قصف إسرائيلي على قطاع غزة رداً على إطلاق بالونات حارقة

جنود مشاة أسرائيليون يتجمعون بالقرب من دبابات قرب الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
جنود مشاة أسرائيليون يتجمعون بالقرب من دبابات قرب الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

قصف إسرائيلي على قطاع غزة رداً على إطلاق بالونات حارقة

جنود مشاة أسرائيليون يتجمعون بالقرب من دبابات قرب الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة (أ.ف.ب)
جنود مشاة أسرائيليون يتجمعون بالقرب من دبابات قرب الحدود الإسرائيلية مع قطاع غزة (أ.ف.ب)

قصفت طائرات ودبابات إسرائيلية مواقع لحركة «حماس» في قطاع غزة فجر اليوم (الاثنين)، بحسب الجيش الإسرائيلي ومصادر أمنية فلسطينية، في إطار ما تحوّل إلى رد يومي على إطلاق بالونات حارقة وصواريخ على مناطق في جنوب إسرائيل.
وقال الجيش في بيان إن «الدبابات الإسرائيلية استهدفت عدداً من نقاط المراقبة العسكرية التابعة لـ(حماس) الإرهابية في قطاع غزة». وأضاف أن عشرات الأشخاص قاموا مساء أمس (الأحد) «بإثارة أعمال شغب على طول السياج الأمني لقطاع غزة»، حسبما نقلت وكالة الصحافة الفرنسية.
ولم ترد تقارير فورية عن سقوط ضحايا جراء القصف. وأكد مصدر أمني في غزة: «نفذت طائرات الاحتلال ودباباته عدواناً جديداً على قطاع غزة واستهدفت عدداً من المواقع ونقاط الرصد تابعة للمقاومة قرب السياج الفاصل بين الجيب الفلسطيني وإسرائيل، مما أحدث أضراراً متفاوتة».
واعتبر الناطق باسم حركة «حماس» حازم قاسم القصف الإسرائيلي «استمراراً للعدوان على شعبنا بهدف تصدير أزمات قادة الاحتلال الداخلية».
ومنذ أسبوع يشهد القطاع توتراً متصاعداً، إذ يشن الجيش غارات يومية رداً على إطلاق بالونات محملة بمواد حارقة أو متفجرة والتي أدت مرات عديدة إلى حرائق في أراضي زراعية إسرائيلية قريبة من حدود القطاع، وفق شهود العيان.
وفرضت إسرائيل مزيداً من القيود على القطاع الذي تحاصره منذ أكثر من عقد. وأغلقت معبر كرم أبو سالم التجاري مع القطاع كخطوة عقابية ضمن موجة التصعيد المتبادلة، كما أغلقت الأحد منطقة الصيد الساحلية المسموح بها في غزة.
وذكرت طواقم الإطفاء الإسرائيلية أن «البالونات الحارقة أسفرت عن 28 حريقاً في المناطق الحدودية الأحد». وقال مزارعون إسرائيليون إن «أضراراً جسيمة لحقت بحقل للأفوكادو».
وذكر بيان للجيش الإسرائيلي أن «مثيري شغب فلسطينيين أحرقوا مساء السبت إطارات سيارات وألقوا عبوات ناسفة وقنابل يدوية باتجاه السياج الحدودي وحاولوا الاقتراب منه».
وتظاهر عشرات الشبان الفلسطينيين في ساعات الليل قرب السياج الحدودي وأحرقوا إطارات سيارات وألقوا زجاجات حارقة باتجاه أبراج المراقبة العسكرية الإسرائيلية الحدودية. وأعقب ذلك غارات جوية إسرائيلية فجر الأحد على مواقع «حماس»، بحسب شهود عيان.
وقال أحد النشطاء الفلسطينيين إن «فصائل المقاومة قررت عودة فعاليات الإرباك الليلي رداً على العدوان الإسرائيلي على شعبنا».
وبحسب مصدر في «حماس» فإن «وفداً أمنياً مصرياً سيصل الاثنين إلى قطاع غزة لإجراء مناقشات مع قادة الحركة لاحتواء التوتر وتثبيت التهدئة».
وأوضح المصدر لوكالة الصحافة الفرنسية أن حركة حماس «ستطلب من الوفد المصري الضغط على حكومة الاحتلال لوقف العدوان وإلغاء إجراءات الخنق وتخفيف الحصار المفروض».
ومنذ حرب 2014 توصلت «حماس» والفصائل من جهة، وإسرائيل من جهة أخرى لتهدئة، على حدود قطاع غزة، لكن بقيت هذه التهدئة هشة، إذ تم اختراقها عدة مرات بتبادل لإطلاق النار بين الجانبين.



