مصر والسودان متمسكان بـ«اتفاق ملزم» في قضية «السد الإثيوبي»

مدبولي تعهد في الخرطوم بدعم قوي للحكومة الانتقالية... وحمدوك تحدث عن التأسيس لـ {بداية جديدة}

حمدوك ومدبولي خلال لقائهما في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
حمدوك ومدبولي خلال لقائهما في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
TT

مصر والسودان متمسكان بـ«اتفاق ملزم» في قضية «السد الإثيوبي»

حمدوك ومدبولي خلال لقائهما في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)
حمدوك ومدبولي خلال لقائهما في الخرطوم أمس (أ.ف.ب)

أكد السودان ومصر أمس، السبت، أن المفاوضات هي «السبيل الأمثل» لحل قضية سد النهضة الأثيوبي، التي تثير خلافات بين الدول الثلاث، وشددا خلال زيارة خاطفة قام بها رئيس الوزراء المصري، مصطفى مدبولي، إلى الخرطوم، على ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم، يرضي الأطراف.
وقال الجانبان في بيان في ختام الزيارة، «إن المفاوضات هي السبيل الأمثل لحل قضية سد النهضة و(البلدان) يتطلعان لنجاح المفاوضات التي يرعاها الاتحاد الأفريقي». وأضاف البيان «يرى الطرفان ضرورة التوصل إلى اتفاق ملزم يضمن حقوق ومصالح الدول الثلاث وفق اتفاق إعلان المبادئ الموقع في عام 2015 ومبادئ القانون الدولي، على أن يضمن آلية فاعلة وملزمة لتسوية النزاعات».
تناولت المباحثات السودانية المصرية الموسعة التي شهدتها العاصمة الخرطوم العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تطويرها، وأعلن خلالها عن دعم مصري قوي للحكومة السودانية الانتقالية لتحقيق أهداف الثورة، إلى جانب التعاون الاقتصادي والتجاري والتقني والصحي والاستثماري، وضرورة التوصل لاتفاقية ملزمة بشأن ملء وتشغيل سد النهضة الإثيوبي.
وقال رئيس الوزراء السوداني عبد الله حمدوك في إيجاز صحافي مشترك مع نظيره المصري مصطفى مدبولي عقب نهاية المباحثات المشتركة أمس، إنهما اتفقا على عدد من القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما في ذلك البنى التحتية والربط الكهربائي بين البلدين وقضية سد النهضة والقضايا الإقليمية والدولية المشتركة.
ووصف حمدوك زيارة الوفد المصري بأنها «تؤسس لبداية جديدة لعلاقات البلدين، تقوم على عقد العزم لتفعيل الاتفاقيات والبروتوكولات التي تم الاتفاق عليها بين الطرفين، وبدء برامج عملية تؤسس لعلاقة تقوم على المصلحة المشتركة للشعبين».
وأكد رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، استعداد بلاده وحرصها على دعم السودان بكل السبل الممكنة وفي كل القطاعات، وقال: «المرحلة المقبلة لن تقتصر على الأفكار الجميلة فقط، بل سنعمل على تحويلها إلى عمل بتنفيذ المشروعات المشتركة في القريب العاجل».
ونقل مدبولي رسالة من الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إلى القيادة السودانية، أكد خلالها على «الحرص الشديد على تقديم كل سبل الدعم الممكن للسودانيين خلال هذه الفترة الدقيقة في المجالات كافة».
وأعرب مدبولي عن «سعادته الشديدة بوجوده في بلده الثاني السودان على رأس وفد رفيع المستوى» متقدماً «نيابة عن مصر رئيسا وحكومة وشعبا بالتهنئة للسودان بمناسبة حلول ذكرى توقيع الوثيقة الدستورية التي مهدت الطريق لتشكيل الحكومة والانتقال نحو آفاق التنمية والتقدم في دولة السودان».
وقال مدبولي، إننا حريصون على «تقديم كل سبل الدعم الممكن لأشقائنا في هذه الفترة الدقيقة في كل مناحي القطاعات التي تخدم المواطن السوداني سواء في مجالات التعامل مع آثار الفيضانات التي حدثت، وقطاع الصحة والقطاعات التنموية المهمة على غرار قطاع الكهرباء والموارد المائية والري وكذا مجالات التجارة والصناعة».
ورافق رئيس الوزراء المصري في الزيارة، وزراء الكهرباء والطاقة المتجددة محمد شاكر المراقبي، ووزير الموارد المائية والري محمد عبد العاطي، ووزيرة الصحة والسكان هالة زايد، ووزيرة التجارة والصناعة نيفين جامع، إضافة إلى المساعدة الأولى لرئيس مجلس الوزراء راندة المنشاوي، وأمين عام مجلس الوزراء عاطف عبد الفتاح، والمستشار الإعلامي لرئيس مجلس الوزراء هاني يوسف، والمتحدث الرسمي باسم مجلس الوزراء نادر سعد، ومستشار الوزير للنقل النهري كريم سعيد أبو الخير، ومساعد وزير النقل لشؤون السكة حديد وجدي رضوان شحات، ورئيس قطاع مياه النيل بوزارة الموارد المائية والري أحمد بهاء الدين، ورئيس الهيئة العامة للصادرات والواردات إسماعيل جبر، ورئيس هيئة الإسعاف بوزارة الصحة والسكان محمد مصطفى جاد، وممثل مكتب وزيرة الصحة والسكان محمد صبحي محمد.
