اجتماع «الدستورية» رهن قواعد «كورونا»... ودمشق تحذر من «أفخاخ»

«ضامنو» مسار آستانة يجتمعون في جنيف قبل السوريين

الرئيس بشار الأسد يلقي خطابا في افتتاح أعمال مجلس الشعب (البرلمان) الأربعاء (أ.ب)
الرئيس بشار الأسد يلقي خطابا في افتتاح أعمال مجلس الشعب (البرلمان) الأربعاء (أ.ب)
TT

اجتماع «الدستورية» رهن قواعد «كورونا»... ودمشق تحذر من «أفخاخ»

الرئيس بشار الأسد يلقي خطابا في افتتاح أعمال مجلس الشعب (البرلمان) الأربعاء (أ.ب)
الرئيس بشار الأسد يلقي خطابا في افتتاح أعمال مجلس الشعب (البرلمان) الأربعاء (أ.ب)

ما لم يفرض «كورونا» قواعده في آخر لحظة، فإن اجتماعات اللجنة الدستورية السورية بمشاركة وفود من الحكومة و«هيئة التفاوض» المعارضة والمجتمع المدني، ستعقد في جنيف في 24 الشهر الجاري. وستكون هذه الاجتماعات فرصة لاختبار مستجدات مواقف الأطراف المعنية بعد غياب طويل من جهة، وإعلان «ضامني» مسار آستانة الثلاثة بأنهم «رعاة حقيقيون» للعملية الدستورية. وكان لافتا، أن الرئيس بشار الأسد أشار إلى أن «تدخل» واشنطن وأنقرة حول «المبادرات السياسية إلى خزعبلات».
وإذ لا يزال المبعوث الأممي غير بيدرسن حذراً في تبني استضافة الاجتماعات تاركا خياراته مفتوحة بعد التأكد من إمكانية حصولها واستعداد دمشق والمعارضة للدخول في «حوار بناء لإصلاح دستوري بملكية سورية وقيادة سورية»، فإن موسكو وأنقرة وطهران قررت إيفاد نواب وزراء الخارجية لعقد اجتماع ثلاثي لـ«الضامنين - اللاعبين» عشية اجتماع «السوريين - المتخاصمين».
- مرحلة انتقالية أميركية
ولم تكن هذه المرة الأولى، التي تسعى فيها الدول الثلاث إلى «خطف إنجازات» المسار الدستوري، إذ أن وزراء خارجية هذه الدول سبق وأن جاءوا إلى جنيف لوضع وزنهم وراء فرض تصوراتهم لـ«الإصلاح الدستوري السوري»، الأمر الذي «فرمله» الأمين العام أنطونيو غوتيريش. لكن الفرق حالياً، هو أن واشنطن مشغولة بأولويات أخرى: اعتماد مسار العقوبات وتطبيق «قانون قيصر» كأداة لـ«الضغط الأقصى» لمعاقبة دمشق والضغط على موسكو، وقرب انتهاء ولاية الرئيس دونالد ترمب وما يعني ذلك من سباحة البيروقراطية الأميركية في هامش المرحلة الانتقالية.
نظرياً، يفترض أن يجتمع ممثلو الحكومة السورية والمعارضة والمجتمع المدني لبحث الإصلاح الدستوري. هذه الاجتماعات تجمدت سابقاً بسبب الخلاف على الأجندة. وفد الحكومة يريد البدء بالاتفاق على «المرتكزات الوطنية» التي تتعلق برفض «الاحتلالات» والإرهاب، فيما كان وفد المعارضة يريد الانطلاق في مناقشة الدستور ومبادئه. لحسن الحظ، وبعد تدخل موسكو، تمكن بيدرسن من التفاهم على أجندة للاجتماعات. نص الأجندة، هو: «تماشيا مع الولاية والاختصاصات والقواعد الأساسية للإجراءات للجنة الدستورية، إجراء مناقشة الأسس والمبادئ الوطنية». لكن الغموض العميق في هذه الأجندة، سيخضع للاختبار في جنيف. أيضا، سيخضع للاختبار وعد روسي بإقناع دمشق لإبقاء وفدها، الذي تعتبر دمشق «كيانا سياديا مستقلا» لا تتدخل في عمله، في جنيف لأكثر من أسبوع للإفساح في المجال لمناقشات جادة. وكان هذا أحد محاور زيارة المبعوث الروسي الكسندر لافرينييف الأخيرة إلى دمشق.
- «خزعبلات»... وأفخاخ