«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
TT

«مقترح مصري» يحرّك «هدنة غزة»

رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)
رد فعل امرأة فلسطينية في موقع غارة إسرائيلية على مدرسة تؤوي النازحين بغزة (رويترز)

حديث إسرائيلي عن «مقترح مصري» تحت النقاش لإبرام اتفاق هدنة في قطاع غزة، يأتي بعد تأكيد القاهرة وجود «أفكار مصرية» في هذا الصدد، واشتراط إسرائيل «رداً إيجابياً من (حماس)» لدراسته، الخميس، في اجتماع يترأسه رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.

تلك الأفكار، التي لم تكشف القاهرة عن تفاصيلها، تأتي في «ظل ظروف مناسبة لإبرام اتفاق وشيك»، وفق ما يراه خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط»، مع ضغوط من الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب لإطلاق سراح الرهائن قبل وصوله للبيت الأبيض، كاشفين عن أن «حماس» تطالب منذ طرح هذه الأفكار قبل أسابيع أن يكون هناك ضامن من واشنطن والأمم المتحدة حتى لا تتراجع حكومة نتنياهو بعد تسلم الأسرى وتواصل حربها مجدداً.

وكشفت هيئة البث الإسرائيلية، الأربعاء، عن أن «إسرائيل تنتظر رد حركة حماس على المقترح المصري لوقف الحرب على غزة»، لافتة إلى أن «(الكابينت) سيجتمع الخميس في حال كان رد (حماس) إيجابياً، وذلك لإقرار إرسال وفد المفاوضات الإسرائيلي إلى القاهرة».

فلسطيني نازح يحمل كيس طحين تسلمه من «الأونروا» في خان يونس بجنوب غزة الثلاثاء (رويترز)

ووفق الهيئة فإن «المقترح المصري يتضمن وقفاً تدريجياً للحرب في غزة وانسحاباً تدريجياً وفتح معبر رفح البري (المعطل منذ سيطرة إسرائيل على جانبه الفلسطيني في مايو/أيار الماضي) وأيضاً عودة النازحين إلى شمال قطاع غزة».

وقال وزير الدفاع الإسرائيلي يسرائيل كاتس، الأربعاء، خلال حديث إلى جنود في قاعدة جوية بوسط إسرائيل إنه «بسبب الضغوط العسكرية المتزايدة على (حماس)، هناك فرصة حقيقية هذه المرة لأن نتمكن من التوصل إلى اتفاق بشأن الرهائن».

وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي أكد، الأربعاء، استمرار جهود بلاده من أجل التوصل إلى وقف لإطلاق النار في قطاع غزة. وقال عبد العاطي، في مقابلة مع قناة «القاهرة الإخبارية»: «نعمل بشكل جاد ومستمر لسرعة التوصل لوقف فوري لإطلاق النار في غزة»، مضيفاً: «نأمل تحكيم العقل ونؤكد أن غطرسة القوة لن تحقق الأمن لإسرائيل».

وأشار إلى أن بلاده تعمل مع قطر وأميركا للتوصل إلى اتفاق سريعاً.

يأتي الكلام الإسرائيلي غداة مشاورات في القاهرة جمعت حركتي «فتح» و«حماس» بشأن التوصل لاتفاق تشكيل لجنة لإدارة غزة دون نتائج رسمية بعد.

وكان عبد العاطي قد قال، الاثنين، إن «مصر ستستمر في العمل بلا هوادة من أجل تحقيق وقف دائم لإطلاق النار، وإطلاق سراح جميع الرهائن والمحتجزين»، مؤكداً أنه «بخلاف استضافة حركتي (فتح) و(حماس) لبحث التوصل لتفاهمات بشأن إدارة غزة، فالجهد المصري لم يتوقف للحظة في الاتصالات للتوصل إلى صفقة، وهناك رؤى مطروحة بشأن الرهائن والأسرى».

