يواصل نادي آرسنال الإنجليزي عملية التغيير الشاملة التي بدأها خلال الصيف الحالي، حيث أقال مدير الكرة، راؤول سانليهي، الذي سيجد نفسه في إجازة طويلة، في الوقت الذي يأمل فيه النادي في أن تنجح محاولته الأخيرة لإعادة هيكلة المناصب التنفيذية في حقبة ما بعد المدير الفني الفرنسي آرسين فينغر.
وفي الحقيقة، لم يكن من الغريب أن نرى سانليهي يرحل عن النادي، فمنذ وصوله في نوفمبر (تشرين الثاني) عام 2017؛ في البداية رئيساً لعلاقات كرة القدم، ثم مديراً للكرة بعد 10 أشهر، تدهور وضع آرسنال بشكل كبير. لكن لا يمكن أن نلقي بالمسؤولية بالكامل على كاهل سانليهي، لأن جذور الانحدار والتدهور كانت مترسخة في النادي قبل فترة طويلة من تعيينه في هذا المنصب.
وتتحمل عائلة كرونكي، المالكة للنادي، المسؤولية النهائية عن فشلها في إعادة الأمور إلى نصابها الصحيح، لكن من الجيد أنها قررت اتخاذ إجراء الآن.
وتحت قيادة سانليهي، سرعان ما أصبحت الصفقات التي يعقدها آرسنال مهلهلة وتتسبب في إهدار الأموال. وهناك قائمة طويلة من الإخفاقات، أو على الأقل علامات الاستفهام الخطيرة، على نطاق واسع خلال هذه الفترة القصيرة من توليه المسؤولية.
لقد كان سانليهي مؤثراً في قرار إسناد مهمة الفريق للمدير الفني الإسباني أوناي إيمري، والطريقة التي جرى بها توجيه هذه الفترة نحو الكارثة في نهاية المطاف. وعلاوة على ذلك، فإن كثيراً من الانتقالات التي أشرف عليها لم تحقق النجاح المأمول للنادي، الذي احتل أدنى مركز في جدول ترتيب الدوري الإنجليزي الممتاز منذ 25 عاماً.
وهناك كثير من الأسئلة التي تطرح نفسها الآن: فهل كان نيكولاس بيبي يستحق أن يكسر آرسنال الرقم القياسي لأغلى صفقة في تاريخه ويتعاقد معه مقابل 72 مليون جنيه إسترليني، بعد موافقة اللجنة التنفيذية لسانليهي على تلك الصفقة في يوليو (تموز) عام 2019؟ لا يمكن لأي شخص أن يشكك في قدرات وإمكانات اللاعب الإيفواري، لكن لا يمكن لأي شخص أيضاً أن ينكر أن قيمة هذه الصفقة مبالغ فيها للغاية، وأن اللاعب ربما لا يستحق سوى 50 في المائة من القيمة الإجمالية التي دفعت للتعاقد معه.
وهل كان من الممكن أن يبرم آرسنال صفقة أفضل من التعاقد مع لاعب برشلونة، دينيس سواريز، على سبيل الإعارة، والذي لم يلعب سوى 95 دقيقة في نصف موسم؟ وهل كان من الجيد التعاقد مع المدافع البرازيلي ديفيد لويز براتب ضخم، قبل أن يتم تمديد عقد اللاعب، البالغ من العمر 33 عاماً، لموسم إضافي بعد فترة وجيزة من الإغلاق بسبب تفشي فيروس كورونا؟ وهل كان الظهير الأيمن البديل، سيدريك سواريز، الذي ظل يعاني من الإصابة خلال الأشهر الخمسة الأولى له في النادي، يستحق الحصول على عقد جديد لمدة 4 سنوات بعد نهاية إعارته من ساوثهامبتون؟ وهل كان من الطبيعي أن تقوم الوكالة التي يديرها كيا جورابشيان - الذي يمثل كل من ديفيد لويز وسواريز، واللاعب البرازيلي المنضم حديثا لآرسنال، ويليان - بالمساعدة في بيع أليكس إيوبي إلى إيفرتون؟
ورغم كل ذلك، فإنه لا يوجد ما يشير إلى أي مخالفة أو سوء تصرف، لكن الأمر تجاوز ما هو أكبر من تناقص الموارد المالية للنادي بسبب عدم تأهله لدوري أبطال أوروبا منذ فترة طويلة. وعلى الجانب الآخر، يجب أن نشير إلى أن آرسنال قد أبرم عدداً من الصفقات الناجحة تحت قيادة سانليهي، مثل التعاقد مع كيران تيرني مقابل 25 مليون جنيه إسترليني، كما أن غابرييل مارتينيلي - الذي اكتشفه رئيس لجنة التعاقدات السابق فرنسيس كاجيجاو – سيكون في طريقه للنجومية إذا تعافى تماماً من الإصابة التي يعاني منها في الركبة. وهناك آمال كبيرة على ويليام صليبا، الذي عاد من إعارته إلى سانت إتيان الفرنسي. وربما سيثبت بابلو ماري، عندما سيصبح لائقاً في أواخر الخريف، أنه يستحق العقد طويل الأجل الذي حصل عليه بعدما قدم مستويات جيدة بعض الشيء خلال الفترة التي لعبها على سبيل الإعارة من فلامينغو. لكننا نتحدث هنا عن «كثير من الاحتمالات» وليس النجاحات المؤكدة، مع العلم بأن آرسنال لا يستطيع تحمل مزيد من الإخفاقات.
