«الدستورية» السورية تجتمع الأسبوع المقبل لوضع أسس العملية السياسية

واشنطن تؤكد استمرار العقوبات وعدم المشاركة في الإعمار إلا بالتزام دمشق القرار 2254

منظر جوي لمخيم النازحين في خربة الجوز شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
منظر جوي لمخيم النازحين في خربة الجوز شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
TT

«الدستورية» السورية تجتمع الأسبوع المقبل لوضع أسس العملية السياسية

منظر جوي لمخيم النازحين في خربة الجوز شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)
منظر جوي لمخيم النازحين في خربة الجوز شمال غربي سوريا (أ.ف.ب)

أعلن المبعوث الخاص للأمم المتحدة إلى سوريا غير بيدرسن، أن اللجنة الدستورية المصغرة ستجري جولة جديدة من المفاوضات الأسبوع المقبل من أجل الشروع في وضع أسس تقوم على احترام ميثاق الأمم المتحدة، والقرار 2254، ووحدة سوريا وسيادتها وسلامة أراضيها، في حين أكدت المندوبة الأميركية كيلي كرافت، أنه «لن تكون هناك إعادة إعمار، ولا اعتراف دبلوماسي، ولا تخفيف للعقوبات» حتى تبدأ العملية السياسية بين الحكومة والمعارضة بما يتماشى مع القرار 2254 «بشكل لا رجعة فيه».
وكان المبعوث الخاص يقدم إفادة في جلسة عبر الفيديو لأعضاء مجلس الأمن، حول التطورات السياسية والاجتماعية والاقتصادية والأمنية في سوريا، فاستهلها بالتعبير عن حزنه لأن «الكثير من السوريين كانوا بين القتلى والجرحى في الانفجار المأسوي الذي وقع في بيروت»، منبهاً إلى أن «التداعيات على سلاسل الاستيراد الإنسانية والاقتصادية في سوريا وعائدات تجارة الترانزيت ستكون كبيرة بالتأكيد، نظراً إلى انهيار الاقتصاد السوري». وأبلغ أعضاء المجلس أن «نائبة المبعوث الخاص خولة مطر، التي كانت في طريقها إلى دمشق في إطار المشاورات تحضيراً للدورة المقبلة للجنة الدستورية، أصيبت في الانفجار، وهي في طريقها إلى التعافي».
وأشار بيدرسن إلى الجهود الأخيرة لعقد الجولة الثالثة للجنة الدستورية بين 24 أغسطس (آب) الحالي و28 منه في جنيف، مستدركاً أن عقد الهيئة المصغرة «يمثل تحدياً؛ نظراً لوباء (كوفيد – 19)». وأفاد بأنه «بغض النظر عن أي تطورات أخرى في الأيام المقبلة تتعلق بالوباء، وبموافقة الرؤساء المشاركين والرد الإيجابي من أعضاء اللجنة، فإننا نخطط للمضي قدماً». وأوضح أنه على اتصال بالرئيس المشارك الممثل للحكومة السورية والرئيس المشارك المعين من المعارضة وأعضاء اللجنة، مشيراً إلى «تنفيذ بروتوكولات صحية حازمة لتقليل المخاطر».
وسيكون هذا الاجتماع للجنة الدستورية هو الأول منذ انعقاد الجولة الثانية في 25 نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 و29 منه، حين أخفق ممثلو الحكومة والمعارضة في الاتفاق على جدول أعمال اللقاء؛ إذ أراد الجانب الحكومي مناقشة «الثوابت الوطنية» مثل الإرهاب وتخفيف العقوبات قبل مناقشة الأمور الدستورية. في المقابل، أكدت المعارضة أنه يمكن معالجة هذه القضايا، ولكن ليس خارج سياق الدستور. ولكنه ذكر بأن «هناك اتفاقاً على بعض المبادئ الرئيسية، ومنها احترام ميثاق الأمم المتحدة، وقرارات مجلس الأمن، وسيادة سوريا، ووحدتها، واستقلالها، وسلامة أراضيها»، على أن تجرى العملية