عبد العاطي أشار إلى أن «هناك أفكاراً مصرية تتحدث القاهرة بشأنها مع الأشقاء العرب حول وقف إطلاق النار، وما يُسمى (اليوم التالي)»، مشدداً على «العمل من أجل فتح معبر رفح من الجانب الفلسطيني» الذي احتلته إسرائيل في مايو الماضي، وكثيراً ما عبّر نتنياهو عن رفضه الانسحاب منه مع محور فيلادلفيا أيضاً طيلة الأشهر الماضية.

وكان ترمب قد حذر، الاثنين، وعبر منصته «تروث سوشيال»، بأنه «سيتم دفع ثمن باهظ في الشرق الأوسط» إذا لم يتم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين في غزة قبل أن يقسم اليمين رئيساً في 20 يناير (كانون الثاني) 2025.

دخان يتصاعد بعد ضربة إسرائيلية على ضاحية صبرا في مدينة غزة الثلاثاء (أ.ف.ب)

وأفاد موقع «أكسيوس» الأميركي بأن مايك والتز، مستشار الأمن القومي الذي اختاره ترمب، سيقابل وزير الشؤون الاستراتيجية الإسرائيلي رون ديرمير، الأربعاء، لمناقشة صفقة بشأن قطاع غزة.

ويرى المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور عبد المهدي مطاوع أن «المقترح المصري، حسبما نُشر في وسائل الإعلام، يبدأ بهدنة قصيرة تجمع خلالها (حماس) معلومات كاملة عن الأسرى الأحياء والموتى ثم تبدأ بعدها هدنة بين 42 و60 يوماً، لتبادل الأسرى الأحياء وكبار السن، ثم يليها حديث عن تفاصيل إنهاء الحرب وترتيبات اليوم التالي الذي لن تكون (حماس) جزءاً من الحكم فيه»، مضيفاً: «وهذا يفسر جهود مصر بالتوازي لإنهاء تشكيل لجنة إدارة القطاع».

وبرأي مطاوع، فإن ذلك المقترح المصري المستوحى من هدنة لبنان التي تمت الأسبوع الماضي مع إسرائيل أخذ «دفعة إيجابية بعد تصريح ترمب الذي يبدو أنه يريد الوصول للسلطة والهدنة موجودة على الأقل».

هذه التطورات يراها الخبير في الشؤون العسكرية والاستراتيجية اللواء سمير فرج تحفز على إبرام هدنة وشيكة، لكن ليس بالضرورة حدوثها قبل وصول ترمب، كاشفاً عن «وجود مقترح مصري عُرض من فترة قريبة، و(حماس) طلبت تعهداً من أميركا والأمم المتحدة بعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلم الرهائن، والأخيرة رفضت»، معقباً: « لكن هذا لا ينفي أن مصر ستواصل تحركاتها بلا توقف حتى التوصل إلى صفقة لإطلاق سراح الرهائن في أقرب وقت ممكن».

ويؤكد الأكاديمي المصري المتخصص في الشؤون الإسرائيلية الدكتور أحمد فؤاد أنور أن «هناك مقترحاً مصرياً ويسير بإيجابية، لكن يحتاج إلى وقت لإنضاجه»، معتقداً أن «تصريح ترمب غرضه الضغط والتأكيد على أنه موجود بالمشهد مستغلاً التقدم الموجود في المفاوضات التي تدور في الكواليس لينسب له الفضل ويحقق مكاسب قبل دخوله البيت الأبيض».

ويرى أن إلحاح وسائل الإعلام الإسرائيلية على التسريبات باستمرار عن الهدنة «يعد محاولة لدغدغة مشاعر الإسرائيليين والإيحاء بأن حكومة نتنياهو متجاوبة لتخفيف الضغط عليه»، مرجحاً أن «حديث تلك الوسائل عن انتظار إسرائيل رد (حماس) محاولة لرمي الكرة في ملعبها استغلالاً لجهود القاهرة التي تبحث تشكيل لجنة لإدارة غزة».

ويرى أنور أن الهدنة وإن بدت تدار في الكواليس فلن تستطيع حسم صفقة في 48 ساعة، ولكن تحتاج إلى وقت، معتقداً أن نتنياهو ليس من مصلحته هذه المرة تعطيل المفاوضات، خاصة أن حليفه ترمب يريد إنجازها قبل وصوله للسلطة، مستدركاً: «لكن قد يماطل من أجل نيل مكاسب أكثر».