متظاهرون سودانيون يطالبون بـ«العدالة» في ذكرى توقيع اتفاق المرحلة الانتقالية

متظاهرون سودانيون يحتجون في ذكرى توقيع اتفاقية المرحلة الانتقالية (رويترز)
متظاهرون سودانيون يحتجون في ذكرى توقيع اتفاقية المرحلة الانتقالية (رويترز)
TT

متظاهرون سودانيون يطالبون بـ«العدالة» في ذكرى توقيع اتفاق المرحلة الانتقالية

متظاهرون سودانيون يحتجون في ذكرى توقيع اتفاقية المرحلة الانتقالية (رويترز)
متظاهرون سودانيون يحتجون في ذكرى توقيع اتفاقية المرحلة الانتقالية (رويترز)

تظاهر نحو ألفي شخص غالبيتهم من الشباب اليوم (الاثنين) في شوارع الخرطوم للمطالبة بـ«العدالة» في الذكرى السنوية الأولى لتوقيع اتفاق المرحلة الانتقالية بين المجلس العسكري والمحتجين بعد سقوط عمر البشير.
وطالب المحتجون بمعاقبة المسؤولين عن مقتل أكثر من 250 شخصاً، وفق لجنة أطباء السودان القريبة من الحركة الاحتجاجية، أثناء الاحتجاجات ضد البشير التي استمرت من ديسمبر (كانون الأول) 2018 حتى سقوطه في أبريل (نيسان) 2019.
وقال رئيس الوزراء عبد الله حمدوك في بيان الإثنين: «تظل قضايا تحقيق العدالة وإنصاف الضحايا إحدى أهم المهام التي تواجهنا والتي نعمل من أجلها». وأفاد مراسل وكالة الصحافة الفرنسية بأن الشرطة أطلقت الغاز المسيل للدموع لتفريق المحتجين بعد اشتباكات بينها وبينهم عقب مطالبتهم بخروج رئيس الوزراء لتسلم مذكرة تتضمن مطالبهم.
وأكدت لجنة أطباء السودان المركزية إصابة خمسة من المحتجين وقالت في تقرير: «استخدمت الشرطة الرصاص المطاطي والعصي، ونجم عن ذلك عدد من الإصابات المباشرة وأخرى جراء الاختناق، وتم نقل بعض المصابين إلى المستشفى»، مشيرة إلى أن حالهم مستقرة. ومع حلول المساء، أغلق المحتجون بعض الطرق الرئيسية في شمال العاصمة الخرطوم وشرقها مستخدمين الإطارات والحجارة، الأمر الذي أعاق حركة المرور.
وكانت سلطات ولاية الخرطوم أعلنت أنها ستحمي التحرك حفاظاً على الحريات. وقالت الولاية في بيان صباح الإثنين: «تعلن الولاية أنها ستعمل على حماية وتأمين موكب 17 أغسطس (آب) 2020 حسب المسارات المعلنة من قبل المنظمين، وذلك حفاظاً على الحريات والتعبير بشكل سلمي».
وقال مهند (19 عاماً) الطالب في إحدى الجامعات: «خرجنا في ذكرى العام الأول لتوقيع الوثيقة الدستورية للضغط على حكومتنا لأننا لسنا راضين عن أدائها خلال العام. لماذا يستخدمون الغاز المسيل للدموع ضدنا؟».
وأشار إلى أنهم يمارسون حقهم في التعبير. وفي 17 أغسطس 2019 وقع العسكريون والمدنيون الذين قادوا الاحتجاجات وثيقة سياسية لإدارة المرحلة الانتقالية التي تمتد ثلاث سنوات على أن تجرى في نهايتها انتخابات عامة تنقل السلطة بالكامل للمدنيين بوساطة من الاتحاد الأفريقي وإثيوبيا.
ورفع المحتجون أعلام السودان ولافتات كتب عليها: «إصلاح المنظومة الأمنية» و«الإصلاح الاقتصادي» و«إكمال هياكل السلطة المدنية» و«تحقيق السلام». وعمد بعضهم إلى قرع الطبول بعد وصولهم إلى مقر مجلس الوزراء في مواكب سارت من المحطة الرئيسية للمواصلات العامة في العاصمة.
وقالت الموظفة سوسن محمد (22 عاماً) وهي تلف نفسها بعلم السودان: «أنا هنا للمطالبة بتحقيق أهداف ثورتنا في الحرية والسلام والعدالة». ودعت لجان المقاومة في الأحياء السكنية إلى التظاهرة وعرفت اللجان بتنظيم الاحتجاجات ضد البشير.
وأطاح الجيش بالبشير الذي حكم البلاد مدى ثلاثين عاماً بعد احتجاجات شعبية شملت كل مدن السودان.
وأكد رئيس الوزراء أن تحقيق السلام يمثل تحدياً للحكومة الانتقالية، وقال في بيان لمناسبة مرور عام على توقيع الوثيقة الدستورية: «نقف مواجهين بتحدي السلام الذي يجري البحث فيه في جوبا».
ومنذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 تتفاوض الحكومة السودانية في عاصمة جنوب السودان بوساطة من حكومة هذه الدولة مع المتمردين الذين يقاتلون في إقليم دارفور (غرب) منذ العام 2003، إضافة إلى الحركة الشعبية - شمال التي تقاتل في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق منذ عام 2011.
ونقلت وكالة الأنباء السودانية الرسمية (سونا) عن توت قلواك، رئيس فريق الوساطة، قوله الاثنين: «أعلن نيابة عن رئيس (جنوب السودان) سلفا كير أنه في يوم 28 من الشهر الجاري سيتم توقيع (اتفاق) بالأحرف الأولى بين حكومة السودان والحركات المسلحة».
وأسفر النزاع في دارفور عن مقتل 300 ألف شخص وفق الأمم المتحدة وأدى إلى تشريد 2.5 مليون. كما تضرر من النزاع في جنوب كردفان والنيل الأزرق نحو مليون شخص.
وأورد حمدوك في بيانه أن المرحلة الانتقالية تواجه صعوبات، معتبراً أن «مهمة إدارة الدولة محملة بإرث حكم غير رشيد وقوانين مقيدة للإبداع والحريات». ولفت إلى أن «إحداث التغييرات الجذرية التي نادت بها ثورة ديسمبر (كانون الأول) ليس بالأمر السهل بل طريق متعرج بين صعود وهبوط».



هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.