت، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إن «ملايين اللاجئين يواصلون تقييم الأوضاع قبل اتخاذ قرار العودة»، وأشارت إلى أن «الصبر ضروري، على أمل اتخاذ التطورات على الأرض منحى إيجابياً، ما يتيح العودة الطوعية والآمنة والمستدامة».

ووعدت المفوضية، في بيانها، بـ«مراقبة التطورات بسوريا، مع الانخراط مع مجتمعات اللاجئين، لدعم الدول في مجال العودة الطوعية والمنظمة، وإنهاء أزمة النزوح القسري الأكبر في العالم»، وأشارت في الوقت نفسه إلى أن «الاحتياجات الإغاثية داخل سوريا لا تزال هائلة، في ظل البنية التحتية المتهالكة، واعتماد أكثر من 90 في المائة من السكان على المساعدات الإنسانية».

وحسب مسؤولة العلاقات الخارجية بمكتب مفوضية اللاجئين في القاهرة، يمثل اللاجئون السوريون المسجلون لدى المفوضية نحو 17 في المائة من تعداد اللاجئين في مصر، بواقع 148 ألف لاجئ سوري، من نحو 863 ألف لاجئ من أكثر من 60 جنسية. ويأتي ترتيبهم الثاني بعد السودانيين.

وباعتقاد مدير عام مؤسسة «سوريا الغد»، ملهم الخن، (مؤسسة إغاثية معنية بدعم اللاجئين السوريين في مصر)، أن «قضية عودة المهاجرين ما زال يحيطها الغموض»، مشيراً إلى «وجود تخوفات من شرائح عديدة من الأسر السورية من التطورات الأمنية والسياسية الداخلية»، ورجّح «استمرار فترة عدم اليقين خلال الفترة الانتقالية الحالية، لنحو 3 أشهر، لحين وضوح الرؤية واستقرار الأوضاع».

ويفرق الخن، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، بين 3 مواقف للمهاجرين السوريين في مصر، تجاه مسألة العودة لبلادهم، وقال إن «هناك فئة المستثمرين، وأصحاب الأعمال، وهؤلاء تحظى أوضاعهم باستقرار ولديهم إقامة قانونية، وفرص عودتهم ضئيلة».

والفئة الثانية، حسب الخن، «الشباب الهاربون من التجنيد الإجباري والمطلوبون أمنياً، وهؤلاء لديهم رغبة عاجلة للعودة، خصوصاً الذين تركوا أسرهم في سوريا»، أما الثالثة فتضم «العائلات السورية، وهؤلاء فرص تفكيرهم في العودة ضعيفة، نظراً لارتباط أغلبهم بتعليم أبنائهم في المدارس والجامعات المصرية، وفقدان عدد كبير منهم منازلهم بسوريا».

وارتبط الوجود السوري في مصر باستثمارات عديدة، أبرزها في مجال المطاعم التي انتشرت في مدن مصرية مختلفة.

ورأى كثير من مستخدمي مواقع «السوشيال ميديا» في مصر، أن التغيير في سوريا يمثّل فرصة لعودة السوريين لبلادهم، وتعددت التفاعلات التي تطالب بعودتهم مرة أخرى، وعدم استضافة أعداد جديدة بالبلاد.

وتتيح مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين، مساعدات لراغبي العودة الطوعية من اللاجئين، تشمل «التأكد من أن العودة تتم في ظروف آمنة، والتأكد من أن الأوضاع في البلد الأصلي آمنة»، إلى جانب «تقديم دعم نقدي لتغطية النفقات الأساسية والسفر»، حسب مكتب مفوضية اللاجئين في مصر.

ويرى مسؤول الائتلاف الوطني السوري، عادل الحلواني، (مقيم بمصر)، أن ملف عودة المهاجرين «ليس أولوية في الوقت الراهن»، مشيراً إلى أن «جميع السوريين يترقبون التطورات الداخلية في بلادهم، والهدف الأساسي هو عبور سوريا الفترة الانتقالية بشكل آمن»، معتبراً أنه «عندما يستشعر المهاجرون استقرار الأوضاع الداخلية، سيعودون طواعية».

وأوضح الحلواني، لـ«الشرق الأوسط»، أن «حالة الضبابية بالمشهد الداخلي، تدفع الكثيرين للتريث قبل العودة»، وقال إن «الشباب لديهم رغبة أكثر في العودة حالياً»، منوهاً بـ«وجود شريحة من المهاجرين صدرت بحقهم غرامات لمخالفة شروط الإقامة بمصر، وفي حاجة للدعم لإنهاء تلك المخالفات».

وتدعم السلطات المصرية «العودة الآمنة للاجئين السوريين إلى بلادهم»، وأشارت الخارجية المصرية، في إفادة لها الأسبوع الماضي، إلى أن «القاهرة ستواصل العمل مع الشركاء الإقليميين والدوليين لتقديم يد العون والعمل على إنهاء معاناة الشعب السوري الممتدة، وإعادة الإعمار، ودعم عودة اللاجئين، والتوصل للاستقرار الذي يستحقه الشعب السوري».