قبل اجتماعات جنيف، وضع الرئيس الأسد سقفاً سياسيا، إذا قال في افتتاح اجتماعات مجلس الشعب (البرلمان): «محاولات إسقاط الوطن وإلغاء السيادة وتفتيت الشعب وضرب المؤسسات يحققها دستور، ويمنعها آخر (...) وتصميم الشعب على الالتزام بالاستحقاقات الدستورية توقيتاً ومشاركة (أي، انتخابات مجلس الشعب) هو أيضاً دفاع عن الدستور وما يرمز إليه»، في إشارة إلى دستور العام 2012 الذي تتمسك الحكومة به وأقصى ما تقبله هو «مناقشته» وليس «تعديله» أو «صوغ دستور جديد».
وفي الخطاب الذي خصص إلى الوضع الداخلي المتعلق بالفساد والعقوبات الأميركية، تطرق الأسد في النهاية إلى الوضع السياسي. وقال: «رغم الجهود الصادقة لأصدقائنا في إيران وروسيا من أجل دفعها إلى الأمام» في إشارة إلى اجتماعات اللجنة الدستورية «فإنها وبفضل الولايات المتحدة ووكيلتها تركيا وممثليهما في الحوار تحولت من مبادرات إلى خزعبلات سياسية». وأضاف: «ما زلنا نعتقد بضرورة دعم المبادرات السياسية رغم معرفتنا أن الطرف الآخر محكوم بأموال وأوامر أسياده الحقيقيين خارج الوطن، وأن استخدام المبادرات السياسية هدفه إيقاعنا بأفخاخ نصبوها ليحققوا عبرها ما فشلوا به عبر الإرهاب، وهذا لن يكون سوى في أحلامهم، ولكننا سنسير معهم تطبيقاً للمثل الشعبي: الحق الكذاب لوراء الباب».
وتواصل واشنطن تنفيذ «قانون قيصر» حيث يتوقع صدور قائمة جديدة. وتعد العقوبات، التي طالت في يونيو (حزيران) الرزمة الأولى منها 39 شخصا أو كياناً بينهم الأسد وزوجته أسماء الأكثر قساوة على دمشق. وفي يوليو (تموز) ، أضيف 14 كياناً وشخصاً، بينهم حافظ (18 عاماً)، الابن الأكبر للرئيس السوري، إلى «القائمة السوداء».
ولمح الأسد إلى ابن خاله رامي مخلوف رجل الأعمال الذي شنت السلطات في الأشهر الأخيرة حملة لتفكيك شبكاته وشركاته. وقال: «محاربة الفساد تصاعدت خلال السنوات الأخيرة، ومستمرون في استرداد الأموال العامة المنهوبة بالطرق القانونية وعبر المؤسسات. ولن تكون هناك أي محاباة لأي شخص يظن نفسه فوق القانون... القضية قضية إصلاح وليست انتقاما أو فشة خلق». ورغم بدء الإجراءات ضد رامي (51 سنة) الصيف الماضي، خرج التوتر إلى العلن في الربيع. وهو ناشد بداية، الأسد التدخل لوقف «الظلم»، قبل أن يصعد تدريجيا وصولاً إلى حديثه عن اعتقالات بحق موظفين عنده وتحذيرات من «انهيار اقتصادي» في البلاد.
وحجزت السلطات على أمواله وأموال زوجته وأولاده وأمرت بمنعه من التعاقد مع أي جهة حكومية لمدة خمس سنوات، ثم صدر قرار بمنعه من السفر. ومجموعته، «سيريتل» للهاتف النقال التي تملك نحو سبعين في المائة من سوق الاتصالات السوري، وضعت تحت حراسة قضائية كما هو الحال مع «شام القابضة»، أكبر مؤسساته.



اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
TT

اليمن يستبعد تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم

الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)
الحوثيون وجدوا في حرب غزة وسيلة للهروب من استحقاق السلام (أ.ف.ب)

استبعدت الحكومة اليمنية تحقيق السلام مع الحوثيين لعدم جديتهم، داعية إيران إلى رفع يدها عن البلاد ووقف تسليح الجماعة، كما حمّلت المجتمع الدولي مسؤولية التهاون مع الانقلابيين، وعدم تنفيذ اتفاق «استوكهولم» بما فيه اتفاق «الحديدة».