وقال وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة السودانية فيصل صالح إن زيارة الوفد المصري جاءت رداً على زيارة حمدوك للقاهرة في سبتمبر (أيلول) 2019، والهدف منها تعزيز علاقات البلدين، وتنشيط آليات التعاون المشترك.
واتفق الطرفان على تعزيز التبادل التجاري، وتذليل العقبات التي تعترض انسياب الحركة التجارية، لا سيما طرق النقل البري والنهري والبحري، وتطوير التعاون في مجالات الاستثمار وفرص الشركات المصرية للاستثمار في السودان، والتعاون الصحي ومكافحة الأمراض وبناء قدرات السودان الصحية، والتعاون في البحث العلمي والتقني والتبادل الأكاديمي والتنمية البشرية.
وأكد البيان توافق الطرفين على أهمية التوصل لاتفاق ملزم بشأن ملء وتشغيل سد النهضة، وحفظ الحقوق المائية للأطراف الثلاثة، مستندين في ذلك على إعلان مبادئ سد النهضة الموقع من قبل رؤساء الدول الثلاث في الخرطوم أكتوبر (تشرين أول) 2015.
وشدد كل من السودان ومصر على مبدأ الاستخدام العادل والمنصف للمياه وعدم إحداث ضرر ذي شأن، والالتزام بمبادئ القانون الدولي المتعلقة، وتكوين آلية فاعلة وملزمة لتسوية النزاعات والتنسيق، ضمان سلامة المنشآت المشاريع المائية التي تتأثر بالسد.
وجدد الطرفان رفضهما لأية إجراءات أحادية، قبل الوصول لاتفاق مرض للأطراف الثلاثة، والتزامهما بالمفاوضات، وأبديا تفاؤلهما بنجاح المفاوضات الجارية بقيادة الاتحاد الإفريقي.
ووعد الجانب المصري بدعم مفاوضات السلام السودانية، وتوقيع اتفاق سلام يجسد المرحلة الجديدة، وبذل الجهود لمساعدة السودان لتخطي أوضاعه الاقتصادية، بما في تأييد مصر وحرصها على تسريع حذف اسم السودان من القائمة الأميركية للدول الراعية للإرهاب، ليتمكن من الاندماج في اقتصاد العالم، والاستفادة من دعم مؤسسات التمويل الدولية.
وذكر البيان أن حمدوك قبل دعوة نظيره المصري لزيارة القاهرة، ووعد بتلبيتها في أقرب وقت. وتقاربت المواقف السودانية المصرية أخيراً، تجاه الموقف الإثيوبي من مفاوضات سد النهضة، وذلك بعد تأكيد مجلس الأمن والدفاع السوداني أول من أمس، على رفض إضافة أية بنود لمفاوضات سد النهضة، من أجل التوصل لاتفاق خاص بملء وتشغيل السد.
وفي أول موقف من نوعه، دعا المجلس الذي يعد أعلى سلطة أمنية في السودان الشعب للتعامل مع قضية «سد النهضة» باعتبارها ذات أهمية قصوى، ومرتبطة بالمصالح الوطنية، وشدد على أهمية حشد الإرادة الشعبية لتعزيز موقف الحكومة في المفاوضات على السد الإثيوبي.
وجاءت هذه الزيارة وسط توتر ناجم عن بناء إثيوبيا سد النهضة على نهر النيل الأزرق. وكانت الخرطوم طلبت الاثنين تأجيل المفاوضات بشأن السد لمدة أسبوع لإجراء مشاورات داخلية.
وزيارة رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي هي الأولى له للخرطوم منذ تشكيل الحكومة السودانية الانتقالية في 2019، وهدفت إلى «تعزيز أوجه التعاون بين البلدين»، حسبما ذكرت وكالة الأنباء السودانية (سونا). والتقى مدبولي رئيس مجلس السيادة عبد الفتاح البرهان ونائبه محمد حمدان دقلو كل على حدة.
وسد النهضة الذي تبنيه إثيوبيا على النيل الأزرق منذ 2011 أصبح مصدر توتر شديد بين أديس أبابا من جهة والقاهرة والخرطوم من جهة ثانية. ويتوقع أن يصبح هذا السد أكبر منشأة لتوليد الطاقة الكهربائية من المياه في إفريقيا.
ومنذ 2011، تتفاوض الدول الثلاث للوصول إلى اتفاق حول ملء السد وتشغيله، لكن رغم مرور هذه السنوات أخفقت في الوصول إلى اتفاق. وترى إثيوبيا أن السد ضروري لتحقيق التنمية الاقتصادية، في حين تعتبره مصر تهديداً حيوياً لها إذ إن نهر النيل يوفر لها أكثر من 95% من احتياجاتها من مياه الري والشرب.
والأسبوع الماضي، طلب السودان تأجيل جول التفاوض التي كانت مقررة لأسبوع، لإجراء المزيد من المشاورات الداخلية، على خلفية إصرار إثيوبيا على أجندة جديدة تتضمن تقاسم مياه النيل الأزرق، لم تكن مدرجة ضمن جولات التفاوض السابقة، وقال وزير الإعلام المتحدث باسم الحكومة فيصل صالح أول أمس، إن هناك تقاربا كبيرا في المواقف بين السودان ومصر على سد النهضة، برفض القرارات المنفردة والالتزام بالقواعد الدولية المتعلقة بالمياه.



الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
TT

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)
غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت مواقع في صنعاء وثلاث محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الجمعة، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات، التي قال إنها طالت 15 هدفاً للجماعة، في سياق الحد من قدراتها الهجومية ضد السفن.

وتشن واشنطن ضربات على الأرض منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، ضد الجماعة الحوثية، وشاركتها بريطانيا في 4 مرات على الأقل، رداً على الهجمات التي تنفذها الجماعة ضد السفن في البحرين الأحمر والعربي.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية في بيان على منصة «إكس»، أن قواتها نفذت ضربات على 15 هدفاً حوثياً في المناطق الخاضعة لسيطرة الجماعة المدعومة من إيران.

وشملت هذه الأهداف -بحسب البيان- قدرات عسكرية هجومية للحوثيين، إذ اتخذت هذه الإجراءات (الضربات) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أمناً وأماناً للسفن الأميركية وقوات التحالف والسفن التجارية.

وكانت الجماعة الحوثية أقرت، الجمعة، بسلسلة من الغارات وصفتها بـ«الأميركية - البريطانية»، وقالت إنها استهدفت «معسكر الصيانة» في صنعاء، وموقعاً في جنوبي ذمار، ومواقع في مديرية مكيراس التابعة لمحافظة البيضاء، فضلاً عن ضربات استهدفت مواقع عسكرية في مدينة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر، ومناطق المطار والجبانة والكثيب.

ولم يشر الحوثيون إلى حجم خسائرهم جراء هذه الضربات التي استهدفت مواقع سبق استهدافها خلال الأشهر الماضية، في حين رجح مراقبون أن الغارات استبقت هجمات كانت تعد لها الجماعة ضد السفن.

وتشن الجماعة هجماتها ضد السفن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، إذ تدعي محاولة منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها إلى جانب السفن الأميركية والبريطانية.

دخان يتصاعد في صنعاء بعد ضربات أميركية استهدفت مواقع حوثية (أ.ف.ب)

وأطلقت واشنطن، في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»؛ لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير الماضي، بمشاركة بريطانيا.

وتلقّت الجماعة الحوثية نحو 720 غارة غربية في مناطق يمنية عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة الساحلية، وأدت، في مجملها، إلى مقتل أكثر من 60 عنصراً.

ضربات غير مجدية

تقول الحكومة اليمنية إن الضربات الغربية ضد الجماعة الحوثية غير مجدية، وإن الحل الأنجع هو دعم القوات الشرعية لاستعادة الحديدة وموانئها وصولاً إلى إنهاء الانقلاب الحوثي واستعادة العاصمة المختطفة صنعاء.

ووجدت الجماعة المدعومة من إيران في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية، إذ كان الطرفان وافقا أواخر العام الماضي على خريطة سلام توسطت فيها السعودية وعمان، قبل أن تنخرط الجماعة في هجماتها ضد السفن وتعلن انحيازها إلى المحور الإيراني.

عناصر حوثيون في صنعاء متضامنون مع «حزب الله» اللبناني (أ.ف.ب)

وبخلاف ما تزعمه الجماعة الحوثية من مساندة للفلسطينيين، ترى الحكومة اليمنية أن الجماعة تزايد بالقضية الفلسطينية في مسعى لتبييض جرائمها بحق اليمنيين خلال العشر سنوات الماضية مستغلة العاطفة الشعبية.

وأقر عبد الملك الحوثي في خطاب حديث بأن جماعته نجحت خلال أشهر التصعيد البحري من تجنيد وتعبئة نحو 500 ألف شخص، وسط مخاوف في الشارع اليمني من استغلال هذه التعبئة الواسعة لمهاجمة المناطق المحررة الخاضعة للحكومة اليمنية.

وتبنت الجماعة الحوثية إطلاق المئات من الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر العشرة الماضية، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها في شقة بتل أبيب في 19 يونيو (حزيران) الماضي.

واستدعت الهجمات الحوثية إسرائيل للرد في 20 يوليو (تموز) الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، على مستودعات الوقود في ميناءي الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.

صورة وزعها الحوثيون لاستهداف ناقلة نفط بريطانية في البحر الأحمر بزورق مسيّر (إ.ب.أ)

ومِن بين نحو 188 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها، أدى هجوم، في 18 فبراير (شباط) الماضي، إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي حوثي، في 6 مارس (آذار) الماضي، إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات، التي لحقت عدداً من السفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر»، التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.