السياسية بقيادة سوريا وملكية سورية، بتيسير من الأمم المتحدة. وينص الاتفاق أيضاً على أهداف أوسع، ومنها إجراء انتخابات بإشراف الأمم المتحدة على النحو المتوخى في القرار 2254 بناءً على دستور جديد، والحاجة إلى عملية سياسية أوسع لتنفيذ القرار 2254. وأكد أن الاتفاق يفوض اللجنة الدستورية «إعداد وصياغة إصلاح دستوري بموافقة شعبية مساهمةً في التسوية السياسية في سوريا وتنفيذ القرار 2254». وكشف عن أن الرئيسين المشاركين اتفقا على جدول الأعمال «تمشياً مع الولاية، والاختصاصات والقواعد الإجرائية الأساسية للجنة الدستورية، ومناقشة القواعد والمبادئ الوطنية».
واعتبر أن «هذا أمر مهم لأن ملايين السوريين لا يزالون يواجهون معاناة هائلة، وليس لديهم متسع من الوقت لانتظار انفراج سياسي من نوع ما». وقال «نحتاج إلى وقف نار كامل وفوري على الصعيد الوطني - على النحو المطلوب في القرار 2254»، مضيفاً أن «الهدوء الذي أحدثته الجهود الروسية والتركية لا يزال صامداً إلى حد كبير في الشمال الغربي». غير أن الشهر الماضي «شهد تقارير عن استمرار الهجمات الصاروخية والقصف المدفعي والاشتباكات البرية والغارات الجوية المتفرقة، بما في ذلك تقارير عن إصابة وقتل مدنيين في هذه الحوادث». وحض تركيا وروسيا على «احتواء كل الحوادث والديناميات التصعيدية واستعادة الهدوء ومواصلة التعاون»، مناشداً جميع الجهات الفاعلة «ضمان أن تكون أي إجراءات تُتخذ للتصدي للجماعات الإرهابية المصنفة في مجلس الأمن فعالة ومستهدفة ومتوافقة مع القانون الإنساني الدولي، وتضمن حماية المدنيين».
واعتبر أن بعض الحوادث التي تقع تؤكد أن «سيادة سوريا لا تزال معرّضة للخطر، وأن وجود خمسة جيوش أجنبية يشكل خطراً جسيماً يهدد السلم والأمن الدوليين». وفي الوقت ذاته، رأى أن «هناك مجالاً واسعاً للاعبين الدوليين الرئيسيين لإحداث فرق، والعمل معاً ومع السوريين، خطوة بخطوة، بشأن مجموعة من القضايا الحاسمة (لتطبيق) القرار 2254».
واستهلت المندوبة الأميركية الدائمة لدى الأمم المتحدة، كيلي كرافت، كلمتها بملاحظة أن «إيران تواصل الانخراط بنشاط في سوريا بما يتعارض مع مصالح الشعب السوري»، منبهة إلى أن «دعم إيران لوكلائها في سوريا يساعد فقط في تعزيز نظام الأسد وتقويض عملية الأمم المتحدة». وأملت في أن تتمكن اللجنة الدستورية «معالجة الإصلاحات الدستورية بشكل مباشر»، وفي أن يكون أعضاء اللجنة «على استعداد للبقاء في جنيف لأسابيع، إن أمكن، والانخراط في مناقشات جوهرية حول الإصلاحات الدستورية المستقبلية لأكثر من يوم أو يومين فقط». وشجعت الأطراف على الاتفاق على جدول زمني للجولات المستقبلية لاجتماعات اللجنة الدستورية طوال خريف 2020 لإظهار التزام جميع الأطراف بدفع العملية السياسية إلى الأمام. وكررت أنه «لن تكون هناك إعادة إعمار، ولا اعتراف دبلوماسي، ولا تخفيف للعقوبات حتى تبدأ عملية سياسية تتماشى مع القرار 2254 بشكل لا رجعة فيه».
ورحب بقية أعضاء المجلس بالاجتماع المقبل للجنة الدستورية، مجددين دعمهم جهود المبعوث الدولي.، باعتباره خطوة في اتجاه العملية السياسية التي «ينبغي أن تؤدي إلى انتخابات حرة ونزيهة تحت إشراف الأمم المتحدة».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.