التصريحات اليمنية جاءت في بيان الحكومة خلال أحدث اجتماع لمجلس الأمن في شأن اليمن؛ إذ أكد المندوب الدائم لدى الأمم المتحدة، عبد الله السعدي، أن السلام في بلاده «لا يمكن أن يتحقق دون وجود شريك حقيقي يتخلّى عن خيار الحرب، ويؤمن بالحقوق والمواطنة المتساوية، ويتخلّى عن العنف بوصفه وسيلة لفرض أجنداته السياسية، ويضع مصالح الشعب اليمني فوق كل اعتبار».

وحمّلت الحكومة اليمنية الحوثيين المسؤولية عن عدم تحقيق السلام، واتهمتهم برفض كل الجهود الإقليمية والدولية الرامية إلى إنهاء الأزمة اليمنية، وعدم رغبتهم في السلام وانخراطهم بجدية مع هذه الجهود، مع الاستمرار في تعنتهم وتصعيدهم العسكري في مختلف الجبهات وحربهم الاقتصادية الممنهجة ضد الشعب.

وأكد السعدي، في البيان اليمني، التزام الحكومة بمسار السلام الشامل والعادل والمستدام المبني على مرجعيات الحل السياسي المتفق عليها، وهي المبادرة الخليجية وآليتها التنفيذية ومخرجات مؤتمر الحوار الوطني الشامل، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، وفي مقدمتها القرار «2216».

عنصر حوثي يحمل صاروخاً وهمياً خلال حشد في صنعاء (رويترز)

وجدّد المندوب اليمني دعم الحكومة لجهود المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة، هانس غروندبرغ، وكل المبادرات والمقترحات الهادفة لتسوية الأزمة، وثمّن عالياً الجهود التي تبذلها السعودية وسلطنة عمان لإحياء العملية السياسية، بما يؤدي إلى تحقيق الحل السياسي، وإنهاء الصراع، واستعادة الأمن والاستقرار.

تهديد الملاحة

وفيما يتعلق بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر وخليج عدن، أشار المندوب اليمني لدى الأمم المتحدة إلى أن ذلك لم يعدّ يشكّل تهديداً لليمن واستقراره فحسب، بل يُمثّل تهديداً خطراً على الأمن والسلم الإقليميين والدوليين، وحرية الملاحة البحرية والتجارة الدولية، وهروباً من استحقاقات السلام.

وقال السعدي إن هذا التهديد ليس بالأمر الجديد، ولم يأتِ من فراغ، وإنما جاء نتيجة تجاهل المجتمع الدولي لتحذيرات الحكومة اليمنية منذ سنوات من خطر تقويض الميليشيات الحوثية لاتفاق «استوكهولم»، بما في ذلك اتفاق الحديدة، واستمرار سيطرتها على المدينة وموانيها، واستخدامها منصةً لاستهداف طرق الملاحة الدولية والسفن التجارية، وإطلاق الصواريخ والمسيرات والألغام البحرية، وتهريب الأسلحة في انتهاك لتدابير الجزاءات المنشأة بموجب قرار مجلس الأمن «2140»، والقرارات اللاحقة ذات الصلة.

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

واتهم البيان اليمني الجماعة الحوثية، ومن خلفها النظام الإيراني، بالسعي لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد خطوط الملاحة الدولية، وعصب الاقتصاد العالمي، وتقويض مبادرات وجهود التهدئة، وإفشال الحلول السلمية للأزمة اليمنية، وتدمير مقدرات الشعب اليمني، وإطالة أمد الحرب، ومفاقمة الأزمة الإنسانية، وعرقلة إحراز أي تقدم في عملية السلام التي تقودها الأمم المتحدة.

وقال السعدي: «على إيران رفع يدها عن اليمن، واحترام سيادته وهويته، وتمكين أبنائه من بناء دولتهم وصنع مستقبلهم الأفضل الذي يستحقونه جميعاً»، ووصف استمرار طهران في إمداد الميليشيات الحوثية بالخبراء والتدريب والأسلحة، بما في ذلك، الصواريخ الباليستية والطائرات المسيّرة، بأنه «يمثل انتهاكاً صريحاً لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة، لا سيما القرارين (2216) و(2140)، واستخفافاً بجهود المجتمع الدولي».