وفي 1 يوليو الماضي، عين آرسنال تيم لويس في مجلس الإدارة مديراً غير تنفيذي. ويمكن وصف لويس، وهو محام، بأنه رجل عائلة كرونكي في النادي.
وقد قال أحد الشخصيات المطلعة على اختصاصه لصحيفة «الغارديان» مؤخراً، إن لويس جاء للإشراف على الإجراءات التي سيتخذها النادي؛ في حين أشار آخر إلى أن مثل هذا التعديل السريع في التسلسل الهرمي ليس من قبيل الصدفة. وقد أكد آرسنال على أن رحيل سانليهي جاء بالاتفاق المتبادل بين الطرفين، مشيراً إلى أن السبب في هذا القرار هو حاجة النادي إلى ضخ دماء جديدة.
وسيكون المدير الإداري الجديد، فيناي فينكاتيشام، الآن رئيساً صورياً وحيداً، بينما سيعمل المدير التقني، إيدو، مع المدير الفني للفريق، ميكيل أرتيتا، في الأمور الخاصة بكرة القدم، مثل الانتقالات. وسيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف ستسير الأموال المتعلقة بانتقالات اللاعبين، نظراً لأن النادي كان يميل خلال فترة سانليهي للعمل من خلال وكلاء للاعبين، مثل جورابشيان، وتهميش دور قسم الكشافة، الذي جرت إعادته للواجهة مرة أخرى في الآونة الأخيرة.
وكان لا بد من تغيير شيء ما في آرسنال، وهناك شعور الآن بأن النادي قد اتخذ القرار الصحيح بالتخلي عن خدمات سانليهي. لكن لا يمكن التأكد من أن النادي يسير في الاتجاه الصحيح إلا عندما نرى النتائج على أرض الواقع.
ويمكن القول إن تعيين أرتيتا على رأس القيادة الفنية للفريق في ديسمبر (كانون الأول) الماضي هو القرار الوحيد الجيد الذي اتخذه النادي منذ أن بدأت خطة خلافة فينغر. لقد جرى تعيين سانليهي، الذي كان يعمل سابقاً في برشلونة، في جزء من «حملة» - على حد تعبير الرئيس التنفيذي آنذاك إيفان غازيديس - لبناء «خبرة من الدرجة الأولى في كل جانب من جوانب عمليات كرة القدم لدينا». لكن هذه الخطوة لم تحقق النجاح المطلوب، وبالتالي وجد النادي نفسه يعود من حيث بدأ.
هل يعود آرسنال إلى عصره الذهبي تحت قيادة المدرب أرتيتا؟
بعد رحيل مدير كرة القدم راؤول سانليهي وتعيين فيناي فينكاتيشام بدلاً منه
هل يعود آرسنال إلى عصره الذهبي تحت قيادة المدرب أرتيتا؟
لم تشترك بعد
انشئ حساباً خاصاً بك لتحصل على أخبار مخصصة لك ولتتمتع بخاصية حفظ المقالات وتتلقى نشراتنا البريدية المتنوعة